الحكومة المصرية تعلن عن «صفقة ضخمة»: ستوفر سيولة نقدية «كبيرة»

تحدثت عن شراكة استثمارية مع كيانات كبرى «بلا تفاصيل»

اجتماع الحكومة المصرية الخميس (مجلس الوزراء)
اجتماع الحكومة المصرية الخميس (مجلس الوزراء)
TT

الحكومة المصرية تعلن عن «صفقة ضخمة»: ستوفر سيولة نقدية «كبيرة»

اجتماع الحكومة المصرية الخميس (مجلس الوزراء)
اجتماع الحكومة المصرية الخميس (مجلس الوزراء)

«بلا تفاصيل»، أعلنت الحكومة المصرية موافقتها على ما وصفتها بـ«أكبر صفقة استثمار مباشر»، من خلال شراكة استثمارية مع «كيانات كبرى»، ضمن جهود الدولة حالياً لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وزيادة موارد الدولة من النقد الأجنبي.

وتعاني مصر من أزمة اقتصادية حادة، في ظل تضخم قياسي لأسعار السلع والخدمات، مع تراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار، ونقص العملة الأجنبية، فضلاً عن ارتفاع مستويات الاقتراض الخارجي في السنوات الأخيرة.

ولم يوضح بيان مجلس الوزراء المصري، الصادر الخميس، طبيعة الصفقة أو قيمتها أو الكيانات المنخرطة فيها، غير أن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي قال إن المشروعات التي تنتج عن هذه الصفقة «ستوفر مئات الآلاف من فرص العمل، وستسهم في إحداث انتعاشة اقتصادية، وكذا مشاركة مختلف الشركات والمصانع المصرية في المشروعات المُنفذة، ومزايا متعددة للدولة المصرية». وأكد مدبولي أن هذه الصفقة وغيرها «ستوفر سيولة نقدية كبيرة من العملة الصعبة ستسهم في استقرار سوق النقد الأجنبي، وتحسين الوضع الاقتصادي».

وللدولار الأميركي سعران في مصر، أحدهما رسمي في البنوك يقدر بـ30.9 جنيه للدولار، لكنه غير متاح توافره بسهولة، والآخر في السوق السوداء ويقدر بأكثر من 60 جنيهاً، وفق وسائل إعلام محلية.

وتعد الصفقة المنتظرة «بدايةً لعدة صفقات استثمارية»، تعمل الحكومة عليها حالياً، لزيادة موارد الدولة من العملة الصعبة، وفق ما أشار إليه بيان مجلس الوزراء، الذي أوضح أنه سيتم إعلان تفاصيل هذه الصفقة كاملة، مع توقيع الاتفاقيات الخاصة بها، لافتاً إلى أن «نجاح الحكومة في جذب استثمارات أجنبية ضخمة، يؤكد ثقة الكيانات الاستثمارية الكبرى في الاقتصاد المصري، وقدرته على تخطي التحديات».

وتوقع مراقبون أن تتعلق المشروعات، التي تحدثت عنها الحكومة المصرية، باستثمارات عربية في مدينة «رأس الحكمة»، الواقعة على شاطئ البحر المتوسط، في ظل ما كشفه مصدر مسؤول لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، قبل أسابيع، من أن «الدولة المصرية تعكف حالياً على إنهاء مخطط تنمية مدينة رأس الحكمة من خلال الشراكة مع كيانات عالمية ذات خبرة فنية واسعة وقدرة تمويلية كبيرة، تُمكّن الدولة من وضع المدينة على خريطة السياحة العالمية، خلال 5 سنوات على الأكثر، كأحد أرقى المقاصد السياحية على البحر المتوسط والعالم».

ووفق عضو مجلس النواب (البرلمان) المصري مصطفى بكري، الذي تحدث في تدوينة له، على موقع (إكس) الخميس، فإنه «تم الانتهاء من توقيع عقود المشروعات الاستثمارية في رأس الحكمة».

وتتْبع رأس الحكمة محافظة مرسى مطروح، وتقع رأس الحكمة على الساحل الشمالي. وفي أغسطس (آب) الماضي، قررت الحكومة المصرية إنشاء مدينة باسم «رأس الحكمة الجديدة» على مساحة 55 ألف فدان. وأكد وزير الإسكان المصري عاصم الجزار، آنذاك أن «المدينة ستكون ﻣﻘﺻداً ﺳﯾﺎﺣياً ﻋﺎﻟﻣياً، ﯾﺗﻣﺎشى ﻣﻊ اﻟرؤﯾﺔ اﻟﻘوﻣﯾﺔ واﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻟشمالي الغربي».

ويبشر البرلماني المصري مصطفى سالم، وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، بأن تكون الصفقة الحكومية الجديدة «بداية حدوث انفراجة في الأفق الاقتصادي، مع دخول استثمارات جديدة بالدولار، واقتراب الانتهاء من الاتفاق مع صندوق النقد الدولي».

وأوضح وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، في تصريحات لـ«وكالة أنباء الشرق الأوسط»، أن «أزمة الفجوة الدولارية الحالية لن تحل إلا بزيادة السيولة الدولارية وتوفير الدولار؛ لإتمام صفقات الاستيراد وتوفير السلع الأساسية، ومعالجة الفجوة بين سعر الدولار في البنك وسعره بالسوق الموازية».

لكن في المقابل، فإن عدم الإعلان الحكومي عن تفاصيل الصفقة، أثار انتقادات وجدلاً واسعاً، بين المتابعين خاصة على «السوشيال ميديا»، فطالب رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس الحكومةَ بالكشف عن تفاصيل تلك المشروعات، في ظل ازدياد الجدل بشأنها.

فيما عبر آخرون عن مخاوفهم من غموض البيان الحكومي.

وفاقمت الحرب الإسرائيلية على غزة، التي اندلعت في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الأزمة الاقتصادية في مصر؛ حيث تراجعت توقعات السياحة، وانخفضت إيرادات قناة السويس بعد هجمات شنها الحوثيون في اليمن على سفن تجارية في البحر الأحمر. ووفق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فإن معدل دخل قناة السويس تراجع بنسبة 40 إلى 50 في المائة.

ويرى بعض الخبراء أن الإعلان الحكومي المصري عن صفقة استثمار أجنبي ضخمة بهذا الشكل، يعد مؤشراً على صلابة الاقتصاد المصري رغم الأزمة الراهنة.

وتعمل الحكومة المصرية حالياً على إنهاء اتفاق مع صندوق النقد الدولي، يتيح لها الحصول على دفعة جديدة من القرض. كما أكد مدبولي استمرار حكومته في إجراءاتها التي أقرتها وثيقة سياسة ملكية الدولة، من حيث تمكين القطاع الخاص، وزيادة فرص مشاركته في القطاعات التنموية.

كانت مصر اتفقت مع الصندوق على برنامج قرض بثلاثة مليارات دولار في 2022، وحصلت على الشريحة الأولى منه بقيمة 347 مليون دولار، في حين أرجأ الصندوق مراجعتين ضمن البرنامج منذ مارس (آذار) الماضي.

وبحسب المتحدثة باسم صندوق النقد، جولي كوزاك، التي تحدثت في مؤتمر صحافي، الخميس، فإن الصندوق يواصل إحراز تقدم ممتاز بشأن المناقشات مع السلطات المصرية حول حزمة سياسات شاملة للتوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن المراجعتين المجمعتين الأولى والثانية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري المدعوم من الصندوق.


مقالات ذات صلة

اللحوم تلحق بالأسماك والدواجن في حملة المقاطعة المصرية

شمال افريقيا مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

اللحوم تلحق بالأسماك والدواجن في حملة المقاطعة المصرية

لحقت اللحوم بالأسماك والدواجن في حملة المقاطعة المصرية؛ في محاولة لخفض أسعارها التي ارتفعت بشكل «لافت» خلال الأشهر الماضية.

منى أبو النصر (القاهرة)
الاقتصاد رئيس هيئة الاستثمار المصرية حسام هيبة خلال لقائه رئيس المجلس الصيني لصناعة المنسوجات والملابس الجاهزة في القاهرة (الشرق الأوسط)

تحالف صيني يدرس إقامة مدينة نسيجية في مصر باستثمارات 300 مليون دولار

ذكرت هيئة الاستثمار في مصر أن تحالفاً صينياً في مجال الصناعات النسيجية والملابس الجاهزة عبَّر عن رغبته في إنشاء مدينة نسيجية متكاملة باستثمارات 300 مليون دولار

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد منصة غاز تابعة لحقل ظُهر المصري في البحر المتوسط (موقع رئاسة الجمهورية)

تراجُع إنتاج «إيني» الإيطالية من النفط والغاز في مصر 12 %

تراجع إنتاج شركة «إيني» الإيطالية من النفط والغاز الطبيعي في مصر 11.7 في المائة على أساس سنوي في الربع الأول من العام الجاري إلى 293 ألف برميل نفط مكافئ يومياً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي مشاهد من أسواق السمك في بورسعيد بدون زبائن (مشاركون بحملة المقاطعة - إكس)

مصر: هل تنجح حملات المقاطعة في خفض الأسعار؟

جدد انتشار واسع حققته حملة لمقاطعة الأسماك في مصر تساؤلات حول جدوى حملات المقاطعة في خفض الأسعار، مع استمرار ارتفاع أسعار معظم السلع الأساسية.

