روسيا تدعو المعارضة لمحاورة النظام.. وتؤكد أن بقاء الأسد «ليس أمرًا مبدئيًا»

أعلنت عن «موسكو 3» الأسبوع المقبل.. والمعارضة بالداخل والخارج تنفي تلقيها دعوات

أحد عناصر فيلق الشام يحمل قنبلة يدوية الصنع استعدادا للمواجهات (غيتي)
أحد عناصر فيلق الشام يحمل قنبلة يدوية الصنع استعدادا للمواجهات (غيتي)
TT

روسيا تدعو المعارضة لمحاورة النظام.. وتؤكد أن بقاء الأسد «ليس أمرًا مبدئيًا»

أحد عناصر فيلق الشام يحمل قنبلة يدوية الصنع استعدادا للمواجهات (غيتي)
أحد عناصر فيلق الشام يحمل قنبلة يدوية الصنع استعدادا للمواجهات (غيتي)

تسارعت التطورات والمواقف السياسية من الأزمة السورية بعيد اجتماع فيينا الذي عُقد الأسبوع الماضي، مع إعلان روسيا أمس عن إتمام استعداداتها لدعوة طرفي النظام والمعارضة السورية إلى مشاورات تعقد في موسكو الأسبوع المقبل، بالتزامن مع تأكيد المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية أن بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة لا يعتبر أمرا مبدئيا للروس.
ويصل إلى العاصمة الروسية موسكو اليوم (الأربعاء) المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، حيث سيجري محادثات مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ومسؤولين آخرين، يتناول خلالها آليات تطبيق ما تم الاتفاق عليه خلال لقاء فيينا يوم 30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لا سيما المبادئ المتعلقة بإجراء حوار بين المعارضة والحكومة السوريتين، في إطار مجمل المساعي لإطلاق العملية السياسية في سوريا.
وقالت ماريا زاخاروفا الناطقة الرسمية باسم الخارجية الروسية إن اللقاء سوف يتطرق أيضا إلى «مجمل تطورات العملية السياسية في سوريا، وإطلاق حوار واقعي بين دمشق والمعارضة السورية».
وبينما كانت الأطراف السورية المعنية تنتظر أن تبادر الأمم المتحدة لدعوة النظام والمعارضة السورية لاجتماع في جنيف أو النمسا تطبيقا لمقررات فيينا 2، وبالتحديد ما نص عليه البند السابع، أعلن ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي أن بلاده ستدعو ممثلي المعارضة الأسبوع المقبل إلى مشاورات في موسكو، لافتا إلى أن الاجتماع «قد يُعقد بحضور ممثلين عن الحكومة». وقال: «ليست هناك مشكلة من طرف الحكومة، فقد وافقت منذ زمن طويل. حاليا نحن على اتصال مع ممثلي مختلف منظمات المعارضة السورية كي تأتي إلى موسكو».
من جهتها، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن بقاء الأسد في السلطة لا يعتبر أمرا مبدئيا لروسيا. وأوضحت زاخاروفا في مقابلة مع إذاعة «صدى موسكو» ردا على سؤال إن كان مبدئيا لروسيا الإبقاء على الأسد في السلطة: «أبدا، لم نقل هكذا أبدا». وقالت: «مصير الأسد يجب أن يحلّه الشعب السوري»، مضيفة: «نحن لا نحدد إن كان على الأسد الرحيل أو البقاء».
كما أكدت زاخاروفا أن هناك «توافقا جزئيا بين روسيا والولايات المتحدة والسعودية حول المعارضة السورية التي يمكن إجراء مفاوضات معها». وأوضحت أنه «في بعض الأمور يحصل توافق، وفي بعضها الآخر يعتبرون أن هناك ضرورة لإضافة أحد ما أو حذف»، من قوى المعارضة.
وقالت ردا على سؤال إن كانت قوائم المعارضة السورية لدى روسيا تتوافق مع مثلها لدى الولايات المتحدة والسعودية إنه «لم تتم مقارنة اللوائح، فهذه عملية، وقد بوشر العمل فيها، وكل ذلك مثبت في الإعلان الذي اتخذ، في فيينا»، مشيرة إلى أنه تم بالفعل استحداث آلية عمل فعالة خلال المحادثات حول سوريا في فيينا.
وذكرت صحيفة «كومرسانت» الروسية أن قائمة المدعوين من المعارضة تضم في الأغلب أعضاء سابقين وحاليين في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، لافتة إلى أن القائمة تضم «الرئيس السابق للائتلاف معاذ الخطيب والرئيس الحالي خالد خوجة إلى جانب ممثلين عن مجموعة مختلفة من الجماعات السياسية والدينية والعرقية من بينها جماعة الإخوان المسلمين وحركة مسيحية مؤيدة للديمقراطية».
