المنتدى العالمي لثقافة السلام يؤكد دور الثقافة والتعليم والتنمية في تحقيق الاستقرار

البابطين يوجه نداءً لإنهاء «الجحيم المستعر في غزة»

جانب من أعمال المنتدى العالمي الثالث لثقافة السلام العادل الذي اختتم أعماله مساء اليوم الخميس في القاهرة (الشرق الأوسط)
جانب من أعمال المنتدى العالمي الثالث لثقافة السلام العادل الذي اختتم أعماله مساء اليوم الخميس في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

المنتدى العالمي لثقافة السلام يؤكد دور الثقافة والتعليم والتنمية في تحقيق الاستقرار

جانب من أعمال المنتدى العالمي الثالث لثقافة السلام العادل الذي اختتم أعماله مساء اليوم الخميس في القاهرة (الشرق الأوسط)
جانب من أعمال المنتدى العالمي الثالث لثقافة السلام العادل الذي اختتم أعماله مساء اليوم الخميس في القاهرة (الشرق الأوسط)

أكد المنتدى العالمي الثالث لثقافة السلام العادل الذي اختتم أعماله مساء اليوم (الخميس) في القاهرة، على الدور المحوري للثقافة في ظلّ الصراعات العالمية وتضليل الرأي العام وتفشي التعصب والكراهية والتحريض على التطرف والعنف.

وأقيم المنتدى تحت عنوان «السلام العادل من أجل التنمية» ونظمته «مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية» في الكويت بالتعاون مع المجلس الأعلى للثقافة في مصر، وشارك في أعماله نخبة بارزة من القادة والمفكرين ورجال السياسة والاقتصاد والإعلام ودعاة السلام من العالم العربي والعالم.

وحيا المنتدى ذكرى مؤسسه الراحل عبد العزيز سعود البابطين الذي توفي أواخر عام 2023، ووجّه سعود عبد العزيز البابطين، رئيس مجلس الأمناء في «مؤسسة البابطين الثقافية» كلمة دعا فيها القادة السياسيين ورجال الفكر للعمل معاً لوقف دولاب العنف ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.

وقال البابطين: «نثمنُ جهودكم الدؤوبة في العمل على ترسيخ قيم الحرية والحوار والتفاهم والمشاركة في بناء مستقبل أفضل نجني فيه معاً ثمار الدعوات الجادة لتحقيق السلام».

وأضاف: «ابْذلوا كل ما في وسعكم من جهود لإنهاء هذا الجحيم المستعر في قطاع غزة (...) يا زعماء العالم إننا نتوجه بنداء مخلص إلى ضمائركم، إن التاريخ لن يتسامح مع كل من أخطأ في حق الإنسانية... ولا تزال الفرصة متاحة أمامكم لاتخاذ خطوات جادة باتجاه الطريق الصحيحة».

سعود عبد العزيز البابطين رئيس مجلس الأمناء في «مؤسسة البابطين الثقافية» (يساراً) وإلى اليمين وزير الإعلام والثقافة الكويتي عبد الرحمن المطيري (الشرق الأوسط)

البيان الختامي

واستمر المنتدى ثلاثة أيام تناول فيها المجتمعون عبر سبع جلسات القضايا السياسية والاقتصادية والثقافية ذات العلاقة بالتنمية، كما ركّزت على أهمية السلام لاستقرار جميع بلدان العالم خصوصاً في المنطقة العربية.

وثمّن البيان الختامي أعمال الراحل عبد العزيز سعود البابطين «الذي نذر نفسه ووقته وماله للدفاع عن القضايا العربية من خلال ثقافة مستنيرة جامعة وغير مفرّقة».

وأكد البيان أن «السلام العادل يحتاج إلى تنمية سياسية حقيقية وإرادة معاصرة وتسخير التقنية الحديثة في خدمة الجمهور العام».

كما شدد على أهمية التعليم، وقال: «إن رأس الحربة في السلام العادل هو التعليم النوعي المستنير الذي يتوجب أن يكون مسايراً للعصر؛ ولذلك فإن الاهتمام بالأجيال وتقديم تعليم نوعي بمنهج منفتح هو بمثابة (فرض عين)».

أكد المنتدى على الدور المحوري للثقافة في ظلّ الصراعات العالمية وتضليل الرأي العام وتفشي التعصب والكراهية والتطرف (الشرق الأوسط)

وأكد أن «الاقتصاد قائد للتنمية ودور القطاع الخاص في النهوض به دور حيوي؛ لذلك فإن العناية بالتشريعات الاقتصادية المحفّزة لهذا التنوع وضبطها من خلال تعزيز ثقافة الادخار والاستثمار وتسخيرها لخدمة الجمهور العام».

كما شدد على الدور المحوري للثقافة «في ظلّ الأجواء السائدة اليوم والتي يتغشاها تضليل للرأي العام والزج به في صراعات تفتت المجتمع وتحرّض على التعصب والكراهية ووليدهما التطرف والعنف؛ لذلك ينبغي الحض على ثقافة منفتحة ومتسامحة تتقبل الآخر وتؤمن بالحوار».

