تصعيد متواصل في الجنوب وتل أبيب تتدرب على «تضاريس» حدودها الشمالية

71 % من الإسرائيليين يؤيدون حرباً واسعة على لبنان

خلال تشييع «حزب الله» القيادي علي الدبس الذي قتل الأربعاء في غارة على مدينة النبطية (أ.ف.ب)
خلال تشييع «حزب الله» القيادي علي الدبس الذي قتل الأربعاء في غارة على مدينة النبطية (أ.ف.ب)
TT

تصعيد متواصل في الجنوب وتل أبيب تتدرب على «تضاريس» حدودها الشمالية

خلال تشييع «حزب الله» القيادي علي الدبس الذي قتل الأربعاء في غارة على مدينة النبطية (أ.ف.ب)
خلال تشييع «حزب الله» القيادي علي الدبس الذي قتل الأربعاء في غارة على مدينة النبطية (أ.ف.ب)

اتخذ التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله» بعداً جديداً من المواجهات، وخصوصاً مع سقوط مدنيين وارتفاع عدد قتلى «حزب الله» في اليومين الأخيرين والإعلان عن قتلى من حركة «أمل» أيضاً، التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، في حين أعلن الجيش الإسرائيلي عن تنفيذه تدريباً في تضاريس تحاكي الحدود الشمالية، وسط ظروف جوية شتوية.

وبعد استهداف مسيّرة إسرائيلية بصاروخ موجّه، ليل الأربعاء، مبنى من 3 طبقات في مدينة النبطية، ما أدى إلى مقتل 7 مدنيين من عائلة و3 عناصر من «حزب الله»، قالت إسرائيل إن أحدهم قيادي من «قوة الرضوان». وأسفرت غارات إسرائيلية على الجنوب، ليل الخميس - الجمعة، عن مقتل 5 مقاتلين على الأقل من «حزب الله» و«أمل»، وفق ما أفاد الطرفان، في وقت يثير تبادل القصف عند الحدود خشية من اتساع نطاق التصعيد على خلفية الحرب في غزة.

ونفّذ الطيران الإسرائيلي، وفق «الوكالة الوطنية للإعلام»، غارات بعد منتصف الليل على منازل في بلدات الناقورة وجبل اللبونة وعلما الشعب وطيرحرفا ويارين، ملحقاً «أضراراً جسيمة» في الممتلكات والمزروعات.

وأدت غارة على منزل في بلدة القنطرة، وفق الوكالة، إلى مقتل 3 شبان، نعتهم «أمل»، وقالت في بيانات متلاحقة إن كلاً منهم «استشهد أثناء قيامه بواجبه الوطني والجهادي دفاعاً عن لبنان والجنوب».

وغداة نعيه 4 مقاتلين، أعلن «حزب الله»، صباح الجمعة، مقتل اثنين من عناصره، وقال إن كلاً منهما «ارتقى شهيداً على طريق القدس»، وهي عبارة يستخدمها لنعي عناصره الذين يقتلون بنيران إسرائيلية منذ بدء التصعيد.

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن، الخميس، أن غارة جوية شنّها على مدينة النبطية اللبنانية، مساء الأربعاء، أسفرت عن مقتل قائد كبير في «قوة الرضوان» التابعة لـ«حزب الله» ونائبه ومقاتل ثالث. وذكر أن القائد ونائبه هما علي محمد الدبس وحسن إبراهيم عيسى.

وشهد جنوب لبنان وشمال إسرائيل تصعيداً كبيراً، الأربعاء، مع شنّ الأخيرة سلسلة غارات جوية على بلدات عدة، تبعد إحداها نحو 25 كيلومتراً من الحدود، بعيد مقتل جندية إسرائيلية في صفد بصاروخ أطلق من جنوب لبنان، لم تتبنَّ أي جهة المسؤولية عنه. وأعلن «حزب الله» ليل الخميس استهدافه شمال إسرائيل بعشرات الصواريخ «رداً» على مقتل مدنيين.

وفيما شهدت المواجهات بعض التراجع خلال ساعات النهار حيث كان «حزب الله» و«أمل» يشيعان قتلاهم، أعلن «حزب الله» بعد الظهر عن استهداف موقع المالكية بصاروخ «بركان» موقع ‏رويسات العلم في مزارع شبعا اللبنانية.

في المقابل، أعلن الجيش الإسرائيلي بدوره، على لسان المتحدث باسمه أفيخاي أدرعي، أن الجيش مستمر في رفع جاهزيته على الجبهة الشمالية الواقعة على الحدود مع لبنان. وأضاف أدرعي في حسابه على منصة «إكس»: «تزامناً مع تدريبات مقاتلي الاحتياط التابعين للوائين 146 و210 على الجبهة الشمالية، بدأ مقاتلو لواء غولاني هذا الأسبوع عملية رفع الجاهزية على الجبهة الشمالية».

