التوترات العالمية تهيمن على اجتماعات مجموعة الـ20 في ريو دي جانيرو

لولا يلتقي بلينكن وسط خلاف حول اتهامات ضد إسرائيل بارتكاب إبادة

الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا مستقبلاً وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا مستقبلاً وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

التوترات العالمية تهيمن على اجتماعات مجموعة الـ20 في ريو دي جانيرو

الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا مستقبلاً وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا مستقبلاً وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

بدأ وزراء خارجية مجموعة العشرين للدول الغنية اجتماعات تستمر يومين في ريو دي جانيرو، تركز على الفقر والتغيرات المناخية والتوترات العالمية المتصاعدة، وخصوصاً في أوكرانيا وغزة، مع تولي البرازيل رئاسة المجموعة في ظل خلاف مع الولايات المتحدة بسبب تشبيه الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الحرب التي تشنها إسرائيل ضد قطاع غزة بالإبادة الجماعية.

وقبيل بدء اجتماعات مجموعة العشرين، استقبل الرئيس البرازيلي كبير الدبلوماسيين الأميركيين في القصر الرئاسي ببرازيليا. وأشار لولا في تصريحات مقتضبة إلى الانتخابات الأميركية في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، أي قبل أسبوعين من القمة التي ستعقدها مجموعة العشرين في 18 نوفمبر و19 منه في الريو. ويعتزم الوزراء العمل على وضع خريطة طريق للعمل على أن ينجز قبل القمة.

وعلق بلينكن أن السياسة في الولايات المتحدة تشهد «استقطاباً شديداً»، وأن نتيجة الانتخابات الرئاسية يمكن أن تتوقف فقط على نتائج ست ولايات أو سبع، بينها بنسلفانيا وميشيغن وويسكونسن ونيفادا. وأضاف أن «هناك تراجعاً في عدد الناخبين الذين لم يتخذوا قرارهم بعد. ويدور صراع (لكسب دعم) شريحة ضئيلة جداً من الناخبين».

الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا (إ.ب.أ)

تصريحات لولا

وتوقع مسؤولون أميركيون محادثات مكثفة بين لولا وبلينكن حول قضايا الأمن العالمي، ومنها الحرب في غزة. وكان الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر أكد أن واشنطن تعارض تصريحات لولا، لكنه أحجم عن إعطاء مؤشرات حول ما سيقوله بلينكن بخصوص هذه المسألة خلال اجتماعه مع لولا.

وقبل توجه بلينكن إلى أميركا الجنوبية في جولة تشمل أيضاً الأرجنتين، قال مساعد وزير الخارجية لشؤون النصف الغربي من الأرض براين نيكولز، إن تبادل الأفكار حول الصراع في غزة سيكون «ضرورياً خلال المحادثات»، وأضاف أن لولا وبلينكن سيناقشان أيضاً الجهود الرامية إلى تعزيز الديمقراطية في فنزويلا، والشراكة بين الولايات المتحدة والبرازيل بشأن حقوق العمال، والتعاون في مجال التحول إلى الطاقة النظيفة.

وأحد المقترحات الرئيسية للبرازيل، التي وضعها الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، هو إصلاح مؤسسات الإدارة العالمية مثل الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية والبنوك المتعددة الأطراف، حيث يريد الدفع من أجل تمثيل أقوى للدول النامية.

الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (أ.ف.ب)

إصلاحات هيكلية

وقال سفير البرازيل لدى الاتحاد الأوروبي ماوريسيو ليريو إن الإصلاحات الهيكلية للمؤسسات الدولية صارت ملحة بسبب انتشار الصراعات في كل أنحاء العالم، ليس فقط في أوكرانيا وغزة، ولكن في إجمالي 183 موقعاً. وأضاف: «عدنا عملياً إلى مستوى الصراعات التي شهدناها في فترة الحرب الباردة. وأكد أن «العمل من أجل السلام في كل صراع هو أمر واحد»، موضحاً أن الأمر الآخر هو أن يكون لدينا حوكمة عالمية تمنع حدوث الصراعات. نحن في الأساس نطفئ الحرائق».

