جنرال إسرائيلي يُحذر من مذبحة هائلة في حال اجتياح رفح

إسحاق بريك: اتفاق لإعادة المخطوفين هو الذي يُخرجنا بكرامة من الوضع الذي وجدنا أنفسنا فيه

مخيمات النازحين في رفح الأربعاء (أ.ف.ب)
مخيمات النازحين في رفح الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

جنرال إسرائيلي يُحذر من مذبحة هائلة في حال اجتياح رفح

مخيمات النازحين في رفح الأربعاء (أ.ف.ب)
مخيمات النازحين في رفح الأربعاء (أ.ف.ب)

في الوقت الذي يصر فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأعضاء مجلس قيادة الحرب، على التهديد باجتياح رفح في أقصى جنوب قطاع غزة، ويعلن فيه قادة الجيش أنهم أعدّوا خطة حربية مفصَّلة لهذا الاجتياح «لكنهم يريدون من الحكومة وضع أهداف سياسية محددة وترتيبات ضرورية مع مصر وحسابات صحيحة لوضع القادة العسكريين أمام مؤسسات القضاء الدولية» في حال وُجِّهت اتهامات إليهم بارتكاب جرائم حرب، خرج الجنرال إسحاق بريك بتحذير صريح من أخطار مثل هذا الاجتياح واحتمال وقوع مذبحة هائلة بين المدنيين الفلسطينيين تدفع إسرائيل ثمنه باهظاً في كل الاتجاهات. ودعا بريك إلى إحداث انعطاف في التفكير والسعي إلى اتفاق لإعادة المخطوفين، كأمر «يُمكّن من الخروج بكرامة من الوضع الذي وجدنا أنفسنا فيه».

والجنرال بريك (77 عاماً) من أبرز الشخصيات العسكرية الإسرائيلية، ومعروفٌ بانتقاداته للجيش. وقد حذّر في بداية الحرب ضد غزة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، من أن إسرائيل ليست جاهزة لها ولا لتوسيعها بحربٍ مع لبنان. وقد اجتمع به رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مرات عدة خلال الحرب للتشاور. وهو ذو ماضٍ عسكري غنيّ وكان عضواً في رئاسة الأركان ومسؤولاً عن شكاوى الجنود. ومع أن الكثير من الشخصيات السياسية والعسكرية الإسرائيلية ترفع صوتها ضد اجتياح رفح، إلا أن صوته يبدو مميزاً، وكلماته تُسمع بشكل مختلف. وقد أحدث تحذيره، خلال مقال في صحيفة «هآرتس» والكثير من المقابلات الإذاعية والتلفزيونية، هزة في الشارع الإسرائيلي.

إسحاق بريك (حسابه على «إنستغرام»)

يقول بريك: «لا ينتصرون في الحرب بالمعارك التكتيكية أو بالعملية العارضة الاستثنائية التي جرى فيها إنقاذ مخطوفين في رفح. لا شك أن جنودنا حاربوا ببطولة كبيرة وتضحية، من خلال تعريض حياتهم للخطر وإظهار القدرة المهنية من الدرجة الأولى. ولكنّ هذا غير كافٍ. فهناك حاجة إلى استراتيجية سياسية بعيدة النظر، تأخذ في الحسبان كل الأخطار التي يمكن أن تحدث عقب دخول قواتنا رفح. وحسب هذه الأخطار يجب اتخاذ قرار حول ماذا سنفعل وكيف. الرغبة في القضاء على (حماس) بأي ثمن غير كافية. والآن سأطرح عدة أسئلة وسأعرض الأخطار التي يجب أخذها في الحسبان قبل الدخول إلى المخيمات في رفح».

وعدَّد هذه الأخطار قائلاً: «أولاً، هل محاولة نقل 1.4 مليون لاجئ إلى مناطق آمنة، من خلال الإدراك أنه محظور استخدام السلاح الناري، أمر واقعي؟ ما الذي سنفعله مع العدد الكبير جداً الذي سيقرر البقاء في مكانه؟ كيف سنحارب (حماس) عندما سيتضرر عدد كبير من الغزّيين، الأمر الذي سيزيد غضب العالم ويؤدي إلى وقفنا الفوري (عن إكمال الهجوم)؟».

