مصر: هل تعزز صفقة «رأس الحكمة» فرص بقاء حكومة مدبولي؟

في ظل توقعات بانفراج الأزمة الاقتصادية

مدبولي يشهد مراسم توقيع أكبر صفقة استثمار مباشر بين مصر والإمارات لتطوير وتنمية مدينة رأس الحكمة (مجلس الوزراء)
مدبولي يشهد مراسم توقيع أكبر صفقة استثمار مباشر بين مصر والإمارات لتطوير وتنمية مدينة رأس الحكمة (مجلس الوزراء)
TT

مصر: هل تعزز صفقة «رأس الحكمة» فرص بقاء حكومة مدبولي؟

مدبولي يشهد مراسم توقيع أكبر صفقة استثمار مباشر بين مصر والإمارات لتطوير وتنمية مدينة رأس الحكمة (مجلس الوزراء)
مدبولي يشهد مراسم توقيع أكبر صفقة استثمار مباشر بين مصر والإمارات لتطوير وتنمية مدينة رأس الحكمة (مجلس الوزراء)

أثارت التوقعات بـ«انفراجة» قريبة للأزمة الاقتصادية في مصر، عقب توقيع صفقة مشروع «رأس الحكمة» مع الإمارات، تساؤلات حول ما إذا كانت الصفقة تعزز بقاء حكومة رئيس الوزراء الحالي مصطفى مدبولي، رغم المطالبات والتكهنات، التي شهدتها الفترة السابقة، بضرورة إجراء تغيير وزاري، بالتزامن مع بدء ولاية جديدة للرئيس عبد الفتاح السيسي في أبريل (نيسان) المقبل.

وقّعت مصر، الجمعة الماضي، عقد تطوير وتنمية منطقة «رأس الحكمة» بالساحل الشمالي، بشراكة إماراتية، واستثمارات قدرت بنحو 150 مليار دولار، تتضمن ضخّ نحو 35 مليار دولار استثماراً أجنبياً مباشراً للخزانة المصرية خلال شهرين.

وتوقع عضو مجلس النواب، مصطفى بكري، أن يكون أي تعديل وزاري قادم برئاسة مصطفي مدبولي نفسه، موضحاً في تدوينة له عبر منصة «إكس»، أن «الصفقة الاستثمارية الكبرى رفعت كثيراً من أسهم رئيس الوزراء»، كما بشّر باستثمارات أخرى في الطريق، تمكن مصر من «تجاوز أزمتها الاقتصادية»، وتسهم في «ترنح الدولار» و«تراجع أسعار الذهب».

ومنذ إعلان فوز الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بولاية جديدة، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أثيرت تكهنات بتغيير الحكومة الحالية، التي يترأسها مدبولي منذ يونيو (حزيران) 2018. وشهدت «بورصة ترشيحات» العديد من الأسماء لتولي رئاسة الحكومة القادمة، وفق وسائل إعلام محلية، منها الفريق كامل الوزير، وزير النقل الحالي، والدكتور محمود محيي الدين، المدير التنفيذي بصندوق النقد الدولي، إضافة إلى الاقتصادي الدكتور محمد العريان، رئيس كلية كوينز بجامعة كامبريدج.

وجرى العرف أن تتقدم الحكومة باستقالتها للرئيس عقب حلفه اليمين الدستورية. وحسب الدستور المصري، تبدأ ولاية السيسي الجديدة في الثالث من أبريل المقبل.

في المقابل، لا يرى نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور عمرو هاشم ربيع، أي دور لصفقة «رأس الحكمة» في تعزيز فرص بقاء حكومة مدبولي، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة الاقتصادية في مصر أكبر من صفقة رأس الحكمة، لذا لا أعتقد أنها (الصفقة) قد تعزز فرص استمرار الحكومة الحالية».

وبحسب ربيع، فإنه «سياسياً، الحكومة الحالية لا يجب أن تستمر، فهناك رغبة عامة في تشكيل حكومة تكنوقراط تتمكن من التعامل مع الأزمات الحالية، ورغم ذلك توجد تجارب سابقة، تجعل التوقعات ببقاء الحكومة أمراً محتملاً».

ويترقب الجميع تأثيرات «الصفقة الضخمة» على سعر الصرف، باعتبارها «ستوفر سيولة دولارية» تحدث انتعاشة في البنك المركزي، بحسب البيانات الحكومية.

وترفض الدكتورة نهى بكر، أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأميركية بالقاهرة، الربط بين الصفقة وبقاء أو تغيير الحكومة الحالية، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «القرار سياسي يرتبط بتقييم أداء الحكومة بشكل عام، لذا علينا أن ننتظر حتى أبريل المقبل لنرى»، كما أنه وفق بكر «توجد مشكلات كثيرة في مصر، على رأسها التضخم وارتفاع الأسعار بسبب الظروف الدولية، والصفقة لن تؤتي ثمارها مباشرة، بل ستستغرق بعض الوقت، والناس مشغولة بأزمة الغلاء».

وطالب الخبير الاقتصادي، الدكتور وائل النحاس، بضرورة تعديل الحكومة، بما يضمن «تقديم رؤية جديدة». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «الأزمة الاقتصادية متشعبة... والحكومة الحالية تسببت في فقدان الثقة بين الدولة والمواطن، بسبب أزمة الغلاء. لذا فإن تغييرها سيعيد هذه الثقة».


مقالات ذات صلة

16 % نمواً في أرباح «طاقة عربية» المصرية خلال 9 أشهر

الاقتصاد أنابيب توصيل الغاز محمَّلة على سيارة شحن تابعة لشركة طاقة عربية (الموقع الإلكتروني لشركة «طاقة عربية»)

16 % نمواً في أرباح «طاقة عربية» المصرية خلال 9 أشهر

ارتفع صافي ربح شركة «طاقة عربية» المصرية، بنسبة 16 في المائة على أساس سنوي إلى 424.9 مليون جنيه (8.6 مليون دولار) بعد الضريبة، خلال 9 أشهر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مقر البنك المركزي المصري في العاصمة القاهرة (رويترز)

65 % ارتفاعاً في تحويلات المصريين بالخارج خلال أغسطس

قال البنك المركزي المصري إن تحويلات المصريين العاملين بالخارج ارتفعت للشهر السادس على التوالي خلال أغسطس الماضي بنسبة زيادة 65.5 في المائة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يسيرون أمام مكتب صرافة في القاهرة (أ.ب)

الدولار… صداع مزمن يقض مضاجع المصريين

تنعكس أي زيادة في سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري بصورة مباشرة على زيادة أسعار السلع والخدمات، في ظل اعتماد مصر على مواد مستورَدة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد عمليات تطوير وإنشاء مبانٍ حديثة بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

القطاع الخاص المصري يواصل الانكماش رغم ارتفاعه في أكتوبر

واصل أداء القطاع الخاص غير النفطي في مصر تراجعه في أكتوبر، وذلك في وقت تسببت ضغوط التكلفة المرتفعة في كبح أحجام الطلبيات الجديدة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا والوفد المرافق (رئاسة الجمهورية)

مصر: المراجعة الرابعة لبرنامج صندوق النقد تبدأ الثلاثاء

قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، اليوم (الأحد)، إن المراجعة الرابعة لبرنامج صندوق النقد الدولي مع البلاد ستبدأ يوم الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».