كيف يقود الذكاء الاصطناعي مستقبل الأعمال في الشرق الأوسط؟

خبير في «ديلويت» يتحدث لـ«الشرق الأوسط»

«ديلويت»: نخطط للتعاون مع الجامعات الكبرى في السعودية لتوفير الدعم والتدريب والفرص التعليمية للشباب (شاترستوك)
«ديلويت»: نخطط للتعاون مع الجامعات الكبرى في السعودية لتوفير الدعم والتدريب والفرص التعليمية للشباب (شاترستوك)
TT
20

كيف يقود الذكاء الاصطناعي مستقبل الأعمال في الشرق الأوسط؟

«ديلويت»: نخطط للتعاون مع الجامعات الكبرى في السعودية لتوفير الدعم والتدريب والفرص التعليمية للشباب (شاترستوك)
«ديلويت»: نخطط للتعاون مع الجامعات الكبرى في السعودية لتوفير الدعم والتدريب والفرص التعليمية للشباب (شاترستوك)

يبرز الذكاء الاصطناعي (AI) بوصفه تقنيةً أساسيةً تدفع الابتكار والكفاءة التشغيلية. وبينما تتصارع الشركات مع الاقتصاد الرقمي سريع التطور، يقدم الذكاء الاصطناعي فرصةً تحويليةً ليس فقط لتبسيط العمليات ولكن أيضاً لفتح آفاق جديدة للنمو والتخصيص.

على هامش معرض «ليب 24»، الذي استضافته مدينة الرياض من الرابع وحتى السابع من شهر مارس (آذار) الحالي، التقت «الشرق الأوسط» يوسف البرقاوي، مسؤول الذكاء الاصطناعي والبيانات في شركة الاستشارات العالمية «ديلويت»؛ للحديث عن كيفية إعادة تشكيل الذكاء الاصطناعي طريقة عمل الشركات ووضع استراتيجياتها، لا سيما في الشرق الأوسط.

يوسف البرقاوي مسؤول الذكاء الاصطناعي والبيانات في «ديلويت» (ديلويت)
يوسف البرقاوي مسؤول الذكاء الاصطناعي والبيانات في «ديلويت» (ديلويت)

عوامل تمكين يقدمها للذكاء الاصطناعي

ترتكز رؤية «ديلويت» للذكاء الاصطناعي على عوامل تمكين أساسية عدة يجلبها الذكاء الاصطناعي إلى الأعمال، بدءاً من التعزيز والأتمتة. ويوضّح البرقاوي أنه يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل المعلومات بشكل أفضل والحصول على مزيد من الأفكار حول الأعمال التجارية، مما يتيح اتخاذ قرارات أفضل. ولا تقتصر هذه البراعة التحليلية للذكاء الاصطناعي على دعم القرار، بل تمتد إلى القدرات التنبؤية التي تسمح للشركات بـ«الأتمتة بشكل أفضل» على حد قوله.

ومع ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي، تطوّر مشهد الأتمتة من تنفيذ المهام البسيطة إلى إنشاء محتوى معقّد، مما يساعد على تحقيق الدخل من التطبيقات وتطوير التعليمات البرمجية. ويشير البرقاوي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «عندما نتحدث عن الزيادة، فإننا نتحدث عن مساعدة الأفراد، ولكن عندما نتحدث عن الأتمتة، فإننا نتحدث عن تحسين الإنتاجية بشكل كبير وتقليل الوقت والتكلفة».

استعرضت «ديلويت» خلال معرض «ليب» مجموعة من أحدث الحلول التقنية لتلبية احتياجات السوق المتزايدة (شاترستوك)
استعرضت «ديلويت» خلال معرض «ليب» مجموعة من أحدث الحلول التقنية لتلبية احتياجات السوق المتزايدة (شاترستوك)

التخصيص في الذكاء الاصطناعي

يقوم الذكاء الاصطناعي بتخصيص المحتوى للأفراد، مما يزيد من الفرص في قطاعات مثل التعليم والترفيه. ويؤدي غزو الذكاء الاصطناعي في إنشاء مقاطع الفيديو والإعلانات والصور والتفاعلات الصوتية إلى قوة إبداعية للشركات يمكن الاستفادة منها. أما العامل التمكيني الآخر للذكاء الاصطناعي فهو «المحاكاة»، الذي يسمح للشركات باستخدام التقنيات للتنبؤ بالعمليات وتصميمها لتحقيق النتائج المثلى.