فلسطينيون يشاركون في تشييع ضحايا القصف الإسرائيلي على رفح الأربعاء (أ.ف.ب)

وتابع: «ثانياً، إذا نجحنا في نقل 1.4 مليون لاجئ إلى مكان آمن بواسطة مكبّرات الصوت والمكالمات الهاتفية والمنشورات من الجو، كما قال رئيس الأركان، فهل تم الأخذ في الحسبان إمكانية أن تقوم (حماس) بإطلاق النار في الهواء وتؤدي إلى ذعر جماعي؟ هكذا حدث أكثر من مرة في ملاعب كرة القدم بسبب الاكتظاظ، وفي رفح بسبب الاكتظاظ الكبير يمكن أن يُسحق ويُقتل الآلاف. وكل المسؤولية ستُلقى علينا؟ وماذا بشأن إمكانية أن يقرر كثيرون الذهاب إلى أماكن أخرى وليس إلى المكان الذي نريده؟ الحديث يدور عن 1.4 مليون شخص، والسيطرة على انتقالهم من مكان إلى آخر هي إشكالية جداً».

وزاد: «ثالثاً، إذا وقعت أعمال الفوضى المذكورة أعلاه، فهي ستتسبب في أزمة إنسانية. وإسرائيل ستدفع ثمناً باهظاً جداً يتمثل في وقف الحرب. ورابعاً، حتى لو اجتزنا بسلام كل هذه العقبات، فمن الواضح أنه من بين الـ1.4 مليون لاجئ يوجد آلاف من مخربي (حماس) على الأقل، وربما عشرات الآلاف، بعضهم هربوا من شمال القطاع ومن جنوبه إلى مدينة رفح، وبعضهم كانوا دائماً موجودين في رفح. هل من غير الواضح لمتخذي القرارات أن معظمهم سينضمون إلى حملة اللاجئين إلى الأماكن الآمنة، وأنه لن يكون بالإمكان التمييز بينهم وبين اللاجئين العاديين؟».

الجنرال الإسرائيلي إسحاق بريك (حسابه على «إنستغرام»)

وأضاف: «خامساً، كيف سنمنع مخربي (حماس) من السيطرة على المساعدات الإنسانية في المناطق الآمنة التي سيُنقل 1.4 مليون لاجئ إليها، كما فعلوا في رفح؟ وسادساً، مَن الذي سيضمن أن آلاف المخربين من (حماس) لن ينتقلوا من المناطق الآمنة عبر فتحات الأنفاق التي تنتشر في كل أرجاء القطاع، إلى داخل الأنفاق، وعندها سنجدهم مرة أخرى في مدينة غزة وجباليا والشجاعية (كما يفعلون الآن) وفي خان يونس؟».

وتابع: «سابعاً، متخذو القرارات لم يأخذوا في الحسبان حقيقة أن تفاقم القتال مع (حزب الله) في لبنان بسبب الدخول إلى رفح سيقتضي نقل القوات من القطاع إلى المنطقة الشمالية، وخفض آخر للقوات التي توجد في القطاع. إن إخراج القوات من مدينة غزة أدى إلى عودة (حماس) واللاجئين إليها، وهذا ما سيحدث أيضاً في خان يونس وفي مخيمات وسط القطاع. بسبب التخفيضات الكبيرة التي حدثت في الجيش في السنوات العشرين الأخيرة، لا يوجد لدى الجيش الإسرائيلي فائض قوات. وعندما نُعزز قطاعاً معيناً فنحن نُضعف قطاعاً آخر. وثامناً، هل أُخذ في الحسبان إمكانية أن دخول الجيش الإسرائيلي مخيمات رفح في شهر رمضان يمكن أن يُشعل يهودا والسامرة (الضفة الغربية)؟ من أين سيأتون بالقوات من أجل حماية السكان اليهود هناك؟».

