«التحالف» يقيل قائد «جيش سورية الحرة»: خلافات محلية أم تحضيرات عسكرية؟

مصادر تتحدث عن استياء محلي وعدم رضا أردني في منطقة حساسة عسكرياً واستراتيجياً

القائد الجديد لـ«جيش سورية الحرة» (يسار) يشكر سلفه العقيد محمد فريد القاسم بعد انتهاء مهامه أمس (حساب إكس)
القائد الجديد لـ«جيش سورية الحرة» (يسار) يشكر سلفه العقيد محمد فريد القاسم بعد انتهاء مهامه أمس (حساب إكس)
TT

«التحالف» يقيل قائد «جيش سورية الحرة»: خلافات محلية أم تحضيرات عسكرية؟

القائد الجديد لـ«جيش سورية الحرة» (يسار) يشكر سلفه العقيد محمد فريد القاسم بعد انتهاء مهامه أمس (حساب إكس)
القائد الجديد لـ«جيش سورية الحرة» (يسار) يشكر سلفه العقيد محمد فريد القاسم بعد انتهاء مهامه أمس (حساب إكس)

أكد كل من «جيش سورية الحرة» و«قوات التحالف الدولي لمكافحة تنظيم (داعش)»، تعيين قائد جديد لـ«الجيش»، بعد أيام قليلة من تعرض قائده المُقال؛ العقيد محمد فريد القاسم، لمحاولة اغتيال داخل «مخيم الركبان» الواقع قرب «قاعدة التنف» العسكرية في البادية السورية.

حسابات «الجيش» الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي، قالت يوم الخميس، إنه جرى تغيير في القيادة، بتعيين المقدم سالم تركي العنتري، قائداً لـ«جيش سورية الحرة»، مشيرة إلى أن الخطوة «تأتي استكمالاً لمهمة تأمين واستقرار منطقة (الـ55) وهزيمة (داعش)».

من جانبها؛ رحبت قيادة «التحالف» بهذه الخطوة، وقالت في بيان إنها متحمسة للعمل مع القائد الجديد، بعد «16 شهراً من الخدمة المتفانية للعقيد فريد القاسم مع الجيش، والمجتمع المحلي، ومنطقة (الـ55)».

العقيد مهند أحمد الطلاع (حساب إكس)

يذكر أن مجلس قيادة «جيش سورية الحرة» هو المعني باتخاذ مثل هذا القرار رسمياً، إلا إن، من الناحية العملية؛ قوات «التحالف» هي التي تقوم بذلك.

لكن أياً من الجانبين لم يتطرق إلى أسباب هذا التغيير المفاجئ، الذي جرى بطريقة مشابهة لقرار تعيين العقيد القاسم، في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، عندما أقالت قيادة «التحالف» بشكل مفاجئ قائده السابق، المقدم مهند الطلاع، دون ذكر الأسباب.

تدريبات عسكرية لـ«جيش سورية الحرة»... (حساب إكس)

مراقبون للشأن السوري ربطوا بين هذا القرار ومحاولة الاغتيال التي تعرض لها القاسم، الأحد الماضي، ويرجح أن سببها خلافات خاصة مع أطراف من سكان «مخيم الركبان».

وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» قد أفاد بأن أحد المقربين من القاسم، حاول اغتياله من خلال إطلاق النار عليه، عقب خلاف نشب بينهما، وأن المتهم يعمل في تهريب المواد الغذائية للمخيم من مناطق سيطرة النظام، كما يتعاون بشكل كبير مع القاسم في نقل وبيع السلاح خارج المخيم.

منذ تعيينه في منصبه، أثار العقيد القاسم الجدل، عندما اتهمه بعض وجهاء «الركبان» بالتورط في أعمال التهريب، كما أصدروا 3 بيانات طالبوا فيها «قوات التحالف» بتغييره، بسبب «مسؤوليته عن انتهاكات وتهديدات» لحقت ببعض الناشطين والسكان، وهو ما كان ينفيه القاسم.

سكان «مخيم الركبان» (حساب إكس)

وفي 17 فبراير (شباط) الحالي، نشرت حسابات محلية رسالة منسوبة إلى «المجلس العشائري في مدينة تدمر» يتهم فيها القاسم بارتكاب جرائم وتجاوزات، من ضمنها «الاحتجاز التعسفي وقتل أحد المدنيين»، كما لمحت الرسالة إلى مشاركته في عمليات تهريب المخدرات.

