بيان فيينا رسم خريطة طريق سورية من 9 نقاط

الجبير: المنطقة العربيةلم تعرف الطائفية إلا بعد الثورة الإيرانية

الجبير ونظيراه الأميركي جون كيري والتركي فريدون أوغلو في لقاء فيينا (أ.ب)
الجبير ونظيراه الأميركي جون كيري والتركي فريدون أوغلو في لقاء فيينا (أ.ب)
TT

بيان فيينا رسم خريطة طريق سورية من 9 نقاط

الجبير ونظيراه الأميركي جون كيري والتركي فريدون أوغلو في لقاء فيينا (أ.ب)
الجبير ونظيراه الأميركي جون كيري والتركي فريدون أوغلو في لقاء فيينا (أ.ب)

بعد اجتماع استغرق 7 ساعات متواصلة للبحث في تسوية للأزمة السورية، نجح وزراء خارجية 17 دولة مشاركة في تحديد بعض ملامح «سوريا ما بعد نظام بشار الأسد»، معلنين اتفاقهم في بيان مشترك على ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وقيام هيئة انتقالية تحافظ على المؤسسات السورية الحكومية والمدنية، وتنظم لإجراء انتخابات تشرف عليها إشرافًا كاملاً، وفي كل مراحلها منظمة الأمم المتحدة، ويشارك فيها السوريون حيثما كانوا. ولكن في المقابل، أخفق الاجتماع في التفاهم على مصير رئيس النظام وموعد رحيله. شارك في الاجتماع الذي عقد يوم أمس بالعاصمة النمساوية فيينا بدعوات وجهت بالتنسيق بين وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف، ووزراء خارجية كل من المملكة العربية السعودية وتركيا وإيران والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وقطر ودولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان ومصر والعراق ولبنان والأردن، بالإضافة لمفوضة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لسوريا، مقابل غياب الأطراف السورية حكومة ومعارضة. وهو ما وصفه مصدر متابع لـ«الشرق الأوسط» بدليل واضح على مدى ما وصلت إليه الأزمة السورية من «تدويل ممنهج»، بحيث أصبحت قوى خارجية هي التي تحرك أطرافها المتحاربة وفق أجندات متضاربة.. وبالتالي ما عاد بمقدور هذه القوى فرض الحل بسحب دعمها وسندها سواء كان ذلك الدعم تمويلا أو تسليحا أو الاثنين معا.
جاء أول تعليق على ما جرى في المباحثات على لسان وزير الخارجية العراقي الدكتور إبراهيم الجعفري الذي قال للصحافيين والجلسة مستمرة إن «المجتمعين أخفقوا في الاتفاق على دور الرئيس بشار الأسد في العملية السياسية»، وأضاف في تصريح لاحق: «هناك جدال حول من سيكون له الدور الأول في الحل.. مكافحة الإرهاب أم الحل السياسي». وتابع ردا على أسئلة صحافية: «ما يحدث في الساحة السورية يؤثر على كل دول الجوار الجغرافي، بل على ما بعد ذلك، ويصل حتى إلى أوروبا». وأضاف: «المرحلة السورية المقبلة تتمثل في حل سياسي، وقد ثبت أن الشعب السوري لا يمكن أن يعيش تحت مطرقة الإرهاب وسندان الحرب. لذلك لا بد من إرادة سياسية لحل المشكلة وليس مستحيلا الاتفاق على «ولادة جديدة».
من جهته, بيّن عادل الجبير وزير الخارجية السعودي، أن النقطتين الأساسيتين اللتين تم الاختلاف عليهما في اجتماع فيينا، أمس، بشأن الأزمة السورية، هما موعد ووسيلة مغادرة كل من بشار الأسد السلطة، والقوات الأجنبية، وخصوصًا القوات الإيرانية.
وذكر الجبير، في تصريحات له، أمس، على هامش اجتماع فيينا، أن الدعم للمعارضة السورية مستمر، وأن الخيار أمام بشار الأسد هو التنحي عن السلطة، إما عبر العملية السياسية، وإما الهزيمة في الميدان، وهذا ما تم طرحه في محادثات فيينا.
وبين وزير الخارجية السعودي أنه سيتم الإعلان عن مدى جدية ورغبة الجانبين الإيراني، والروسي، خلال الأيام المقبلة، ورغبتهما في الوصول إلى حل سلمي للأزمة السورية.
وأشار الجبير إلى أن النقطتين اللتين اختلف عليهما في الاجتماع الأول هما رحيل بشار الأسد، موعدًا ووسيلة، والنقطة الأخرى هي موعد ووسيلة مغادرة القوات الأجنبية من سوريا، وبالذات القوات الإيرانية، مبينًا أن هذا المحورين هما الأساس في الأزمة السورية، ولن يكون أي حل إلا بحسمهما، وإذا ما تم الاتفاق على موعد ووسيلة رحيل بشار الأسد، ومغادرة القوات الأجنبية الموجودة في سوريا، فلن يكون هناك أي اتفاق بالشأن السوري أو العملية السياسية، مشددًا على أن الرياض كانت واضحة في تبيان هذا الأمر. وبشأن إيران قال الجبير إن «المنطقة العربية لم تعرف الطائفية إلا بعد الثورة الإيرانية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».