السنغال... تعود «واحةً» للديمقراطية في الغرب الأفريقي

بعد قرار إجراء الاستحقاق الرئاسي قبل نهاية الشهر الحالي

جانب من التظاهرات الاحتجاجية الأخيرة (رويترز)
جانب من التظاهرات الاحتجاجية الأخيرة (رويترز)
TT

السنغال... تعود «واحةً» للديمقراطية في الغرب الأفريقي

جانب من التظاهرات الاحتجاجية الأخيرة (رويترز)
جانب من التظاهرات الاحتجاجية الأخيرة (رويترز)

عودة السنغال إلى المسار الديمقراطي، لا ينقذ البلاد فقط من الأزمة السياسية والشعبية، بل يمتد أثره ليؤكد سمعة الدولة التي اشتهرت كواحة ديمقراطية في الغرب الأفريقي، الذي بات عنواناً للتغييرات غير الدستورية في الحكم، والذي تعززت صورته تلك بعد سلسلة من الانقلابات العسكرية خلال السنوات الأربع الأخيرة. صحيح، أن السنغال لا تبدو على الخريطة الأفريقية دولة شاسعة المساحة أو هائلة الموارد، لكنها استطاعت أن ترسم لنفسها صورة مختلفة عن جيرانها في الغرب الأفريقي عبر تجربة سياسية اعتمدت الانتقال السلمي للسلطة سواء من الاشتراكية إلى الليبرالية، أو عبر الالتزام باحترام التعددية الحزبية وحرية المنافسة؛ ما جعلها تبدو «حالة نادرة» في منطقة لم تعد «الانقلابات» بها خبراً لافتاً. ولكن للمرة الأولى منذ ستة عقود تعرّضت الانتخابات الرئاسية في السنغال لتأجيل بدا مفاجئاً لكثيرين، وتسبب في احتقان الأفق السياسي، وإشعال ردود فعل غاضبة سواء على مستوى الشارع أو القوى الحزبية والمدنية، عندما أصدر الرئيس ماكي سال مطلع فبراير (شباط) الماضي قراراً بتأجيل الانتخابات الرئاسية إلى أجل غير مسمى بعدما كان مقرراً إجراؤها يوم 25 فبراير 2024.

قرار تأجيل الانتخابات الرئاسية السنغالية أشعل غضب أحزاب المعارضة، وسرعان ما انتقلت الأزمة إلى الشارع عبر مظاهرات شعبية سقط خلالها قتلى ومصابون إثر مصادمات مع قوات الشرطة، قبل أن يحسم المجلس الدستوري الصراع لصالح المسار الديمقراطي بقراره إجراء الانتخابات الرئاسية قبل نهاية شهر مارس (آذار) الحالي.

الآن، رغم انتهاء الفصل الحالي من الأزمة السياسية بإجراء الانتخابات الرئاسية قبل انتهاء فترة حكم الرئيس سال، تفتح الأزمة المجال أمام مراجعات قد تحتاج إلى مزيد من الجهد عقب وصول رئيس جديد إلى سدة الحكم؛ كي لا يتكرر مشهد الارتباك الذي أدى إليه قرار تأجيل الانتخابات.

معارضون يرفعون لافتات مؤيدة لعثمان سونكو (آ ف ب)

جذور الأزمة

وبينما يحاول كثير من المحللين ربط الأزمة السياسية الراهنة بقرار الرئيس سال إرجاء الانتخابات الرئاسية، يرى البعض أن الأزمة أعمق من ذلك؛ إذ ترجع إلى نتائج التعديلات الدستورية التي اعتُمدت عام 2016، وبموجبها قُلّصت الولاية الرئاسية إلى ولايتين فقط. وحقاً أقرّت التعديلات الدستورية بعدما بدأ الرئيس سال ولايته الأولى (عام 2012)، ونصّ الدستور السنغالي المعدل على أنه «لا يمكن لأحد أن يحكم البلاد أكثر من فترتين متتاليتين»، لكن سال قال عام 2021 إنه ينوي الترشح لولاية ثالثة، معتبراً أن هذه المادة لا تنطبق عليه باعتبار أن ولايته الأولى كانت قبل التعديلات الدستورية.

هذا الأمر أثار ردة فعل عنيفة سواء على مستوى الشارع أو من أحزاب المعارضة، وبالذات من رئيس حزب «باستيف» المعارض عثمان سونكو الذي دعا إلى النزول للشارع للوقوف أمام طموحات سال. وفعلاً، شهدت السنغال مظاهرات عنيفة شملت العاصمة دكار وعدداً من كبريات مدن البلاد، راح ضحيتها قتلى وجرحى، ثم تدخلت دبلوماسية المشيخة الصوفية وهيئات العلماء وأسهمت بإنهائها. وعندها أعلن الرئيس تخليه عن فكرة الولاية الثالثة، لكن إعلانه لم يقنع العديد من قطاعات الشارع السنغالي أو الطبقة السياسية بحسن نية الرئيس.

