بعد 40 عاماً على «مجازر حماة»... سويسرا تحيل رفعت الأسد إلى المحكمة

بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية وبناء على شكوى قدمتها منظمة «ترايل إنترناشيونال»

رفعت الأسد عمّ الرئيس السوري بشار الأسد (أ.ب)
رفعت الأسد عمّ الرئيس السوري بشار الأسد (أ.ب)
TT

بعد 40 عاماً على «مجازر حماة»... سويسرا تحيل رفعت الأسد إلى المحكمة

رفعت الأسد عمّ الرئيس السوري بشار الأسد (أ.ب)
رفعت الأسد عمّ الرئيس السوري بشار الأسد (أ.ب)

بعد أكثر من 4 عقود عادت الأحداث الدموية التي شهدتها مدينة حماة السورية في فبراير (شباط) 1982 إلى التداول الإعلامي، اليوم (الثلاثاء)، مع إحالة رفعت الأسد عم الرئيس السوري إلى المحكمة الجنائية الاتحادية.

وكان رفعت الأسد نائب الرئيس السوري سابقاً، الذي يصفه منتقدوه «جزار حماة» بسبب قمعه لانتفاضة في المدينة السورية، يقود القوات المتهمة بقتل الآلاف لقمع انتفاضة إسلامية.

وأوضح مكتب المدعي العام، في بيان، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن رفعت الأسد «متهم بإصدار أوامر بقتل وتعذيب ومعاملة قاسية واعتقالات غير مشروعة في سوريا في فبراير (شباط) 1982. في إطار النزاع المسلح» في مدينة حماة في عهد الرئيس حافظ الأسد.

صورة أرشيفية للرئيس حافظ الأسد وشقيقه رفعت في يناير 1984 (أ.ف.ب)

وتقول لائحة الاتهام، التي قدمها الادعاء السويسري، إن الصراع بين القوات المسلحة السورية ومعارضيها الإسلاميين تسبب في مقتل ما بين 3000 و60 ألف شخص في حماة. وكان معظم القتلى من المدنيين. ونفى رفعت الأسد في السابق مسؤوليته عن عمليات القتل في حماة.

يشار إلى أن مكتب المدعي العام السويسري بدأ إجراءات اتهام رفعت الأسد بجرائم الحرب في ديسمبر (كانون الأول) 2013، بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية وعدم إمكانية تطبيق التقادم القانوني على جرائم الحرب، بناء على شكوى قدمتها منظمة «ترايل إنترناشيونال» عام 2013.

وأثبتت الشرطة أن الأسد كان موجوداً في الأراضي السويسرية عندما بدأ التحقيق. وقد قدم كثير من الضحايا شكاوى مدنية في إطار الإجراءات الجنائية للمكتب.

المحامي السوري أنور البني (أرشيفية)

المحامي السوري المعارض المقيم في ألمانيا، أنور البني، قال على حساباته في مواقع التواصل إن «المحاكمة العلنية» المتوقعة لرفعت الأسد ستبدأ قريباً، وإن بعد تأخير، «ولن تكون لرفعت الأسد فقط».

وأضاف البني، وهو رئيس مركز الدراسات والأبحاث القانونية، أن المركز «ساهم بكثير من الجهود لدعم ملف الاتهام».

هذا، ويسمح تطبيق مبدأ الولاية القضائية العالمية للدول، بالتحقيق مع الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جرائم دولية ومحاكمتهم، بغضّ النظر عن مكان ارتكاب الجرائم وجنسية المشتبه بهم أو الضحايا.

التفاصيل التي وفرها مكتب المدعي العام السويسري في تقريره، تقول إن القوات الحكومية دخلت إلى مدينة حماة وسط سوريا في فبراير 1982، وكان «المدنيون ضحايا لانتهاكات مختلفة، تراوحت بين الإعدام الفوري والاحتجاز والتعذيب».

رفعت الأسد كان في حينها نائباً لرئيس الجمهورية وقائداً لقوات «سرايا الدفاع»، وواحداً من أبرز قيادات الحملة العسكرية على مدينة حماة في فبراير 1982. وقد شاركت في الحملة عدة تشكيلات من القوات الحكومية، أبرزها «سرايا الدفاع» بقيادته، و«الوحدات الخاصة» بقيادة علي حيدر و«اللواء 47 دبابات».