امتعاض أردني

وبينما يؤكد البعض هذه الاتهامات، ويقولون إنها تمثل، بالإضافة إلى التنافس والحساسيات العشائرية، السبب الرئيسي في إقالة العقيد القاسم من منصبه، يقول آخرون إن قوات «التحالف» لها حساباتها الخاصة في اتخاذ هذا القرار.

المحلل العسكري السوري، العقيد خالد المطلق، يرى أن هذا التغيير اضطرت له «قوات التحالف»، بعد ازدياد المخالفات والانتهاكات التي يتهم سكان «مخيم الركبان» العقيد فريد القاسم بالمسؤولية عنها، كاشفاً عن مطالب أردنية بإقالته أيضاً.

يضيف: «إلى جانب سخط الأهالي في المخيم، هناك معلومات عن أن السلطات الأردنية أبلغت المسؤولين الأميركيين في (قاعدة التنف)، باستيائها من أداء قيادة (جيش سورية الحرة)، بسبب الاشتباه في تورط بعض مسؤوليها؛ بمن فيهم القاسم نفسه، في تهريب المخدرات إلى أراضيها، مما يعني استمرار المشكلات نفسها التي أدت إلى إقالة القائد الأسبق».

جنود أميركيون مع مقاتلين من «جيش سورية الحرة» قرب قاعدة «التنف» في يناير 2023 (أرشيفية)

وعدّ المطلق أن منطقة «خط العرض 55» التي ينتشر فيها «التحالف الدولي» والجيش، «منطقة حساسة من الناحية العسكرية والاستراتيجية»، خصوصاً أنها تقع عند ملتقى الحدود السورية - الأردنية - العراقية في البادية، مشدداً على أهمية أن تعيد قيادة هذه «القوات» النظر في تعاطيها مع التشكيلات المحلية التي تتعاون معها في المنطقة، وأن تأخذ في الحسبان «التوازنات العشائرية والخبرات العسكرية المطلوبة»، إذا كانت جادة في الاستفادة من هذه التشكيلات في مواجهة الأعداء المشتركين.

غير أن مصدراً في «الجيش» استبعد أن يكون لقرار «قوات التحالف» تغيير قائده، أي علاقة بالمشكلات المحلية والاتهامات الموجهة للعقيد فريد القاسم، كما نفى أن يكون اختيار القائد الجديد مبنياً على أساس التوازنات العشائرية أو الفصائلية.

المصدر؛ الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، شدد على أن قرار التغيير كان مفاجئاً للجميع، كما حدث عندما عُين العقيد القاسم في منصبه، «مما يرجح أن لدى (التحالف) استراتيجية جديدة يعمل عليها»، لافتاً إلى أن بديله لم يكن يشغل أي مهمة رسمية خلال الأشهر الماضية.

من هو القائد الجديد؟

في هذا السياق، كشف المصدر عن معلومات خاصة حول القائد الجديد، المقدم سالم تركي العنتري، مشيراً إلى أنه سبق أن أوقف عن عمله بعد أشهر قليلة من تسلم القاسم منصبه.

قبل ذلك، شغل العنتري، وهو من عشيرة «العمور» وينحدر من مدينة تدمر، منصباً قيادياً في فصيل «أسود الشرقية» الذي انضم إليه بعد وصوله للمنطقة عام 2015، قادماً من غوطة دمشق الشرقية، التي بقي فيها لمدة 3 سنوات، منذ انشقاقه عن جيش النظام عام 2012.

المقدم سالم تركي العنتري القائد الجديد لـ«جيش سورية الحرة» (حساب إكس)

في عام 2018 انضم فصيله إلى ما كان يعرف باسم «جيش مغاوير الثورة» الذي تشكل من اندماج عدد من الفصائل المحلية العاملة في منطقة نفوذ قوات التحالف الدولي لمكافحة تنظيم «داعش» في البادية السورية؛ أبرزها «قوات الشهيد أحمد العبدو» و«جيش العشائر» بالإضافة إلى «جيش أسود الشرقية».

ورغم تغيير اسم «الجيش» غداة تعيين فريد القاسم قائداً له، مع توقعات أن تكون دوافع تلك التغييرات الاستعداد لمواجهات مع الميليشيات التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني في البادية السورية، وكذلك التي تنشط في تهريب المخدرات إلى الأردن، فإن أي مهام نوعية لم توكل إلى «جيش سورية الحرة» منذ ذلك الحين؛ الأمر الذي يجعل كثيرين يقللون من سقف توقعاتهم حيال التغيير الجديد.