ومع ذلك، تدرك شركة «ديلويت» الشرق الأوسط، أنه ليست كل الشركات مستعدة لتسخير إمكانات الذكاء الاصطناعي بشكل فعال. ويحذّر البرقاوي من أن «القفز بسرعة إلى العمق أمر خطير للغاية»، مسلطاً الضوء على ضرورة الاستعداد والتعليم. ولمعالجة هذه المشكلة، أنشأت شركة «ديلويت» معهد «ديلويت للذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط»، وهو مخصص لتعليم الشركات حول الذكاء الاصطناعي. وتهدف هذه المبادرة إلى رفع مستوى فهم الذكاء الاصطناعي على درجة رفيعة من خلال المنشورات والقيادة وبرامج التعليم رفيع المستوى.

 

استضافت مدينة الرياض الدورة الثالثة من معرض «ليب 2024» من 4 إلى 7 مارس بمركز الرياض للمعارض والمؤتمرات (ليب)
استضافت مدينة الرياض الدورة الثالثة من معرض «ليب 2024» من 4 إلى 7 مارس بمركز الرياض للمعارض والمؤتمرات (ليب)

أهمية جودة البيانات وتأثيرها

تسير الفائدة الفعالة للذكاء الاصطناعي جنباً إلى جنب مع البيانات عالية الجودة. ويقول يوسف البرقاوي إنه «إذا كانت لديك بيانات سيئة، فستكون لديك نتائج سيئة»، مشدداً على الطبيعة الحاسمة لإدارة البيانات.

وتركز جهود «ديلويت» التعاونية مع العملاء في جميع أنحاء الشرق الأوسط على إنشاء هياكل قوية لإدارة البيانات لتعزيز جودة البيانات، وبالتالي نتائج مبادرات الذكاء الاصطناعي.

ويرى البرقاوي أن الذكاء الاصطناعي يمثل «فرصة هائلة للشرق الأوسط»، خصوصاً بالنظر إلى «التركيز غير الصناعي في المنطقة وحجم السكان الأصغر مقارنة بالأسواق العالمية الأخرى». ويؤكد أنه «كل ما تحتاجه مع الذكاء الاصطناعي، هو رجلان يتمتعان بالذكاء والخبرة الكافية لكتابة الرموز الصحيحة»، مما يضع أهمية التعليم في المقدمة، ويجعل المنطقة قادرة على رفع مستوى المنافسة العالمية لديها.

يمتد دور «ديلويت» إلى ما هو أبعد من التعليم ليشمل الابتكار من خلال لعب الشركة دوراً فعالاً في وضع أسس الذكاء الاصطناعي، وصياغة استراتيجياته الوطنية، وتنفيذ حوكمة البيانات والتحكم فيها. وقد كانت شركة «ديلويت- الشرق الأوسط» من بين أوائل الشركات التي نفّذت مسرّع تطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي في مايو (أيار) 2023، مما ساعد العملاء على نشر الذكاء الاصطناعي في بيئات خاصة خاضعة للرقابة، وبالتالي الحماية من تسرّب المعلومات.