عصام فضل (القاهرة)
الاقتصاد العاصمة المصرية القاهرة (غيتي)

مصر تتوقع تحقيق فائض أوّلي 5.75 % من الناتج المحلي في السنة المالية الجارية

توقع وزير المالية المصري أن تحقق الموازنة العامة للدولة، فائضاً أولياً بنسبة 5.75 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2023 - 2024.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

السودان يطالب مجلس الأمن ببحث «عدوان الإمارات»

أرشيفية لـ«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز)
أرشيفية لـ«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز)
TT

السودان يطالب مجلس الأمن ببحث «عدوان الإمارات»

أرشيفية لـ«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز)
أرشيفية لـ«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز)

تقدم السودان بطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لبحث ما سمّاه «عدوان الإمارات على الشعب السوداني»، ومساندتها «قوات الدعم السريع» في الحرب التي تخوضها مع الجيش، حسب دبلوماسي سوداني تحدث لوكالة الصحافة الفرنسية. فيما ناشدت الخارجية الإماراتية، المجلس الدولي، باتخاذ ما يلزم لإنهاء النزاع، ووصول المساعدات إلى جميع أنحاء السودان، معربةً عن قلقها العميق إزاء تصاعد العنف في شمال دارفور.

ووفقاً لمسؤول سوداني تحدث للوكالة الفرنسية، لم تذكر اسمه، قال: «تقدّم مندوبنا الدائم لدى الأمم المتحدة، الجمعة، بطلب لعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث عدوان الإمارات على الشعب السوداني، وتزويد الميليشيا الإرهابية بالسلاح والمعدات».

كذلك أفادت وكالة أنباء السودان (سونا) بأن مندوب الخرطوم الحارث إدريس قدم الطلب «رداً على مذكرة مندوب الإمارات للمجلس»، وشدّد على أن «دعم الإمارات لميليشيا (الدعم السريع) الإجرامية التي شنت الحرب على الدولة يجعل الإمارات شريكة في كل جرائمها».

ويتصاعد التوتر منذ أشهر بين الجيش السوداني بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، وبين الإمارات العربية المتحدة. ويتهم الجيش، أبوظبي، بدعم «قوات الدعم السريع» وقائدها محمد حمدان دقلو (حميدتي) في النزاع الذي اندلع بينهما في أبريل (نيسان) 2023.

أبوظبي ترفض الاتهامات

ورفضت أبوظبي في رسالة إلى مجلس الأمن، الأسبوع الماضي، هذه الاتهامات.

وقالت إن «كافة الادعاءات المتعلقة بتورط الإمارات في أي شكل من أشكال العدوان أو زعزعة الاستقرار في السودان، أو تقديمها لأي دعم عسكري أو لوجستي أو مالي أو سياسي لأي فصيل في السودان هي ادعاءات لا أساس لها من الصحة وتفتقر إلى أدلة موثوقة لدعمها»، وفق الرسالة التي نشرتها الخارجية الإماراتية على موقعها.

وأدت الحرب في السودان إلى مقتل الآلاف ودفعت البلاد البالغ عدد سكانها 48 مليون نسمة إلى حافة المجاعة، ودمّرت البنى التحتية المتهالكة أصلاً، وتسبّبت بتشريد أكثر من 8.5 ملايين شخص، حسب الأمم المتحدة.

آثار الدمار الذي لحق بأحد البنوك جنوب الخرطوم بسبب الحرب (أ.ف.ب)

وفي ديسمبر (كانون الأول)، طلب السودان من 15 دبلوماسياً إماراتياً مغادرة البلاد، بعدما اتّهم قائد بارز في الجيش، أبوظبي، بمساندة «قوات الدعم السريع». وتزامن مع ذلك خروج مظاهرات في مدينة بورتسودان (شرق) تطالب بطرد السفير الإماراتي.

من جهته، عبرت الإمارات، السبت، عن قلقها العميق إزاء تصاعد العنف في شمال دارفور بالسودان. ودعت الخارجية الإماراتية، في بيان، «جميع الفصائل المسلحة، بما في ذلك (قوات الدعم السريع)، والقوات المسلحة السودانية، لإنهاء القتال، والعودة إلى الحوار». وحث البيان «جميع الأطراف المتحاربة إلى الامتثال لالتزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي واتخاذ إجراءات فورية حاسمة لتخفيف حدة التوتر وتجنّب انزلاق السودان إلى مستويات جديدة من عدم الاستقرار»، حسب البيان. كما دعا إلى «تعزيز الاستجابة الإنسانية الدولية وتقديم الإغاثة العاجلة للمحتاجين في السودان والدول المجاورة».

وعبّرت الخارجية الإماراتية عن قلقها البالغ إزاء تقارير بشأن «العنف الجنسي ضد النساء والفتيات، وارتفاع خطر المجاعة والقصف الجوي العشوائي، واستمرار معاناة وتشريد الآلاف من المدنيين، وخاصة الأطفال والنساء وكبار السن».

سودانيون فروا من الصراع في دارفور أثناء عبورهم الحدود إلى تشاد في 4 أغسطس 2023 (رويترز)

وناشدت الإمارات، مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، باتخاذ «ما يلزم من إجراءات لضمان إنهاء النزاع، ووصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى جميع أنحاء السودان»، مؤكدة «موقفها الثابت المطالب بوقف فوري لإطلاق النار وحل سياسي للأزمة، ودعمها للعملية السياسية وجهود تحقيق التوافق الوطني نحو حكومة يقودها مدنيون».

كان مكتب مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قال الجمعة إن ما لا يقل عن 43 شخصاً لقوا حتفهم في مدينة الفاشر ومحيطها بشمال دارفور جراء القتال بين الجيش و«قوات الدعم السريع» منذ 14 أبريل (نيسان) الحالي.

مجاعة في الخرطوم

وفي الخرطوم، تنحدر الأوضاع الإنسانية من الأسوأ إلى مستويات حرجة للغاية، يخشى معها ازدياد حالات الوفيات بصورة مضطردة، حسبما أفاد بذلك عدد من النشطاء المتطوعين في توفير المساعدات الغذائية للمواطنين في الأحياء الشعبية بمدن العاصمة.

وتعاني 5 محافظات بالخرطوم تقع تحت سيطرة «الدعم السريع» من انعدام حاد في مياه الشرب والغذاء، في حين يستمر انقطاع الكهرباء وخدمات الاتصالات والإنترنت لأكثر من 10 أشهر على التوالي.

دبابة مدمرة نتيجة الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في أم درمان (رويترز)

والأسبوع الماضي أعلنت غرفة طوارئ محلية أمبدة، شمال أم درمان، وفاة 3 أشخاص جوعاً من بينهم طفل بعد توقف الوجبات التي تقدمها المطابخ الخيرية. ووفقاً للغرفة، يفرض الجيش حصاراً شديداً على أمبدة التي تعد أكبر محلية بمدينة أمدرمان من حيث المساحة والتعداد السكاني، ويمنع التجار من إدخال المواد الغذائية إلى المنطقة بحجة وجود عناصر «الدعم السريع».

وقال المتحدث باسم غرفة جنوب الحزام، التي تضم أحياء جنوب الخرطوم، محمد كندش، إن العطش يضرب المنطقة، وإن المواطنين يصطفون في طوابير لساعات طويلة للحصول على المياه التي يتم سحبها من الآبار الجوفية، أو التوجه إلى شراء برميل من «التناكر»، ويصل سعره ما بين 7 إلى 10 آلاف جنيه سوداني، ما يعادل حوالي 7 دولارات.

وأضاف في إفادات على حساباتها بمنصات التواصل الاجتماعي أن كل الخدمات من المياه والكهرباء والاتصالات مقطوعة تماماً في جنوب الخرطوم، بالإضافة إلى الإشكالات التي يعاني منها المواطنون على المستوى الصحي. ويعيش عشرات الآلاف من المواطنين على وجبة واحدة توفرها غرف الطوارئ من الدعم المالي الذي تتلقاه من تبرعات الخيرين لشراء المواد الغذائية وتوزيعها على المواطنين في الأحياء السكنية.

مخاوف من انقطاع الاتصالات

ويخشى النشطاء من توقف خدمة الإنترنت التي تعمل بالأقمار الاصطناعية عبر أجهزة «ستار لنك»، نهاية أبريل (نيسان) الحالي، والتي تشكل الوسيلة الوحيدة المتبقية للتحويلات المالية من داخل وخارج البلاد.

وحسب غرف الطوارئ، لم تصل أي مساعدات إنسانية من التي دخلت البلاد خلال الفترة الماضية إلى الأعداد الكبيرة من المواطنين بولاية الخرطوم.

وقال مقيمون في منطقة «الحاج يوسف» بمحلية شرق النيل إنه على الرغم من توفر السلع الضرورية من السكر واللحوم والخضروات، فإن ارتفاع الأسعار فوق طاقة الشراء بالنسبة لكثير من سكان المنطقة.

مسلحون من أنصار المقاومة الشعبية الداعمة للجيش السوداني في القضارف بشرق السودان (أ.ف.ب)

وقالت المواطنة فاطمة الحاج لــ«الشرق الأوسط»، إن الكثير من المواطنين لم يعد بوسعهم إعالة أسرهم بسبب توقف أعمالهم، وعلى وجه الخصوص من يعملون في قطاع الأعمال الحرة والأسواق.

وأفاد عدد من المواطنين بأحياء «الوحدة» و«التكامل» و«دار السلام» بـ«الحاج يوسف»، تحدثوا للصحيفة، بأن كل الأموال التي بحوزتهم نفدت تماماً، وأنهم اضطروا لبيع أثاثات منازلهم وحتى هواتفهم الجوالة لتوفير ثمن «الطعام».

وقال حامد الحاج جاد الله (55 عاماً) يعمل في بناء المنازل: «منذ اندلاع الحرب، لم أحصل على عمل، وكذلك أبنائي فقدوا كل وظائفهم». وأضاف: «نعيش على الكفاف ومساعدة الأهل بما يرسلونه لنا من مصاريف».

وكشف أحدث تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، السبت، عن مستويات مثيرة للقلق من انعدام الأمن الغذائي.

