«برامج الطهي» في مصر تروّج لأكلات شعبية «موفّرة»

من بينها «المسقعة النباتي» والبصارة وكفتة البطاطس

إقبال شديد على تحضير المأكولات النباتية في مصر بسبب الظروف الاقتصادية (الشرق الأوسط)
إقبال شديد على تحضير المأكولات النباتية في مصر بسبب الظروف الاقتصادية (الشرق الأوسط)
TT

«برامج الطهي» في مصر تروّج لأكلات شعبية «موفّرة»

إقبال شديد على تحضير المأكولات النباتية في مصر بسبب الظروف الاقتصادية (الشرق الأوسط)
إقبال شديد على تحضير المأكولات النباتية في مصر بسبب الظروف الاقتصادية (الشرق الأوسط)

بقليل من الفلفل الأخضر والثوم، والصلصة والبهارات، يستهل الشيف الشربيني بأسلوبه المعهود، طريقة عمل المسقعة النباتي، من دون لحوم، وذلك بقصد طرح بدائل أرخص ثمناً بالنسبة لربات البيوت. فما تطرق إليه الشيف شربيني خلال برنامج على فضائية «سي بي سي» هو إعداد أطباق توصف بأنها أكلات شعبية باتت في الآونة مرغوبة بسبب ارتفاع أسعار اللحوم، مما جعل عدة طهاة يتبارون على تقديم أصناف مكونة من الخضراوات.

إقبال شديد على تحضير المأكولات النباتية في مصر بسبب الظروف الاقتصادية (الشرق الأوسط)

ويشير الشيف الشربيني في حديث إلى «الشرق الأوسط» إلى أن الترويج للأصناف «الموفرة» من قبيل «مساعدة المواطنين على إعداد أطباق متنوعة بتكاليف بسيطة لمواجهة ارتفاع أسعار السلع الغذائية». ودائماً ما يشاغب الشيف شربيني مشاهديه، وهو يعد لوصفاته، خلال تقليب البصل والثوم في الزيت على النار، ويضيف إليهما الباذنجان، والبطاطس المكعبات، والفلفل الأخضر والأحمر، والثوم، والطماطم، والصلصة، والبهارات، والفلفل الأسود، لينتج في النهاية طبقاً شهياً من المسقعة.

الشيف شربيني يعتمد على الخضراوات في وصفاته (الشرق الأوسط)

كما يهتم شربيني بتقديم طريقة تحضير «البصارة» التي تعد إحدى الأكلات المصرية التراثية، بمكونات بسيطة، مكونة من الفول المدشوش، والبصل، والثوم، مع الشبت والكزبرة الخضراء، والنعناع، والكمون، والبصل المحمر للتزيين، وبطريقة تحضير سهلة، إذ يتم «سلق» الفول المدشوش على النار مع كوبين من الماء مع الثوم والبصل والخضراوات والتوابل، وفي طاسة أخرى نحمر البصل والثوم والسكر مع الزيت وتزين بها البصارة وتقدم ساخنة مع الخبز البلدي المحمص.

الباذنجان من المكونات التي يعتمد عليها الطهاة في الأطباق النباتية (الشرق الأوسط)

الترويج للأطباق «الموفرة» ارتبط عند الطهاة ببرامج الطهي بفكرة التجديد في المكونات وطريقة الطهي، لتصبح النتيجة أصنافاً متنوعة بنكهات جديدة، وخلال برنامجها «مطبخ هالة» على قناة النهار، قدمت الشيف هالة فهمي أصنافاً عدة تخللتها فكرة التجديد، منها، «صينية العجة»، التي يتم تسويتها في الفرن، وتتكون من لبن، وبصل مفروم، وطماطم، وفلفل أخضر حامي أو رومي، وبقدونس، وكزبرة مفرومة، وبيض مع دقيق «طحين»، ويتم تحضيرها بطريقة سهلة، حيث تخلط جميع المكونات، وتدخل الفرن لتسويتها.