دمار جراء الغارات الإسرائيلية على رفح الأربعاء (د.ب.أ)

وتابع: «تاسعاً، السؤال الأكثر أهمية هو: كيف ستتصرف مصر؟ حتى الآن لا يوجد أي اتفاق معها حول سيطرة الجيش الإسرائيلي على محور فيلادلفيا وإغلاق الأنفاق من شبه جزيرة سيناء إلى قطاع غزة. لسنوات كثيرة وصلت وسائل قتالية وذخيرة وعبوات ناسفة وصواريخ مضادة للدروع ووسائل لإنتاج الصواريخ وما شابه من سيناء إلى القطاع، مباشرةً إلى أيدي مخربي (حماس). مصر غير مستعدة لإغلاق الأنفاق في جانبها، لأنه حسب رأيها لا توجد مثل هذه الأنفاق. ومن دون أي حل يتم تنسيقه معها ستبقى مشكلة خطيرة لم يتم حلها. عملياً، نكون كأننا لم نفعل أي شيء حتى الآن في الحرب، لأن (حماس) ستنمو مرة أخرى في السنوات القادمة مع الوسائل القتالية التي تمر من أنفاق سيناء تحت محور فيلادلفيا والتي ترتبط بمئات الكيلومترات من الأنفاق التي توجد على طول قطاع غزة وعرضه. وعاشراً، مصر تهدد بتجميد اتفاق السلام مع إسرائيل إذا بدأ الجيش الإسرائيلي العملية البرية في رفح. القتال هناك يمكن أن يؤدي إلى إغلاق مسار المساعدات الرئيسية إلى القطاع، ومن هناك إلى أزمة إنسانية غير مسبوقة».

وأضاف معدِّداً الأخطار التي يمكن أن تحصل: «الحادي عشر، الانجرار إلى أزمة في السلام مع مصر يمكن أن يؤدي إلى عاصفة في الدول العربية التي وقّعت إسرائيل معها على اتفاقات مثل الأردن والإمارات. هكذا نكون قد خسرنا في كل الاتجاهات. والثاني عشر، وضعنا البائس في العالم، لا سيما في الدول الأوروبية والولايات المتحدة. جوزيف بوريل، وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، دعا في السابق إلى منع إرسال السلاح لإسرائيل بسبب عدد القتلى الكبير في أوساط المدنيين في الحرب في غزة. هولندا أوقفت إرسال قطع الغيار لطائرة (إف 35) إلى إسرائيل بأمر من المحكمة. شركات كثيرة في العالم أوقفت رحلاتها إلى إسرائيل، والعالم آخذٌ في خنقنا حتى قبل الدخول إلى رفح. نحن يمكن أن نصبح دولة منبوذة وأن نفقد أرصدة مهمة جداً والتي من دونها لن نتمكن من النمو مجدداً».

واختتم بريك قائلاً: «حتى لو دخلنا إلى رفح فنحن لن ننجح في القضاء على (حماس) بشكل مطلق، ولكن يمكن أن نجد أنفسنا في وضع أمني أصعب بأضعاف من الوضع الذي نوجد فيه الآن قبل دخول رفح، وسنفقد المخطوفين إلى الأبد. إذا قرر المستوى السياسي والأمني الدخول إلى رفح فإن ذلك سيضر جداً بمناعة إسرائيل السياسية والأمنية والقومية، وسيضر بعلاقاتنا مع كل العالم. دولة إسرائيل ستصبح كرة ثلج ستتدحرج نحو الهاوية في مجال الاقتصاد والأمن والمجتمع والعلاقات الدولية. بعد فترة لن تكون هناك أي طريق للعودة. الحل الذي يجب علينا دفعه قدماً هو اتفاق لإعادة المخطوفين، الأمر الذي سيمكّن من الخروج بكرامة من الوضع الذي وجدنا أنفسنا فيه، وأن نعيد المخطوفين على قيد الحياة إلى بيوتهم. يجب عدم تمكين (حماس) من تعزيز قوتها مرة أخرى، ويجب تشكيل إدارة مدنية دولية ترافقها قوات شرطة، تُستبدل بسلطة (حماس). وإذا واصلوا في المستوى السياسي والأمني الطريقة غير العقلانية فإنه خلال بضعة أشهر سيتعين عليهم أن يشرحوا للشعب في إسرائيل لماذا لم تتحقق أهداف الحرب، القضاء على (حماس) وإعادة المخطوفين على قيد الحياة، هذا رغم الثمن الباهظ الذي دفعناه؛ مئات الجنود القتلى منذ اقتحام قطاع غزة».