وأشار إلى أن «كتائب الاحتياط والكتائب النظامية نفذت على الجبهة الشمالية تدريباً في تضاريس تحاكي الحدود الشمالية، وسط ظروف جوية شتوية». وأوضح أدرعي أن التدريبات شملت تمريناً مشتركاً للقوات المدرعة، ومشاة الهندسة والمدفعية، والقتال في المنطقة المفتوحة، وكذلك نقل الجرحى، وسط الظروف الجوية القاسية.

وعلى الرغم من الاعتراض الأميركي الشديد والقرار الحكومي بعدم فتح جبهة حرب واسعة في الشمال، خلال الحرب على غزة، دلّت نتائج استطلاع رأي على أن الجمهور الإسرائيلي بأغلبيته الساحقة يؤيد شنّ عملية حربية فورية على لبنان لإبعاد «حزب الله» عن الحدود. فوفقاً للاستطلاع الذي أجرته صحيفة «معاريف»، ونشر اليوم (الجمعة)، قال 71 في المائة من الجمهور إنهم يؤيدون شنّ حرب ثالثة على لبنان، بينما أيّد سياسة «احتواء الوضع» فقط 12 في المائة. ويقول خبراء ومؤرخون عسكريون في إسرائيل إن خطر نشوب حرب واسعة مع لبنان بات أقرب من أي وقت مضى، على الرغم من أن الولايات المتحدة وفرنسا وغيرهما من الدول تبذل جهوداً كبيرة لمنع التدهور بينهما إلى حرب.

وبحسب المؤرخة، غاليا تسبار، فإنه «لطالما نشبت حرب لم يكن أي من الطرفين يريدها. فيكفي أن يقع خطأ ما أو يجري طرف حسابات خاطئة حتى تنفجر حرب غير مقصودة».

وقال الناطق الأسبق بلسان الجيش الإسرائيلي، آفي بنياهو، إن «الحدث الخطير هذا الأسبوع، المتمثل بإطلاق (حزب الله) النار على صفد، وعلى أهداف مدنية اختيرت بدقة، يشكل ارتفاعاً ذا مغزى في التصعيد، ما يلزم كابينت الحرب والجيش تغيير استراتيجية العمل في الحدود اللبنانية». وأضاف بنياهو، الذي يعدّ من قوى الليبرالية اليسارية، إنه «في الوضع الجديد الذي أملاه (حزب الله)، فإنه يلزم الجيش الإسرائيلي وإسرائيل بعدم إعطاء مزيد من المناعة والحماية لدولة لبنان أو تمييزها عن (حزب الله) مثلما كان حتى الآن. تماماً مثلما في غزة، فإن الثمن الجسيم سيدفعه أيضاً مواطنون لبنانيون أبرياء أُخذوا في أسر (حزب الله)، ودولة لبنان ستدفع الثمن بفقدان ذخائر استراتيجية وبنى تحتية في الدولة. ليس في (حارتنا) مكان للضعف والوهن». لكن يبدو أن هذه ستكون مرة أخرى «حرب اللا مفرّ. الجيش الإسرائيلي، الذي يستعد منذ أشهر في الشمال بشكل دفاعي، ويرد فقط على عمليات (حزب الله)، يتعين عليه أن ينتقل إلى استراتيجية هجومية أكثر، على أمل أن تشجع هذه نصر الله على الدفع قدماً باتفاق يمنع حرباً كبيرة وأليمة للجميع، تؤدي إلى انسحاب (حزب الله) شمالاً، وتتيح إعادة عشرات آلاف النازحين من بلدات الشمال إلى بيوتهم».

وتعد حصيلة القتلى، الأربعاء في جنوب لبنان، الأعلى في يوم واحد منذ بدء «حزب الله» وإسرائيل تبادل القصف عبر الحدود قبل أكثر من 4 أشهر.

ومنذ اليوم التالي للهجوم الذي شنّته «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، يعلن «حزب الله» استهداف مواقع ونقاطاً عسكرية إسرائيلية دعماً لغزة و«إسناداً لمقاومتها». ويردّ الجيش الإسرائيلي بقصف جوي ومدفعي يقول إنه يستهدف «بنى تحتية» للحزب وتحركات مقاتلين قرب الحدود.

ومنذ بدء التصعيد، قتل 268 شخصاً في لبنان، بينهم 187 عنصراً من «حزب الله» و40 مدنياً، ضمنهم 3 صحافيين، وفق حصيلة جمعتها «وكالة الصحافة الفرنسية». وفي إسرائيل، أحصى الجيش مقتل 10 جنود، و6 مدنيين.