مقالات ذات صلة

قصف قاعدة للتحالف الدولي والجيش الأميركي شرقي سوريا

المشرق العربي قوات أميركية تتجول في بلدات ريف دير الزور الشرقي (أرشيفية)

قصف قاعدة للتحالف الدولي والجيش الأميركي شرقي سوريا

أعلن مسؤول عسكري كردي بارز في «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) إن مجموعات مسلحة يرجح ارتباطها بإيران، تقف خلف الهجمات الصاروخية التي استهدفت قواعد التحالف الدولي.

كمال شيخو (القامشلي)
المشرق العربي طائرة من سلاح الجو العراقي خلال إحدى المهمات ضد تنظيم «داعش» (أرشيفية - واع)

العراق: المجال الجوي غير مؤمّن بالكامل

أقر العراق بأن مجاله الجوي غير مؤمّن بالكامل، في حين أكد اتخاذ إجراءات لتحسين القدرات الدفاعية بعد التعاقد مع كوريا الجنوبية قبل أشهر لامتلاك منظومة متطورة.

حمزة مصطفى (بغداد)
الخليج الدكتور عبد الرحمن الرسي خلال مشاركته في الاجتماع بالعاصمة واشنطن (واس)

السعودية تجدد موقفها الرافض للتطرف والإرهاب

جددت السعودية موقفها الرافض للتطرف والإرهاب وتمويله بكافة صوره وأشكاله، وأياً كانت دوافعه، وذلك خلال الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي لهزيمة «داعش»، في واشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي آليات عسكرية أميركية في قاعدة عين الأسد الجوية في الأنبار بالعراق (أرشيفية - رويترز)

هجوم صاروخي يستهدف قاعدة عسكرية بها قوات أميركية في بغداد

قال مصدران عسكريان إن قاعدة عسكرية تستضيف قوات أميركية قرب مطار بغداد استُهدفت، فجر (الثلاثاء)، بصاروخي «كاتيوشا» على الأقل، واعترضت الدفاعات الجوية الصاروخين.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني مع الرئيس الأميركي جو بايدن في واشنطن (أرشيفية - أ.ف.ب)

مهمة «التحالف الدولي» انتهت في العراق... ومستمرة في سوريا

بعد نحو 9 أشهر من المفاوضات، أعلنت كل من واشنطن وبغداد رسمياً عن انتهاء مهمة التحالف الدولي في العراق خلال 12 شهراً.

حمزة مصطفى (بغداد)

بعد عام من الحرب... سكان غزة يبحثون عن حل لأطنان الركام

فلسطينيان يتفقدان حطام مسجد شهداء الأقصى الذي دمر في غارة إسرائيلية على دير البلح بقطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيان يتفقدان حطام مسجد شهداء الأقصى الذي دمر في غارة إسرائيلية على دير البلح بقطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

بعد عام من الحرب... سكان غزة يبحثون عن حل لأطنان الركام

فلسطينيان يتفقدان حطام مسجد شهداء الأقصى الذي دمر في غارة إسرائيلية على دير البلح بقطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيان يتفقدان حطام مسجد شهداء الأقصى الذي دمر في غارة إسرائيلية على دير البلح بقطاع غزة (إ.ب.أ)

فوق أنقاض منزله الذي كان يوماً مكوناً من طابقين، يجمع محمد البالغ من العمر (11 عاماً) قطعاً من السقف المتساقط في دلو مكسور ويسحقها، لتتحول إلى حصى سيستخدمه والده في صنع شواهد قبور لضحايا حرب غزة.

ويقول والده جهاد شمالي، عامل البناء السابق البالغ من العمر (42 عاماً)، بينما كان يقطع معادن انتشلها من منزلهم في مدينة خان يونس بجنوب قطاع غزة، والذي تضرر خلال غارة إسرائيلية في أبريل (نيسان): «بنجيب الدبش مش كرمال نبني فيه دور، لا، لبلاط الشهداء (شواهد القبور) وللمقابر، يعني من مأساة لمأساة».

العمل شاق، وفي بعض الأحيان كئيب. وفي شهر مارس (آذار)، قامت أسرة شمالي ببناء قبر لأحد أبنائها وهو إسماعيل، الذي قُتل أثناء أداء بعض المهام المنزلية، وفقاً لوكالة «رويترز».

