تركيا لا ترى فرصة «فورية» لإعادة روسيا وأوكرانيا إلى المفاوضات

أبدت استعدادها للتوسط لإنهاء الحرب رغم الصعوبات

مصافحة بين إردوغان وزيلينسكي في إسطنبول الجمعة (أ.ف.ب)
مصافحة بين إردوغان وزيلينسكي في إسطنبول الجمعة (أ.ف.ب)
TT

تركيا لا ترى فرصة «فورية» لإعادة روسيا وأوكرانيا إلى المفاوضات

مصافحة بين إردوغان وزيلينسكي في إسطنبول الجمعة (أ.ف.ب)
مصافحة بين إردوغان وزيلينسكي في إسطنبول الجمعة (أ.ف.ب)

أقرّت تركيا بصعوبة جمع روسيا وأوكرانيا على طاولة المفاوضات قريباً؛ لمناقشة إنهاء الحرب بينهما، التي دخلت عامها الثالث في فبراير (شباط). ورأت أن على الأطراف الثلاثة العمل على تهيئة الأرضية للحوار ووقف إطلاق النار.

ولدى استقباله الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في إسطنبول، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، (الجمعة)، إنّ بلاده مستعدة لاستضافة قمة سلام بين روسيا وأوكرانيا، مؤكداً دعمه لوحدة أراضي أوكرانيا.

لا أرضية للحوار

تستبعد تركيا موافقة أوكرانيا وروسيا على الجلوس إلى طاولة الحوار في المستقبل القريب. وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، الذي ناقش حرب أوكرانيا بشكل موسع مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، وأعضاء في الكونغرس، خلال اجتماعات الآلية الاستراتيجية للعلاقات التركية - الأميركية التي عقدت في واشنطن يومي الجمعة والخميس، إن «روسيا وأوكرانيا ليستا بوارد الجلوس إلى طاولة المفاوضات على الفور، وأنه يتعين على الأطراف الثلاثة تهيئة الأرضية للحوار من أجل وقف الحرب، ومنع توسع الصراع».

وحذّر فيدان، الذي تحدّث لصحافيين أتراك ليل الجمعة، إلى السبت، في واشنطن عقب انتهاء اجتماعات الآلية الاستراتيجية، من أن هذه الحرب، التي تدور رحاها وسط أوروبا، تشكّل خطراً على المنطقة بأكملها، فضلاً عن التهديدات التي تشكّلها لأمن البحر الأسود وصادرات الحبوب.

ورغم الحديث عن صعوبة جمع الجانبين، الروسي والأوكراني، إلى طاولة المفاوضات، أكد الرئيس التركي بعد محادثات في إسطنبول، ليل الجمعة، مع نظيره الأوكراني، أن تركيا مستعدة لاستضافة قمة أوكرانية - روسية لإنهاء الحرب. وأكد في الوقت ذاته أن أنقرة تدعم وحدة أراضي أوكرانيا. وأضاف إردوغان في مؤتمر صحافي مع زيلينسكي، أنهما ناقشا التطورات المتعلقة بالحرب الروسية - الأوكرانية بالتفصيل، وكذلك الأمن الملاحي في البحر الأسود، وسبل استئناف اتفاقية الحبوب التي توقف العمل بها في يوليو (تموز) الماضي.

وتابع أن تركيا ستسهم بقوة في إعادة إعمار أوكرانيا بمجرد انتهاء الحرب.

تعاون عسكري

قالت الرئاسة التركية إن الاجتماع بين إردوغان وزيلينسكي بدأ بعدما زار الأخير حوضاً لبناء السفن بالقرب من إسطنبول؛ لتفقد سير العمل على سفينتين حربيتين يجري تصنيعهما للبحرية الأوكرانية. ورافق زيلينسكي في الزيارة وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف.

وتشترك تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، في حدود بحرية مع أوكرانيا وروسيا في البحر الأسود، وسعت إلى الحفاظ على علاقات ودية مع كليتهما في أثناء الحرب. وقدّمت دعماً عسكرياً لأوكرانيا، وفي المقابل عارضت العقوبات الغربية على روسيا.