دمار حماة وسط سوريا بعد العملية العسكرية 1982 (أرشيفية - الشبكة السورية)

وكان تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان، صدر عام 2022، قد أفاد بمقتل نحو 40 ألف شخص، أثناء تلك الحملة، جرى توثيق أسماء نحو 10 آلاف منهم، و17 ألف مفقود، وثق منهم نحو 4 آلاف. كما جرى في تلك المجازر تدمير قرابة 79 مسجداً و3 كنائس، وتدمير أحياء كاملة في المدينة، منها حي الكيلانية وحي الزنبقي.

يشار إلى أن منظمة «ترايال إنترناشيونال» أعلنت في أغسطس (آب) 2023 عن قرار المحكمة الفيدرالية السويسرية بتوقيف رفعت الأسد. ودعت السلطات السويسرية إلى تقديم لائحة اتهام سريعة وتقديمه للمحاكمة.

من هو رفعت الأسد؟

رفعت الأسد (87 عاماً) هو الشقيق الأصغر للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، تخرج من الكلية الحربية عام 1963، وكان في عداد المشاركين بانقلاب 23 فبراير 1966 داخل قيادات حزب البعث. وبعد خضوعه لدورة قائد حراسة مدرعات ومشاة عام 1969 تولى قيادة قطعات عسكرية وألوية في صفوف الجيش.

ومع وصول حافظ الأسد إلى رأس السلطة في سوريا، برز رفعت سياسياً كرجل ثانٍ في السلطة والذراع الحديدية لسلطة «البعث»، إلى أن قاد انقلاباً فاشلاً ضد شقيقه الأكبر منتهزاً دخوله المشفى للعلاج. بعدها جرت تسوية ضمن العائلة، ونفي رفعت الأسد إلى فرنسا، ليمضي حياته هناك متربعاً على ثروة، يقدر المعروف منها بـ700 مليون يورو، تتوزع في عدة دول أوروبية، أبرزها فرنسا وإسبانيا وبريطانيا.

صورة الأسد وعائلته مع عمّه رفعت الأسد في أبريل الماضي بعد عودته من فرنسا

وفي عام 2017، واجه رفعت الأسد اتهامات في فرنسا بالتهرب الضريبي واختلاس أموال عامة وغسيل أموال، ليعود بعدها إلى سوريا عام 2021 هرباً من حكم بالسجن في فرنسا.

وظهر علناً بداية عودته في دمشق، وتم تسريب صورة عائلية جمعته في إحدى المناسبات، العام الماضي، مع أبناء شقيقه الرئيس بشار الأسد وماهر الأسد وعائلتيهما.

ورغم ما أظهرته الصورة من توافق عائلي، فإن مصادر في دمشق تحدثت عن التزام رفعت الأسد بالإقامة في أحد القصور في ريف طرطوس على الساحل السوري، مع حظر توجهه إلى محافظة اللاذقية حيث مسقط رأسه في القرداحة التي ما زال فيها أتباع يدينون بالولاء له.

 

 

 

 


مقالات ذات صلة

خاص طائرة «إف-15» في قاعدة بالولايات المتحدة قبل الانطلاق للمشاركة في الضربات الأميركية على مواقع «داعش» بسوريا الجمعة (سلاح الجو الأميركي - أ.ف.ب)

خاص جبل العمور والوادي الأحمر وجبل البشري... خريطة الضربات ضد «داعش» في سوريا

قالت مصادر مقربة من وزارة الدفاع في دمشق إن عملية قوات التحالف ضد تنظيم «داعش» في البادية السورية، قد تكون عملية «مفتوحة» تمتد لأيام.

سعاد جروس (دمشق)
خاص الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً نائب رئيس الحكومة طارق متري (رئاسة الجمهورية)

خاص نائب رئيس الحكومة اللبنانية: مسار المفاوضات السياسية مع إسرائيل لم ينطلق

نفى نائب رئيس الحكومة اللبنانية طارق متري أن يكون مسار المفاوضات السياسية مع إسرائيل قد انطلق، مع تعيين مفاوضين مدنيين من قبل الطرفين.

بولا أسطيح (بيروت)
شؤون إقليمية تركيا تطالب «قسد» بالاندماج في الجيش السوري أفراداً وليس وحدة منفصلة (أ.ف.ب)

تركيا تُطالب «قسد» بخريطة طريق لتنفيذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري

طالبت تركيا «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) بالتخلّي عن خطابها «الانفصالي»، والتخلُّص من «الإرهابيين» بصفوفها، والاندماج في الجيش السوري، والخضوع لسلطة مركزية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)

سوريا تؤكد التزامها «الثابت» بمكافحة تنظيم «داعش»

أكدت سوريا، اليوم، التزامها الثابت بمكافحة تنظيم «داعش»، مشيرة إلى أنها ستواصل تكثيف العمليات العسكرية ضد التنظيم في جميع المناطق التي يهددها.