وقال الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالإنابة، ثائر الشريدة: «نحاول التركيز على المناطق (الساخنة)، وأن 70 في المائة من السودانيين النازحين داخلياً ذهبوا إلى مدن السودان الأخرى الآمنة، ونسعى لتوفير الخدمات الأساسية التي من شأنها الحفاظ على التماسك الاجتماعي». وأشار المسؤول الأممي إلى أن الأزمة الإنسانية في اتساع مقارنة بالعام الماضي، وأن البرنامج بحاجة إلى مزيد من الجهد مع الجهات المانحة لتعزيز القدرة على الصمود والتعافي كجزء من استجابتنا الإنسانية. ووفق وكالات الأمم المتحدة، نصف سكان السودان في «حاجة ماسة» إلى المساعدات الإنسانية.


واقعة «طفل شبرا» بمصر تجدد الحديث عن «شبكة الإنترنت المظلمة»

مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
TT

واقعة «طفل شبرا» بمصر تجدد الحديث عن «شبكة الإنترنت المظلمة»

مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

جدّدت واقعة «قتل طفل مصري ونزع أحشائه» في ضاحية شبرا الخيمة القريبة من القاهرة، الحديث عن «شبكة الإنترنت المظلمة». وربطت وسائل إعلام محلية بين تلك الواقعة والشبكة، مستندة إلى بيان صادر عن «النيابة المصرية»، وهي الجهة التي تتولى التحقيق في الواقعة.

وأشار البيان إلى «اعتراف المتهم بارتكاب جريمة القتل بطلب من مصري مقيم بالكويت، الذي طلب منه اختيار أحد الأطفال لسرقة أعضائه البشرية مقابل مبلغ 5 ملايين جنيه (الدولار الأميركي يساوي 47.86 جنيه في البنوك المصرية)، على أن تتم الجريمة عن طريق تقنية (الفيديو كول)».

وذكرت «النيابة المصرية»، في بيانها الأول عن الحادث، مساء الخميس الماضي، أنه باستجواب المصري المقيم في الكويت (15 عاماً) أقرّ بأنه من أوعز لمرتكب الجريمة بارتكابها، قاصداً من ذلك الاحتفاظ بالمقاطع المرئية لواقعة قتل الطفل المجني عليه والتمثيل بجثمانه، وذلك حتى «تسنح له فرصة بيعها ونشرها عبر المواقع الإلكترونية التي تبثها مقابل مبالغ مالية طائلة»، كما «قرر أنه سبق أن قام بهذا الفعل في مرات سابقة».

وفي الوقت الذي أشارت فيه «النيابة المصرية» إلى أن «التحقيقات ما زالت مستمرة في الواقعة»، أوضحت مصادر قانونية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن «إشارة جهة التحقيق للمواقع الإلكترونية التي تبث مثل هذه الوقائع مقابل مبالغ مالية تعني متصفحات (الدارك ويب)».

وبحسب المصادر، فإن «التحقيقات الأولية مع المتهمين في مقتل طفل شبرا تشير إلى ارتكاب الجريمة بغرض تسويق هذه المشاهد من خلال (شبكة الإنترنت المظلمة)، حيث إن المصري المقيم في الكويت ثبت تجميعه فيديوهات ومقاطع فيديو مماثلة بهدف التربح من نشرها»، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن «التحقيقات مستمرة لكشف غموض الوقائع الأخرى بمعرفة الأمن العام».

وعقب واقعة «طفل شبرا» انشغل المصريون بالبحث عن «ما هو الإنترنت المظلم؟» وكيف يمكن تفادي مخاطره، وهو ما أجاب عنه الخبير في مجال تكنولوجيا المعلومات والأمن المعلوماتي في مصر، وليد حجاج، بقوله إن «هناك ثلاثة مستويات من متصفحات الإنترنت، السطحي والعميق والمظلم»، مشيراً إلى أن «المستوى المظلم» من أكثر المستويات تشفيراً، ويتم استخدامه في تنفيذ جرائم «تجارة السلاح والمخدرات والممنوعات وتجارة الأطفال والقتل وتجارة الأعضاء، وباستخدام تحويلات بعملات مشفرة».

وأضاف حجاج لـ«الشرق الأوسط» أن من أكثر المتصفحات المستخدمة في «الشبكة المظلمة»، متصفح «تور» (tor)، وهو من المتصفحات المغلقة في مصر، لكن يتم استخدامه عبر أدوات وتطبيقات وسيطة بالإنترنت. وأشار إلى أن «هذا المتصفح يطلق عليه (متصفح البصلة) في إشارة لكثرة طبقات وشبكات تشفيره، وأن مستخدمي هذه المواقع مجهولو الهوية ويرتدون أقنعة على الوجه (ماسك)، وبمجرد الاستخدام يمرون بشبكات تأمين كثيرة من مواقع كثيرة حول العالم، سواء بأفريقيا وأميركا وأوروبا بصورة يصعب تتبعها وملاحقتها». وقال إن «نسبة ملاحقة المجرمين عليها ضئيلة تصل إلى درجة معدومة».

مكتب النائب العام المصري في القاهرة (صفحة النيابة المصرية على فيسبوك)

ولم يختلف الخبير في أمن المعلومات بمصر، تامر محمد، في تقدير خطورة مواقع «الدارك ويب»، إذ أشار، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنها «غير خاضعة للرقابة والسيطرة، كما أنه يصعب حفظ عناوين مواقع متصفحي تلك الشبكة، لأنها مشفرة برموز وأرقام وحروف، وينتشر عليها القراصنة وعصابات تجارة الممنوعات حول العالم، كما أن هذه المواقع ينتشر عليها كل أنواع التجارة غير المشروعة مثل السلاح وأجهزة مراقبة المعلومات والبيانات المسروقة».

وفي عام 2020، ألقت قوات الأمن الأسترالية القبض على شاب عمره 26 عاماً كان يبيع المخدرات عبر «الإنترنت المظلم» بعد تأسيس منظمة خاصة به، وجمعه أكثر من 17 مليون دولار.

وفي الوقت الذي أشار فيه خبراء تكنولوجيا المعلومات إلى أن استخدام مواقع «الإنترنت المظلم» ليس جديداً على المنصات الإلكترونية، فإنهم لفتوا إلى أن المثير هو «ظهور جرائم ترتكب في مصر عبر تلك المنصات»، وهو ما أكده حجاج بقوله إن «بداية ظهور هذه المواقع كانت عام 2002، لكن الجديد في وصول تأثيرها داخل مصر»، موضحاً أن «داخل تلك المواقع ما يسمى (الغرف الحمراء) التي تُرتكب من خلالها جرائم القتل، وتجارة الأعضاء، والجرائم المخلة والإرهابية، أو نشر ثغرات أمنية لبنوك ومؤسسات حكومية، وتصنّف حسب تصويرها على الهواء مباشرة أو مسجلة».

في السياق، ما زالت واقعة «طفل شبرا» تلقى تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وتصدّر هاشتاغ «#طفل_شبرا»، «التريند» على «إكس»، السبت، وذكر حساب باسم «راجي عفو الله» على «إكس»، أن «المصيبة في جريمة (dark web)».

https://twitter.com/emaarw/status/1783879895325581805?s=48&t=U8X6OBO3RKeP47pTnDCQlw

في حين قال حساب باسم «هدى جنات» على «إكس»، إنه «من أجل الأموال، قام المتهم باختطاف طفل وتقطيعه وتصوير العملية من أجل بيع الفيديو لـ(dark web) كي يحصل على الأموال».

https://twitter.com/hodajannat/status/1784205356924547357

كما أشار حساب باسم «كويتي حر» على «إكس» إلى أن «المتهم لم تظهر عليه أي شكوك لكن رائحة الجثة في شقته كشفت الأمر، وهذه العملية ليست الأولى له في قتل وتقطيع الجثث بهدف بيعها لـ(الدارك ويب) بعد تصويرها».

https://twitter.com/Kuwaity__7r/status/1784129742695801129


جدل ليبي بشأن تلقي «النواب» ملفات مرشحين لـ«الحكومة الجديدة»

من جلسة سابقة لمجلس النواب (المجلس)
من جلسة سابقة لمجلس النواب (المجلس)
TT

جدل ليبي بشأن تلقي «النواب» ملفات مرشحين لـ«الحكومة الجديدة»

من جلسة سابقة لمجلس النواب (المجلس)
من جلسة سابقة لمجلس النواب (المجلس)

أثار إعلان مجلس النواب الليبي تلقيه ملفات عدد من المرشحين لرئاسة «الحكومة الجديدة» جدلاً وانتقاداً واسعَين في البلاد، بين مَن عدّ هذه الخطوة «تحركاً فردياً» من البرلمان، ومَن رأى أنها «أمر غير مقبول».

ولم يصدر عن المجلس أي تأكيد أو نفي للخبر الذي أعلنه منتصف الأسبوع الماضي فتحي المريمي، المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح، في وقت قالت فيه عضو المجلس الأعلى للدولة، نعيمة الحامي، إن مجلسها «ليس لديه علم» بهذه الخطوة.

عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي (مكتب صالح)

وتساءل متابعون للشأن الليبي حول «الحكومة الجديدة»، التي تكرر الحديث عنها كثيراً، وذلك منذ اللقاء السابق الذي جمع صالح، والرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، بالمغرب في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، دون أن ترى النور حتى الآن.

وعبّر عضو مجلس النواب الليبي، حسن الزرقاء، عن تفهمه للجدل الذي أثاره إعلان فتح باب الترشح لرئاسة «الحكومة الجديدة»، ورأى أن تكرار الحديث والإشارة لقرب تشكيلها، دون أي مؤشرات تؤكد جدية تحققها على أرض الواقع، «أصاب الشارع الليبي بإحباط واسع». وقال الزرقاء لـ«الشرق الأوسط» إن أغلبية الليبيين «يرغبون في إجراء الانتخابات، لكنهم باتوا يدركون صعوبة تحقق ذلك في ظل التعثر المستمر في تشكيل الحكومة، التي من المفترض أن تمهد لها، وذلك بسبب الخلافات السياسية حولها، وتعنت مواقف بعض القوى المحلية».