وأسهمت تركيا في تسليح أوكرانيا، ودعت إلى احترام سيادتها، وتؤيد انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو). وزودتها بمسيرات «بيرقدار تي بي 2» القتالية، لكن ضمن اتفاق تجاري كان أُبرم بين شركات من البلدين قبل الحرب.

والشهر الماضي، قال سفير أوكرانيا في أنقرة، فاسيل بودنار، إن بلاده تواصل المضي قدماً في خطط إقامة مصنع للمسيّرات التركية على أراضيها، كما تعمل على اقتناء المقاتلة التركية من الجيل الخامس «كآن»، التي بدأت تركيا تجارب التحليق عليها الشهر الماضي.

وكان زيلينسكي كتب على حسابه في منصة «إكس»، قبل بداية لقائه إردوغان، أن أنقرة وكييف يجب أن تعملا معاً؛ لتحقيق الأمن الغذائي والأمن الملاحي في البحر الأسود، وأن أوكرانيا تريد أيضاً تعزيز العلاقات الدفاعية مع تركيا، وتحتاج إلى مساعدتها في تأمين إطلاق سراح السجناء في روسيا.

وقال مكتب زيلينسكي: «إن جدول الأعمال، خلال المباحثات، تضمّن صيغة سلام تهدف إلى إنهاء الحرب مع روسيا، وإقامة تعاون ثنائي في مجال صناعة الدفاع، والإفراج عن أسرى الحرب الأوكرانيين الذين تحتجزهم موسكو».

استعداد للوساطة

وجاءت زيارة زيلينسكي لإسطنبول قبل زيارة مرتقبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قال الكرملين إنها ستكون بعد الانتخابات الرئاسية في روسيا المقرر إجراؤها منتصف مارس (آذار) الحالي، وعلى الأرجح ستتم في مايو (أيار) المقبل.

والشهر الماضي، أكد إردوغان استعداده «بشكل مستمر ‏للتوسط بين روسيا وأوكرانيا؛ لوقف الحرب، والتوصّل إلى سلام ‏عادل بين البلدين... فعلنا ذلك من قبل ويمكننا فعله مرة أخرى وفتح الباب أمام السلام من خلال إدارة عملية موجهة نحو الحلول، وخالية من التأثيرات الخارجية».

والأسبوع الماضي، أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، عقب لقاء مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، على هامش «منتدى أنطاليا الدبلوماسي»، أن الوقت حان لبدء حوار بين روسيا وأوكرانيا؛ لوقف إطلاق النار، بغض النظر عن قضية السيادة، مشيراً إلى أن ذلك لا يعني الاعتراف باحتلال روسيا لبعض أراضي أوكرانيا.

وإلى جانب قضايا الحرب والتعاون العسكري التركي - الأوكراني، لم تخل أجندة اجتماع إردوغان وزيلينسكي من قضايا التعاون الثنائي. وقال إردوغان إن «الدخول في اتفاقية التجارة الحرة مع أوكرانيا في أقرب وقت ممكن سيضيف بلا شك زخماً جديداً لعلاقاتنا».


مقالات ذات صلة

بوتين: نسعى لإنهاء الصراع في أوكرانيا وسلوفاكيا عرضت استضافة المفاوضات

أوروبا جانب من أعمال قمة قادة «رابطة الدول المستقلة» في سان بطرسبرغ الخميس (أ.ف.ب)

بوتين: نسعى لإنهاء الصراع في أوكرانيا وسلوفاكيا عرضت استضافة المفاوضات

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، إن سلوفاكيا عرضت أن تكون بمثابة «منصّة» لمفاوضات سلام محتملة بين روسيا وأوكرانيا، بعد نحو 3 سنوات على بدء الحرب.

