الصومال: انتهاء هجوم «الشباب» على فندق في مقديشو و«مقتل كل المسلحين»

عمليات تمشيط شاملة وتحقيقات بشأن الاعتداء الإرهابي

مركبات عسكرية صومالية تظهر في شارع بالقرب من فندق في مقديشو الجمعة بعد تعرضه لهجوم إرهابي (أ.ف.ب)
مركبات عسكرية صومالية تظهر في شارع بالقرب من فندق في مقديشو الجمعة بعد تعرضه لهجوم إرهابي (أ.ف.ب)
TT

الصومال: انتهاء هجوم «الشباب» على فندق في مقديشو و«مقتل كل المسلحين»

مركبات عسكرية صومالية تظهر في شارع بالقرب من فندق في مقديشو الجمعة بعد تعرضه لهجوم إرهابي (أ.ف.ب)
مركبات عسكرية صومالية تظهر في شارع بالقرب من فندق في مقديشو الجمعة بعد تعرضه لهجوم إرهابي (أ.ف.ب)

انتهى الهجوم والحصار الذي فرضته «حركة الشباب» المتطرفة على فندق في مقديشو، بعد أكثر من 13 ساعة على بدئه، وفق ما أفاد ضابط في الشرطة الصومالية وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال الضابط عبد الرحيم يوسف إن «كل المسلحين الإرهابيين تمّ قتلهم، والوضع عاد إلى طبيعته حالياً»، مشيراً إلى أن «القوات الأمنية تنفّذ عملية تمشيط شاملة وتجري تحقيقات» بشأن الاعتداء.

في غضون ذلك، أعلنت مصادر الشرطة الصومالية قتل ستة أشخاص، على الأقل، في هجوم نفذته «جماعة الشباب» الإرهابية في الصومال، على فندق بالقرب من القصر الرئاسي في العاصمة مقديشو.

كسر الهجوم الذي وقع في وقت متأخر من الخميس هدوءاً نسبياً في أعمال العنف من قبل الجماعة «الجهادية» المرتبطة بـ«تنظيم القاعدة»، مما يدل على قدرتها المستمرة على الضرب على الرغم من الهجوم العسكري الكبير ضد المسلحين (أ.ف.ب)

وقاد انتحاري سيارة ممتلئة بالعبوات الناسفة أمام المبنى، ثم اقتحم مقاتلو «الشباب» الفندق الشهير بين النخبة السياسية في المدينة. وقال شهود عيان اليوم إن الرصاص أُطلق في المبنى والمنطقة المحيطة، وكانت مروحية تحلق على ارتفاع منخفض فوق الفندق.

وبدأ الهجوم الذي أعلنت الحركة مسؤوليتها عنه حوالي الساعة 21.45 (18.45 بتوقيت غرينتش) الخميس، عندما اقتحم مسلحون فندق «إس واي إل» تحت وابل من الرصاص.

على مقربة من مقر رئاسة الجمهورية

يقع الفندق على مقربة من المدخل الرئيسي لمجمع «فيلا صوماليا» المحصّن الذي يضم مقر رئاسة الجمهورية ومكاتب رئاسة الوزراء ومباني بعض الوزارات.

وكان مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية أكد في وقت سابق صباح الجمعة سماع أصوات انفجارات وإطلاق نار متقطع، بينما سجّل انتشار لعناصر وعربات مدرعة.

وحتى صباح الجمعة، لم تكن السلطات الصومالية قد أصدرت بياناً رسمياً بشأن الهجوم، وهو الأحدث في سلسلة هجمات تعرض لها هذا الفندق خلال الأعوام الماضية، كان آخرها في 2019.

وقال ضابط الأمن أحمد ضاهر لوكالة الصحافة الفرنسية إن «عدداً من المسلحين اقتحموا المبنى (الفندق) بعد أن دمروا السور المحيط بتفجير قوي».

وتحدث شهود عيان عن سماعهم إطلاق النار بشكل عشوائي، لكن لم يتضح على الفور ما إذا كان هناك ضحايا.

وقال حسن نور الذي تمكّن من الفرار بعد بدء الهجوم: «لا أعرف عدد الضحايا لكن كان هناك الكثير من الناس بالداخل عندما بدأ الهجوم».

وأفاد شهود بأن عناصر الأمن وصلوا إلى مكان الهجوم بعد دقائق على بدئه.