ثم أن الإجراءات التي اتبعتها السلطة بحق عثمان سونكو، الذي يُنظر إليه على أنه منافس بارز ويحظى بشعبية كبيرة بين الشباب السنغالي بسبب خطابه الشعبوي ومواقفه القوية ضد الفساد، كانت سبباً آخر في إثارة الكثير من المخاوف إزاء صدق نوايا السلطة في إجراء انتخابات تنافسية. إذ سُجن سونكو إثر اتهامه بعدد من التهم، بينها التمرد، التي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها «ذات دوافع سياسية»، ولا يزال هذا المعارض البارز قابعاً في السجن؛ ما حال دون ترشحه للانتخابات.

الرئيس ماكي سال (آ ف ب)

مشهد مرتبك

لم يلهب الوضع فقط استخدام السلطة الأحكام القضائية حجة لإبعاد بعض المرشحين الأقوياء من أحزاب المعارضة، بل استفحلت الأزمة من جديد عندما أصدر «المجلس الدستوري» السنغالي القائمة النهائية التي ضمت 20 مرشحاً رئاسياً، لكنها خلت من كريم واد زعيم الحزب الديمقراطي السنغالي (ونجل الرئيس السابق عبد الله واد) بحجة أنه ثنائي الجنسية، في حين أن اللائحة ضمّت مرشحة مزدوجة الجنسية هي روز ورديني (انسحبت لاحقاً). وللعلم، فإن «المجلس» هو السلطة الدستورية العليا في البلاد والجهة المخوّلة التصديق على انطباق شروط الترشح على الراغبين في خوض السباق الرئاسي.

ويوم 1 فبراير طالب نواب من الحزب الديمقراطي السنغالي بتشكيل لجنة برلمانية للتحقيق مع عضوين في «المجلس الدستوري» لاتهامها بالتواطؤ من أجل إبعاد كريم واد. وهذا ما استند إليه الرئيس سال لإصدار قراره بتأجيل الانتخابات؛ ما تسبب في اندلاع موجة من أعمال العنف سقط خلالها قتلى ومصابون.

مجلة «جون أفريك» الفرنسية المتخصصة في الشؤون الأفريقية، قدمت تحليلاً للمشهد المرتبك في السنغال، ليس فقط على مستوى الشارع، بل وحتى خلال إقرار البرلمان قرار تأجيل الانتخابات. إذ اشتبك النواب المؤيدون والمعارضون بالأيدي، وتدّخلت قوات الدرك لإخراج نواب المعارضة من قاعة البرلمان من أجل إصدار قرار التأجيل. وأشار تحليل المجلة الفرنسية إلى أن أفراد «المحيط السياسي» للرئيس سال أقنعوه بتأجيل الانتخابات الرئاسية حتى يتمكنوا من إيجاد وريث يكون قادراً على جمع الطيف السياسي من حوله.

وتابعت المجلة أن سال يدرك خطورة المصادقة على ترشيح باسيرو ديوماي فاي، بديل عثمان سونكو، الذي تدعمه الحركات الشبابية والنقابية، والذي بات يمثل «خطراً» على حظوظ آمادو با، مرشح حزب الرئيس، وبخاصة مع تنامي اقتناع الرئيس بأن مرشحه لن يتمكن من حسم السباق لصالحه؛ بسبب تصدّع معسكر النظام وافتقار ترشيح بالإجماع، إضافة إلى وجود مرشحيْن منشقين عن النظام الحاكم، هما الوزير الأول السابق محمد عبد الله ديون، ووزير الداخلية السابق علي نغوي ندياي.

كل هذه الملابسات أسهمت في دفع سال إلى الاقتناع بالتنسيق مع كريم واد، المقرّب من فرنسا، والذي يحظى بقبول كبير داخل دوائر «الدولة العميقة». وكان استبعاد ترشيح كريم واد، من جانب «المجلس الدستوري» قد استند إلى حمله الجنسية الفرنسية عندما قدم طلبه الترشح لمنصب الرئيس. ومع أن واد (ابن الرئيس السابق عبد الله واد من سيدة فرنسية) تخلى عن جنسيته الفرنسية، فإن الخطوة لم تتوافق مع مهل تقديم الترشيحات؛ ما فرض تأجيل الانتخابات، ثم الدعوة إلى موعد جديد، وفتح باب الترشح مجدداً «لإعادة ترتيب أوراق السباق» بما يخدم مصالح الرئيس سال، حسبما ادعاءات المعارضة. وعقب تصويت البرلمان بالموافقة على إجراء الانتخابات في ديسمبر (كانون الأول) من العام الحالي؛ ما يعني إدخال البلاد في حالة من الفراغ أو تمديد ولاية الرئيس سال - وهو ما تتمسك المعارضة برفضه - جاء قرار «المجلس الدستوري» بإبطال قرار البرلمان، وإلزام السلطات بإجراء الاستحقاق الرئاسي قبل نهاية مارس الحالي ليكون بمثابة «طوق نجاة».