ورأى أن «القضية الفلسطينية المسألة المحورية في وعي الأمة العربية، ونصرتها من الواجبات الوطنية من خلال الدفع باتجاه توحيد البيت الفلسطيني وتحرير الخطاب الفلسطيني من التأثيرات الإقليمية التي تضرّ بالقضية مع تشديد إدانتنا لحرب الإبادة بحق الشعب العربي الفلسطيني التي تجري في الأشهر الأخيرة أمام العالم بقطاع غزة».


مقالات ذات صلة

«الثقافة السعودية» تطلق 4 خدمات لدعم المبتعثين

يوميات الشرق الوزارة تسعى لتوفير تجربة تعليمية غنية وداعمة للمبتعثين في مجالات الثقافة والفنون حول العالم (واس)

«الثقافة السعودية» تطلق 4 خدمات لدعم المبتعثين

أطلقت وزارة الثقافة السعودية، 4 خدمات جديدة عبر «منصة الابتعاث الثقافي»؛ لتوفير تجربة تعليمية غنية وداعمة لمبتعثيها بمجالات الثقافة والفنون حول العالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق حوار ثقافي سعودي عراقي في المجال الموسيقي (وزارة الثقافة)

«بين ثقافتين» التقاء الثقافتين السعودية والعراقية في الرياض

يقدم مهرجان «بين ثقافتين» الذي أطلقته وزارة الثقافة في مدينة الرياض، رحلة ثريّة تمزج بين التجارب الحسيّة، والبصريّة.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق عبد الإله الأنصاري يحول تساؤله إلى مبادرة ثم لمجموعة استثمارية (الشرق الأوسط)

من «سؤال» إلى استثمار واعد... حكاية «تحدث العربية» قولاً وفعلاً

في موقف عادي لكنه كان عميقاً، طلب منه مديره يوماً كتابة رسائل البريد الإلكتروني بالإنجليزية؛ لأن «مسؤولاً أجنبياً قد يقرأها». بدت عبارة بسيطة، لكنها أشعلت ذهنه.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق إقبال كبير شهده معرض جدة للكتاب طوال عشرة أيام (هيئة الأدب والنشر والترجمة)

«جدة للكتاب» يسدل الستار عن 10 أيام حافلة بالإبداع والمعرفة

أسدل «معرض جدة للكتاب 2024» الستار عن فعالياته التي امتدت لـ10 أيام قدَّم خلالها رحلة استثنائية لعشاق الأدب والمعرفة، وسط أجواء ثقافية ماتعة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق دور النشر شهدت إقبالاً كبيراً من الزوار من مختلف الأعمار (هيئة الأدب والنشر والترجمة)

«جدة للكتاب»... مزيج غني بالمعرفة والإبداع بأحدث الإصدارات الأدبية

يعايش الزائر لـ«معرض جدة للكتاب 2024» مزيجاً غنياً من المعرفة والإبداع يستكشف عبره أحدث الإصدارات الأدبية، ويشهد العديد من الندوات وورش العمل والجلسات الحوارية.

إبراهيم القرشي (جدة)

وجوه مجرّدة من موقع سمهرم الأثري بسلطنة عُمان

وجوه مجرّدة من موقع سمهرم الأثري بسلطنة عُمان
TT

وجوه مجرّدة من موقع سمهرم الأثري بسلطنة عُمان

وجوه مجرّدة من موقع سمهرم الأثري بسلطنة عُمان

يحتلّ موقع سمهرم مكانة مميزة في خريطة «طريق اللبان» العُمانية التي دخلت عام 2000 في قائمة اليونيسكو الخاصة بمواقع التراث العالمي، وهي طريق البخور التي شكّلت في الماضي معبراً تجارياً دولياً ازدهر على مدى قرون من الزمن. بدأ استكشاف هذا الموقع في مطلع الخمسينات، وأدت أعمال التنقيب المتواصلة فيه إلى العثور على مجموعة كبيرة من اللقى الأثرية، منها بضعة أنصاب حجرية مسطّحة تحمل نقشاً غائراً يمثّل وجهاً آدمياً مختزلاً، تقتصر ملامحه على عينين واسعتين وأنف مستطيل.

يضمّ موقع سمهرم مستوطنة أثرية تجاور خوراً من أخوار ساحل محافظة ظفار يقع في الجهة الشرقية من ولاية طاقة، يُعرف محليّاً باسم «خور روري». يعود الفضل في اكتشاف هذا الموقع إلى بعثة أميركية، أسّسها عام 1949 في واشنطن عالم الآثار وينديل فيليبس الذي لُقّب بـ«لورنس العرب الأميركي». شرعت هذه البعثة في إجراء أول حفريّة في «خور روري» خلال عام 1950، وواصلت عملها على مدى 3 سنوات، وكشفت عن مدينة لعبت دور ميناء دولي، عُرفت باسم سمهرم، كما تؤكد النقوش الكتابية المدونة بخط المُسنَد العربي الجنوبي. من بين أطلال هذه المدينة المندثرة، خرجت مجموعة من اللقى المتنوعة، منها 3 أنصاب حجرية مسطّحة زُيّن كلٌّ منها بنقش تصويري غائر طفيف يمثّل وجهاً آدمياً ذكورياً، كما يؤكّد الكشف العلمي الخاص بهذه البعثة.