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة (الوحدة)

وفي منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2023 تعهد صالح بالعمل على تشكيل حكومة قبل نهاية العام لتشرف على الانتخابات، لكن في ظل عدم تحقق الأمر، عاد ليشير مجدداً في مارس (آذار) الماضي إلى أنه «يتوقع تشكيل حكومة موحدة خلال شهر رمضان»، وهو ما لم يتحقق أيضاً.

وتوجد في ليبيا حكومتان: الأولى في طرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والثانية في شرق ليبيا، ويقودها أسامة حماد.

وتوقّع الزرقاء أن يعلن صالح خلال الجلسة الرسمية، التي ستُعقد (الاثنين)، موقفه مما صرح به مستشاره الإعلامي، مرجحاً أن يكون تحرك صالح - إذا ثبت فعلاً تسلمه ملفات مرشحين - قد جاء في إطار ما أعلنته المفوضية العليا للانتخابات بأنها «ماضية في التحضير للاستحقاقات الانتخابية»، وأنها «في انتظار الاتفاق على الحكومة، التي ستشرف على إجراء الانتخابات».

واستبعد الزرقاء أن «ينفرد البرلمان بتشكيل الحكومة الجديدة، وإلا عدّ الأمر بالفعل تكراراً لحكومة حماد»، وقال بهذا الخصوص: «من المؤكد أنه ستكون هناك لقاءات مشتركة للبرلمان مع المجلس الأعلى للدولة، ومع البعثة الأممية والدول المنخرطة بقوة في الساحة الليبية؛ للتوافق على تشكيل الحكومة ودعمها، فمن دون ذلك لن يغادر الدبيبة السلطة».

وتحدث الزرقاء عن وجود موجة من الانتقادات، وذلك لعدم توضيح البرلمان موقفه بشأن ما صرح به المريمي، خصوصاً من قبل كتلة أعضاء «الأعلى للدولة»، الذين التقوا أعضاء البرلمان في تونس نهاية فبراير (شباط) الماضي، وتوافقوا معاً على «تشكيل حكومة وطنية، يتم اختيار رئيسها بشكل شفاف ونزيه».

أسامة حماد رئيس حكومة «الاستقرار» الموازية (الاستقرار)

ووفق خريطة الطريق للمسار التنفيذي للقوانين الانتخابية، التي أعدتها لجنة مشتركة من مجلسَي النواب والأعلى للدولة (6 + 6)، يتوجب أن تُدعَم ملفات المرشحين لرئاسة الحكومة بتزكية 15 عضواً برلمانياً، و10 من أعضاء «الأعلى للدولة»، وتقدم للجنة مُشكّلة من مقرري المجلسَين، ويتم التصويت أولاً بالاقتراع السري داخل «الأعلى للدولة» على قائمة المرشحين النهائية، ثم تُحال النتيجة للبرلمان ليدعو لجلسة رسمية علنية للتصويت، واختيار رئيس للحكومة.

وربطت أوساط ليبية بين ما تم التصريح به بشأن رئاسة الحكومة الجديدة، وبين الاجتماع الذي ضم وزيرَي الخارجية التركي هاكان فيدان، والمصري سامح شكري الأسبوع الماضي في إسطنبول، حيث ذهب البعض إلى أن رئيس البرلمان يحاول البحث عن شخصية مقبولة من أنقرة لتولي رئاسة الحكومة؛ ليضمن بذلك موافقة العاصمة التركية على إزاحة الدبيبة، الذي يتمتع بعلاقات قوية مع صناع القرار بها.

بالمقابل، فسر بعض المراقبين الإجراء بكونه محاولة من صالح لفرض أمر واقع بشأن تشكيل الحكومة الجديدة، قبل أن تباشر الدبلوماسية الأميركية ستيفاني خوري مهامها في رئاسة البعثة الأممية بالإنابة.

أما المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، فقلل بدرجة كبيرة من تصريح المستشار الإعلامي لصالح، وقال إنه «ليس أكثر من بالون اختبار لقياس ردود الفعل، قبل الإقدام على أي تحرك».

وأضاف محفوظ متسائلاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «ماذا يستفيد صالح من التراجع عن مخرجات اجتماع القاهرة الثلاثي، الذي جمعه برئيسي المجلس الرئاسي محمد المنفي، والأعلى للدولة محمد تكالة، برعاية الجامعة العربية، الذي نصّ على تشكيل لجنة فنية لمراجعة القوانين الانتخابية لتوسيع قاعدة القبول بها، ومن ثم الشروع في تشكيل حكومة موحدة للإشراف على الانتخابات؟».

وتوافق محفوظ مع ما يُطرح بشأن عدم اكتراث غالبية الليبيين بقضية الحكومة. وقال إن «جل الليبيين باتوا يدركون أن توافق البرلمان و(الأعلى للدولة) حول تشكيل حكومة جديدة، حال تحققه، لا يعني سوى تمديد المرحلة الانتقالية»، وإن تلك الحكومة هي «صفقة جديدة يتم فيها تقاسم السلطة والمقاعد الوزارية بينهما».


«الوحدة» الليبية تتجاهل مطالب محلية بإجراء الانتخابات البلدية

النائب العام الليبي خلال لقائه مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية (مكتب النائب العام)
النائب العام الليبي خلال لقائه مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية (مكتب النائب العام)
TT

«الوحدة» الليبية تتجاهل مطالب محلية بإجراء الانتخابات البلدية

النائب العام الليبي خلال لقائه مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية (مكتب النائب العام)
النائب العام الليبي خلال لقائه مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية (مكتب النائب العام)

التزمت حكومة الوحدة الليبية «المؤقتة»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، الصمت حيال إعلان أهالي بلديات النواحي الأربع في العاصمة طرابلس، «رفض ضمّها وسوق الجمعة وعين زارة في منطقة واحدة».

وطالب الأهالي الدبيبة بسرعة إجراء الانتخابات البلدية لقطع الطريق على ما وصفوه بـ«أصحاب الأجندات الساعين للتجارة بمناطقهم». وعبّروا في بيان، عقب وقفة احتجاجية، اليوم (السبت)، في منطقة سوق الخميس، عن رفضهم مشروع الضمّ المقترح، واتهموا من وصفوهم بـ«أصحاب الأطماع» بـ«السعي لتوظيف المنطقة لأجندات شخصية، بهدف الهيمنة على كتلة برلمانية في الانتخابات المقبلة». ومع ذلك، لم يصدر أي بيان رسمي من حكومة «الوحدة»، أو وزارتها للحكم المحلي، رداً على هذه المطالب.

طالب سكان طرابلس الدبيبة بسرعة إجراء الانتخابات البلدية لقطع الطريق على «أصحاب الأجندات» (أ.ف.ب)

من جهة أخرى، وفيما يشبه استعراض القوة، نشرت السبت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» صوراً لما وصفته بـ«التجهيز والاستعداد للجمع العام الأول لمكوناتها بمطار طرابلس العالمي». وقالت حكومة الوحدة، في بيان مقتضب عبر منصة «إكس»، إن «40 ألف عنصر أمن شاركوا في هذا الجمع»، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.

إلى ذلك، اقترح وزير الداخلية بحكومة الاستقرار «الموازية»، عصام أبو زريبة، إنشاء مستشفى ميداني في المنطقة المحايدة بين ليبيا والسودان، بهدف منح بطاقة صحية للنازحين السودانيين، بالإضافة إلى تأسيس مخيم لمن لا يملك أوراقاً ثبوتية منهم، حتى يتم التأكد من صحة معلوماتهم، بإشراف وزارة الصحة و«الهلال الأحمر».

وزير الداخلية بحكومة الاستقرار عصام أبو زريبة اقترح إنشاء مستشفى ميداني في المنطقة المحايدة بين ليبيا والسودان (الاستقرار)

وقالت حكومة «الاستقرار»، في بيان، إن الاجتماع الذي عقدته، مساء الجمعة، لجنتها الوزارية مع رئيس اللجنة التسييرية للجالية السودانية في بلدية الكفرة، الأمين كرم الدين، أكد التزامها بتقديم الجهود اللازمة كافة لمساعدة النازحين، وتوفير الظروف الملائمة لهم في الكفرة، مشيرة إلى أن الاجتماع ناقش أيضاً جميع الملفات المتعلقة بالجالية السودانية النازحة في الكفرة، بما في ذلك الإجراءات المتخذة لتوفير المساعدات اللازمة لهم.

كما شدّد أبو زريبة، خلال اجتماع أمني موسع مع مدير أمن الكفرة، وعدد من مديري الإدارات والأجهزة الأمنية، على «ضرورة وضع عملية تنظيمية لمديرية الأمن وهذه الأجهزة، نظراً لأهميتها في ضمان الأمن القومي الليبي»، مؤكداً على «ضرورة التعاون والتنسيق الكامل بين جميع الجهات التابعة للوزارة في الكفرة، خلال هذه الفترة بشكل خاص».

من جهته، قال النائب العام الليبي، الصديق الصور، في بيان، مساء الجمعة، إنه بحث مع نائبة المدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية، وعدد من مساعديه، بحضور منسق ليبيا لدى المحكمة، «تطورات أبحاث مكتب المدعي العام لدى المحكمة حيال الانتهاكات الجسيمة المرتكبة في مدينة ترهونة من منظور مفهوم التكامل بين القضائيين الوطني والدولي».

من جهة ثانية، أعلن «اللواء 444 قتال»، التابع لحكومة «الوحدة»، أن عناصره تمكنت مساء الجمعة من ضبط شاحنة وقود، كانت تحمل 40 ألف لتر من الوقود المهرّب، إضافة إلى 3 شاحنات تحمل مواد البناء مخبأة بها آلاف اللترات من الوقود المهرب، متجهة إلى الحدود الجنوبية للبلاد.