مقالات ذات صلة

«هدن إنسانية» للتلقيح ضد شلل الأطفال في غزة

المشرق العربي طفل يتلقى جرعة التطعيم في مستشفى بخان يونس (أ.ب) play-circle 01:03

«هدن إنسانية» للتلقيح ضد شلل الأطفال في غزة

من المقرر أن تبدأ الأحد «هدن إنسانية» لا تزال ملامحها غير واضحة هدفها السماح ببدء التطعيم ضد شلل الأطفال على نطاق واسع في قطاع غزة

«الشرق الأوسط» (غزة)
أفريقيا سونكو خلال تجمع حاشد ضم المئات دعماً للفلسطينيين بالمسجد الكبير في داكار (وسائل إعلام محلية)

رئيس وزراء السنغال: نتنياهو «مستعد للسير فوق آلاف الجثث» ليبقى في منصبه

اتهم رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو نظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمواصلة الحرب في قطاع غزة من أجل بقائه السياسي، داعياً إلى عزل إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (دكار)
الولايات المتحدة​ صورة تجمع الرهائن الست الذين أعلن الجيش الإسرائيلي العثور على جثثهم في قطاع غزة (أ.ب) play-circle 03:06

بايدن يعلن العثور على جثث 6 رهائن في غزة بينهم أميركي

أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم انتشال جثث 6 رهائن من قطاع غزة، بعدما كان أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أن من بين الضحايا الرهينة الأميركي هيرش غولدبرغ بولين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي فلسطينيون يقفون في طابورجنب عربات مصفحة للجيش الإسرائيلي خلال عملياته في مخيم جنين أمس (أ.ب)

إسرائيل تُركز على «عش الدبابير» في الضفة

قرر الجيش الإسرائيلي مواصلة الهجوم في الضفة الغربية، باليوم الرابع للعملية الواسعة، التي بدأها الأربعاء، ضد مخيمات شمال الضفة، وتركزت، أمس في مخيم جنين الذي

كفاح زبون (رام الله)
العالم العربي صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر حريقاً على سطح ناقلة النفط «سونيون» التي استهدفها الحوثيون في البحر الأحمر (أ.ف.ب)

الحوثيون يعلنون استهداف السفينة «جروتون» في خليج عدن للمرة الثانية

قالت جماعة الحوثي اليمنية المتمردة، السبت، إنها هاجمت السفينة «جروتون» التي ترفع علم ليبيريا في خليج عدن للمرة الثانية، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«هدن إنسانية» للتلقيح ضد شلل الأطفال في غزة

TT

«هدن إنسانية» للتلقيح ضد شلل الأطفال في غزة

طفل يتلقى جرعة التطعيم في مستشفى بخان يونس (أ.ب)
طفل يتلقى جرعة التطعيم في مستشفى بخان يونس (أ.ب)

من المقرر أن تبدأ الأحد «هدن إنسانية» لا تزال ملامحها غير واضحة، هدفها السماح ببدء التطعيم ضد مرض شلل الأطفال على نطاق واسع في قطاع غزة.

وأعلن مسؤول في وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس» لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بدء حملة التلقيح ضد شلل الأطفال وسط قطاع غزة السبت، بعدما أفادت الأمم المتحدة بموافقة إسرائيل على «هدن إنسانية» للسماح بتطعيم الأطفال رغم الحرب المستمرة منذ نحو 11 شهراً.