«الشرق الأوسط» (لندن - موسكو)
أوروبا ميناء سيفاستوبول بشبه جزيرة القرم (رويترز)

سجن امرأة متهمة بالخيانة في القرم 15 عاماً

حُكم على امرأة في سيفاستوبول بشبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا، بالسجن 15 عاماً بتهمة الخيانة؛ على خلفية عملها لحساب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (لقطة من بث حي للمؤتمر الصحافي) play-circle

لافروف: العلاقات مع سوريا استراتيجية... ولا نريد «هدنة ضعيفة» في أوكرانيا

قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن قائد الإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، «يصف العلاقات مع روسيا بأنها طويلة الأمد واستراتيجية، ونحن نتفق معه في ذلك».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا جانب من الدمار الذي خلفه هجوم روسي على خاركيف في 25 ديسمبر (إ.ب.أ)

أوكرانيا تُدين الهجوم الروسي «غير الإنساني» على نظامها للطاقة

أدان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، هجوماً واسعاً شنته القوات الروسية على شبكة الطاقة، أمس (الأربعاء)، وعدَّه «غير إنساني» لأنه جاء صبيحة الاحتفالات بعيد.

«الشرق الأوسط» (كييف - لندن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن (رويترز)

بايدن يندّد بالهجوم الروسي «الشائن» على أوكرانيا

قال الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن، الأربعاء، إنه أصدر توجيهات لوزارة الدفاع لمواصلة زيادة تسليم الأسلحة إلى أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات تستهدف «أسطول الظل» الروسي

صورة أصدرها حرس الحدود الفنلندي أمس تُظهر سفينة تابعة له خلال مهمة حراسة ناقلة نفط في البحر (أ.ف.ب)
صورة أصدرها حرس الحدود الفنلندي أمس تُظهر سفينة تابعة له خلال مهمة حراسة ناقلة نفط في البحر (أ.ف.ب)
TT

الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات تستهدف «أسطول الظل» الروسي

صورة أصدرها حرس الحدود الفنلندي أمس تُظهر سفينة تابعة له خلال مهمة حراسة ناقلة نفط في البحر (أ.ف.ب)
صورة أصدرها حرس الحدود الفنلندي أمس تُظهر سفينة تابعة له خلال مهمة حراسة ناقلة نفط في البحر (أ.ف.ب)

توعد الاتحاد الأوروبي، اليوم (الخميس)، بفرض مزيد من العقوبات على السفن الروسية بعد أن أعلنت السلطات الفنلندية فتح تحقيق يتعلق بـ«تخريب» ناقلة نفط أبحرت من ميناء روسي كابلاً كهربائياً يصل بين فنلندا وإستونيا، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

وفي يوم عيد الميلاد، انفصل كابل «استلينك 2» البحري الذي ينقل الكهرباء من فنلندا إلى إستونيا عن الشبكة، بعد نحو شهر من قطع كابلين للاتصالات في المياه الإقليمية السويدية في بحر البلطيق.

وأثنت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، على التحرك السريع لفنلندا «في الصعود على متن السفينة المشتبه بها»، مشيرةً إلى أن التكتل «يعمل مع السلطات الفنلندية بشأن التحقيق الجاري».

كايا كالاس مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خلال اجتماع في بروكسل (أ.ف.ب)

وأضافت كالاس في بيان مشترك: «نُدين بشدة أي تدمير متعمَّد للبنية التحتية الحيوية في أوروبا. السفينة المشتبه بها جزء من أسطول الظل الروسي الذي يهدد الأمن والبيئة فيما يموّل ميزانية الحرب الروسية».

وتابع البيان: «سنقترح مزيداً من الإجراءات بما في ذلك العقوبات لاستهداف هذا الأسطول».

و«أسطول الظل» هي التسمية التي تطلق على السفن التي تتحايل على العقوبات المفروضة على موسكو بنقل النفط الروسي الخام المحظور بيعه.

سفينة الشحن الروسية «أورسا ميجور» تعبر مضيق البوسفور في إسطنبول بتركيا 4 ديسمبر 2023 (رويترز)

ووقعت عدة حوادث مماثلة في بحر البلطيق منذ الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022.

وأكد الاتحاد الأوروبي رداً على هذه الحوادث أنه يعزز «جهود حماية الكابلات البحرية، بما في ذلك تبادل المعلومات وتقنيات الكشف الجديدة وكذلك قدرات إجراء إصلاحات تحت سطح البحر».

واتفقت دول الاتحاد الأوروبي في وقت سابق من هذا الشهر على إدراج نحو 50 ناقلة نفط أخرى في القائمة السوداء من «أسطول الظل» الروسي، في إطار الحزمة اﻟ15 من عقوبات التكتل على موسكو.