عُثر على حجرين من هذه الحجارة على مقربة من أرضية مبنى من معالم سمهرم، وعُثر على ثالث على مقربة من المعبد الخاص بهذه المستوطنة، ممّا يوحي بأنه شكّل في الأصل جزءاً من أثاث هذا المعبد على الأرجح، كما رأى العالِم فرانك فيدياس أولبرايت في تقرير نُشر في عام 1953. استمرّت أعمال المسح والتنقيب في سمهرم، وتولّتها منذ عام 1997 بعثة إيطالية تابعة لجامعة بيزا، ومع هذه الأعمال، تمّ الكشف عن مجموعة أخرى من اللقى المتنوعة، منها 3 أنصاب حجرية مسطّحة مشابهة لتلك التي عثرت عليها البعثة الأميركية.

يتكرّر النقش التصويري على هذه الأنصاب التي احتار أهل الاختصاص في تحديد وظيفتها، ويتمثّل بوجه آدمي مجرّد هندسياً إلى أقصى حد. اختُزلت ملامح هذا الوجه بعينين لوزيّتين واسعتين، وأنف مستطيل رفيع. خلت هاتان العينان الفارغتان من حدقتيهما، كما غابت عنهما الرموش والحواجب، فظهرتا على شكل مساحتين بيضاويتين حُدّدتا بخط ناتئ رفيع وبسيط في وضعية المواجهة. كذلك، ظهر الأنف على شكل مثلّث عمودي طويل يحدّده خط مماثل. يعود هذا الوجه ويظهر على واجهة مجمّرة مخصّصة لحرق البخور، عثرت عليها البعثة الإيطالية خلال عام 2014، إلى جانب مجمّرتين تتبعان الطراز المألوف المجرّد من النقوش. ويتميّز هذا الوجه بظهور حاجبين مقوّسين يمتدان ويلتصقان عند أعلى مساحة الأنف المستطيلة.

خرجت من موقع سمهرم مجموعة كبيرة من المجامر والمباخر، غير أن هذا الوجه المجرّد لا يظهر على أي منها، كما أنه لا يظهر على أي من عشرات المجامر التي عُثر عليها في نواحٍ عدة من جزيرة العرب الشاسعة. في الواقع، يتبع هذا الوجه طرازاً ارتبط على نحوٍ واسع بشواهد القبور، وعُرف باسم «المسلّة ذات العينين». خرج العدد الأكبر من هذه المسلّات من محافظة الجوف التي تقع في الجزء الشمالي الشرقي من صنعاء، وخرج عدد آخر منها من وادي بهيان في محافظة حضرموت. تجاوز هذا الطراز حدود جنوب الجزيرة العربية، وبلغ شمالها حيث ظهر في واحة تيماء في منطقة تبوك، وقرية الفاو في الجنوب الغربي من الرياض، كما تؤكّد شواهده التي كشفت أعمال التنقيب عنها خلال العقود الماضية.

حمل هذا الطراز طابعاً جنائزياً لا لبس فيه، وتمثّلت خصوصيّته بهذا الوجه التجريدي الهندسي الذي ظهر على شواهد قبور فردية، كما تشير الكتابات المنقوشة التي تسمّي أصحاب تلك القبور. يصعب تأريخ هذه المسلّات بدقة، نظراً إلى غياب أي إشارة إلى تاريخها في الكتابات المرفقة، والأكيد أن هذا الطراز الجنائزي ظهر في القرن الثامن قبل الميلاد، وشاع على مدى 5 قرون. يحضر هذا الوجه في سمهرم، ويشهد هذا الحضور لدخوله إقليم عُمان في مرحلة تلت فترة انتشاره في جنوب الجزيرة وفي شمالها، فالدراسات المعاصرة تؤكد أن ميناء سمهرم شُيّد في نهاية القرن الثالث قبل الميلاد، وارتبط بمملكة حضرموت في زمن نشوء التجارة البحرية وازدهارها في المحيط الهندي، وظلّ ناشطاً حتى القرن الخامس للميلاد، حيث تضاءل دوره وتلاشى تدريجياً نتيجة اندحار مملكة حضرموت.

حضر هذا الوجه التجريدي في سمهرم حيث ظهر على عدد من المسلّات، وانطبع بشكل استثنائي على مجمرة تبدو نتيجة لذلك فريدة من نوعها إلى يومنا هذا. خرج هذا الوجه في هذا الموقع العُماني عن السياق الجنائزي الذي شكّل أساساً في جنوب جزيرة العرب، وحمل هُويّة وظائفية جديدة، وتحديد هذه الهوية بشكل جليّ لا يزال يمثّل لغزاً وتحدّياً للباحثين في ميدان الآثار العُمانية.