كريم واد (آ ف ب)

لحظة فارقة

يرى عمر ندياي، الكاتب والباحث السنغالي، والمتخصص في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية، أن قرار تنظيم الانتخابات قبل نهاية الشهر الحالي «يمثل استعادة للنهج الديمقراطي الذي اتسمت بها البلاد على مدى 6 عقود». واعتبر لـ«الشرق الأوسط» أن قرار تأجيل الانتخابات «لم يكن يحظى بالإجماع بين الطبقة السياسية وحتى بين الرأي العام السنغالي؛ لأن الأسباب المقدمة ليست قوية».

وأضاف ندياي: «هذه هي المرة الأولى التي تشهد فيها الديمقراطية السنغالية، التي بُنيت على مدى العقود الأخيرة، مثل هذه اللحظة الفارقة... نعم، شهدت ديمقراطيتنا توترات مرات عدة، لكن الانتخابات الرئاسية كانت دائماً لحظة ساعدت في وضع حد لكل هذه الأزمات». وتابع أنه لم يسبق للسنغال من قبل اللجوء لتأجيل الاستحقاق الرئاسي في ظل أزمات سابقة، مستشهداً بما حدث عام 2012، عندما حدث انقسام في الطبقة السياسية حول الترشيح الثالث المتنازع عليه للرئيس عبد الله واد، مع توترات شديدة تسببت في سقوط قتلى. ولكن، يومذاك أُجريت الانتخابات بسلام وانتُخب ماكي سال. وأردف ندياي: «ما كان لهذا التأجيل أي سبب، خاصة أن الأسباب المذكورة (فساد مزعوم للقضاة الدستوريين) لا تصمد. نحن في وضع فريد من نوعه في تاريخنا السياسي الحديث، ولا نعرف إلى أين قد يقودنا».

تقويض الاستقرار

وتتشارك نسرين الصباحي، الباحثة بوحدة الدراسات الأفريقية في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، خلال تعليق لـ«الشرق الأوسط»، الرؤية المحذّرة من خطورة الوضع السابق الذي أدى إليه قرار تأجيل الانتخابات على مستقبل التجربة الديمقراطية في السنغال. إذ تشير إلى أن تأجيل الاستحقاق الرئاسي «كان بمثابة دفع للبلاد إلى مزيد من تصعيد المشهد المضطرب»، على الرغم من الضغوط الداخلية والخارجية العديدة. وازداد الوضع تعقيداً مع استبعاد زعماء المعارضة الرئيسيين من الانتخابات؛ ما أسهم بتقويض الاستقرار السياسي والسلام المجتمعي في دولة اعتُبرت طوال العقود الماضية «جزيرة الاستقرار ونموذجاُ للديمقراطية في منطقة غرب أفريقيا».

وأضافت الصباحي: «السنغال لم تتعرض لأي انقلاب عسكري منذ الاستقلال، فجرى تداول انتقال السلطة بشكل منتظم، كما أن تاريخها حافل بالتعددية الحزبية والانتقال السلمي من خلال صناديق الاقتراع»، وبالتالي، إجراء الانتخابات الرئاسية قبل انتهاء ولاية سال يأتي «انتصاراً لقيم الدولة ومسارها السياسي الديمقراطي».

وبالفعل، حافظ الجيش في السنغال على حياده سياسياً؛ إذ التزم منذ الاستقلال بالابتعاد عن التدخل في السياسة، وكان هذا من بين السمات المميزة للسنغال عن جيرانها في غرب أفريقيا. ثم أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن 85 في المائة من السنغاليين يعربون عن ثقتهم بالجيش، وهذه النسبة من بين أعلى المعدلات في القارة.

«سيناريو» فراغ السلطة

عودة إلى عمر ندياي، الذي يرى أن قرار إجراء الانتخابات قبل نهاية ولاية الرئيس الحالي في 2 أبريل (نيسان) المقبل «مثّل إخراجاً للبلاد من سيناريو فراغ السلطة الذي كان يهددها»، لا سيما وأن كل الحلول التي طُرحت سابقاً للخروج من الأزمة مثل تنظيم الانتخابات في يونيو (حزيران) المقبل، أو إمكانية بقاء الرئيس المنتهية ولايته لتنظيمها، كانت جميعها «موضع خلاف».