ومن بين الأصناف التي حظيت باهتمام برامج الطبخ «اللانشون النباتي» من دون لحوم، الذي قدمه الشيف محمد أبو حامد، عبر برنامجه «المطعم» على فضائية «بانوراما فوود»، ويتكون من بيض، وجبنة مثلثات، وزيت، ودقيق، ونشا، وبهارات بنكهة اللحمة، ومرقة دجاج بودر، وثوم وبصل، وتخلط المكونات في الكبة أو «المطحنة» وتفرغ المحتويات في كيس حراري قابل للطهي على النار مع إضافة شرائح الزيتون الأخضر، ويغلق الكيس جيداً بعد تفريغه من الهواء، ويوضع في وعاء من الصفيح المغلق، ثم يوضع داخل قدر كبير به ماء علي النار يغلي ويترك لمدة ساعة حتي ينضج.

البطاطس تدخل في كثير من الوصفات النباتية الرخيصة (الشرق الأوسط)

وهنا يرى الشيف شربيني أن محاولات الترويج للأصناف الموفرة «أعاد الاهتمام والاعتبار بالكثير من الأطباق الشعبية مثل العدس والبصارة والمسقعة، وهذا جيد لأنه ليس من المفترض أن نأكل اللحوم يومياً».

الاهتمام بالأصناف غير المكلفة يغري مقدمي برامج الطبخ بالبحث عن التجديد في «مملكة البطاطس»، فكانت النتيجة أطباق متنوعة بنكهات مختلفة، وقدمت الشيف نونا، في برنامجها «البلدي يوكل» على قناة «بانوراما فوود»، أصنافاً متنوعة مكونها الرئيسي هو البطاطس، منها «عجة البطاطس»، التي تتكون بالأساس من بطاطس مبشورة، وبعض التوابل، والبيض والطماطم والبابريكا، التي يتم تسويتها في الفرن. كما تشكل «كمونية البطاطس» صنفاً لافتاً بنكهة مميزة، ويعد من البطاطس، بجانب بعض المكونات البسيطة والتوابل الموجودة في أي مطبخ مصري، مثل الثوم والزبدة والكمون، وأيضاً «كفتة البطاطس»، التي تعد من البطاطس «المهروسة»، مع صفار البيض والبقسماط وبعض التوابل.

يخنات رخيصة من دون لحم (الشرق الأوسط)

وارتبط البحث عن «نكهات مختلفة» للأصناف الاقتصادية بـ«التجريب» من خلال تبديل وتعديل مكونات الأصناف الشهيرة، والمزج بين مكونات مختلفة، وقدمت الشيف نجلاء الشرشابي، عبر برنامجها «على أد الإيد» على فضائية «سي بي سي»، أصنافاً مختلفة من خلال تبديل المكونات، منها «كباب الباذنجان»، الذي يتكون من باذنجان طويل أسود، وبصل، وثوم، وتوابل مختلفة، حيث يتم تتبيل «الباذنجان» وترص المكونات حول «سيخ شوي» وتوضع في الزيت.

خضراوات مشكلة تدخل في الوصفات النباتية المرغوبة بمصر (الشرق الأوسط)

ويرى الشيف محمد إبراهيم مقدم برنامج «كل يوم جديد» على فضائية «بانوراما فود» أن التبديل في المكونات يفتح باب «ابتكار نكهات مختلفة»، ويقول لـ«الشرق الأوسط» أن «الهدف الأساسي من الترويج للأصناف الموفرة كان مواجهة ارتفاع الأسعار، لكنه تطور إلى الاجتهاد بتقديم أنواع ونكهات مختلفة من الأكلات المعروفة، كما أعاد الاهتمام بالأصناف الشعبية».

شوربة خضراوات تحضيرها سهل وغير مكلفة (الشرق الأوسط)

وفي خلال بحثها عن التجديد في الأصناف الموفرة اقتصادياً، قدمت الشيف فاطمة أبو حاتي عبر برنامجها «العزومة» على قناة «بانوراما فود» أصنافاً متنوعة، منها «الحواوشي النباتي» من دون لحوم، والذي يعد من مكونات بسيطة منها البطاطس المسلوقة، والباذنجان، والطماطم، والفلفل الرومي، وأيضاً «بانيه الباذنجان»، الذي يستبدل اللحوم والدجاج بالباذنجان.