مصر: تفاعل مع أزمة «فصل» طالبة مريضة من جامعة حكومية

إحدى المحاضرات في كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي (صفحة جامعة حلوان على «فيسبوك»)
إحدى المحاضرات في كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي (صفحة جامعة حلوان على «فيسبوك»)
TT

مصر: تفاعل مع أزمة «فصل» طالبة مريضة من جامعة حكومية

إحدى المحاضرات في كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي (صفحة جامعة حلوان على «فيسبوك»)
إحدى المحاضرات في كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي (صفحة جامعة حلوان على «فيسبوك»)

عادت أزمة «فصل» طالبة مصرية مريضة من جامعة حكومية إلى «التريند» مجدداً، (السبت)، في أعقاب إصدار كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي بجامعة حلوان (جنوب القاهرة) بياناً، مساء الجمعة، تنفي فيه «التعنت مع الطالبة» و«عدم مراعاة إصابتها بمرض السرطان وتلقيها العلاج».

وكتبت الطالبة سارة هشام (في الفرقة الثانية بكلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي) تدوينة، (الخميس)، عبر صفحتها بـ«فيسبوك»، تحدثت فيها عن «تعنت وكيلة الكلية معها، ومنعها من دخول مادة في امتحان الفصل الدراسي الأول؛ بسبب سيرها ببطء بالطريق المؤدية للجنة الامتحانات، مما أدى إلى تعثرها في التقديرات التراكمية بالكلية، وتسبب في صدور قرار بفصلها، رغم محاولتها استكمال دراستها بالتزامن مع علاجها من السرطان»، وذلك بحسب ما جاء في تدوينة الطالبة سارة.

وكان بيان كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي، مساء الجمعة، قد تضمن تأكيد أن قرار فصل أي طالب يصدر من مجلس الكلية بموافقة أعضاء المجلس، مع تأكيد ضرورة انتظام حضور الطلاب بنسبة «لا تقل عن 75 في المائة من أيام الدراسة». ونفت الكلية بشكل قاطع «وجود تعسف بحق الطالبة سارة». وأشارت الكلية إلى أنها «تتعاطف مع الحالات الإنسانية كافة»، مؤكدة «منح الطالبة فرصة استثنائية أخيرة لرفع المعدل التراكمي تقديراً لحالتها الصحية».

ولاقت أزمة الطالبة المصرية تفاعلاً كبيراً عبر منصة «إكس»، وتفاعل مغردون، (السبت)، مع هاشتاغ «#خليها_رأي_عام». وانتقد حساب باسم «محمد أمين» عبر «إكس»، بعض «الإجراءات الخاصة بالطلاب في بعض الكليات»، كما رفض حساب باسم «محمد سامح» عبر «إكس»، «ما جاء في بيان الكلية حول الواقعة».

أيضاً دعا حساب باسم «أميرة» إلى «ضرورة التحقيق في الواقعة».

الطالبة «المفصولة» سارة قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «بيان الكلية احتوى على عديد من المغالطات»، خصوصاً أنها «لم تبلغ بطبيعة مرضها وظروفها الصحية؛ إلا بعد أزمتها مع وكيلة الكلية في امتحانات الفصل الدراسي الماضي».

وأشارت إلى أن الكلية «لم تتسلم منها أي أوراق تفيد بحالتها المرضية ورحلة علاجها المستمرة على مدار أكثر من عام ونصف العام». وأضافت سارة أنها «تعاني من سرطان الحنجرة، وتواصل الخضوع للعلاج من المرض، لكنها اضطرت لتأجيل بعض الإجراءات الطبية حتى يمكنها التركيز بالامتحانات»، لافتة إلى أن «واقعة حرمانها من دخولها الامتحان في يناير (كانون الثاني) الماضي، كانت السبب الرئيسي في عدم تحقيقها المعدل التراكمي للاستمرار في الدراسة».

سارة أوضحت أنها «نجحت في العام الدراسي الأول لها بالكلية من دون أي مشكلات، لكن تحصيلها الدراسي بدأ يتأثر بشكل كبير؛ بسبب مرضها ورحلة العلاج، خصوصاً مع ازدياد المرض وانتشاره على الرغم من تلقيها العلاج»، لافتة إلى أنها «حُرمت من التسجيل في الفصل الدراسي الحالي بعد توقيع قرار فصلها قبل أيام قليلة».

وأغلقت جامعة حلوان التعليقات عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي بعد عديد من التعليقات «المتضامنة مع الطالبة سارة»، بما فيها التعليق على بيان رسمي عن دعوة الطالبة لمكتب نائب رئيس الجامعة لـ«بحث حالتها؛ حرصاً من الجامعة على معالجة أي مشكلات أو عقبات قد تعترض مسيرة الطلاب الأكاديمية بشكل عادل ومنصف»، وفق إفادة الجامعة، مساء الجمعة.

من جهته، أكد نائب رئيس جامعة حلوان لشؤون التعليم والطلاب، الدكتور حسام الرفاعي، لـ«الشرق الأوسط» أن «الطالبة صدر بحقها قرار فصل نهائي من الكلية، وهو الأمر الذي سيتم بحثه بشكل أكثر تفصيلاً، الأحد المقبل، خلال استقبالي الطالبة ومناقشتها في تفاصيل ما كتبته عبر حسابها على (فيسبوك)». وأضاف الرفاعي أنه «طلب من كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي الموقف الكامل للطالبة من أجل الاطلاع عليه، وبحث ما يمكن تقديمه ومساعدتها فيه»، مشيراً إلى أن «طبيعة الدراسة في الكلية تجعل هناك التزاماً بلوائح وقوانين محددة، وخلال لقاء الطالبة سيتم بحث ما يمكن تقديمه من مساعدة لها في ضوء تطبيق روح القانون».


«هدنة غزة» تنتظر رد «حماس» وتجاوب إسرائيل

مبانٍ مدمرة في شمال غزة بعد قصف إسرائيلي في وقت سابق (أ.ف.ب)
مبانٍ مدمرة في شمال غزة بعد قصف إسرائيلي في وقت سابق (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة» تنتظر رد «حماس» وتجاوب إسرائيل

مبانٍ مدمرة في شمال غزة بعد قصف إسرائيلي في وقت سابق (أ.ف.ب)
مبانٍ مدمرة في شمال غزة بعد قصف إسرائيلي في وقت سابق (أ.ف.ب)

دخلتْ مفاوضات الهدنة الرامية للاتفاق على صفقة لـ«تبادل الأسرى»، ووقف إطلاق النار في قطاع في غزة، مرحلة «الفرصة الأخيرة»، أملاً في أن يُسهم الاتفاق إلى تأجيل أو إلغاء عملية عسكرية واسعة تقول إسرائيل إنها «تعتزم تنفيذها في مدينة رفح الفلسطينية جنوب غزة». وبينما تبذل القاهرة جهوداً مكثفةً لإحياء المفاوضات، فإن الأمل لا يزال معلقاً بمدى التجاوب الإسرائيلي مع المقترح المصري، وبرد حركة «حماس» عليه.

وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، السبت، أن «الأولوية القصوى هي وقف نزيف الدم الفلسطيني»، مشيراً إلى «العمل المكثف مع مختلف الأطراف الدولية والإقليمية لوقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين، وإنفاذ المساعدات الإغاثية بالكميات الكافية لتخفيف حدة الأزمة الإنسانية المتفاقمة بقطاع غزة».

جاءت تأكيدات السيسي خلال لقاء رؤساء المجالس والبرلمانات العربية المشاركين في المؤتمر السادس للبرلمان العربي المنعقد بالقاهرة. وحسب إفادة رسمية للمتحدث باسم الرئاسة المصرية، أحمد فهمي، السبت، فقد استعرض الرئيس المصري خلال اللقاء «الجهود المصرية لتهدئة الأوضاع في غزة، وحماية المنطقة من توسع الصراع»، مؤكداً «استمرار الجهود المكثفة، على شتى الأصعدة، لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، على رأسها حقه في دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».

السيسي خلال لقاء رؤساء المجالس والبرلمانات العربية في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وأجرى وفدٌ أمنيٌّ مصريٌّ، الجمعة، مباحثات مع مسؤولين في تل أبيب، بشأن إطار اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. ونقلت قناة «القاهرة الإخبارية» عن مصدر رفيع المستوى، لم تسمه، تأكيده، مساء الجمعة، أن «هناك تقدماً ملحوظاً حدث في محاولات تقريب وجهات النظر بين الوفدين المصري والإسرائيلي بشأن الوصول إلى هدنة بغزة».

كانت الحركة قد سلمت إلى الوسطاء الشهر الحالي ردها على مقترح إسرائيلي، مشددةً على «التمسك بمطالبها ومطالب الشعب الوطنية التي تتمثل بوقف دائم لإطلاق النار وانسحاب الجيش من كامل قطاع غزة وعودة النازحين إلى مناطقهم وأماكن سكناهم، وتكثيف دخول الإغاثة والمساعدات والبدء بالإعمار». لكن إسرائيل ترفض وقفاً دائماً للنار وانسحاباً كاملاً لقواتها من غزة، ويهدد رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بـ«اجتياح مدينة رفح»، التي يقول إنها «آخر معاقل (حماس)».

وتحذر مصر ودول عدة من مخاطر تنفيذ عملية عسكرية واسعة في رفح، التي تؤوي نحو 1.5 مليون نازح فلسطيني، يعانون نقصاً في الإمدادات الغذائية والخدمات. ونقلت هيئة البث الإسرائيلية، الجمعة، عن مسؤول أمني قوله إن هذه هي «الفرصة الأخيرة... إما أن يعود المختطفون في صفقة تؤخر الدخول إلى رفح، أو ندخل الحرب في رفح، ونتركها كما تركنا شمال ووسط القطاع لـ(حماس)».

بدوره، رفض مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، الربط بين اتفاق التهدئة في غزة، وبين مخططات إسرائيل لاجتياح مدينة رفح. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الهدنة لا علاقة لها باجتياح رفح، وفي أقصى تقدير قد تؤجل العملية العسكرية؛ لكنها لن تؤثر على القرار الإسرائيلي في هذا الشأن».