ويضيف الكاتب السنغالي: «كل السيناريوهات عدا إجراء الانتخابات تحمل بذور أزمة مؤسسية، وما كان ليقبلها أحد». ومن جهة ثانية، فإن الاهتمام بمسار الأحداث في السنغال لم يقتصر فقط على أبناء البلاد التي اجتازت العديد من أزماتها عبر احترام مبدأ التعايش السلمي والتعدد السياسي - فضلاً عن المسحة الصوفية التي تغلب على شعبها - بل امتد إلى كثيرين، في القارة الأفريقية. ولقد كان على السنغال أن تحسم خياراتها، فإما الحفاظ على إرث التداول السلمي للسلطة، أو الاستسلام لعدوى الاضطرابات المنتشرة بقوة في الغرب الأفريقي... ويبدو أن «مؤسسات الدولة» السنغالية حسمت بالعودة إلى إقرار الانتخابات الرئاسية مسارها المعتاد، حتى وإن انحرفت الأمور قليلاً.

وهكذا، قد تكون استعادة المسار بحد ذاته خبراً ساراً للسنغاليين وللمراهنين على إمكانية أن تترسخ تجربة ديمقراطية في «القارة السمراء».

على المستوى القاري، وقبيل العدول عن قرار التأجيل، حث رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي، السنغاليين على حل «خلافهم السياسي من خلال التشاور والتفاهم والحوار»، داعياً السلطات إلى «تنظيم الانتخابات بشفافية وسلام ووئام وطني». أما «المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا» (إيكواس)، التي لطالما اتخذها الرئيس ماكي سال منبراً للمطالبة بالديمقراطية في دول أفريقية تعاني عدوى الانقلابات، فكانت أعربت عن أسفها لما تمر به دكار من «خروج على مبادئ الديمقراطية»، وطالبت بالإسراع في الخروج من حالة «الانسداد السياسي الذي يؤدي إلى الفوضى».

وخارج أفريقيا، دخلت على الخط الولايات المتحدة، التي تعدّ أحد أبرز حلفاء السنغال، فاعتبرت الخارجية الأميركية التصويت لإرجاء موعد الانتخابات الرئاسية السنغالية «لا يمكن أن يعتبر شرعياً»، كما انتقدت كل من فرنسا وألمانيا ودول أخرى في الاتحاد الأوروبي قرار تأجيل الانتخابات. وعليه، لعل إعلان موعد إجراء الانتخابات قبل نهاية الشهر الحالي سيسعد تلك الأطراف المترقبة، بحسب عمر ندياي، الذي يرى أن التأثير الإقليمي للأزمة السنغالية كان «هائلاً»، ويلفت إلى معاناة جيران السنغال خلال السنوات الخمس الماضية من أزمات مؤسسية ناجمة عن الانقلابات العسكرية. ويضيف: «الجميع كان يأمل أن تقدّم السنغال درساً في الانتقال الديمقراطي والسلمي للسلطة... وكان من شأن تعذّر ذلك إعطاء العسكريين في بلدان غرب أفريقيا الفرصة لطرح أنفسهم كحل لأزمة الديمقراطية هذه».

أما الصباحي، فترى أن تداعيات الأزمة في السنغال لم تكن لتقتصر على إمكانية تقويض عقود من التقدم الديمقراطي في البلاد، بل ستنعكس أيضاً على المنطقة ككل، فهي ليست مجرد قضية داخلية، بل تحمل آثاراً إقليمية كبيرة، بل تُشكّل الأزمة السياسية في السنغال «اختباراً حاسماً للديمقراطية في عموم غرب أفريقيا؛ لكون السنغال نموذجاً قارياً للحكم الديمقراطي».



منطقة الساحل... ساحة صراع بين الغرب وروسيا

طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)
طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)
TT

منطقة الساحل... ساحة صراع بين الغرب وروسيا

طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)
طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)

يسدلُ الستارُ على آخر مشاهد عام 2024 في منطقة الساحل الأفريقي، ورغم أن هذه الصحراء الشاسعة ظلت رتيبة لعقود طويلة، فإن المشهد الأخير جاء ليكسر رتابتها، فلم يكن أحد يتوقع أن ينتهي العام والمنطقة خالية من القوات الفرنسية، وأن يحل محلها مئات المسلحين الروس، وأنّ موسكو ستكون أقربَ من باريس لكثير من أنظمة الحكم في العديد من بلدان القارة السمراء.ورغم أن الفرنسيين كانوا ينشرون في الساحل أكثر من 5 آلاف جندي لمحاربة الإرهاب، بينما أرسل الروس بدورهم مرتزقة شركة «فاغنر» للمساعدة في المهمة نفسها، التي فشل فيها الفرنسيون، فإن الإرهاب ما زال يتمدد، بل إنه ضرب في قلب دول الساحل هذا العام، كما لم يفعل من قبل.