الجيش الإسرائيلي ينشر فيديو لحظة تفجير أنفاق لـ«حماس» بجنوب غزة

جندي إسرائيلي داخل أحد الأنفاق (أرشيفية - رويترز)
جندي إسرائيلي داخل أحد الأنفاق (أرشيفية - رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي ينشر فيديو لحظة تفجير أنفاق لـ«حماس» بجنوب غزة

جندي إسرائيلي داخل أحد الأنفاق (أرشيفية - رويترز)
جندي إسرائيلي داخل أحد الأنفاق (أرشيفية - رويترز)

نشر الجيش الإسرائيلي، السبت، لقطات تُظهر تفجير وهدم أنفاق تابعة لحركة «حماس» الفلسطينية في الجانب الإسرائيلي من الخط الأصفر بمنطقة خان يونس في جنوب قطاع غزة.

ووفق ما ذكرته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، يأتي نشر هذه اللقطات بالتزامن مع إعلان الجيش الإسرائيلي استبدال لواء «كفير» باللواء المدرع 188 في المنطقة.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بأن قواته قامت خلال الأشهر القليلة الماضية بـ«هدم» مئات من «البنى التحتية الإرهابية» في خان يونس، بما في ذلك نفق بطول كيلومترين ونفق آخر يمتد مئات الأمتار.

وباتت أنفاق «حماس» في غزة تتصدر مشهد صورة اتفاق وقف إطلاق النار بالقطاع، في ظل إصرار إسرائيل على تدميرها بالكامل.


الجيش الإسرائيلي يعلن القبض على مشتبه بانتمائه لـ«داعش» في سوريا

توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)
توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن القبض على مشتبه بانتمائه لـ«داعش» في سوريا

توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)
توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)

قال الجيش الإسرائيلي، السبت، إنه ألقى القبض على مشتبه بانتمائه لتنظيم «داعش» في جنوب سوريا.

وأوضح الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه خلال عملية ليلية للكتيبة 52 التابعة للواء 474 في منطقة الرفيد في الجنوب السوري، ألقت قواته القبض على «شخص يشتبه بتورطه بالعمل الإرهابي، ويتم تحريكه من قبل (داعش)».

وأضاف البيان أنه تمت إحالة المشبوه به للتحقيق. مشيراً إلى أنه خلال العملية عثرت القوات الإسرائيلية على أسلحة ووسائل قتالية.


«عين الصقر»... هل تكون العملية الأميركية ضد «داعش» في سوريا «مفتوحة»؟

طائرة «إف-15» في قاعدة بالولايات المتحدة قبل الانطلاق للمشاركة في الضربات الأميركية على مواقع «داعش» بسوريا الجمعة (سلاح الجو الأميركي - أ.ف.ب)
طائرة «إف-15» في قاعدة بالولايات المتحدة قبل الانطلاق للمشاركة في الضربات الأميركية على مواقع «داعش» بسوريا الجمعة (سلاح الجو الأميركي - أ.ف.ب)
TT

«عين الصقر»... هل تكون العملية الأميركية ضد «داعش» في سوريا «مفتوحة»؟

طائرة «إف-15» في قاعدة بالولايات المتحدة قبل الانطلاق للمشاركة في الضربات الأميركية على مواقع «داعش» بسوريا الجمعة (سلاح الجو الأميركي - أ.ف.ب)
طائرة «إف-15» في قاعدة بالولايات المتحدة قبل الانطلاق للمشاركة في الضربات الأميركية على مواقع «داعش» بسوريا الجمعة (سلاح الجو الأميركي - أ.ف.ب)

قالت مصادر مقربة من وزارة الدفاع في دمشق إن العملية العسكرية لقوات التحالف «عين الصقر» ضد تنظيم «داعش» في البادية السورية، قد تكون عملية «مفتوحة» تمتد لأيام في حال تبيّن وجود مزيد من الأهداف التي يمكن قصفها.

وقالت هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن العملية التي أعلنت الولايات المتحدة تنفيذها فجر الجمعة، جرت بالتنسيق مع الحكومة السورية، فيما وصف خبراء عسكريون عملية «عين الصقر» بأنها اختبار لاحتمال أن تكون القوات السورية الحكومية «شريكاً حقيقياً» للتحالف في محاربة الإرهاب المتمثل بـ«داعش»، واصفين الضربات بأنها كانت «موجعة» للتنظيم الذي بات يعتمد على الانتشار الفردي والذوبان في المناطق السورية.