وبعد سنوات من العزلة الدبلوماسية في عهد الرئيس السابق جايير بولسونارو، سعى لولا إلى إعادة البرازيل إلى مركز الصدارة في الدبلوماسية العالمية منذ عودته إلى السلطة في يناير (كانون الثاني) 2023.

غير أن مسعى لولا لجعل مجموعة العشرين مساحة لإيجاد أرضية مشتركة، شهد انتكاسة، الأحد، عندما أشعل الزعيم اليساري عاصفة دبلوماسية باتهامه إسرائيل بارتكاب إبادة في غزة.

غزو أوكرانيا

ويشارك في الاجتماعات أيضاً وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في الاجتماع الذي يغيب عنه نظيره الصيني وانغ يي.

وبدت الآفاق قاتمة أيضاً في شأن حرب أوكرانيا، والتي ينقسم أعضاء مجموعة العشرين حولها. فعلى رغم ضغوط الغرب لإدانة المجموعة للغزو الروسي، انتهت القمة السابقة التي عقدت في نيودلهي في سبتمبر (أيلول) ببيان مخفف ندد باستخدام القوة، لكن من دون أن يسمي صراحة روسيا التي تقيم علاقات ودية مع أعضاء مثل الهند والبرازيل.

وفي ضوء الجمود داخل مجموعة العشرين، ستعقد مجموعة السبع التي تضم أكبر الاقتصادات (بريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والولايات المتحدة)، وجميعها من حلفاء أوكرانيا، اجتماعاً عبر الفيديو بشأن الحرب، يوم السبت المقبل الذي يصادف الذكرى الثانية للغزو الروسي.


مقالات ذات صلة

مجموعة العشرين تتعهد «التعاون» لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء

العالم تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين (أ.ف.ب)

مجموعة العشرين تتعهد «التعاون» لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء

اتفقت دول مجموعة العشرين على العمل معاً لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء، لكن دون التوصل لاتفاق حول نظام ضريبي عالمي.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا ووزير المالية البرازيلي فرناندو حداد ورئيس البنك المركزي البرازيلي روبرتو كامبوس نيتو يحضرون اجتماع افتتاح الدورة المشتركة لمجموعة العشرين والمسارات المالية في قصر إيتاماراتي في برازيليا (رويترز)

دول مجموعة العشرين تتفق على تجنب القضايا الجيوسياسية في قمة ريو دي جانيرو

قال ممثل البرازيل في مجموعة العشرين أمس (الجمعة) إن دبلوماسيي المجموعة اتفقوا على تجنب القضايا الجيوسياسية الشائكة خلال قمة أكبر الاقتصادات في العالم.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
أوروبا عدد من زعماء العالم يجلسون للتحضير لجلسة عمل حول أفريقيا وتغير المناخ والتنمية في منتجع بورجو إجنازيا خلال قمة «مجموعة السبع» (أ.ف.ب)

«السبع» لدعم أوكرانيا بـ50 مليار دولار من الأصول الروسية

اتفق قادة «مجموعة السبع» خلال انطلاق قمتهم في جنوب إيطاليا، بحضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس (الخميس)، على دعم أوكرانيا بقرض قيمته 50 مليار دولار

شوقي الريّس (فازانو (إيطاليا)) «الشرق الأوسط» (بروكسل)
المشرق العربي وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لدى نزوله من الطائرة على مدرج مطار خورخي نيوبيري في بوينس أيريس (أ.ب)

انتقادات متكررة لأميركا وسط مطالب الـ«20» بوقف النار فوراً في غزة

أدى بقاء السماعات مفتوحة خلال اجتماعات رفيعة مغلقة لمجموعة العشرين للدول الغنية في البرازيل إلى سماع انتقادات لواشنطن بسبت معارضتها وقف النار فوراً في غزة.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي خلال أحد الاجتماعات على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