لم يكن الإرهاب حجةً للتدخل العسكري الأجنبي فقط، وإنما كان حجة جيوش دول الساحل للهيمنة على الحكم في انقلابات عسكرية أدخلت الدول الثلاث، مالي، النيجر وبوركينا فاسو، في أزمة حادة مع جيرانها في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، انتهت بالقطيعة التامة وانسحاب الدول الثلاث من المنظمة الإقليمية التي كانت حتى وقت قريب تمثّلُ حلماً جميلاً بالاندماج والتكامل الاقتصادي.

بالإضافة إلى تصاعد الإرهاب والعزلة الإقليمية، حمل عام 2024 معه لدول الساحل تداعيات مدمرة للتغيّر المناخي، فضرب الجفاف كثيراً من المحاصيل الزراعية، وجاءت بعد ذلك فيضانات دمّرت ما بقي من حقول وقرى متناثرة في السافانا، وتسببت في موت الآلاف، وتشريد الملايين في النيجر وتشاد ومالي وبوركينا فاسو.

صورة وزعها الجيش الفرنسي لمقاتلين من المرتزقة الروس خلال صعودهم إلى مروحية في شمال مالي في أبريل 2022 (الجيش الفرنسي - أ.ب)

الخروج الفرنسي

الساحل الذي يصنّف واحدة من أفقر مناطق العالم وأكثرها هشاشة، كان يمثّلُ الجبهة الثانية للحرب الروسية - الأوكرانية، فكان مسرحاً للصراع بين الغرب وروسيا، وقد تصاعد هذا الصراع في عام 2024، وتجاوز النفوذ السياسي والاستراتيجي، إلى ما يشبه المواجهة المباشرة من أجل الهيمنة على مناجم الذهب واليورانيوم وحقول النفط، والموارد الهائلة المدفونة في قلب صحراء يقطنها قرابة 100 مليون إنسان، أغلبهم يعيشون في فقر مدقع.

يمكن القول إن عام 2024 محطة فاصلة في تاريخ الوجود العسكري الفرنسي في منطقة الساحل، خصوصاً أن الفرنسيين دخلوا المنطقة مطلع القرن التاسع عشر، تحت غطاء تجاري واقتصادي، ولكن سرعان ما تحوّل إلى استعمار عسكري وسياسي، هيمن بموجبه الفرنسيون على المنطقة لأكثر من قرن من الزمان، وبعد استقلال هذه الدول، ظلت فرنسا موجودة عسكرياً بموجب اتفاقات للتعاون العسكري والأمني.

ازداد الوجود العسكري الفرنسي في منطقة الساحل بشكل واضح، عام 2013، بعد أن توجّه تنظيم «القاعدة» إلى منطقة الساحل الأفريقي، ليتخذ منها مركزاً لأنشطته بعد الضربات التي تلقاها في أفغانستان والعراق، ومستغلاً في الوقت ذاته الفوضى التي عمّت المنطقة عقب سقوط نظام العقيد الليبي معمر القذافي عام 2011. حينها أصبح الفرنسيون يقودون «الحرب العالمية على الإرهاب» في الساحل، وأطلقوا عملية «سيرفال» العسكرية في يناير (كانون الثاني) 2013، التي تحوّلت عام 2014 إلى عملية «برخان» العسكرية التي كان ينفق عليها الفرنسيون سنوياً مليار يورو، وينشرون فيها أكثر من 5 آلاف جندي في دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد.

على وقع هذه الحرب الطاحنة بين الفرنسيين وتنظيم «القاعدة»، وانتشار الجنود الفرنسيين بشكل لافت في شوارع المدن الأفريقية، تصاعد الشعور المعادي لفرنسا في الأوساط الشعبية، ما قاد إلى انهيار الأنظمة السياسية الموالية لباريس، وسيطر عسكريون شباب على الحكم في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وكان أول قرار اتخذوه هو «مراجعة» العلاقة مع فرنسا، وهي مراجعة انتهت بالقطيعة التامة.

حزمت القوات الفرنسية أمتعتها وغادرت مالي، ثم بوركينا فاسو والنيجر، ولكن المفاجأة الأكبر جاءت يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 حين قررت تشاد إنهاء اتفاقية التعاون العسكري مع فرنسا، وهي التي ظلت دوماً توصف بأنها «حليف استراتيجي» للفرنسيين والغرب في المنطقة.