وقال الطبيب موسى عابد، مدير الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة بقطاع غزة، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن فرق وزارة الصحة بالتعاون مع الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية بدأت «أمس (السبت) بحملة التطعيم ضد شلل الأطفال في المنطقة الوسطى».

من جهته، أوضح عامل أجنبي في المجال الإنساني أن وزارة الصحة أطلقت حملة التطعيم السبت، لكن الحملة ستنفّذ على نطاق أوسع الأحد.

وقالت السلطات الإسرائيلية من جانبها، إن اللقاحات سيجري تقديمها من الساعة السادسة صباحاً حتى الثانية من بعد الظهر، من الأحد إلى الثلاثاء، في وسط القطاع. وأضافت: «في نهاية كل حملة تطعيم مناطقية، سيجري تقييم للوضع».

وحددت وزارة الصحة في غزة ووكالات الأمم المتحدة 67 مركزاً للتطعيم، في المستشفيات والمستوصفات والمدارس في وسط القطاع الفلسطيني الصغير.

وفي الجنوب، سيكون هناك 59 مركزاً، إضافة إلى 33 مركزاً في الشمال الذي بات غير مأهول إلى حد كبير. وفي هذين الجزأين من القطاع، سيجري التطعيم في مرحلة ثانية ثم ثالثة.

وبعدما غاب 25 عاماً عن الأراضي الفلسطينية، تأكدت أول إصابة بشلل الأطفال في غزة لدى طفل في شهره العاشر بدير البلح، بعد رصد الفيروس في عيّنات مياه جمعت نهاية يونيو (حزيران) في خان يونس ودير البلح.

وأرسلت الأمم المتحدة 1.2 مليون جرعة، واللقاحات عبارة عن قطرات فموية وليست حقناً.

وقال فلسطينيون قدموا مع أطفالهم، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنهم حضروا من أجل تلقي الجرعة الأولى خوفاً من انتشار الأوبئة بين الأطفال، وكلهم تقريباً من النازحين.

- عدم توافر النظافة

وجاء عائد أبو طه (33 عاماً) مع طفله الذي يبلغ 11 شهراً إلى مستشفى ناصر في خان يونس، للحصول على الجرعة الأولى من التطعيم.

وقال إنها «حملة مهمة جداً للتطعيم ضد شلل الأطفال في ظل تكدّس أعداد النازحين وانتشار كثير من الأمراض بسبب استمرار الحرب الإسرائيلية».

وتابع: «جئت ليأخذ ابني الجرعة الأولى من هذا التطعيم لشدة خوفي على ابني من أن يصيبه أي مرض».

كذلك، حضر بكر ديب (35 عاماً) ليحصل أطفاله الثلاثة؛ وهم طفل في عامه الثالث وطفلة تبلغ 5 سنوات وأخرى عمرها 8 سنوات، على الجرعة الأولى.

وقال: «كنت في البداية متردداً وخائفاً جداً من مدى أمان هذا التطعيم. لكن بعد التأكيدات على أمانه وذهاب الجميع لنقاط التطعيم، قررت الذهاب بأطفالي أيضاً كي أحميهم من الأمراض».

وأضاف: «أطفالي أصيبوا بأمراض عدة بسبب الحرب وعدم توافر النظافة نتيجة الظروف التي نعيشها».

وأدى هجوم «حماس» على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر (ترين الأول)، إلى مقتل 1199 شخصاً، معظمهم مدنيون، وفق تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» يستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية.

وخُطف 251 شخصاً في ذلك اليوم، لا يزال 103 منهم محتجزين في غزة، بينهم 33 أعلن الجيش موتهم.

وتسبّب القصف والعمليات البرية الإسرائيلية على قطاع غزة رداً على هجوم «حماس» بمقتل ما لا يقل عن 40 ألفاً و691 شخصاً، وفقاً لآخر أرقام وزارة الصحة التابعة لـ«حماس». وتؤكد الأمم المتحدة أن غالبية القتلى من النساء والأطفال.