مقالات ذات صلة

توتر في العلاقات بين إسرائيل والفاتيكان بسبب قتل الأطفال في القطاع

شؤون إقليمية كشافة يستقبلون الكاردينال بيير باتيستا بيتسابَلّا بلافتات تقول إحداها: «نريد الحياة لا الموت» في بيت لحم الثلاثاء (رويترز)

توتر في العلاقات بين إسرائيل والفاتيكان بسبب قتل الأطفال في القطاع

تطرّق رجال الدين في معظم الكنائس المسيحية في العالم، خلال كرازة عيد الميلاد المجيد، للأوضاع في غزة، متعاطفين مع الضحايا الفلسطينيين.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي تسبب القصف الإسرائيلي على غزة في استشهاد أكثر من 45 ألف فلسطيني أكثر من نصفهم نساء وأطفال (رويترز)

تجمدوا حتى الموت... البرد يودي بحياة 3 أطفال في غزة

توفي 3 أطفال فلسطينيين في الساعات الـ48 الماضية بسبب البرد الشديد، حيث قال الأطباء إنهم تجمدوا حتى الموت أثناء وجودهم في مخيمات غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يتفقدون خيما قصفتها القوات الإسرائيلية في وقت سابق لدى مخيم خان يونس جنوبي قطاع غزة (أ.ف.ب)

عشرات القتلى والجرحى جراء قصف إسرائيلي في غزة

قال مسعفون في ساعة مبكرة من صباح اليوم الخميس إن خمسة أشخاص قتلوا وأصيب العشرات جراء قصف إسرائيلي لمنزل بحي الزيتون بمدينة غزة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي صورة لما تقول عنه جماعة «الحوثي» اليمنية إنه إطلاق لصاروخ فرط صوتي من طراز «فلسطين 2» باتجاه إسرائيل (جماعة «الحوثي» عبر «تلغرام»)

«الحوثيون» يعلنون استهداف إسرائيل بصاروخ باليستي ومسيّرات

أعلن «الحوثيون» في اليمن إطلاق صاروخ باليستي وطائرات مسيّرة على إسرائيل، بعد أيام على هجوم استهدف تل أبيب أصاب 16 شخصاً.

«الشرق الأوسط» (عدن)
شمال افريقيا أشخاص يتفقدون موقع القصف الإسرائيلي على خيام تؤوي فلسطينيين نازحين من بيت لاهيا (أ.ف.ب)

​«هدنة غزة»: «جمود» يدفع المفاوضات إلى «مصير غامض»

مغادرة الوفد الإسرائيلي الدوحة للتشاور بشأن اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة فتح تكهنات بشأن «مستقبل مسار الجمود الحالي» في ظل طلب الوسطاء «التعاون»

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

السوداني يدعو إلى مراقبة دقيقة لحزب البعث المنحل الموجود في العراق

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال جلسة لمجلس الوزراء ببغداد في 28 أكتوبر 2022 (رويترز)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال جلسة لمجلس الوزراء ببغداد في 28 أكتوبر 2022 (رويترز)
TT

السوداني يدعو إلى مراقبة دقيقة لحزب البعث المنحل الموجود في العراق

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال جلسة لمجلس الوزراء ببغداد في 28 أكتوبر 2022 (رويترز)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال جلسة لمجلس الوزراء ببغداد في 28 أكتوبر 2022 (رويترز)

جدد رئيس الحكومة العراقية، محمد شياع السوداني، اليوم (الخميس)، موقف الحكومة بشأن المراقبة الدقيقة لوجود حزب البعث العربي الاشتراكي المنحل على الساحة العراقية.

وشدد السوداني، خلال اجتماعه مع رئيس الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة، باسم محمد البدري، على «مواصلة الحكومة المراقبة الدقيقة لما يستجد على الساحة العراقية بشأن وجود حزب البعث المنحل أو أي تشكيل له صلة بالحزب وأفكاره العدوانية التي تسببت في تدمير العراق والتنكيل بأبنائه»، وفق ما أفادت به «وكالة الأنباء الألمانية».

وأشار إلى أن الحكومة تتعامل مع وجود حزب البعث وفقاً للقوانين العراقية السارية، داعياً هيئة المساءلة والعدالة إلى «تقديم تقرير مفصل للحكومة يتضمن مجمل إجراءاتها وما أنجزته من بيانات، والمتبقي من عملها الذي رسمه لها الدستور والقوانين النافذة، وفقاً لورقة الاتفاق السياسي الواردة في المنهاج الوزاري التي صوت عليها البرلمان في 27 أكتوبر (تشرين الأول) 2022».

ووفق بيان من الحكومة العراقية، فقد جرت خلال اللقاء «مناقشة معالجة آثار الحقبة المظلمة والانتهاكات الصارخة ضد الإنسانية، التي تسببت فيها سياسات نظام البعث المقبور، ومحاسبة كل من ارتكب الجرائم بحق أبناء الشعب العراقي في تلك الحقبة، وكذلك مناقشة ما تبقى من عمل هيئة المساءلة والعدالة في مجال إنفاذ القانون وتطبيق المهام والأهداف التي تشكلت على أساسها الهيئة».