في مؤتمر «تاريخي» لمجلسي الشيوخ والنواب في قصر فرساي، عصر الاثنين، بطلب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تم التصويت بنسبة تزيد على ثلاثة أخماس لصالح إدراج حق الإجهاض للنساء في الدستور. وبيّن فرز الأصوات أن 780 برلمانياً صوتوا لصالح القانون من أصل 925 برلمانياً، وبذلك تكون فرنسا أول دولة في العالم تعمد إلى هذا الإجراء رداً على ما حصل في الولايات المتحدة الأميركية في 24 يونيو (حزيران) 2022، عندما نقضت المحكمة العليا هذا الحق للنساء الأميركيات على المستوى الوطني.
ووفق المركز الأميركي لحق الإنجاب، فإن 77 دولة في العالم تتيح ممارسة الإجهاض من غير قيود، من بينها كل الدول الأوروبية باستثناء بولندا وجزيرة مالطا. وللاحتفال بهذا الإنجاز، عمدت بلدية باريس إلى إضاءة برج إيفل الشهير في قلب العاصمة، كما نصبت شاشات عملاقة في ساحة حقوق الإنسان (في ساحة تروكاديرو الواقعة في الدائرة السادسة عشرة) لتمكين المواطنين من متابعة مجريات مؤتمر باريس والكلمات التي ألقيت وعملية التصويت. وفي الوقت عينه، وقرب مدخل القصر تجمع المئات من النساء والرجال للتظاهر وللضغط على البرلمانيين من أعضاء المجلسين، وحضهم على رفض المشروع الحكومي.
وتجدر الإشارة إلى أن رئيسة مجموعة النواب التابعين لحزب «فرنسا الأبية» (اليسار المتشدد) هي في الأساس من قدم الصياغة الأولى لمشروع القرار. ورغم ذلك، فإن رئيس الحكومة، غبريال أتال، تجاهل مساهمتها رغم تعداد النساء اللواتي ناضلن من أجل حقوق المرأة في السنوات الستين الأخيرة.
يأتي هذا التطور تحديداً بعد مرور 50 عاماً على القانون الذي يحمل اسم وزيرة الشؤون الاجتماعية سيمون فيل، وأجاز الإجهاض الذي كان يتم سابقاً في الخفاء.
وخلال الجلسة البرلمانية المشتركة، تحدث إلى جانب رئيسة مجلس النواب يائيل براون ــ بيفيه، 18 خطيباً يمثلون الـ18 مجموعة برلمانية في مجلسي النواب والشيوخ. وكدليل على التقدم الذي أحرزته المرأة في المجتمع الفرنسي، أشارت براون ــ بيفيه إلى أنها أول امرأة تحتل منصب رئيسة مجلس النواب وأول امرأة ترأس مؤتمراً كالذي حصل في قصر فرساي. وفي المقابل، فإن امرأتين شغلتا منصب رئيسة الحكومة وهما أديث كريسون، زمن رئاسة الرئيس الاشتراكي فرنسوا ميتران، وإليزابيث بورن التي عينها الرئيس ماكرون وتركت منصبها لغابريال أتال.
وأعربت براون ــ بيفيه عن «فخرها وسعادتها» بما حصل وتوجهت لنساء فرنسا قائلة: «نقول لنساء فرنسا إننا لن نتراجع أبداً». وتفيد الإحصائيات الدولية بأن امرأة تموت كل تسع دقائق في العالم بسبب عملية إجهاض تتم سراً وفي ظروف طبية متدهورة.
ورغم الأكثرية الكاسحة التي صوتت لصالح تعديل الدستور، فإن الآراء تنوعت داخل المجموعات النيابية. والمعروف تاريخياً أن اليسار الفرنسي هو الذي شكل دوماً القوة الدافعة باتجاه حق المرأة بالإجهاض، بينما تشهد التشكيلات اليمينية أصواتاً معارضة، وغالباً تحتمي وراء أسباب دينية، علماً بأن الكنيسة أيضاً تعارض الإجهاض.