بيليه في سن الثلاثين.. من مقاعد البدلاء إلى صفوف المنتخب الإيطالي

مهاجم ساوثهامبتون الذي نضج «مؤخرا» وأعاد اكتشاف نفسه من جديد

بيليه يتألق مع ساوثهامبتون (رويترز)  -  بيليه أثبت جدارته بالانضمام إلى المنتخب الإيطالي (أ.ب)
بيليه يتألق مع ساوثهامبتون (رويترز) - بيليه أثبت جدارته بالانضمام إلى المنتخب الإيطالي (أ.ب)
TT

بيليه في سن الثلاثين.. من مقاعد البدلاء إلى صفوف المنتخب الإيطالي

بيليه يتألق مع ساوثهامبتون (رويترز)  -  بيليه أثبت جدارته بالانضمام إلى المنتخب الإيطالي (أ.ب)
بيليه يتألق مع ساوثهامبتون (رويترز) - بيليه أثبت جدارته بالانضمام إلى المنتخب الإيطالي (أ.ب)

ازدهر أداء المهاجم الإيطالي لدى نادي ساوثهامبتون، غراتسيانو بيليه، في الفترة الأخيرة على نحو ملحوظ. وجاء ذلك بعدما واجه حقيقة أنه لا يبذل جهدا كافيا.
منذ أربع سنوات، بدا واضحًا أن غراتسيانو لا يمضي نحو أي هدف محدد بحياته بسرعة كافية. آنذاك، كان وهو في منتصف العشرينات من عمره لاعبا احتياطيا في فريق بارما، ومع ذلك لم يبد أنه استغل أي من الإمكانات التي أبداها في بدايته عندما كان مراهقًا. وفي لحظة ما، دفعته نظرة تأنيب من والده وتوبيخ ساخر من وكيل أعماله إلى بذل مزيد من الجهد الجاد. وعن ذلك قال: «دائمًا ما كان لدي اعتقاد بأنني لاعب جيد، لكن الاعتقاد بأمر ما شيء، والقدرة على إظهاره بالفعل شيء آخر تمامًا. لقد كنت لاعبًا جيدًا، لكنني افتقرت إلى الصلابة. وقد ساعدني وكيل أعمالي كثيرًا، حيث أخبرني أنني لست متشوقًا بما يكفي للنجاح. إنني بطبيعتي شخص معتد بنفسه، لذا مستني هذه العبارة كثيرًا، لذا أجبته: حسنًا، سأظهر لكم ما يمكنني تحقيقه». وأضاف: «أيضًا أسرتي مهمة للغاية بالنسبة لي... وعندما كنت لا أشارك باللعب كثيرًا، لم أكن سعيدًا برؤية والدي حزينًا. وقال لي والدي: لا تستمر في إجازتك تلك. إنه لم يقل لي (أنت لا تشارك باللعب)، وإنما اختار لهجة أكثر لينًا لرغبته في توجيهي بالحياة عمومًا، وليس فقط في ما يخص لعب كرة القدم، لكنه بالطبع كان مدركًا لامتلاكي بعض المهارة، ولم يرغب في أن أهدر المجهود الجاد الذي بذله من أجلي». الملاحظ بالفعل في الفترة الأخيرة أن بيليه نجح في تعزيز قدرته على التركيز، لكن انطلاقته الحقيقية جاءت عندما كان في عطلة في إبيزا، حيث التقى صدفة بصديق لنجل رونالد كومان الذي كان يتولى حينها تدريب نادي فينورد. وعمل بيليه لفترة وجيزة مع كومان في النادي الهولندي إي زد ألكمار، حيث لعب في خط الهجوم بداية من عام 2007 عندما انتقل إليه من ناديه الأصلي، ليتشي.