وقاطع الائتلاف السوري المعارض المنتديين التشاوريين موسكو 1 وموسكو 2 اللذين عقدا في يناير (كانون الثاني) وأبريل (نيسان) الماضيين، فيما حضرتهما هيئة التنسيق المعارضة وشخصيات أخرى. ولم يحدد بوغدانوف مجموعات المعارضة التي ترغب موسكو بدعوتها للمشاركة في اللقاء التشاوري الجديد المحتمل، إلا أنه من الواضح أن الدبلوماسية الروسية ستقوم بتوجه الدعوات حصرًا لتلك القوى التي تضمنتها «القائمة الروسية لقوى المعارضة السورية» والتي صرحت ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم الخارجية الروسية بأنه تم إرسالها إلى الشركاء في لقاء فيينا.
لكن بعد دخول موسكو عسكريا إلى سوريا لدعم النظام السوري، ستعيد معظم شخصيات المعارضة التي شاركت في لقاءات موسكو السابقة حساباتها وعلى رأسها هيئة التنسيق. وأكدت مصادر قيادية في الهيئة لـ«الشرق الأوسط» أنّها ليست بصدد المشاركة بأي اجتماع تحت مسمى موسكو 3 يكون على شاكلة الاجتماعين السابقين اللذين عقدا في روسيا، لافتة إلى أن «أي لقاء يعقد بين النظام والمعارضة يجب ألا يتم في موسكو التي باتت طرفا في الصراع بل في جنيف أو فيينا أو سواها من دول العالم».
وبينما نفت المصادر توجيه دعوة من قبل موسكو للهيئة للمشاركة بلقاء موسكو 3، شدّدت المصادر على أنّها لن تشارك أصلا بأي مفاوضات لا يكون أساسها بيان جنيف 1 وبالتحديد السعي لتشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات تحدد بوقت لاحق مصير الأسد.
بدوره، أكد الدكتور هشام مروة، نائب رئيس الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية، أن الائتلاف لم يتسلم أي دعوات، مرجحا، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن المدعوين سيكونون ممن وصفهم بـ«قوى المعارضة المؤيدة للدور الروسي».
من جهته، قال الرئيس السابق للائتلاف الوطني معاذ الخطيب: «لست مدعوًا ولا علم لي بهذا اللقاء إلا من خلال وسائل الإعلام»، الأمر ذاته كرره متحدث من لجنة مؤتمر القاهرة للمعارضة السوري، قائلاً: «لم توجه أي دعوات»، موضحًا أن ما قاله بوغدانوف هو أن عقد لقاء كهذه أمر محتمل.
وبما يشبه الانقضاض على أي فرصة متاحة لإعادة دوران عجلة المفاوضات بين طرفي الصراع السوري، أعلن فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري، من طهران عن تخلي النظام السوري عن مرجعية جنيف 1 لصالح بنود فيينا 2، ضاربا بعرض الحائط الطروحات التي تتحدث عن «حكومة ومرحلة انتقالية»، قائلا إن هذه الطروحات «موجودة فقط في أذهان من لا يعيشون على أرض الواقع»، مشددا على أن ما يطرحه النظام السوري حاليا بموضوع المفاوضات هو «حكومة موسعة وحوار وطني».
واعتبرت مصادر «هيئة التنسيق» أن ما صدر عن المقداد من طهران أكبر دليل على عدم جدية النظام في الدخول بأي مفاوضات سياسية خاصة وبعد الإطاحة بطرح الحكومة الانتقالية.
وأعلن نائب وزير الخارجية السوري خلال زيارته إيران أمس الثلاثاء رفضه فكرة فترة انتقالية لحل الأزمة في بلاده قائلا: إنها «موجودة فقط في أذهان من لا يعيشون على أرض الواقع»، وقال: «نحن نتحدث عن حوار وطني في سوريا وحكومة موسعة وعملية دستورية ولا نتحدث نهائيا عما يسمى بفترة انتقالية».
ونفى المقداد أيضا تلقي النظام أي دعوة رسمية «فيما يخص لقاء الحكومة السورية مع المعارضات»، وهو ما نفاه كذلك هشام مروة، نائب رئيس الائتلاف مستغربا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» قيام موسكو بالدعوة للقاء يجمع المعارضة والنظام: «فيما كنا ننتظر أن تقوم الأمم المتحدة بهذه المهمة تبعا لما ورد في مقررات فيينا 2».
ونبّه مروة من «محاولة النظام وموسكو وطهران مجتمعين تجاوز مرجعية جنيف 1 والالتفاف عليها، من خلال التسويق لكون أي حل مرتقب يشمل فقط تشكيل حكومة جديدة على أن يتم الحديث عن تعديلات دستورية بوقت لاحق». وقال: «أي معارضة تحترم نفسها تقبل المشاركة باجتماع تدعو إليه دولة تقصف شعبها وتحتل بلدها؟»، معربا عن أسفه لكون بعض شخصيات المعارضة «مغلوبة على أمرها ويتم اقتيادها إلى موسكو تحت ظروف غير طبيعية». وشدّد نائب رئيس الائتلاف على أن «السبيل الوحيد لإجبار النظام على الجلوس على طاولة المفاوضات والبحث بمستقبل سوريا وفق مرجعية جنيف 1. هو العمل على إحداث تعديل في ميزان القوى على الأرض وذلك لا يمكن أن يحصل إلا بدعم عسكري تقدمه الدول أصدقاء سوريا للجيش الحر، باعتبار أن كل الطروحات السياسية التي يتم التداول بها حاليا هي غير جدية وتهدف لكسب الوقت لإبادة المعارضين».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.