فلسطينية نزحت بسبب القصف الإسرائيلي على قطاع غزة تطبخ في مخيم الخيام المؤقت بمنطقة المواصي (أ.ب)

وحتى الآن لم تعلن إسرائيل موقفها من المقترح المصري، لكن صحفاً إسرائيلية أشارت إلى «مباحثات إيجابية». وقالت هيئة البث الإسرائيلية، السبت، إن «أغلبيةً في حكومة نتنياهو باتت تؤيد بنود صفقة جديدة اقترحتها مصر وتم نقلها لحركة (حماس) بهدف التوصل لاتفاق لتبادل الأسرى ووقف مؤقت لإطلاق النار».

وذكرت الهيئة، نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين، أن «المقترح المصري يقضي بإطلاق سراح ما بين 20 إلى 40 محتجزاً إسرائيلياً مقابل وقف إطلاق النار لمدة يوم أو أكثر قليلاً عن كل محتجز يطلق سراحه». وأشارت الهيئة إلى أن «نتنياهو لا يفضل الاتفاق الجزئي، ويهتم بالتوصل إلى اتفاق شامل يتم بموجبه إطلاق سراح جميع المحتجزين». لكن «التوصل إلى اتفاق شامل ليس مطروحاً على الطاولة، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن حركة (حماس) تريد إنهاء الحرب مقابل ذلك، وهو المطلب الذي تعارضه إسرائيل»، حسب مسؤول إسرائيلي.

وبينما رحب مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق بالجهود الرامية لإتمام الاتفاق، تساءل عن الخطوة التالية بعده، وقال: «ماذا بعد مرور فترة الهدنة، هل سيكون هناك بندٌ في الاتفاق يتناول الفترة التالية له، أم أنه محاولة لكسب الوقت دون التعامل مع القضايا الجوهرية والمتعلقة بإنهاء الحرب بصورة كاملة، وتحديد توقيتات انسحاب إسرائيل من قطاع غزة، ونوع السلطة التي ستباشر الأمور المحلية في القطاع بالمستقبل».

دخان تصاعد فوق وسط قطاع غزة بعد قصف إسرائيلي في وقت سابق (أ.ف.ب)

وأكد هريدي أنه «طوال الفترة الماضية تعثرت جهود الوساطة بسبب حسابات لدى طرفي المفاوضات (حماس وإسرائيل)»، متسائلاً: «هل تغيرت هذه الحسابات ليصبح هناك أمل في إتمام الاتفاق؟».

ومنذ نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، يسعى الوسطاء في مصر وقطر والولايات المتحدة للوصول إلى اتفاق بين حركة «حماس» وإسرائيل، استناداً إلى «إطار اتفاق من ثلاث مراحل» تم التوافق عليه في اجتماع عُقد في باريس، بحضور رؤساء استخبارات مصر والولايات المتحدة وإسرائيل، إضافة إلى رئيس الوزراء القطري، ووصفت نتائجُه في حينه بـ«البناءة». لكنها لم تسفر عن اتفاق حتى الآن. وكانت القاهرة قد استضافت آخر جولة من المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة «حماس» في 10 أبريل (نيسان) الحالي. وأكد مصدر مصري في حينه أنها شهدت «تقدماً ملحوظاً»، مع إشارة إلى «استئنافها خلال يومين». لكن ذلك لم يحدث.


المهاجرون في تونس ينتظرون العبور لأوروبا رغم المخاطر

نحو 20 ألف مهاجر يتحينون في ظروف مزرية فرصة الهروب للقارة العجوز بواسطة قوارب الموت (أ.ب)
نحو 20 ألف مهاجر يتحينون في ظروف مزرية فرصة الهروب للقارة العجوز بواسطة قوارب الموت (أ.ب)
TT

المهاجرون في تونس ينتظرون العبور لأوروبا رغم المخاطر

نحو 20 ألف مهاجر يتحينون في ظروف مزرية فرصة الهروب للقارة العجوز بواسطة قوارب الموت (أ.ب)
نحو 20 ألف مهاجر يتحينون في ظروف مزرية فرصة الهروب للقارة العجوز بواسطة قوارب الموت (أ.ب)

يمضي آلاف المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء يومهم في حقول زيتون بالقرب من صفاقس في تونس، وهم يطبخون لحم دجاج قاسياً، ويقيمون تحت شوادر بلاستيكية، بانتظار رحلة محفوفة بالمخاطر إلى أوروبا عن طريق البحر باستخدام «قوارب الموت».

وتؤكد عدة مصادر محلية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن ثمة ما لا يقل عن 20 ألف شخص ينتشرون في نحو 15 مخيماً مؤقتاً بالقرب من بلدتي العامرة وجبنيانة الزراعيتين في شمال محافظة صفاقس (وسط). وقد شرع هؤلاء بإقامة أكواخ بأغصان الأشجار، بدءاً من منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، بعدما طردوا ونقلوا بحافلات من وسط مدينة صفاقس. وبعد ذلك التحق بهم آلاف آخرون أتوا مشياً إلى حقول الزيتون، حيث يتحينون الفرصة المناسبة للصعود إلى قوارب متهالكة، والإبحار باتجاه الشواطئ الإيطالية بشكل غير نظامي.

عدد من المهاجرين بمخيم جبنيانة شمال صفاقس في انتظار فرصة الهجرة سراً نحو أوروبا (د.ب.أ)

إبراهيم (اسم مستعار) واحد من هؤلاء، غادر بلاده غينيا منذ أكثر من عام للهجرة إلى أوروبا من أجل «توفير احتياجات والدته المريضة وأخيه الصغير». ودخل تونس عبر الحدود مع الجزائر، قبل أن يصل إلى حقول الزيتون قبل ثلاثة أشهر، في خضم فصل الشتاء بعدما مشى لمدة 20 يوماً.

مهاجرون يؤدون الصلاة جماعة بمخيم جبنيانة شمال صفاقس (د.ب.أ)

يقول إبراهيم، الطالب الجامعي البالغ 17 عاماً، واصفاً حياته وسط المخيم: «الوضع صعب للغاية هنا، حتى بالنسبة للتسوّق، فنحن نتنقل سرّاً. يمكننا الخروج للبحث عن عمل، ولكن في نهاية الشهر عندما يتعين عليهم دفع الراتب يقومون بالاتصال بالشرطة». ومطلع العام الفائت، أطلق الرئيس التونسي قيس سعيّد تصريحات تستهدف المهاجرين غير النظاميين من جنسيات دول أفريقيا جنوب الصحراء، كان لها وقع شديد على وجودهم في البلاد. ونتيجة لذلك فقد المئات منهم مصادر رزقهم غير الرسمية في قطاعات مختلفة؛ كالبناء والمطاعم والمصانع الصغيرة، قبل أن يتم طردهم من مساكنهم. وفي 2023، ركب عشرات الآلاف البحر مجازفين بحياتهم، انطلاقاً من صفاقس، مركز انطلاق هذه الرحلات في تونس.

مهاجرون من جنسيات مختلفة

بالقرب من منطقة العامرة الزراعية، وداخل أكواخ مؤلفة من شوادر بلاستيكية، وأنابيب ريّ أخذت من الحقول، يمضي هؤلاء المهاجرون الليل على حصائر بالية في مجموعات من خمسة إلى عشرة أشخاص. وينقسم هؤلاء المهاجرون إلى ثلاث مجموعات. فالمتحدثون بالفرنسية في مكان، والناطقون بالعربية والإنجليزية في مكانين آخرين، وهم في غالبيتهم رجال، لكن ثمة نساء وأطفالاً أتوا من غينيا والسودان وسيراليون ونيجيريا وغيرها. وهؤلاء النسوة يقمن بإعداد حساء بلحم دجاج قاس، يشكل الطبق الرئيسي لغالبية المهاجرين.

غالبية المهاجرين رجال لكن ثمة نساء وأطفالاً أتوا من غينيا والسودان وسيراليون ونيجيريا وغيرها (أ.ف.ب)

يروي إبراهيم معاناته داخل المخيم في فصل الشتاء البارد: «كان الشتاء قاسياً جداً هذا العام، لكننا تمكنا من الصمود بفضل التضامن بين الإخوة الأفارقة... فإذا كان لدى شخص ما طعام وأنت لا تملكه، يعطيك بعضاً منه». في أوائل أبريل (نيسان) الجاري، وزّعت منظمة «الهلال الأحمر التونسي» و«المنظمة الدولية للهجرة» على المهاجرين سلالاً، تحوي مواد غذائية استفاد منها 7 آلاف شخص. ويفيد المتحدث الرسمي باسم منظمة «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية»، رمضان بن عمر، بأن تونس «تتحول إلى مركز احتجاز فعلي بسبب اتفاقيات مراقبة الحدود مع الاتحاد الأوروبي». ولذلك يطالب غالبية المهاجرين بالمساعدة من أوروبا، وإخراجهم من هذا الوضع.

مهاجرة أفريقية داخل أحد المخيمات التي بناها مهاجرون بضواحي صفاقس (أ.ف.ب)

ويتابع إبراهيم معرباً عن قلقه على الصعيد الصحي: «أنجبت الكثير من النساء هنا، ويوجد مرضى لكننا لا نستطيع الوصول إلى صيدلية أو مستشفى». فيما يؤكد مصدر في محافظة صفاقس أن كل يوم يولد طفل مهاجر في مستشفى جبنيانة، وأن الكثير من النساء الحوامل لا يخضعن لمتابعة. لكن الوضع الصحي يهدد بالتفاقم أكثر مع قدوم فصل الصيف الحار. وفي هذا السياق تقول سليمة البالغة 17 عاماً: «أنا هنا للعبور مع ابنتي الصغيرة البالغة من العمر 4 أشهر، لكن لا يوجد طعام ولا ماء ولا حفاضات للطفلة، ولذلك نضع البلاستيك تحت أردافها». لكنها عازمة رغم كل شيء على «الانتظار حتى يفتح المهربون أبواب المغادرة».