البرازيل تؤكد وجود دعم واسع في مجموعة الـ 20 لحل الدولتين

أكد وزير الخارجية البرازيلي ماورو فييرا، اليوم (الخميس)، وجود «إجماع» بين أعضاء مجموعة العشرين لدعم حل الدولتين في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)

جمهوريون يتساءلون عمّا إذا كان اختيار ترمب لفانس ملائماً

جيمس دي فانس نائب المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب في تجمع انتخابي بجامعة رادفورد في فرجينيا (أرشيفية - أ.ف.ب)
جيمس دي فانس نائب المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب في تجمع انتخابي بجامعة رادفورد في فرجينيا (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

جمهوريون يتساءلون عمّا إذا كان اختيار ترمب لفانس ملائماً

جيمس دي فانس نائب المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب في تجمع انتخابي بجامعة رادفورد في فرجينيا (أرشيفية - أ.ف.ب)
جيمس دي فانس نائب المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب في تجمع انتخابي بجامعة رادفورد في فرجينيا (أرشيفية - أ.ف.ب)

لم تمض سوى أيام، على اختيار السيناتور عن ولاية أوهايو، جيمس دي فانس، نائباً للمرشح الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترمب، على بطاقة السباق الرئاسي، حتى بدأت الاعتراضات تتصاعد عن احتمال أن يكون هذا الاختيار خاطئاً؛ فقد أعرب العديد من أعضاء الحزب الجمهوري عن استيائهم منه، بعد انتشار مقاطع فيديو قديمة وثقت انتقاده من وصفهن بـ«نساء القطط»، في إشارة إلى نساء الحزب الديمقراطي. ونشرت العديد من الصحف الأميركية، بينها مجلة «بوليتيكو» وصحيفة «نيويورك تايمز»، تصريحات مسؤولين جمهوريين، ورسائل بريد إلكتروني ونصية، تشير إلى تحولاته السياسية من خصم قوي لترمب إلى نائب له، وتحولاته «الثقافية» بعد تأييده الحظر الذي فرضته ولاية أركنساس عام 2021 على الرعاية الصحية للمتحولين جنسياً.

نساء القطط

تقول مجلة «بوليتيكو»، إن فانس واجه أسبوعاً صعباً بعد انتشار تصريحات قديمة، يصف فيها نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، وديمقراطيات أخريات بأنهن «نساء قطط بلا أطفال»، ويقترح أن الآباء يجب أن «يتمتعوا بسلطة سياسية أكبر» ممن لا أطفال لهم.

دونالد ترمب خلال تجمع انتخابي في كارولاينا الشمالية (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأضافت المجلة أن جمهوريين أعلنوا عن إحباطهم وقلقهم من تلك التصريحات (الحديثة نسبياً)، من بينهم المعلق المحافظ بن شابيرو الذي تساءل عما إذا كان يجب على ترمب اختيار فانس، قائلاً: «إذا كانت هناك آلة زمن، وإذا عاد الوقت أسبوعين إلى الوراء، فهل كان ترمب سيختار جي دي فانس مرة أخرى؟ أشك في ذلك».

وتساءل جمهوريون آخرون عما إذا كانت حملة ترمب قد توقعت حقاً الموجة العارمة من التعليقات القديمة للسيناتور فانس، وعمّا إذا كان انسحاب الرئيس الديمقراطي جو بايدن من السباق، وحلول كامالا هاريس شبه المؤكد على بطاقة السباق، من شأنه أن يغير اختيار ترمب له؟

وقال الاستراتيجي الجمهوري من ولاية ويسكونسن، بيل مكوشين: «من بين الأشخاص الذين تم ذكرهم بوصفهم مرشحين محتملين لتولي منصب نائب ترمب، كان فانس أكبر مخاطرة، لأنه لم يتم اختباره على المستوى الوطني من قبل». وأضاف: «سنرى خلال الأيام الـ100 المقبلة كيف سيصمد تحت الأضواء الساطعة في الحملة الانتخابية».