وقال عبد الله حسن الذي كان موجوداً في منزل قريب من المكان، إن أفراد قوات الأمن وصلوا على متن عربات عدة، مؤكداً أنه شاهد «سيارتي إسعاف تنقلان جرحى».

وتعرض الفندق نفسه لهجمات عدة خلال الأعوام الماضية، آخرها في 2019.

تخوض «حركة الشباب» المرتبطة بـ«تنظيم القاعدة» تمرداً ضد الحكومة المدعومة دولياً منذ أكثر من 16 عاماً، وكثيراً ما تستهدف الفنادق التي يقصدها المسؤولون الصوماليون والأجانب.

ورغم التمكن من دحر مسلحيها عن العاصمة، لكنهم يحتفظون بوجود قوي في الأرياف وينفذّون بانتظام هجمات ضد أهداف سياسية ومدنية.

وقال الباحث في مجموعة الأزمات الدولية عمر محمود إن الهجوم «بالغ الأهمية»، ويؤدي إلى «كسر الانطباع بالهدوء الذي ساد في مقديشو في الأشهر الأخيرة إثر بعض الإصلاحات الأمنية».

وإذ لفت إلى أن هجمات «الشباب» غالباً ما سجّلت ازدياداً في شهر رمضان، أوضح أن الهجوم الأخير يؤشر إلى أنه على رغم جهود الحكومة لإضعاف الحركة «فهي تبقى نشطة... وحتى قادرة على ضرب الحكومة في مكان قريب من مركزها».

سيارات الشرطة الصومالية متوقفة بالقرب من «فندق سيل»، مسرح هجوم «حركة الشباب» المرتبطة بـ«تنظيم القاعدة»، في مقديشو الجمعة (رويترز)

عزم على «استئصال الإرهاب»

أطلقت الحكومة المركزية هجوماً واسعاً ضد الحركة في صيف عام 2022، شاركت فيه عشائر محلية مسلحة. لكنه شهد انتكاسات رغم تحقيق مكاسبه في الفترات الأولى.

وتمكّن الجيش الصومالي والفصائل المتحالفة معه من استعادة السيطرة على مناطق واسعة في وسط البلاد بدعم من قوات الاتحاد الأفريقي وضربات جوية نفّذتها الولايات المتحدة.

ضباط أمن صوماليون يتخذون مواقعهم بالقرب من «فندق سيل» مسرح هجوم شنته «جماعة الشباب» المرتبطة بـ«تنظيم القاعدة» في مقديشو (رويترز)

إلا أن «حركة الشباب» تمكنت من استعادة بعض ما خسرته، وهي أعلنت في وقت سابق هذا الأسبوع السيطرة على أنحاء عدة في وسط الصومال.

وأفادت وكالة الأنباء الصومالية الرسمية بأن الرئيس حسن شيخ محمود عقد «اجتماعاً استراتيجياً» هذا الأسبوع مع مسؤولي الأمن للبحث في سبل استعادة المناطق التي سيطرت عليها الحركة.

وأشارت إلى أن «الرئيس أشاد بجهود القوات الصومالية الباسلة، وشدد على عزم الحكومة الثابت لاستئصال الإرهاب».

قوات الأمن الصومالية تحرس مدخل «فندق سيل» الذي تعرض لهجوم من قبل متمردي «حركة الشباب» المتطرفة (أ.ب)

وفي يناير (كانون الثاني)، احتجز مسلحو «حركة الشباب» عدداً من الأشخاص رهائن بعدما قامت مروحية تابعة للأمم المتحدة على متنها 9 ركاب، بهبوط اضطراري في مناطق يسيطرون عليها.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2022، قتل 100 شخص وأصيب 300 بجروح في تفجير سيارتين مفخختين في مقديشو، في هجوم كان الأكثر حصداً للأرواح مذ تولى شيخ محمود الرئاسة في مايو (أيار) من العام ذاته.

وفي أغسطس (آب) 2022، قتل 21 شخصاً وأصيب أكثر من مائة بجروح في هجوم على فندق في العاصمة امتد زهاء 30 ساعة.

ويأتي هجوم هذا الأسبوع بعد أيام من إعلان الحكومة الأميركية فرض عقوبات على 16 شخصاً ومنظمة تجارية بتهمة الانتماء إلى «شبكة واسعة» لتمويل وغسل الأموال لصالح «حركة الشباب».