«العبور سباحة» نحو أوروبا

قامت قوات الأمن التونسية في الأسابيع الفائتة بحجز الخيام الصغيرة، وتدمير بعضها إثر شكاوى تقدم بها سكان في المنطقة. وشاهد فريق «وكالة الصحافة الفرنسية» في المكان بقايا شوادر بلاستيكية ممزقة، وقنابل مسيلة للدموع مرمية على الأرض. يقول سوكوتو (اسم مستعار) (22 عاماً)، الذي غادر غينيا قبل ثلاث سنوات: «الشرطة ترهقنا كثيراً، وأمس تم طردي من المحلات التجارية (في العامرة)». يحضر محمد البكري، التاجر الخمسيني وأحد سكان منطقة العامرة، بعض الماء والطعام للمهاجرين، لكنه يؤكد أن إزالة الخيام «ليس هو الحل، بل يجب على الدولة أن تجد حلاً عمليّاً. لم يكن حلاً أصلاً جلبهم إلى العامرة التي تسكنها 32 ألف نسمة، ولدينا الآن 28 ألف شخص من جنسيات دول جنوب الصحراء».

مهاجرون يبحثون عن الدفء داخل أحد مخيمات جبنيانة في شمال محافظة صفاقس (د.ب.أ)

وعلى الرغم من التوترات وهشاشة الوضع، لا يرغب أي من المهاجرين في العودة إلى بلدانهم. ويؤكد سوكوتو: «لقد خرجت لمساعدة عائلتي، وعانيت كثيراً للوصول إلى هنا، ولن أعود إلى غينيا حتى لو اضطررت إلى السباحة للعبور»..


خطوة فرنسية لـ«طي آلام الذاكرة» المشتركة مع الجزائر

الرئيسان الجزائري والفرنسي في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري والفرنسي في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
TT

خطوة فرنسية لـ«طي آلام الذاكرة» المشتركة مع الجزائر

الرئيسان الجزائري والفرنسي في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري والفرنسي في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

بينما اتخذت إحدى بلديات ضواحي باريس خطوة نحو إحداث انفراجة في «أزمة الذاكرة» بين الجزائر وفرنسا، يرتقب أن يزور وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورني الجزائر، في إطار التحضيرات الجارية لتنظيم زيارة للرئيس عبد المجيد تبون إلى باريس، المقررة الخريف المقبل.

وزير خارجية فرنسا ستيفان سيجورني (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

وتكريماً لآلاف الجزائريين الذين قتلهم البوليس الاستعماري بشرق الجزائر في 8 مايو (أيار) 1945، أعلنت بلدية نانتير الفرنسية عن افتتاح رسمي للوحة تذكارية، وإزاحة الستار عنها في وسط المدينة، تخلَد الذكرى الأليمة، وذلك بمناسبة مرور 79 سنة على «مجازر سطيف وقالمة وخراطة»، وهي ثلاث مدن بشرق البلاد، خرج عشرات الآلاف من سكانها إلى شوارعها، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية لمطالبة فرنسا بالوفاء بتعهداتها بتسليم الاستقلال إلى مستعمراتها، في حال انتصرت على ألمانيا النازية في الحرب. وكانت فرنسا استعانت بآلاف الجزائريين، ومن مستعمراتها الأفريقية الأخرى، في حربها ضد بلدان المحور.

غير أن البوليس الفرنسي واجه المظاهرات بقمع وحشي، فقتل 45 ألف جزائري في يوم واحد، وفق شهادات من عاشوا الأحداث، وكتب دوّنت لهذه الوقائع الأليمة.

صورة أرشيفية لمظاهرات 8 مايو 1945 بشرق الجزائر (مؤسسة الأرشيف الجزائري)

ووفق جمعيات بالمجتمع المدني بفرنسا، سيتم وضع اللوحة التذكارية بالقرب من المبنى القديم لقنصلية الجزائر بنانتير.

وتأتي هذه الالتفاتة، ذات الأبعاد السياسية الهامة، في سياق مسعى متفق عليه بين الرئيسين الجزائري عبد المجيد تبون، والفرنسي إيمانويل ماكرون، يخص «لملمة جراح الماضي»، أو ما يعرف بـ«محاولات طي آلام الذاكرة». وكان ماكرون قد وصف خلال حملته الانتخابية الأولى عام 2017 استعمار الجزائر بأنه «جريمة ضد الإنسانية»، وعبر عن رغبته في أن تتقدم العلاقات الجزائرية -الفرنسية، بالرغم من عداوات الماضي. غير أنه واجه ردود فعل عنيفة في الجزائر خلال ولايته الأولى، حين رفض إصدار اعتذار رسمي بسبب الجرائم التي ارتكبت في الجزائر، وعرض بدلاً من ذلك «أفعالاً رمزية» تهدف لـ«تشجيع المصالحة».

ومن بين هذه الأفعال، اعترافه في سبتمبر (أيلول) 2018 بمسؤولية الجيش الاستعماري عن مقتل، واختفاء موريس أودان، أستاذ الرياضيات والمناضل الشيوعي الذي كان مؤيداً لاستقلال الجزائر، مما عرضه للتعذيب في 1957. وروجت الرواية الرسمية للاستعمار آنذاك أنه «اختفى في ظروف غامضة بعد أن كانت الأبحاث جارية عنه».

ملصقة تخص اللوحة التذكارية لمجازر 8 مايو 1954 (جمعيات فرنسية مهتمة بالتاريخ)

وفي مارس (آذار) 2021 قدم ماكرون اعترافاً صريحاً بمسؤولية فرنسا عن تعذيب وقتل المحامي الجزائري الشهير علي بومنجل عام 1957، وذلك بعد فترة قصيرة من اعتقاله، في حين ادعى الفرنسيون أنه «انتحر برمي نفسه من طابق علوي من مقر الشرطة»، حيث كان يجري التحقيق معه، بخصوص نضاله في صفوف «جبهة التحرير الوطني».

وتأتي مبادرة اللوحة التذكارية لـ«مجازر الثامن من مايو 1945»، عشية زيارة مرتقبة لرئيس الدبلوماسية الفرنسي، ستيفان سيجورني، إلى الجزائر، حيث سيلتقي بنظيره أحمد عطاف، وأطر الخارجية الجزائرية، وذلك في إطار الترتيبات الجارية للزيارة التي ستقود الرئيس عبد المجيد تبون إلى باريس في نهاية سبتمبر أو بداية أكتوبر (تشرين الأول)، حسب اتفاق جرى بين الرئيسين أثناء مكالمة هاتفية جرت في 11 مارس الماضي.

وفي لقاء جمعه بالصحافة المحلية، أول من أمس الخميس، أكد عطاف أنه «لا توجد أي مشاكل في العلاقات الجزائرية -الفرنسيةّ»، وأن هناك «لقاءً قريباً سيجمعه مع نظيره الفرنسي، تحضيراً لاستحقاقات مقبلة بين البلدين».

ومن المقرر أن تكون «قضية الذاكرة» من أهم الملفات التي سيبحثها تبون أثناء الزيارة، التي تم تأجيلها مرتين خلال عام 2023، بسبب خلافات حول «الذاكرة» تحديداً، وخاصة حول رفض فرنسا تسليم برنس وسيف الأمير عبد القادر الجزائري، وبقية أغراضه المحجوزة في قصر أمبواز بوسط فرنسا، حيث كان أسيراً من 1848 إلى 1852.


«انقسامات حادّة» تُهدّد وحدة أعرق الأحزاب في موريتانيا

أحمد ولد داداه رئيس حزب «تكتل القوى الديمقراطيّة» في تجمع خطابي (أ.و.ب)
أحمد ولد داداه رئيس حزب «تكتل القوى الديمقراطيّة» في تجمع خطابي (أ.و.ب)
TT

«انقسامات حادّة» تُهدّد وحدة أعرق الأحزاب في موريتانيا

أحمد ولد داداه رئيس حزب «تكتل القوى الديمقراطيّة» في تجمع خطابي (أ.و.ب)
أحمد ولد داداه رئيس حزب «تكتل القوى الديمقراطيّة» في تجمع خطابي (أ.و.ب)

بعد شدّ وجذب، وصراع بين أجنحة حزب «تكتل القوى الديمقراطيّة» استمر لأشهر، تمكّن الجناح الإصلاحي في الحزب أخيراً من إجراء تغييرات على مستوى هيكلته، خلال مؤتمر استثنائي عُقد الشهر الماضي، حيث أبقت مخرجات ذلك المؤتمر على أحمد ولد داداه رئيساً للحزب، بالإضافة إلى تعيين 9 نواب له، وأمين خزينة، ورئيس المجلس الوطني، ورئيس لجنة الحكماء. لكن الجناح المُعارض في الحزب لم يعترف بتلك التغييرات الجديدة، وعدّ المؤتمر نفسه غير قانوني، وأن مخرجاته غير ملزمة، كما عدّ تحويل الاختلاف مع قيادة الحزب في نقاط معيّنة إلى مؤتمر استثنائي «أمراً غير مقبول» بالنسبة له. وكانت الأزمة قد بدأت تطفو على السطح الشهر الماضي، حين أصدر الحزب بياناً موقّعاً من رئيسه ولد داداه، يدعو فيه إلى مؤتمر استثنائي لتجديد هياكل الحزب، وإجراء مراجعة نقديّة بعدما لم يتمكّن الحزب من الحصول على أيّ مقعد في البرلمان خلال الانتخابات المحليّة الماضية.

ورغم أن الخلافات والانقسامات كانت تدبّ في جسد الحزب، فإنّها ظلّت داخل الغرف المغلقة، دون أن تظهر للعلن إلا مع الانتخابات الماضية، حين أعلن عدد من قيادات الحزب الانسحاب احتجاجاً على اللوائح، التي دفع بها التكتّل في الانتخابات. وتعمّقت تلك الاختلافات حين أعلنت الدعوة للمؤتمر الاستثنائي.