«ديلويت»: المعهد العالمي للذكاء الاصطناعي يلعب دوراً حاسماً في تعزيز قدرات الذكاء الاصطناعي في المملكة (شاترستوك)
«ديلويت»: المعهد العالمي للذكاء الاصطناعي يلعب دوراً حاسماً في تعزيز قدرات الذكاء الاصطناعي في المملكة (شاترستوك)

رعاية المواهب الشابة

يتجلى التزام «ديلويت» برعاية المواهب المستقبلية في «برايت ستارت» (The BrightStart Apprenticeship)، الذي يقدم التعليم والتدريب الكاملَين على الذكاء الاصطناعي للطلاب، ما يسمح لهم بالمشاركة في مشروعات الذكاء الاصطناعي الواقعية. ولا تعمل هذه المبادرة على تزويد الجيل القادم بالمهارات اللازمة فحسب، بل أيضاً على إثراء مجموعة المواهب المتاحة للشركات في المنطقة.

وخلال مشاركتها في معرض «ليب 24»، أعلنت كل من «ديلويت» وشركة «ServiceNow» الشركة العالمية للخدمات الرقمية، عن خطتهما لتأسيس «مركز ServiceNow للابتكار» في القطاع العام ضمن مركز «ديلويت» الرقمي في مدينة الرياض. وسيعمل المركز بوصفه منصةً استراتيجيةً لقادة القطاع العام والأعمال الراغبين بدفع عجلة الابتكار وتعزيز الإنتاجية في مؤسساتهم. كما ستعزز الشركتان المركز بالذكاء الاصطناعي التوليدي، وتزويده بالخبرة المعرفية المشتركة التي يمتلكها المتخصصون في كلتا الشركتين في تنفيذ مشروعات التحول الرقمي في عديد من القطاعات. كما سيتعاون القائمون على المركز الجديد عن كثب مع مختلف المؤسسات في القطاعين العام والخاص؛ للوقوف على أهداف أعمالهم، وتبسيط عملياتهم التشغيلية، وردم الفجوات في مهاراتها الداخلية من خلال رفع مهارات العاملين فيها، وتعظيم العائد على الاستثمار.

يشكل دمج الذكاء الاصطناعي في الأعمال التجارية واقعا يعيد تشكيل المشهد التنافسي في الأعمال. وتقف منطقة الشرق الأوسط مستعدة لتسخير إمكانات الذكاء الاصطناعي لتعزيز النمو الاقتصادي والقدرة التنافسية العالمية.


مقالات ذات صلة

«فوكسكون» التايوانية تتوقع نمواً قوياً في الإيرادات رغم التحديات التجارية

الاقتصاد شعار «فوكسكون» خلال مؤتمر صحافي لفعالية قمة ومعرض المدن الذكية في تايبيه (وكالة حماية البيئة)

«فوكسكون» التايوانية تتوقع نمواً قوياً في الإيرادات رغم التحديات التجارية

أعلنت «فوكسكون» أن الطلب القوي من عملائها في قطاع التكنولوجيا سيؤدي إلى نمو قوي في الإيرادات خلال الربع الأول من العام.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
خاص تهدف مبادرات مثل «النطاق العريض اللاسلكي» إلى ضمان اتصال سلس وعالي السرعة للمستخدمين في جميع أنحاء المملكة (شاترستوك)

خاص «نوكيا»: السعودية ستكون رائدة عالمياً في نشر شبكات «الجيل السادس»

في حديث لـ«الشرق الأوسط»، يصف نائب الرئيس الأول لشبكات الهواتف الجوالة في الشرق الأوسط وأفريقيا في «نوكيا» المشهد في السعودية بـ«العاصفة المثالية من النمو».

نسيم رمضان (الرياض)
تكنولوجيا هاتف بمزايا مبهرة وسعر معتدل

تعرَّف على مزايا هاتف «إتش إم دي فيوجن 5 جي»: نقلة نوعية في عالم الهواتف الذكية

يصمم بذكاء اصطناعي يتكيف مع احتياجات المستخدمين بشكل تلقائي

خلدون غسان سعيد (جدة)
تكنولوجيا «مانوس» وكيل ذكاء اصطناعي مستقل قادر على تنفيذ مهام معقدة دون تدخل بشري (مانوس)

تعرف على «مانوس»... وكيل ذكاء اصطناعي من الصين

يعمل وكيل ذكاء اصطناعي عاماً (General AI Agent) حيث يمكنه اتخاذ القرارات وتنفيذ المهام المتعددة بشكل مستقل!