وبالفعل بدأ الفرنسيون حزم أمتعتهم ومغادرة تشاد دون أي تأخير، وغادرت مقاتلات «ميراج» الفرنسية قاعدة عسكرية في عاصمة تشاد، إنجامينا، يوم الثلاثاء 10 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، في حين بدأ الحديث عن خطة زمنية لخروج أكثر من ألف جندي فرنسي كانوا يتمركزون في تشاد.

ربما كان تطور الأحداث خلال السنوات الأخيرة يوحي بأن الفرنسيين في طريقهم إلى فقدان نفوذهم التقليدي في منطقة الساحل، ولكن ما يمكن تأكيده هو أن عام 2024 شكّل «لحظة الإدراك» التي بدأ بعدها الفرنسيون يحاولون التحكم في صيغة «الخروج» من الساحل.

صورة جماعية لقادة دول "الإيكواس" خلال قمتهم في أبوجا بنيجيريا يوم 15 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

لقد قرَّر الفرنسيون التأقلم مع الوضع الجديد في أفريقيا، حين أدركوا حجم الجهد الضائع في محاولة المواجهة والضغط على الأنظمة العسكرية المتحالفة مع روسيا، فهذه الأنظمة لا تتوقف عن «إذلال» القوة الاستعمارية السابقة بقرارات «استفزازية» على غرار اعتقال 4 موظفين بالسفارة الفرنسية في بوركينا فاسو، واتهامهم بالتجسس، وبعد عام من السجن، أُفرج عنهم بوساطة قادها العاهل المغربي الملك محمد السادس يوم 19 ديسمبر 2024.

وفي النيجر، قرَّر المجلس العسكري الحاكم، في يونيو (حزيران) 2024، إلغاء رخصة شركة فرنسية كانت تستغل منجماً لليورانيوم شمال البلاد، وسبق أن قرَّرت النيجر، على غرار مالي وبوركينا فاسو، منع وسائل الإعلام الفرنسية من البث في البلاد بعد أن اتهمتها بنشر «أخبار كاذبة».

يدخل مثل هذه القرارات ضمن مسار يؤكد أن «النقمة» تجاه الفرنسيين في دول الساحل تحوّلت إلى قرار نهائي بالقطيعة والخروج من عباءة المستعمِر السابق. وفي ظل مخاوف من اتساع رقعة هذه القطيعة لتشمل دولاً أفريقية أخرى ما زالت قريبةً من باريس، وضع الفرنسيون خطةً لإعادة هيكلة وجودهم العسكري في أفريقيا، من خلال تخفيض قواتهم المتمركزة في السنغال، وكوت ديفوار، والغابون، وجيبوتي.

أسند الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مهمة إعداد هذه الخطة إلى جان-ماري بوكل، حين عيّنه في شهر فبراير (شباط) 2024 مبعوثاً خاصاً إلى أفريقيا، وهي المهمة التي انتهت في نحو 10 أشهر، قدّم بعدها تقريراً خاصاً سلّمه إلى ماكرون، يوم 27 نوفمبر الماضي، ينصح فيه بتقليص عدد القوات الفرنسية المتمركزة إلى الحد الأدنى، وتَحوُّل القواعد العسكرية إلى «مراكز» أكثر مرونة وخفة، هدفها التركيز على التدريب العسكري، وجمع المعلومات الاستخباراتية، وتعزيز الشراكات الاستراتيجية.

الأميركيون أيضاً

حين كان الجميعُ يتحدَّث خلال العقدين الأخيرين عن الانتشار العسكري الفرنسي، والنفوذ الذي تتمتع به باريس في منطقة الساحل وغرب أفريقيا، كان الأميركيون حاضرين ولكن بصمت، ينشرون مئات الجنود من قواتهم الخاصة في النيجر؛ لمساعدة هذا البلد في حربه ضد جماعات مثل «القاعدة»، و«بوكو حرام»، و«داعش». واستخدم الأميركيون في عملياتهم قاعدة جوية في منطقة «أغاديز» خاصة بالطائرات المسيّرة التي تمكِّنهم من مراقبة الصحراء الكبرى وتحركات «القاعدة» من جنوب ليبيا وصولاً إلى شمال مالي.

ولا يزال الأميركيون أوفياء لاستراتيجية الحضور العسكري الصامت في أفريقيا، على العكس من حلفائهم الفرنسيين وخصومهم الروس، ولكن التحولات الأخيرة في منطقة الساحل أرغمتهم على الخروج إلى العلن، خصوصاً حين بدأت مجموعة «فاغنر» تتمتع بالنفوذ في النيجر. حينها أبلغ الأميركيون نظام الحكم في نيامي بأنه لا مجال لدخول «فاغنر» إلى بلد هم موجودون فيه.

وحين اختارت النيجر التوجه نحو روسيا و«فاغنر»، قرَّر الأميركيون في شهر أغسطس (آب) 2024 سحب قواتهم من النيجر، وإغلاق قاعدتهم العسكرية الجوية الموجودة في شمال البلاد.