وأعلنت الولايات المتحدة، الجمعة، أنها ضربت أكثر من 70 هدفاً في أنحاء وسط سوريا بواسطة طائرات مقاتلة ومروحيات هجومية وبالمدفعية، فيما تحدث الرئيس دونالد ترمب عن «ضربة انتقامية قوية جداً» رداً على إطلاق نار أسفر في 13 ديسمبر (كانون الأول) الجاري عن مقتل ثلاثة أميركيين، هم جنديان ومترجم، في تدمر بمحافظة حمص وسط سوريا.

وقالت مصادر مقربة من وزارة الدفاع السورية لـ«الشرق الأوسط» إن عملية «عين الصقر» تمت بالتنسيق مع الحكومة السورية، وقد تركزت على موقعي جبل العمور والوادي الأحمر على بعد 15 كيلومتراً شرق تدمر بمحافظة حمص.

طائرة «إيه 10» خلال الاستعداد للانطلاق من الولايات المتحدة لقصف مواقع «داعش» في سوريا فجر الجمعة (سلاح الجو الأميركي - أ.ب)

وسيطر «داعش» في الفترة الممتدة بين مايو (أيار) 2015 ومارس (آذار) 2017، لمرتين على مدينة تدمر، قبل أن تتمكن قوات النظام السابق بدعمٍ من حليفته روسيا من طرده منها.

واستهدفت عملية «عين الصقر» أيضاً جبل البشري جنوب غربي دير الزور، وعدة مواقع في عمق البادية شرق حمص، ومواقع في محافظة الرقة، وهي مناطق بمعظمها واقعة تحت سيطرة الحكومة السورية، وقد شهدت ازدياداً لنشاط خلايا «داعش» في الآونة الأخيرة، مع الإشارة إلى عدم وجود مناطق محددة يتمركز فيها التنظيم الذي بات «يعتمد على الانتشار الفردي في مناطق عديدة والتواصل السري بينها»، حسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط». وأكدت هذه المصادر جدية الحكومة السورية في ملاحقة عناصر التنظيم على الأرض، في حين تتعقبهم القوات الأميركية عبر أجهزة الاتصالات، مشيرةً إلى أن عملية «عين الصقر» لم تتضمن عمليات برية. وتوقعت المصادر احتمال استمرار العمليات الأميركية لأسبوع وربما أكثر، حسبما يتوافر من قائمة أهداف.

وجرى التعرف على هوية منفّذ هجوم تدمر، وهو عنصر في قوات الأمن السورية كان من المقرر فصله بسبب اعتناقه «أفكاراً تكفيرية أو متطرفة»، وفق المتحدث باسم وزارة الداخلية. وهذه الحادثة هي الأولى من نوعها منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد قبل عام، وعودة العلاقات السورية مع الولايات المتحدة.

جندي خلال عملية تحميل قنابل على طائرة «إف-15 E» قبل بدء الضربات الأميركية على مواقع «داعش» في سوريا الجمعة (سلاح الجو الأميركي - رويترز)

وأفادت مصادر أهلية في مناطق البادية السورية بتواصل تحليق طائرات الاستطلاع التابعة لقوات التحالف لساعات مع تحليق لطيران التحالف فوق المواقع التي جرى قصفها.

ونفت هذه المصادر استهداف أي موقع أو تجمع سكني مدني، وقالت إن الضربات جرت في البادية الجنوبية الشرقية والجنوبية الغربية في محافظة دير الزور وتركزت على جبل البشري وهو منطقة وعرة جداً جنوب غربي دير الزور كانت قبل الإطاحة بالنظام السابق موقعاً لتمركز ميليشيات تابعة للنظام السابق وأخرى تابعة لإيران، ولاحقاً تمركز فيه تنظيم «داعش». وقد سُمعت أصوات الغارات على جبل البشري في مدينة دير الزور.

وتدخل عملية «عين الصقر» ضمن مشاركة الحكومة السورية في التحالف الدولي ضد «داعش»، وفق ما قاله العقيد عبد الجبار العكيدي أحد قيادات «الجيش السوري الحر».

ورأى العكيدي أن العملية هي اختبار لإمكانية أن تكون القوات السورية «شريكاً حقيقياً» للتحالف في محاربة الإرهاب المتمثل بتنظيم «داعش».

وانضمت دمشق رسمياً إلى التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» خلال زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع، إلى واشنطن الشهر الماضي.