وقالت وزارة الخزانة الأميركية، الاثنين، إن «شبكة الأفراد والكيانات المذكورة ومقارها في القرن الإفريقي والشرق الأوسط متورطة في جمع وغسل ملايين الدولارات عبر شركات عدة، بتوجيه من (الشباب) ولصالحهم».

كما أتى هجوم الخميس غداة توصل الصومال إلى اتفاق مع دائنين دوليين لإلغاء أكثر من مليارَي دولار من ديونه، على ما أعلن «نادي باريس»، وهو مجموعة غير رسمية من الدول الدائنة.

ويأتي الاتفاق الذي أُعلن الأربعاء بعدما وافق صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في ديسمبر (كانون الأول) على تخفيف ديون الدولة الواقعة في القرن الأفريقي، التي تعدّ من أفقر دول العالم بمقدار 4.5 مليارات دولار.

وقال المتحدث باسم الشرطة قاسم أحمد روبل الجمعة: «على حد علمي، قتل إرهابي وثلاثة من حراس أمن الفندق وعضوان من جهاز الأمن في الهجوم». فيما قال متحدث باسم قوات الأمن إن نحو 10 أشخاص أصيبوا، بينهم عضو بالبرلمان الصومالي. وجرى إجلاء عدد كبير من الأشخاص من الفندق إلى منطقة آمنة. وكان «فندق سيل» هدفاً لعديد من هجمات «الشباب» في الماضي، رغم أنه يقع في منطقة بالمدينة خاضعة لمستوى مرتفع من الأمن، حيث إن موقعه مقابل للقصر الرئاسي.


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)

إطلاق نار كثيف في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق بجنوب السودان

جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
TT

إطلاق نار كثيف في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق بجنوب السودان

جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)

وقع إطلاق نار كثيف، الخميس، في جوبا عاصمة جنوب السودان بمقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق، أكول كور، الذي أقيل الشهر الماضي، حسبما أكد مصدر عسكري، فيما تحدّثت الأمم المتحدة عن محاولة لتوقيفه.

وبدأ إطلاق النار نحو الساعة السابعة مساء (17.00 ت.غ) قرب مطار جوبا واستمر زهاء ساعة، بحسب مراسلي «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأبلغت الأمم المتحدة في تنبيه لموظفيها في الموقع، عن إطلاق نار «مرتبط بتوقيف الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات»، ناصحة بالبقاء في أماكن آمنة.

وقال نول رواي كونغ، المتحدث العسكري باسم قوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان، لإذاعة بعثة الأمم المتحدة في البلاد (مينوس) إنه «حصل إطلاق نار في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق».

وأضاف: «شمل ذلك قواتنا الأمنية التي تم نشرها هناك لتوفير مزيد من الأمن».

وتابع: «لا نعرف ماذا حدث، وتحول سوء التفاهم هذا إلى إطلاق نار»، و«أصيب جنديان بالرصاص». وأضاف: «بعد ذلك هرعنا إلى مكان الحادث... وتمكنا من احتواء الموقف عبر إصدار أمر لهم بالتوقف».

وقال: «مصدر عسكري مشارك في العملية» لصحيفة «سودانز بوست» اليومية، إن أكول كور أوقف بعد قتال عنيف خلف «عشرات القتلى والجرحى من عناصره»، لكن التوقيف لم يتأكد رسمياً حتى الآن.

وأظهرت صور انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وأخرى نشرتها الصحيفة شبه توقف لحركة المرور بالقرب من مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق، حيث فر سائقون خائفون بعد سماع إطلاق النار تاركين سياراتهم، وفقاً لصحيفة «سودانز بوست».

وأقال رئيس جنوب السودان سلفاكير في أكتوبر (تشرين الأول) رئيس جهاز الاستخبارات الوطنية أكول كور الذي تولى منصبه منذ استقلال البلاد عام 2011، وكلّفه تولي منصب حاكم ولاية واراب التي تشهد اضطرابات.

ولم تُحدّد أسباب هذه الخطوة. ويأتي هذا القرار بعد أسابيع من إعلان الحكومة تأجيلاً جديداً لعامين، لأول انتخابات في تاريخ البلاد، كان إجراؤها مقرراً في ديسمبر (كانون الأول).

بعد عامين على استقلاله، انزلق جنوب السودان إلى حرب أهلية دامية عام 2013 بين الخصمين سلفاكير (الرئيس) ورياك مشار (النائب الأول للرئيس)، ما أسفر عن مقتل 400 ألف شخص وتهجير الملايين.