لكن هذا يشكل أيضاً جزءاً صغيراً من جهود بدأت تتبلور للتعامل مع الأنقاض، التي تخلفها الحملة العسكرية الإسرائيلية للقضاء على حركة «حماس».

فلسطينيون يسيرون وسط أنقاض المنازل التي دمرها القصف الإسرائيلي شمال قطاع غزة (رويترز)

وتقدر الأمم المتحدة أن هناك أكثر من 42 مليون طن من الركام، بما في ذلك مبانٍ مدمرة لا تزال قائمة وبنايات منهارة.

وقالت الأمم المتحدة إن هذا يعادل 14 مثل كمية الأنقاض المتراكمة في غزة بين 2008 وبداية الحرب قبل عام، وأكثر من 5 أمثال الكمية التي خلفتها معركة الموصل في العراق بين عامي 2016 و2017.

وإذا تراكمت هذه الكمية فإنها قد تملأ الهرم الأكبر في الجيزة، أكبر أهرامات مصر، 11 مرة. وهي تزداد يومياً.

وقال 3 مسؤولين في الأمم المتحدة إن المنظمة الدولية تحاول تقديم المساعدة، في الوقت الذي تدرس فيه السلطات بقطاع غزة كيفية التعامل مع الأنقاض.

وتخطط مجموعة عمل لإدارة التعامل مع الحطام تقودها الأمم المتحدة، لبدء مشروع تجريبي مع السلطات الفلسطينية في خان يونس ومدينة دير البلح بوسط قطاع غزة، لبدء إزالة الحطام من جوانب الطرق هذا الشهر.

وقال أليساندرو مراكيتش، رئيس مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في غزة والمشارك في رئاسة مجموعة العمل: «التحديات جسيمة... ستكون عملية ضخمة، ولكن في الوقت نفسه، من المهم أن نبدأ الآن».

ويقول الجيش الإسرائيلي إن مقاتلي «حماس» يختبئون بين المدنيين، وإنه سيضربهم أينما ظهروا، بينما يحاول أيضاً تجنب إيذاء المدنيين.

ورداً على سؤال حول الحطام، قالت وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق، إنها تهدف إلى تحسين التعامل مع النفايات، وستعمل مع الأمم المتحدة لتوسيع هذه الجهود. وقال مراكيتش إن التنسيق مع إسرائيل ممتاز، لكن المناقشات التفصيلية بشأن الخطط المستقبلية لم تتم بعد.

خيام وسط الأنقاض

بدأت إسرائيل هجومها بعد أن قادت «حماس» هجوماً على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي. وتقول الإحصاءات الإسرائيلية إن هذا الهجوم أسفر عن مقتل نحو 1200 واقتياد أكثر من 250 رهينة إلى قطاع غزة.

فلسطيني وابنه يجلسان أسفل سقف مهدم في خان يونس بقطاع غزة (رويترز)

وتقول السلطات الصحية الفلسطينية إن نحو 42 ألف فلسطيني قتلوا خلال عام من الحرب. وعلى الأرض، تتراكم الأنقاض عالياً فوق مستوى المشاة والعربات التي تجرها الحمير على المسارات الضيقة المليئة بالأتربة، والتي كانت في السابق طرقاً مزدحمة.

وقال يسري أبو شباب وهو سائق سيارة أجرة، بعد أن أزال ما يكفي من الحطام من منزله في خان يونس لإقامة خيمة: «مين راح ييجي هنا مشان يزيل الأنقاض لنا؟ ولا حدا، مشان هيك إحنا بنقوم بها الشي بأنفسنا».

وبحسب بيانات الأقمار الاصطناعية للأمم المتحدة، فإن ثلثي مباني غزة التي بنيت قبل الحرب، أي ما يزيد على 163 ألف مبنى، تضررت أو سويت بالأرض. ونحو ثلثها كان من البنايات متعددة الطوابق.

وبعد حرب استمرت 7 أسابيع في غزة عام 2014، تمكن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وشركاؤه من إزالة 3 ملايين طن من الحطام، أي 7 في المائة من إجمالي الركام الآن.

فلسطينيان يتفقدان حطام مسجد شهداء الأقصى الذي دمر في غارة إسرائيلية على دير البلح بقطاع غزة (إ.ب.أ)

وأشار مراكيتش إلى تقدير أولي غير منشور ذكر أن إزالة 10 ملايين طن من الحطام ستكلف 280 مليون دولار، وهو ما يعني نحو 1.2 مليار دولار إجمالاً إذا توقفت الحرب الآن.