* شدّ وجذب

يتصارع جناحان، يتمثّلان في المكتب التنفيذيّ، وبعض القيادات الأخرى التي تُعارض انعقاد المؤتمر، إذ يتراشق الجناحان بالبيانات الموقّعة باسم رئيس الحزب، الذي يمرّ بظرف صحيّ جرّاء تقدّمه في العمر، جعله غير قادر على أداء مهامه رئيساً للحزب.

رئيس الحزب يمرّ بظرف صحيّ جرّاء تقدّمه في العمر جعله غير قادر على أداء مهامه رئيساً للحزب (الشرق الأوسط)

ويسوّغ المكتب التنفيذي للحزب انعقاد هذا المؤتمر بأنّه جاء بناء على دعوة شخصية من ولد داداه، وقد أوكل المكتب لجنة للتحضير للمؤتمر، لم يصل إليها منه أي قرار بالتأجيل أو الإلغاء. لكن محمد عبد الله ولد أشفاغه، رئيس اللجنة المكلّفة التحضير للمؤتمر، قال إنّ الأعضاء تفاجأوا بإغلاق المقر المركزي في 23 مارس (آذار) الماضي، وهو اليوم الذي كان من المفترض أن ينعقد فيه المؤتمر. وهذا الوضع دفع هذا المكتب إلى عقد اجتماع، قرّر فيه تأجيل المؤتمر. ويرى الجناح المؤيد للمؤتمر أنّ الحزب بحاجة إلى إجراء إصلاحات شاملة تعيد إليه هيبته، التي افتقدها في السنوات الأخيرة. لكن في المقابل، يرى الجناح المعارض أنّ هذا الوقت ليس ملائماً لعقد مؤتمر استثنائي، نظراً للانقسامات الحادة وتباين الآراء بين قيادات الحزب. كما يرى المعارضون أنّ الاجتماعات الداخليّة والحوارات البنّاءة «يجب أن تسبق أي محاولة لعقد مؤتمر استثنائي، من أجل ضمان توافق الآراء، وتجنّب تفاقم الانقسامات».

* مرحلة شيخوخة

لم يعد التكتل في السنوات الأخيرة كما كان واجهة للمعارضة، وامتلاك قاعدة شعبية مؤثرة في الانتخابات، خاصة بعد انشقاق كتل كبيرة وانسحابها، ما زاد انحرافه عن الطريق التي انتهجها، المتمثلة في معارضة الأنظمة. في هذا السياق، يرى الصحافيّ سيدي محمد ولد بلعمش أنّ من أسباب تراجع «حزب التكتل» تعرّضه لهزّات كبيرة خلال السنوات العشر الأخيرة، تمثّلت في تلك الانشقاقات والانسحابات. وقال ولد بلعمش، في حديث لوكالة «أنباء العالم العربي»، إنّ الحزب يمرّ بمرحلة «شيخوخة» نتيجة عدم مجاراته للتغيرات، التي تشهدها الساحة السياسيّة وانعدام البرنامج السياسيّ الواضح. مشيراً إلى أنّ تقدّم زعيم الحزب أحمد ولد داداه في العمر، وقلّة قدرته على النشاط والمواكبة أثّرا في التكتل، وأظهرا أنه حزب مرتبط بشخص، وليس مؤسسة قائمة. لكن أعضاء في الحزب يقللون في المقابل من أهمية هذا السقوط، الذي يقولون إنه يشابه كثيراً المرحلة، التي عاشها الحزب في السنوات الأخيرة من حقبة الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع.

أعضاء في الحزب يقللون من أهمية هذا التراجع ويقولون إنه يشابه المرحلة التي عاشها الحزب في حقبة الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع (الشرق الأوسط)

وكان التكتّل في حقبة ولد الطايع واجهة المعارضة الراديكاليّة، التي خاضت حرباً شرسة ضدّه، وتعرّض قادة الحزب لمضايقات، وسُجن الرئيس المؤسس، لكن حملة الاعتقالات تلك لم تُثنِه عن مواصلة نهجه المعارض. وبعد أن غادر ولد الطايع، تبخّر الحزب الجمهوري الحاكم آنذاك، فكان أكثر المنتصرين هو «حزب التكتل»، الذي كان مشروعاً سياسيّاً استقطب النُخب، ورجال الأعمال، وزادت شعبيته في أنحاء البلاد. وبعد ذلك، دخل الحزب بقوّة في انتخابات محليّة وتشريعيّة عام 2006، تعد أول انتخابات ديمقراطيّة نزيهة شهدتها موريتانيا، وحصل الحزب في تلك الانتخابات على 18 مقعداً برلمانيّاً، لتكون مؤشراً على قوّته وتأثيره في الشعب الموريتاني.

* بداية الانهيار

وفقاً لمحللين، فإنّ الانتخابات التشريعيّة الأخيرة العام الماضي كشفت عن ضعف في الحزب، وانهيار متواصل في ظل رؤية ضبابيّة، وافتقار إلى النُخبة التي بإمكانها إعادة الحزب إلى جادة الطريق.

الانتخابات التشريعيّة الأخيرة العام الماضي كشفت عن ضعف واضح في الحزب (الشرق الأوسط)

غير أنّ عدداً من المتابعين يرون أنّ المرحلة التي يمر بها الحزب «حرجة»، وتختلف عن تلك الهزّات التي تعرّض لها منذ تأسيسه، إذ تأتي في ظل تقدّم ولد داداه في السن، وعدم قدرته على التجديد والبناء لمرحلة جديدة. في هذا السياق، قال الصحافي أحمد عبد الله لوكالة «أنباء العالم العربي» إنّ «حزب التكتل» أضاع كثيراً من الفرص، التي كانت متاحة أمامه لإعادة البناء، وإجراء إصلاحات عميقة تضعه على مسار النجاح، والتأثير الإيجابي في المشهد السياسي. مضيفاً أنّ الحزب، الذي كان يُعدّ من أبرز القوى السياسيّة في موريتانيا، يواجه اليوم واقعاً مريراً، حيث تراجعت شعبيّته وتأثيره بشكل كبير، وموضحاً أنّ الحزب لم يعد في صفوفه سوى العشرات من الأعضاء. من جانبه، عدّ ولد بلعمش أنّ الأزمة التي يشهدها حزب التكتّل «ليست مجرّد انقسام داخلي، بل تبدو كأنها بداية لانهيار حزب كبير وعريق». وبحسب محللين، فإنّ الانقسامات والانسحابات ليست السبب في تراجع الحزب. ويرى أصحاب هذا الرأي أنّ تقارب الحزب مع نظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، مع وصوله إلى السلطة، وتوقيع ميثاق جمهوري معه، أدى إلى تقهقره.

التقارب مع النظام الحالي ورموزه جعل البعض يرى أنّ الحزب قد انحرف عن مساره السابق وتخلّى عن مبادئه (صحافة محلية)

يقول الصحافي أحمد عبد الله إن «حزب التكتل» كان يعتمد في السابق على موقفه المعارض للأنظمة السابقة لكسب دعم واسع من الشعب، لكنّ التقارب مع النظام الحالي جعل البعض يرى أنّ الحزب قد انحرف عن مساره السابق وتخلّى عن مبادئه. ويرى عبد الله أنّ بداية الانهيار كانت عندما اختار «حزب التكتل» التقارب مع النظام الحاكم، وتخلّى عن مساره التقليدي كقوة معارضة، عادّاً أنّ هذا الخيار، الذي لم يكن من أعراف الحزب، «أدى إلى فقدانه دعم الشرائح التي كان يمثلها، وتبخّرت شعبيته التي اكتسبها من خلال معارضته الحازمة للأنظمة السابقة».


الجيش السوداني: إسقاط مسيّرتين قرب مطار مروي

دخان قصف يتصاعد من مطار الخرطوم في وقت سابق (أرشيفية - رويترز)
دخان قصف يتصاعد من مطار الخرطوم في وقت سابق (أرشيفية - رويترز)
TT

الجيش السوداني: إسقاط مسيّرتين قرب مطار مروي

دخان قصف يتصاعد من مطار الخرطوم في وقت سابق (أرشيفية - رويترز)
دخان قصف يتصاعد من مطار الخرطوم في وقت سابق (أرشيفية - رويترز)

قال مصدر في الجيش السوداني، اليوم السبت، إن أنظمة الدفاع الجوي تمكنت من إسقاط مسيرتين مجهولتين صباحاً قرب مطار مروي في شمال البلاد.

وأبلغ المصدر الذي طلب عدم كشف اسمه «وكالة أنباء العالم العربي» أن «ارتكازات الجيش في مدينة مروي بالولاية الشمالية رصدت ثلاث مسيرات في سماء المدينة وتعاملت مع اثنتين منها ويجري تعقب الثالثة».

كانت قيادة الفرقة 19 مشاة مروي قالت الأربعاء، إنها رصدت ثلاث طائرات استطلاع صغيرة تحلق على ارتفاعات عالية من اتجاه الغرب للشرق و«تم التعامل معها بالمضادات الأرضية وإفشال مهمتها ولاذت بالفرار».

وأكدت القيادة أن الرادارات وأجهزة التشويش تقوم برصد ومتابعة مثل هذه الأجسام ويتم التعامل معها بواسطة المضادات الأرضية.

وتزايدت هجمات الطائرات المسيرة المجهولة على مقرات الجيش في الولايات الآمنة نسبياً في الشمال والشرق، حيث تعرض المهبط الجوي بالفرقة الثالثة مشاة شندي في ولاية نهر النيل الثلاثاء لهجوم بأربع طائرات مسيرة انتحارية بالتزامن مع زيارة رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان للولاية.

كما استهدفت مسيّرة في 9 أبريل (نيسان) الجاري مباني جهاز المخابرات العامة السودانية في ولاية القضارف بشرق البلاد.