وذكر بيليه أنه لدى مقابلته هذا الصديق في إبيزا قال له: «أبلغ رونالد كومان تحياتي وأخبره أن ينقلني إلى فينورد!» ومع أن هذه كانت مجرد عبارة عابرة، فإنها تحققت نهاية الأمر. وقد كانت عطلة جيدة بحق! وبالفعل، نجح كومان في نقل بيليه إلى فينورد عام 2012، في البداية على سبيل الإعارة، ثم أصبح الانتقال دائمًا. ولاحقًا، جعل المدرب الهولندي من المهاجم الإيطالي واحدًا من أوائل اللاعبين الذين انتقلوا إلى ساوثهامبتون في أعقاب توليه مسؤولية تدريب الفريق العام الماضي. ولم تكن فترة وجود بيليه في صفوف ألكمار مثمرة. وكان بيليه قد انضم إلى هذا النادي في عهد سلف كومان، لويس فان غال. وقد وصف بيليه فان غال بأنه «مدرب جيد ويملك عقلية قوية ويهتم بالتفاصيل وبإمكان اللاعب تحسين أداءه كثيرًا تحت قيادته». ومع ذلك، من الواضح أن كومان هو من اكتشف بداخله المهاجم الشرس المتعطش دومًا لإحراز الأهداف. وعن كومان، قال بيليه: «لقد بث في نفسي الثقة، وتركني أشارك باللعب حتى في الفترات التي لم أكن فيها أستحق المشاركة باللعب بمثل ذلك المعدل المتكرر. كما أعطاني فرصة جيدة لأن أصبح المهاجم الرئيس». وأضاف: «دائمًا أقول إنه إذا كان موجودا هنا في ساوثهامبتون، فذلك كان من أجلي وبسبب أني أحرزت 60 هدفًا (في فينورد)».
الآن، يعد بيليه المهاجم الرئيس في ساوثهامبتون، حيث يضطلع بالدور الذي أخفق فيه داني أوزفالدو، اللاعب الإيطالي الدولي الذي انضم للنادي مقابل مبلغ خيالي عام 2003. والواضح أن ساوثهامبتون أصبح يعتمد بشدة على بيليه. أما هو فتغمره السعادة نتيجة المسؤولية الموكلة إليه، في الوقت الذي لا يجتذب النادي الواقع على الساحل الجنوبي للبلاد إلى على قدر معقول من الاهتمام الإعلامي. وعن ذلك قال بيليه: «هنا ليس مانشستر، حيث يتحدث الجميع بعد كل مباراة يكون الأداء فيها سيئا، ويعبرون عن آراءهم. وأضاف مهاجم ساوثهامبتون: «لقد جئت من إيطاليا، حيث تتمركز الضغوط فوق رأسك، لكن الوضع هنا مريح والأجواء بوجه عام مريحة. يحرص الجميع على العمل بجد بدءا من الطبيب وصولاً إلى فريق التدريب. هناك أشخاص رائعون يعملون حولنا ويمنحوننا شعورًا بأن الأداء الجيد يعتمد في النهاية علينا نحن فحسب لأنهم يوفرون لنا كل ما نحتاج إليه. لذا فإن الأمر يعود إليك أن تعمل بجد لتحقيق ما تبغيه. لقد أصبحت أكثر نضجًا الآن، وأعرف تمامًا ما أريده».
والآن، يتركز ما يريده بيليه في تقديم دليل على صحة موقف كومان والنادي منه وثقتهم به. كما أنه يعي تمامًا كيف يجري تقديره. وقال: «إذا أديت مباراة سيئة للغاية لكن سجلت هدفًا، ستجد في اليوم التالي صوري على جميع الصفحات الأولى بالصحف. وهذا جزء جيد من اللعب كمهاجم، إلا أنه في المقابل يمكن أن تقدم مباراة رائعة لكن لا تسجل خلالها أهدافا. وبعدها ستواجه انتقادات وسيقول الناس: «كان أداؤه سيئًا». كمهاجم، عليك أن تحرز أهدافا. وأنت تدرك أن اللاعبين الواقفين خلفك يريدون منك فعل ذلك. ورغم أنه ربما ليس من الضروري أن أسجل 30 هدفًا مع الفريق كي يقول الآخرون إن أدائي جيد، فإن الحقيقة تظل أنني مهاجم، وبحلول نهاية المباراة ولم أسجل هدفًا ولم أساعد في إحراز هدف، وهذا الأمر يظل محفورًا بداخلي لأنني شخص طموح بطبيعته». بعدما بدأ في الضغط على نفسه، وإن كان ذلك جاء متأخرا، للوصول إلى طموحاته، يبدي بيليه، 30 عامًا، استمتاعه بالكرة الإنجليزية لأنها لا تسمح له بالفتور والاسترخاء، الأمر الذي أدركه