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
علوم فرشاة الأسنان الذكية: كيف يُغيّر الذكاء الاصطناعي مستقبل العناية بصحة الفم؟

فرشاة الأسنان الذكية: كيف يُغيّر الذكاء الاصطناعي مستقبل العناية بصحة الفم؟

فراشيّ متطورة وجسيمات نانويّة متكيفة الشكل للتنظيف الفائق.

د. عميد خالد عبد الحميد (الرياض)

«نوكيا»: السعودية ستكون رائدة عالمياً في نشر شبكات «الجيل السادس»

تهدف مبادرات مثل «النطاق العريض اللاسلكي» إلى ضمان اتصال سلس وعالي السرعة للمستخدمين في جميع أنحاء المملكة (شاترستوك)
تهدف مبادرات مثل «النطاق العريض اللاسلكي» إلى ضمان اتصال سلس وعالي السرعة للمستخدمين في جميع أنحاء المملكة (شاترستوك)
TT
20

«نوكيا»: السعودية ستكون رائدة عالمياً في نشر شبكات «الجيل السادس»

تهدف مبادرات مثل «النطاق العريض اللاسلكي» إلى ضمان اتصال سلس وعالي السرعة للمستخدمين في جميع أنحاء المملكة (شاترستوك)
تهدف مبادرات مثل «النطاق العريض اللاسلكي» إلى ضمان اتصال سلس وعالي السرعة للمستخدمين في جميع أنحاء المملكة (شاترستوك)

في خطوة بارزة تؤكد التزام المملكة العربية السعودية بالتحول الرقمي، أعلنت «نوكيا» و«أيسس (ACES)» شراكةً استراتيجيةً طويلة الأمد لتعزيز تغطية الشبكة في مكة المكرمة؛ بهدف توفير اتصال سلس لملايين الحجاج والمقيمين والشركات، مع تحسين كفاءة الشبكة واستدامتها. تعكس هذه الشراكة الأهمية المتزايدة للبنية التحتية المتقدمة للاتصالات في دعم الأجندة الرقمية الطموحة للمملكة تماشياً مع «رؤية 2030».

مركز للاتصال والابتكار

تعدّ منطقة مكة المكرمة وجهةً لملايين الحجاج سنوياً، مما يجعلها واحدةً من أكثر المناطق ازدحاماً وحركة مرور في العالم. كما يعدّ توفير اتصال موثوق ليس أمراً بسيطاً. تسعى كل من «نوكيا» و«أيسس» إلى تقديم حل داخلي نشط «مفتوح الواجهة الأمامية» لأول مرة، مصمم لتعزيز تغطية الشبكة الداخلية والخارجية في هذه المنطقة شديدة الازدحام.

يسمح هذا الحل المبتكر لثلاثة من مزودي خدمات الاتصال في المملكة (زين، وموبايلي، وإس تي سي) بالعمل على بنية تحتية شبكية مشتركة، مما يحسِّن التغطية بشكل كبير مع تقليل التكاليف. وقد تم تصميم الحل للمناطق ذات الكثافة العالية، حيث يقلل من استهلاك المساحة والطاقة، مما يجعله مثالياً لمتطلبات مكة الفريدة.

يقول هيثم بابا، رئيس شبكات الهواتف الجوالة السعودية في «نوكيا» إن التعاون مع «أيسس» يوفر حلاً عالي السعة ورائداً في الصناعة؛ ما يعزز كفاءة الشبكة مع تقليل التكاليف. ويضيف: «سيضمن هذا الحل الداخلي القابل للمشاركة اتصالاً فائقاً للمستخدمين النهائيين في مكة وما بعدها».