«عملية محدودة ودقيقة»

وعن وصف الجانب الأميركي العملية بأنها «انتقامية» بالمفهوم العسكري، قال العكيدي إنها ليست مجرد انتقام بل هي «عملية محدودة ولكن أوسع من العمليات التي شهدناها سابقاً».

وأضاف: «نتحدث عن مائة قنبلة دقيقة من أنواع القنابل والصواريخ الذكية تصيب أهدافها بدقة»، موضحاً أن الحديث يجري عن قنابل دقيقة ذكية صغيرة الحجم يمكن للطائرة أن تحمل عدداً كبيراً منها، وبالتالي فإن «العملية محدودة لكنها دقيقة وموجعة للتنظيم»، حسب العكيدي.

ولفت العكيدي إلى أن التنظيم ومنذ سقوط آخر معاقله في منطقة الباغوز شرق سوريا عام 2019 غيّر سياساته واستراتيجياته وتكتيكاته من السيطرة على الحواضر المدنية ومجابهة الجيوش إلى «الذوبان ضمن المدن، أو الاختباء في البراري والبوادي، والاعتماد على عمليات الذئاب المنفردة والمجموعات الصغيرة المؤلفة أحياناً من ثلاثة عناصر، خصوصاً أن أبو بكر البغدادي (زعم داعش السابق) أعطى تلك المجموعات قبل أن يُقتَل صلاحيات اتخاذ القرار وتنفيذ العمليات دون الرجوع للقيادة».

وأكد العكيدي أن التنظيم في سوريا يشكل خطراً على الدولة السورية، مشيراً إلى أن الحكومة السورية «جادة» في محاربة هذا التنظيم.

وأكدت وزارة الخارجية السورية في بيان السبت، «التزام سوريا الثابت بمكافحة تنظيم داعش، وضمان عدم وجود ملاذات آمنة له في الأراضي السورية». وقالت إن السلطات السورية «ستواصل تكثيف العمليات العسكرية ضد التنظيم في جميع المناطق التي يهددها».

وقالت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) إنه منذ الهجوم على قواتها في تدمر «نفذت الولايات المتحدة والقوات المتحالفة معها 10 عمليات في سوريا والعراق أسفرت عن مقتل أو اعتقال 23 عنصراً إرهابياً»، من دون تحديد التنظيمات التي ينتمي إليها المسلحون.

وتنتشر القوات الأميركية في سوريا بشكل رئيسي في مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد بشمال وشمال شرقي البلاد، إضافةً إلى قاعدة التنف قرب الحدود مع الأردن، حيث تركز واشنطن وجودها العسكري على مكافحة التنظيم ودعم حلفائها المحليين.

«انتقام لهيبة أميركا»

وقال الخبير العسكري، رشيد حوراني، إن عملية «عين النسر» تعد مؤشراً على عدة أمور أبرزها «الانتقام للجنود الأميركيين ولهيبة أميركا بشكل عام أياً كانت الجهة المعتدية، وتذكرنا باستهداف القوات الأميركية في عام 2018 للقوات الروسية بشرق الفرات».

وأضاف: «يدل تمدد واتساع عمليات التحالف إلى بادية حمص وخارج مناطق سيطرة (قسد) على جدية الجانب الأميركي في تقديم الدعم والمساعدة للحكومة السورية وأجهزتها الأمنية والعسكرية، وهذا ينسجم مع عقيدة الأمن القومي التي أعلنها ترمب مؤخراً التي تتمثل بتقوية الدول في الشرق وعلى رأسها السعودية وتركيا وسوريا، وضرب النفوذ الإيراني، وعدم الاكتفاء بإضعافه».

وأشار حوراني إلى أن «المنطقة المستهدفة شرقي تدمر وصولاً إلى دير الزور والرقة، كانت منطقة صراع بين تنظيم (داعش) من طرف ونظام الأسد وحلفائه الروس والميليشيات الإيرانية من طرف آخر، وخلال انسحاب إيران من سوريا سلّمت مواقعها للتنظيم، وعلى الأرجح فهذه هي المناطق المستهدفة، وتشمل مستودعات ونقاط انطلاق ومحاور تحرك».

وأكد حوراني أن «الحكومة السورية الحالية تختلف عن سابقتها من موقفها من تنظيم (داعش) وجادة في القضاء عليه، ولذلك انضمت للتحالف». وقال: «تشارك القوات السورية من خلال المعلومات الاستخباراتية وتمشيط مناطق الاستهداف، كما أن الاجتماع التنسيقي بين وزارة الداخلية والجانب الأميركي في تدمر الذي استُهدف خلاله الجنود الأميركيون يدلل على التعاون والمشاركة».