حتى قبل انطلاق الموسم الحالي لبطولة الدوري الإنجليزي الممتاز. وقال: «خضنا مباريات مع أندية كبيرة وأندية أقل قوة من الناحية العملية، وكانت كلها صعبة. لم يكن المهم من هو النادي الذي كنا نواجهه، لأن جميع المباريات كانت صعبة. وجعلني ذلك أركز على اللعب وأقول لنفسي: «لا يمكن أن أهدأ ولو للحظة خلال هذه المنافسة»... أحيانا ربما كنت أبدي قوة أكبر عن اللاعبين الآخرين لأنهم أصغر سنًا، لذا فإنه حتى عندما أبذل مجهودا بنسبة 80 في المائة أقدم الأداء الذي اعتدت تقديمه سابقا عندما كنت أبذل مجهودًا بنسبة مائة في المائة، لكن هنا في إنجلترا كل نسبة صغيرة لها أهميتها لأن جميع اللاعبين بجميع الفرق يتميزون بقدر كبير من التنافسية». واستطرد بقوله: «آمل في أن أستمر في تقليل نسبة الأخطاء داخل الملعب وأن أركز دومًا على التفاصيل الصغيرة التي تدفعك للعمل بجد أكبر خلال الأسبوع الذي تتهيأ خلاله للمباراة. إنني أدرك الآن كثيرا من الأشياء التي تحتاج إلى وقت لإدراكها. إنني شخص يملك عقلية منفتحة للغاية وأعشق السفر والاطلاع على ثقافات مختلفة بحيث يمكنني التكيف مع الحياة بمكان آخر من العالم. لقد استمتعت بالقدوم إلى إنجلترا والمشاركة في أفضل منافسة كروية على مستوى العالم».
جدير بالذكر أن ساوثهامبتون اختتم الموسم الماضي في المركز السابع، وعلى الرغم من خوض سوق انتقالات هادئ هذا الصيف، بينما دعمت أكثر الفرق صفوفها، أعرب بيليه عن ثقته أن النادي سيقدم أداء جيدًا هذا الموسم أيضا. وقال: «ليس من السهل قول إن جميع الفرق تدعم نفسها الآن ولها تشكيل قوي، فإن الاختلافات بينها أصبحت شديدة الضآلة. نيو كاسل فريق رائع، لكنه يناضل الآن للتعافي. وفي المراكز المتقدمة لدينا ليسستر ووست هام! وهذا أيضًا من الأمور الرائعة في هذا الدوري. ورغم أنه لا يمكنني أن الجزم بما سيحققه ساوثهامبتون هذا الموسم، لكنني على يقين من أننا سنقدم موسما آخر رائعا». وحسب ما هو متفق عليه الآن، فإنه من المقرر بنهاية الموسم أن ينتقل بيليه للمشاركة في بطولة أمم أوروبا باعتباره المهاجم الذي يمثل الاختيار الأول للفريق الوطني الإيطالي. وبذلك يتضح أن ازدهار أدائه في صفوف ساوثهامبتون كان له مردود طيب في بلاده. وقاله بيليه: «كانت هناك فترة في مشواري الكروي لم أقدم خلالها أداء جيدًا ولم أكن أشارك باللعب بالقدر الكافي، وكنت أشاهد الفريق الوطني الإيطالي يفوز ببطولة كأس العالم وما إلى غير ذلك، وأتساءل في نفسي: (لماذا لا يمكنني المشاركة معهم؟)، لكنني كنت مدركًا لحقيقة أنني لو مضيت في فعل ما أفعل - وأعني بذلك عدم المشاركة في اللعب وعدم تقديم أداء جيد - ربما لن أشارك قط مع الفريق الوطني. إلا أنه عندما بدأت أقدم أداء طيبًا ثم انتقلت إلى هنا، قلت لنفسي: (يمكنني الآن الانضمام إليهم). وبالفعل، أعطاني مدرب الفريق الوطني فرصة اللعب وقدمت أداء جيدًا في غالبية الوقت. والآن، أحاول التشبث بقميصي. إنه شعور مذهل!».



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».