وأشارت تقديرات الأمم المتحدة في أبريل، إلى أن إزالة الأنقاض سوف تستغرق 14 عاماً.

جثث مطمورة

قال مراكيتش إن الحطام يحتوي على جثث غير منتشلة وقنابل غير منفجرة. وتقول وزارة الصحة في قطاع غزة إن عدد تلك الجثث قد يصل إلى 10 آلاف.

وتقول اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن التهديد «واسع النطاق»، ويقول مسؤولون في الأمم المتحدة إن بعض الحطام يشكل خطراً كبيراً بالتعرض للإصابة.

يعيش نزار زعرب من خان يونس مع ابنه في منزل لم يتبقَّ منه سوى سقف مائل بزاوية خطيرة.

وقال برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن ما يقدر بنحو 2.3 مليون طن من الحطام ربما يكون ملوثاً، مستنداً إلى تقييم لمخيمات اللاجئين الثمانية في قطاع غزة، التي تعرض بعضها للقصف.

ويمكن أن تسبب ألياف الأسبستوس سرطان الحنجرة والمبيض والرئة عند استنشاقها.

وسجلت منظمة الصحة العالمية نحو مليون حالة من حالات التهابات الجهاز التنفسي الحادة في قطاع غزة خلال العام الماضي، دون أن تحدد عدد الحالات المرتبطة بالغبار.

وقالت بسمة أكبر، وهي متحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، إن الغبار يشكل «مصدر قلق كبيراً»، يمكن أن يلوث المياه والتربة ويؤدي إلى أمراض الرئة.

فلسطيني يجر مقعداً متحركاً تجلس عليه سيدة مصابة وسط أنقاض مبانٍ دمرها القصف الإسرائيلي في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

ويخشى الأطباء من ارتفاع حالات الإصابة بالسرطان والتشوهات الخلقية في المواليد بسبب تسرب المعادن في العقود المقبلة.

وقال متحدث باسم برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن لدغات الثعابين والعقارب والتهابات الجلد الناجمة عن ذباب الرمل تشكل مصدر قلق.

نقص الأراضي والمعدات

استُخدمت أنقاض في السابق للمساعدة في بناء الموانئ البحرية. وتأمل الأمم المتحدة الآن في إعادة تدوير جزء منها لبناء شبكات الطرق وتعزيز الخط الساحلي.

ويقول برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إن قطاع غزة، الذي كان عدد سكانه قبل الحرب نحو 2.3 مليون نسمة، يتكدسون في شريط يبلغ طوله 45 كيلومتراً وعرضه 10 كيلومترات، يفتقر إلى المساحة اللازمة للتخلص من النفايات والركام.

وتقع مكبات النفايات الآن في منطقة عسكرية إسرائيلية. وقالت هيئة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية إنها تقع في منطقة محظورة، ولكن سيتم السماح بالوصول إليها.

وقال مراكيتش إن مزيداً من إعادة التدوير يعني مزيداً من الأموال لتمويل المعدات مثل الكسارات الصناعية. ولا بد أن تدخل هذه المعدات إلى قطاع غزة عبر نقاط عبور تسيطر عليها إسرائيل.

وتحدث مسؤولون حكوميون عن نقص في الوقود والآلات، بسبب القيود الإسرائيلية التي تبطئ جهود إزالة الأنقاض.

وقال المتحدث باسم برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن إجراءات الموافقة المطولة «عائق رئيسي». ويقول برنامج الأمم المتحدة للبيئة إنه يحتاج إلى إذن أصحاب الممتلكات لإزالة الأنقاض، لكن حجم الدمار أدى إلى طمس الحدود بينها، كما فُقد بعض السجلات العقارية أثناء الحرب.

وقال مراكيتش إن كثيراً من الجهات المانحة أبدى الاهتمام بالمساعدة منذ اجتماع استضافته الحكومة الفلسطينية بالضفة الغربية في 12 أغسطس (آب)، دون أن يسمي هذه الجهات.

وقال مسؤول في الأمم المتحدة، طلب عدم ذكر اسمه لتجنب التأثير سلباً على الجهود الجارية: «الجميع قلق بشأن ما إذا كان ينبغي الاستثمار في إعادة إعمار غزة، أم لا، إذا لم يكن هناك حل سياسي».