وفي قطاع غزة، قتل 9 فلسطينيين من عائلة واحدة، بينهم امرأتان، في قصف صباح السبت، على منزل في مخيم النصيرات، بحسب ما أفاد الطبيب مروان أبو نصار «وكالة الصحافة الفرنسية» في مستشفى العودة إلى حيث نقلت جثامينهم.

وأكد أحمد الكحلوت من «الدفاع المدني» في غزة سقوط قتلى وجرحى بعد غارة إسرائيلية على مخيم جباليا للاجئين شمال القطاع.

وبحسب صور بثتها «وكالة الصحافة الفرنسية»، لجأ رجال إنقاذ إلى أضواء المشاعل أو الهواتف الجوالة لنقل مصابين إلى سيارات إسعاف، بينما بحث آخرون عن مفقودين تحت الأنقاض.

وفي جنوب القطاع، أفاد «الهلال الأحمر» الفلسطيني بمقتل 5 أشخاص في قصف لمنزل بخان يونس.

وفي المساء، أفاد «الدفاع المدني» ومصدر طبي في مستشفى المعمداني بسقوط «شهداء وجرحى نتيجة قصف إسرائيلي على أرض ملاصقة لقسم المختبرات بمستشفى المعمداني بمدينة غزة».

من جهتها، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية «استهداف حرم المستشفى الأهلي (المعمداني) مساء أمس (السبت)» في هجوم أسفر عن «كثير من الشهداء والإصابات».

وأعلن الجيش الإسرائيلي الجمعة، أنه أنهى عملية استمرت شهراً في خان يونس (جنوب) ودير البلح (وسط).

- العملية العسكرية في الضفة

توازياً، دارت معارك في جنين السبت، إذ واصل الجيش الإسرائيلي لليوم الرابع توالياً عمليته العسكرية الدامية في شمال الضفة الغربية المحتلة منذ عام 1967.

وفي الحي الشرقي لمدينة جنين، قالت فايزة أبو جعفر لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وهي تشير إلى الدمار المحيط بها: «الوضع صعب، صعب جداً، على الأطفال وعلى الجميع. خوف ورعب. ودمار...».

وقال مجدي المهدي: «المياه مقطوعة والكهرباء مقطوعة... كل البنية التحتية دمّرت. لم تبقَ بنية تحتية».

ووصف ما حدث بأنه «حرب»، مضيفاً: «أقاموا ثكنة عسكرية قبالتنا، وكانوا يُحضرون الشبان إليها للتحقيق معهم».

ومنذ بدء الحرب بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، ازدادت أعمال العنف في الضفة الغربية.

وتشهد الضفة الغربية توغلات إسرائيلية منتظمة، لكن من النادر أن تنفذ بشكل متزامن في مدن عدة، وبإسناد جوي، كما يحدث منذ الأربعاء.

ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) عن المسؤول في بلدية جنين بشير مطاحن، قوله إن «المياه قد انقطعت عن 80 في المائة من المدينة وكامل المخيم، بسبب تدمير الشبكات وعدم قدرة الطواقم الفنية على الوصول إلى تلك الشبكات».

وخلال زيارة لجنين السبت، قال رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي، إن القوات الإسرائيلية «لن تسمح للإرهاب (في الضفة الغربية) بأن يرفع رأسه» لتهديد إسرائيل.

وأضاف: «لذلك، فإن المخطط هو الذهاب من مدينة إلى مدينة، ومن مخيم إلى مخيم، بمعلومات استخبارية ممتازة وبقدرات عملياتية جيدة جداً وبغطاء استخباري جوي متين جداً».

وقُتل 22 فلسطينياً على الأقل، معظمهم مقاتلون، خلال العملية الإسرائيلية واسعة النطاق في شمال الضفة الغربية المحتلة التي بدأتها الدولة العبرية الأربعاء. وقال الجيش الإسرائيلي إنهم جميعهم «إرهابيون»، بينما ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أن من بين القتلى رجلاً ثمانينياً.

وأعلنت «حماس» وحركة «الجهاد الإسلامي» أن 14 على الأقل من القتلى ينتمون إلى جناحيهما العسكريين؛ «كتائب القسام» و«سرايا القدس».