وأعلن الأميركيون خطةً لإعادة تموضع قواتهم في غرب أفريقيا، فتوجَّهت واشنطن نحو غانا وكوت ديفوار وبنين، وهي دول رفعت من مستوى تعاونها العسكري مع الولايات المتحدة، وتسلّمت مساعدات عسكرية كانت موجهة إلى النيجر، عبارة عن مدرعات وآليات حربية.

دبابة فرنسية على مقربة من نهر النيجر عند مدخل مدينة غاو بشمال مالي يوم 31 يناير 2013 (أ.ب)

البديل الروسي

لقد كانت روسيا جاهزة لاستغلال تراجع النفوذ الغربي في منطقة الساحل، وهي المتمركزة منذ سنوات في ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى، فنشرت المئات من مقاتلي «فاغنر» في مالي أولاً، ثم في بوركينا فاسو والنيجر، كما عقدت صفقات سلاح كبيرة مع هذه الدول.

لكن موسكو حاولت في العام الماضي أن ترفع من مستوى تحالفها مع دول الساحل إلى مستويات جديدة. فبالإضافة إلى الشراكة الأمنية والعسكرية، كان الروس يطمحون إلى شراكة اقتصادية وتجارية.

ولعل الحدث الأبرز في هذا الاتجاه كان جولة قام بها وفد روسي بقيادة نائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك، نهاية نوفمبر الماضي، وقادته إلى دول الساحل الثلاث: مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

كان الهدف من الجولة هو «تعزيز الشراكة الاقتصادية»، مع تركيز روسي واضح على مجال «الطاقة». فقد ضم الوفد الروسي رجال أعمال وفاعلين في قطاع الطاقة، وسط حديث عن اتفاقات لإقامة محطات لإنتاج الطاقة الشمسية، تتولى شركات روسية تنفيذها في الدول الثلاث.

وفي شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وقَّع رؤساء مالي وبوركينا فاسو والنيجر اتفاقاً مع وكالة الفضاء الروسية، ستقدم بموجبه الوكالة الروسية لهذه الدول «صور الأقمار الاصطناعية»؛ من أجل تعزيز مراقبة الحدود وتحسين الاتصالات، أي أن روسيا أصبحت العين الرقيبة على دول الساحل بعد أن أُغمضت العين الفرنسية. هذا عدا عن نجاح روسيا في اللعب بورقة الأمن الغذائي، فكان القمح الروسي أهم سفير لموسكو لدى دول الساحل، وفي العام الماضي أصبحت موسكو أكبر مورِّد للحبوب لهذه الدول التي تواجه مشكلات كبيرة في توفير حاجياتها من الغذاء، فأصبح القمح الروسي يسيطر على سوق حجمها 100 مليون نسمة.

رغم المكاسب التي حققتها روسيا في منطقة الساحل الأفريقي، فإن عام 2024 حمل معه أول هزيمة تتعرَّض لها مجموعة «فاغنر» الخاصة، منذ أن بدأت القتال إلى جانب الجيش المالي، قبل سنوات عدة.

جاء ذلك حين تصاعدت وتيرة المعارك بين الجيش المالي والمتمردين الطوارق، إثر انسحاب مالي من اتفاقية الجزائر المُوقَّعة بين الطرفين عام 2015، ودخل الطرفان في هدنة بموجبها امتدت لقرابة 10 سنوات. لكن الهدنة انتهت حين قرر الماليون الزحف العسكري نحو الشمال حيث يتمركز المتمردون.

استطاع الجيش المالي، المدعوم من «فاغنر»، أن يسيطر سريعاً على كبريات مدن الشمال، حتى لم تتبقَّ في قبضة المتمردين سوى قرية صغيرة، اسمها تينزواتين، على الحدود مع الجزائر، وعلى مشارفها وقعت معركة نهاية يوليو (تموز) 2024، قُتل فيها العشرات من الجيش المالي و«فاغنر»، ووقع عدد منهم في الأسر.

كانت هزيمة مفاجئة ومذلة، خصوصاً حين نشر المتمردون مقاطع فيديو لعشرات الجثث المتفحمة، بعضها يعود لمقاتلين من «فاغنر»، كان من بينهم قائد الفرقة التي تقدّم الدعم للجيش المالي من أجل استعادة السيطرة على شمال البلاد.

طائرة ميراج فرنسية تُقلع من قاعدة في إنجامينا... (أ.ف.ب)

المفاجأة الأوكرانية

اللافت بعد هزيمة «فاغنر» والجيش المالي في «معركة تينزواتين» هو اكتشاف دور لعبته أوكرانيا في دعم المتمردين من أجل كسر كبرياء روسيا، من خلال إذلال «فاغنر»، وهو ما أكدته مصادر أمنية وعسكرية أوكرانية.