دونالد ترمب خلال تجمع انتخابي في كارولاينا الشمالية (أرشيفية - أ.ب)

لا يوجد جمهوري يدعمه

قال أحد أعضاء مجلس النواب الجمهوريين إن هذه المخاوف لم تأت فقط من المنتقدين، متسائلاً: «اعثر لي على مسؤول منتخب علناً في مجلس الشيوخ يدعم جي دي فانس، غير السيناتور مايك لي».

وتأتي هذه التعليقات، فيما حملة هاريس تحطم أرقاماً قياسية في جمع التبرعات، وتقدمها في استطلاعات الرأي، مزيلة تفوق ترمب السابق. وفي ردها على تعليقات فانس، أصدرت حملة هاريس بياناً بعنوان «يوم سعيد للتلقيح الاصطناعي للجميع باستثناء جيه دي فانس».

ومنذ أن بدأت هاريس حملتها الانتخابية، بدأ الديمقراطيون في شن هجمات على فانس، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أن هذه الهجمات بدأت تؤثر عليه. وقال محلل شبكة «سي إن إن»، هاري إنتن، إن فانس «حصل على نسبة تأييد (سالب 5 في المائة) في استطلاعات الرأي، وهو أقل من أي مرشح لمنصب نائب الرئيس في التاريخ».

وكانت شعبية فانس أقل بنحو 3 نقاط مئوية في استطلاعين للرأي أصدرتهما هذا الأسبوع صحيفة «نيويورك تايمز/كلية سيينا»، والإذاعة الوطنية «إن بي آر» مع «بي بي إس نيوز/ كلية ماريست»، حيث وجد الأخير أن 28 في المائة من الناخبين المسجلين لديهم وجهة نظر إيجابية لفانس، بينما نظر إليه 31 في المائة بشكل سلبي، و41 في المائة غير متأكدين أو لم يسمعوا عنه.

جيمس دي فانس نائب المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب في تجمع انتخابي بجامعة رادفورد في فرجينيا (أرشيفية - أ.ف.ب)

المعركة تغيرت

يقول خبراء إن اختيار فانس جاء خلال مرحلة مختلفة تماماً من السباق الرئاسي، حين كانت المنافسة بين بايدن وترمب قبل أسبوع واحد فقط، كوسيلة لتنشيط قاعدة كانت بالفعل موحدة بقوة خلف ترمب بدلاً من استقطاب أي دوائر انتخابية جديدة.

وقال جوشوا نوفوتني، وهو استراتيجي جمهوري: «لم يكن فانس اختياراً سياسياً. لم يتم اختياره للحصول على أفضلية في بعض المجالات، بل تم اختياره كشخص يثق به ترمب، ويريد أن يخدم معه».

ورغم ذلك، يصر ترمب على أنه «لا يشعر بأي ندم» على اختياره لفانس. وقال لشبكة «فوكس نيوز»، الخميس، إنه لم يكن ليختار بشكل مختلف، حتى لو كان يعلم أن هاريس ستكون هي مرشحة الديمقراطيين.

ويخشى الجمهوريون من أن يؤدي التركيز على سجل فانس وتعليقاته اليمينية المتشددة، تجاه قضايا الإجهاض والمرأة والجندر والمتحولين جنسياً، إلى حرمانهم، ليس فقط من الفوز في انتخابات الرئاسة، بل خسارة سباقات مهمة في مجلسي الشيوخ والنواب أيضاً. وغني عن الذِّكْر أن المعارك الانتخابية تدور على الفوز فيما يسمى بالولايات المتأرجحة، وغالبيتها تضم ناخبين لا يحملون توجهات اجتماعية متشددة، وقد لا يكفي تحريضهم على قضايا الاقتصاد وأمن الحدود، للفوز بأصواتهم.