مقالات ذات صلة

الشيف حسين فياض: «زيت الزيتون ينافس الزبدة بشهرته العالمية»

مذاقات أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)

الشيف حسين فياض: «زيت الزيتون ينافس الزبدة بشهرته العالمية»

بدقة متناهية يعتمد فيها على المسطرة و«المازورة» والمعايير بالغرامات يعمل الشيف حسين فياض وإذا ما تصفحت صفحته الإلكترونية عبر «إنستغرام»

فيفيان حداد (بيروت )
مذاقات القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)

الحلويات المصرية تتأثر بالعرب المقيمين

«الحلو إيه» سؤال اعتاد المصريون ترديده بمجرد الانتهاء من سفرة الطعام، فـ«التحلية» جزء أصيل من العادات الغذائية حول العالم، غير أن هذه الأصناف الحلوة شهدت تطورات

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
مذاقات اللمسة خاصة بكل شيف ولا وصفة صارمة تُطبَّق بالحذافير (فيسبوك)

حكايةُ الكنافة بالشكولاته في دبي نجمة الإنترنت الشهية

تخدع التسمية؛ ففي لبنان مثلاً تعني الكنافة كعكة محشوَّة بجبن تعلوه حلوى أقرب إلى «النمّورة»، وسط كثافة القَطر المتدلّي، عادةً، إلا لمَن يفضِّل الحدّ من الحلاوة

فاطمة عبد الله (بيروت)
مذاقات بيير هيرميه «بيكاسو الحلويات» (الشرق الأوسط)

بيير هيرميه «بيكاسو الحلويات» في أبوظبي

أعلن فندق «روزوود أبوظبي» افتتاح «المجلس من بيير هيرميه»، الذي سيكون الوجهة الفريدة من نوعها في قلب «جزيرة الماريه».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي )
مذاقات حَمْل الإرث من جيل إلى جيل (صور كلود قريطم)

مثلّجات تخطّى عمرها القرن تُحرّك ذاكرة متذوّقيها

تُكمل كلود قريطم طريق جدّها ووالدها مع شقيقتها، مُتجاوزةً تحدّيات لبنان الاقتصادية والأمنية، بالإصرار على الصمود والجودة وأمانة حَمْل الإرث.

فاطمة عبد الله (بيروت)

الشيف حسين فياض: «زيت الزيتون ينافس الزبدة بشهرته العالمية»

أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)
أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)
TT

الشيف حسين فياض: «زيت الزيتون ينافس الزبدة بشهرته العالمية»

أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)
أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)

بدقة متناهية يعتمد فيها على المسطرة و«المازورة» والمعايير بالغرامات، يعمل الشيف حسين فياض. وإذا ما تصفحت صفحته الإلكترونية عبر «إنستغرام» لا بد أن يلفتك بذلك. فكأن الطبق الذي يحضّره يولد من رحم مقاييس يحسبها بأنامله وعقله.

يلتزم بأسلوب مشبعاً بـ«الديسيبلين» أو الانضباط. فكل ما يقوم به يجب أن يأخذ نفس الحجم إذا ما تألف من الكبة أو لفائف السباغيتي ورقائق اللحم. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «منذ صغري أحب القيام بأعمالي بهذا الأسلوب. وعندما كنت أدخل مطبخ والدتي كانت تشعر بالارتباك للدقة التي أنفذ بها الأطباق. وجاءت دراستي في معهد (كوردون بلو) الفرنسي ليزيدني تمسكاً بذلك. فما يميّز طبّاخاً عن غيره هو تأنيه بما يقوم فيه. وكما الشكل، كذلك المذاق والنكهة، يجب أن يشكلوا مجتمعين عناصر أساسية لطبق شهي».

أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)

يملك حسين فياض مطعماً له في جنوب لبنان، ويعمل في هذا المجال منذ نحو 12 عاماً. أما قاعدته الأساسية في عمله فترتكز على الخبرة، «لا شك أن البدايات يجب أن تتألف من شغف وحب للمهنة. فهما يؤلّفان ميزان الطبخ عند الطاهي. كما أن الدقة في تحضير الأكلات الحلوة والمالحة يجب أن تنضج بفعل التجارب. صحيح أني أركن إلى معايير دقيقة ألتزم بها أثناء عملي، ولكن بعد تراكم الخبرات تصبح للعين مكانتها في الموضوع».

عمل في مطاعم فرنسية خلال دراسته خارج لبنان. فاستفاد من تجربته هذه بحيث راح يبتكر أطباقاً تجمع بين المطبخين اللبناني والفرنسي، «صرت أمرر بعض الخلطات الخفيفة للزبائن. وبعد أن لاقيت استحساناً كبيراً من قبلهم رسمت الخطة في رأسي».

وتقضي خطّته بابتكار أطباق بين المطبخين، فهناك كثير من المكونات المشتركة بينهما، «لا أركن أبداً إلى البهارات والمنكهات التي تغطي على الطعم الأساسي للطبق. أكتفي بإضافة منكهات مستخرجة من الأعشاب الخضراء. أحياناً أستخدم الصعتر والحبق. أما المكون الرئيسي في أطباقي الحلوة والمالحة فهو زيت الزيتون. فأستعمله حتى في تحضيري للمثلجات وفي الحلويات. وفي بلاد الغرب يقدّرون كثيراً هذا المكون الشائع في بلادهم. وهو اليوم ينافس بشدّة الزبدة. أنا شخصياً أفضله عليها إذ يتمتع بمذاق ألذ ولا يؤثر على صحتنا سلبياً».

في مطبخ مطعمه الجنوبي المقفل اليوم بسبب الحرب الدائرة هناك يبتكر أطباقاً لذيذة.

فمتبل «بابا غنوج» يحضّره بطريقة فريدة من نوعها. بعد شيّ الباذنجان في الفرن مع لمسة من زيت الزيتون، يهرسه في وعاء بعد تفريغه من قشرته. يضيف إليه مكعبات البندورة والبصل والثوم بقطعه الصغيرة. ومع قطع مماثلة من الفلفل الأخضر والأحمر والبقدونس يؤلّف الخلطة. ويختمها بمزجها مع عصير الحامض والطحينة. وبعد خلطها بشكل جيد يضعها من جديد في جوف قشرة الباذنجان المفرغة. ويزينها بطبقة من حبوب الرمان ليضفي إليها نكهة مميزة.

الشيف حسين فياض (الشرق الأوسط)

ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الطبق لاقى انتشاراً واسعاً حتى إن البعض في لبنان راح يقلّده. فالتجديد في أي طبق لبناني أصيل كـ(بابا غنوج) يستحوذ على أفكاري التجددية. وهناك بعض الأطباق التي تذكرني بطفولتي وبمائدة والدتي، أنوي تحديثها أيضاً».

كثافة المواقع الإلكترونية على وسائل التواصل الاجتماعي تلفته. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إنها لا تزعجني ولكني نادراً ما أتوقف عند واحدة منها. فجميعها متشابهة، وهناك نوع من فوضى لا أحبها يتبعها الطباخون في تحضيرهم الطعام. وفي المقابل، أعتقد أن هناك مواهب لافتة في مجال الطبخ في لبنان. وأتوقّع لها مستقبلاً زاهراً».

أطباق جميلة ومبتكرة (الشرق الأوسط)

وعن سبب ارتكازه بمشروعه المستقبلي على الجمع بين المطبخين الفرنسي واللبناني، يوضح لـ«الشرق الأوسط»: «المطبخ الفرنسي منتشر بشكل كبير في لبنان. ونحن نعرفه منذ نعومة أظافرنا. كما أن تحول جيل كبير من شباب اليوم إلى معاهد وجامعات فرنسية لتعلم الطبخ وثّق هذه العلاقة بشكل أكبر. وإذا ما دخلنا معظم المطاعم في لبنان فسنلاحظ حضور أطباق فرنسية فيه. فأي مطعم ندخله لا بد أن يقدّم أيضاً الحلوى الفرنسية كالفوندان والبافلوفا والكريم بروليه».