تحدَّثت مصادر عدة عن حصول المتمردين في شمال مالي على تدريب خاص في أوكرانيا، واستفادتهم من طائرات مسيّرة حصلوا عليها من كييف مكّنتهم من حسم المعركة بسرعة، بالإضافة إلى معلومات استخباراتية وفّرتها لهم المخابرات الأوكرانية وكان لها الأثر الكبير في الهزيمة التي لحقت بقوات «فاغنر» وجيش مالي.

لم يكن لأوكرانيا، في الواقع، أي نفوذ في منطقة الساحل الأفريقي، ولا يتجاوز حضورها سفارات شبه نائمة، لكنها وبشكل مفاجئ ألحقت بروسيا أول هزيمة على صحراء مالي، وأصبحت تطمح لما هو أكثر من ذلك. ولكن مالي أعلنت بعد مرور أسبوع على «معركة تينزواتين»، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع أوكرانيا، وتبعتها في ذلك النيجر وبوركينا فاسو، كما تقدَّمت مالي بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي تتهم فيها أوكرانيا بدعم «الإرهاب» في منطقة الساحل الأفريقي.

رغم مكاسب روسيا في الساحل، إلا إن عام 2024 حمل معه أول هزيمة لمجموعة «فاغنر» منذ أن بدأت القتال إلى جانب جيش مالي

قادة مالي الكولونيل أسيمي غويتا، والنيجر الجنرال عبدالرحمن تياني، وبوركينا فاسو النقيب إبراهيم تراوري خلال لقاء لـ "تحالف دول الساحل" في نيامي، عاصمة النيجر، يوم 6 يوليو الماضي (رويترز)

خطر الإرهاب

في 2024 كثّفت جيوش دول الساحل حربها ضد التنظيمات الإرهابية، ونجحت في تحقيق مكاسب مهمة، وقضت على مئات المقاتلين من تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، وقد ساعدت على ذلك الشراكة مع روسيا، حيث حصلت جيوش الساحل على أسلحة روسية متطورة، كما كان هناك عامل حاسم تَمثَّل في مسيّرات «بيرقدار» التركية التي قضت على مئات المقاتلين.

لكن الخطوة الأهم في الحرب، جاءت يوم 6 مارس (آذار) 2024، حين أعلن قادة جيوش دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو إنشاء «قوة عسكرية مشتركة»؛ لمواجهة الجماعات الإرهابية التي تنشط في المنطقة، خصوصاً في المناطق الحدودية، ما قلّص من قدرة التنظيمات الإرهابية على التنقل عبر الحدود.

في هذه الأثناء قرَّرت دول الساحل رفع مستوى هذا التعاون مطلع يوليو 2024، من خلال تشكيل «تحالف دول الساحل»؛ بهدف توحيد جهودها في مجال محاربة الإرهاب، ولكن أيضاً مواقفها السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، قبل أن تتجه نحو تشكيل عملة موحدة وجواز سفر موحد.

في غضون ذلك، لم تتوقف التنظيمات الإرهابية عن شنِّ هجماتها في الدول الثلاث، ولعل الهجوم الأهم في العام الماضي ذاك الذي نفَّذه تنظيم «القاعدة» يوم 17 سبتمبر الماضي ضد مطار عسكري ومدرسة للدرك في العاصمة المالية باماكو. شكّل الهجوم الذي خلّف أكثر من 70 قتيلاً، اختراقاً أمنياً خطيراً، أثبت من خلاله التنظيم الإرهابي قدرته على الوصول إلى واحدة من أكثر المناطق العسكرية حساسية في قلب دولة مالي.

في يوم 28 يناير 2024 أعلنت الأنظمة العسكرية الحاكمة، في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، الانسحاب من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، التي فرضت عقوبات ضد دول الساحل إثر الانقلابات العسكرية التي وقعت فيها، وفي يوليو عادت لتُشكِّل «تحالف دول الساحل».

يؤكد التحالف الجديد رغبة هذه الدول في الانسحاب من المنظمة بشكل نهائي، ولكنه في المقابل يرسم ملامح الصراع الدولي في المنطقة. فتحالف دول الساحل يمثّل المحور الموالي لروسيا، أما منظمة «إيكواس» فهي الحليف التقليدي لفرنسا والغرب.

ورغم أن منظمة «إيكواس» في آخر قمة عقدتها خلال ديسمبر الحالي، تركت الباب مفتوحاً أمام تراجع دول الساحل عن القرار، ومنحتها مهلة 6 أشهر، إلا أن القادة العسكريين لدول الساحل ردوا على المنظمة بأن قرارهم «لا رجعة فيه».