لا يقتصر هذا على الاتصال فحسب، بل يتعلق أيضاً بالاستدامة والقابلية للتوسُّع. من خلال معالجة فجوات التغطية مع استخدام طاقة أقل، يضمن الحل تجربة شبكة عالية السرعة وموثوقة في المواقع الداخلية والخارجية الحرجة. كما أنه يضع الأساس لتوسعات «شبكات الجيل الخامس (5G)» المستقبلية في جميع أنحاء المملكة، مما يدعم الأهداف الرقمية طويلة المدى للمملكة العربية السعودية.

ميكو لافانتي نائب الرئيس الأول لشبكات الهواتف الجوالة في الشرق الأوسط وأفريقيا في «نوكيا» (نوكيا)
ميكو لافانتي نائب الرئيس الأول لشبكات الهواتف الجوالة في الشرق الأوسط وأفريقيا في «نوكيا» (نوكيا)

عاصفة مثالية من النمو

تعدّ الشراكة بين «نوكيا» و«ACES» جزءاً من موجة أكبر من الفرص في قطاع الاتصالات السعودي. وخلال حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، يصف ميكو لافانتي، نائب الرئيس الأول لشبكات الهواتف الجوالة في الشرق الأوسط وأفريقيا في «نوكيا» المشهد بـ«العاصفة المثالية من النمو»، مدفوعة بعوامل متعددة متقاربة.

أحد المحركات الرئيسية يتمثل في مبادرة «النطاق العريض اللاسلكي (WBB)»، وهو برنامج مدعوم من الحكومة يهدف إلى توسيع نطاق الوصول إلى الإنترنت عالي السرعة في المناطق الريفية. تتماشى هذه المبادرة مع أهداف «رؤية 2030»؛ ما يضمن وصول حتى المناطق النائية إلى الإنترنت عالي السرعة.

تطور آخر مهم هو التخصيص الأخير لـ«طيف النطاق C» (3.5 غيغاهرتز) من قبل هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية، إلى جانب تراخيص جديدة لـ600 ميغاهرتز وترددات النطاق المنخفض الأخرى. ويعد لافانتي أنه مع هذا التخصيص «ستكون السعودية على طريقها لتصبح رائدةً عالمياً في توافر الترددات».

يؤدي استخدام البرمجيات المدعومة بالذكاء الاصطناعي إلى إيقاف تشغيل الشبكات عند عدم الحاجة إليها لتحسين استهلاك الطاقة (أدوبي)
يؤدي استخدام البرمجيات المدعومة بالذكاء الاصطناعي إلى إيقاف تشغيل الشبكات عند عدم الحاجة إليها لتحسين استهلاك الطاقة (أدوبي)

المدن الذكية والذكاء الاصطناعي

بالإضافة إلى مكة المكرمة، تستثمر السعودية بشكل كبير في المدن الذكية مثل نيوم والقدية؛ بهدف الاستفادة من التقنيات المتقدمة؛ لإنشاء بيئات حضرية مستدامة وفعالة وملائمة للعيش. وتهدف «نوكيا» إلى الوقوف في طليعة هذا التحول، موفرة حلولاً مبتكرة تدعم مبادرات المدن الذكية.

أحد التطبيقات البارزة هو تقنية «الكاميرا ذات الزاوية 360 درجة» المصممة لإدارة التحكم في الحشود، والأمن، خصوصاً في أحداث مثل الحج، حيث تساعد المراقبة المدعومة بالذكاء الاصطناعي على ضمان حركة سلسة للحشود وتعزيز الأمان. ويضيف لافانتي أنه يتم أيضاً دمج الذكاء الاصطناعي في أنظمة الوقاية من الكوارث؛ حيث يمكن التنبؤ بالفيضانات، وإعادة توجيه حركة المرور؛ مما يقلل بشكل كبير من الاضطرابات.

خطوة نحو ابتكار الشبكات

تستكشف المملكة العربية السعودية أيضاً إمكانات تقنية «شبكة الوصول الراديوي المفتوحة (Open RAN أو O-RAN)». تتيح هذه التقنية لمشغلي الاتصالات مزج الأجهزة والبرمجيات من مزودين مختلفين، مما يزيد من المرونة ويقلل التكاليف بشكل محتمل.

وتعد «نوكيا» رائدةً عالمياً في نشر تقنية «Open RAN» بما في ذلك شراكتها مع «دويتشه تيليكوم» في ألمانيا. يقول لافانتي إن هناك تصوراً بأن يحقق «Open RAN» وفورات فورية في التكاليف، ولكن في الواقع، «فإنه يقدم أيضاً تعقيدات تشغيلية» بحسب رأيه. ويضيف: «بينما هناك فوائد طويلة الأجل، فإنه يتطلب تكاملاً واسعاً ودعماً مستمراً».

مكة المكرمة (واس)
مكة المكرمة (واس)

مستقبل «الجيل الخامس»

يحدث الذكاء الاصطناعي ثورةً في إدارة الشبكات، من الصيانة التنبؤية إلى التحسين في الوقت الفعلي. خلال موسم الحج العام الماضي، نشرت «نوكيا» نظام «Monterey Autopilot» المدعوم بالذكاء الاصطناعي، الذي أجرى أكثر من 100 آلاف تعديل على الشبكة في 3 أيام لضمان اتصال دون انقطاع.

ويشرح لافانتي خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنه في أثناء الأحداث الكبرى مثل الحج، تواجه الشبكة ضغطاً هائلاً، مع ملايين الاتصالات المتزامنة. يقوم نظام الذكاء الاصطناعي بتحسين حركة المرور بشكل مستمر، مما يضمن اتصالاً سلساً وكفاءة في استهلاك الطاقة. تعمل برمجيات «نوكيا» المدعومة بالذكاء الاصطناعي أيضاً على تقليل استهلاك الطاقة من خلال إيقاف تشغيل مكونات الشبكة غير المستخدمة بشكل ديناميكي، مما يحسِّن الاستدامة بشكل كبير.

نظرة نحو المستقبل

بينما يستمر توسُّع شبكات «الجيل الخامس (5G)» بوتيرة سريعة، تعد المملكة العربية السعودية نفسها بالفعل لعصر شبكات «الجيل السادس (6G)». مع الأحداث العالمية الكبرى مثل «الألعاب الأولمبية الشتوية 2029»، و«إكسبو 2030»، و«كأس العالم 2034»، من المتوقع أن تكون المملكة من أوائل الدول التي تعتمد تقنيات الاتصال من الجيل التالي.

ويؤكد لافانتي أن المملكة العربية السعودية ستكون واحدةً من الدول الرائدة عالمياً في نشر شبكات «الجيل السادس». ويشيد بالأجندة الرقمية القوية للمملكة واستثماراتها في الذكاء الاصطناعي التي تضمن مكانتها في طليعة الابتكارات المستقبلية في الاتصالات. كما يشير إلى أن شبكات الجيل السادس ستكون مُصمَّمةً لتكون قادرةً على «الشعور والتفكير والتصرف»، مع ترددات أعلى بكثير وخلايا أصغر حجماً.

التزام طويل الأمد

تتجاوز استثمارات «نوكيا» في المملكة العربية السعودية مجرد توسيع الشبكات؛ فهي تشمل الخدمات اللوجيستية وقدرات الإصلاح والقيادة الإقليمية، من خلال مقر إقليمي في الرياض يغطي ليس فقط الشرق الأوسط ولكن منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بأكملها (70 دولة). ويشير لافانتي إلى أن لـ«نوكيا» الآن «قدرة إصلاح كاملة داخل المملكة العربية السعودية»، مما يقلل الاعتماد على الخدمات اللوجيستية الخارجية ما يضمن تسليم الخدمات بشكل أسرع.

كما تعمل الشركة على مبادرات تصدير لجعل المملكة العربية السعودية مركزاً لـ«التحول الرقمي في أفريقيا». ويختتم لافانتي حديثه بالقول: «نعتقد أن السعودية ستلعب دوراً رئيسياً في تمويل ودعم توسيع الشبكات في أفريقيا، وتعزيز الشراكات الاقتصادية والتقنية».