بمناسبة «الفالنتاين»... هكذا «يؤثر» الحب في عقولنا

باحثون يَعدونه نوعاً من «الإدمان الطبيعي»

الحب يمكن أن يجعل الناس غافلين عن أخطاء الشريك (رويترز)
الحب يمكن أن يجعل الناس غافلين عن أخطاء الشريك (رويترز)
TT

بمناسبة «الفالنتاين»... هكذا «يؤثر» الحب في عقولنا

الحب يمكن أن يجعل الناس غافلين عن أخطاء الشريك (رويترز)
الحب يمكن أن يجعل الناس غافلين عن أخطاء الشريك (رويترز)

يحتفل العالم اليوم بعيد الحب (الفالنتاين)، إذ يتبادل الأحباء الهدايا والزهور والشوكولاته والعبارات الرومانسية للتعبير عن حبهم ووفائهم للطرف الآخر.

وفي هذا السياق، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» تقريراً عن تأثير الوقوع في الحب في العقل، وكيف يستهلك أفكارنا، ويشحن عواطفنا، وفي بعض الأحيان، يجعلنا نتصرف بطريقة لا تتفق مع شخصيتنا.

وبحثت عدة دراسات هذا التأثير. وفي إحدى هذه الدراسات أجرى الباحثون تصويراً بالرنين المغناطيسي على أدمغة عدد من الأشخاص الذين كانوا في المراحل الأولى من العلاقة الرومانسية (عادةً أقل من عام)، وذلك لمعرفة ما يحدث في أدمغتهم في أثناء نظرهم إلى صور عشيقاتهم. ووجد الفريق أن المشاركين أظهروا نشاطاً متنامياً في مناطق الدماغ الغنية بالدوبامين، وهو ناقل عصبي مسؤول عن المشاعر، والإحساس بالسعادة والرغبة.

وقال الباحثون إن هذه المنطقة يجري تنشيطها أيضاً بواسطة مخدرات مثل الكوكايين، مما دفعهم إلى تصنيف الحب على أنه نوع من «الإدمان الطبيعي». وتدعم دراسة أخرى أُجريت على فئران البراري، هذه النتائج.

وتعد فئران البراري أحد أنواع الثدييات النادرة التي تستمر العلاقة بين ثنائياتها مدى الحياة، لذلك يستخدمها الباحثون أحياناً نموذجاً علمياً لنجاح العلاقات. وقد أشارت الدراسة إلى أن هذه القوارض حين تتزاوج، يتم تنشيط نظام المكافأة في الدماغ، مما يؤدي إلى إطلاق الدوبامين.

وفي الواقع، تشير الأبحاث الأولية التي أجرتها ساندرا لانجيسلاغ، الأستاذة المشاركة في علم الأعصاب السلوكي بجامعة «ميسوري»، إلى أن «بعض الأشخاص يتوقون إلى أحبائهم مثلما يتوقون إلى المخدرات».

وأجرت لانجيسلاغ تجربة على 10 أشخاص يدخنون النيكوتين عُرضت عليهم صور لأحبائهم وصور لأشخاص آخرين يدخنون السجائر الإلكترونية. وقد وجد فريق الدراسة أن رغبة المشاركين في أن يكونوا مع شركائهم كانت أعلى من رغبتهم في التدخين الإلكتروني.

وبحثت دراسات أخرى أجرتها لانجيسلاغ وفريقها في مدى سيطرة التفكير في الحب في عقول الأشخاص بشكل يجعلهم غير قادرين على التركيز أو التفكير في أي شيء آخر.

الحب يؤثر في العقل ويستهلك الأفكار (أ.ف.ب)

وفي سلسلة من الدراسات الصغيرة التي أُجريت على أشخاص كانوا في المراحل الأولى من الحب، وجدت لانجيسلاغ أن المشاركين أفادوا بأنهم يفكرون في أحبائهم بنسبة 65 في المائة تقريباً من ساعات يقظتهم، وقالوا إنهم واجهوا صعوبة في التركيز في أي شيء آخر.

من ناحيتها، قالت هيلين فيشر، وهي باحثة بارزة في معهد «كينزي» بجامعة «إنديانا» والتي أجرت واحدة من أولى الدراسات البشرية حول هذا الموضوع: «الناس يتوقون للحب، ويعيشون من أجل الحب، ويقتلون من أجل الحب، ويموتون من أجل الحب». وأضافت: «إن الحب هو أحد أقوى أنظمة الدماغ التي طوّرها البشر على الإطلاق».

وأكملت قائلة: «الحب الرومانسي لا ينبع من قشرتك الدماغية، حيث تقوم بالتفكير بعقلانية، ولا ينبعث من مناطق الدماغ الموجودة في منتصف رأسك، المتصلة بالجهاز الحوفي، الذي يرتبط بالعواطف... إنه موجود في مناطق الدماغ المرتبطة بالدافع والهدف والرغبة».

وهناك أيضاً بعض الأدلة على أن الحب يمكن أن يجعل الناس غافلين عن أخطاء الشريك، وهو ما يُعرف بـ«الحب أعمى». فقد قالت لوسي براون، أستاذة علم الأعصاب في «كلية ألبرت أينشتاين للطب»، إنها حين عرضت على بعض الأشخاص صور لأحبائهم، وجدت أن لديهم نشاطاً أقل في جزء من قشرة الفص الجبهي يعد مهماً لاتخاذ القرار وتقييم الآخرين. وقالت إن النتائج تشير إلى أن «أدمغتنا هي التي تدفعنا للتغاضي عن سلبيات الشخص الذي نحبه».

وعلى الرغم من أن كل هذه الدراسات تشير إلى قدرة الحب على تغيير دوافعنا والتأثير في تركيزنا، فإن العلماء أكدوا أن هذا الأمر ليس بالضرورة سلوكاً «غير عقلاني»، على الأقل من منظور تطوري.

ويعتقد العلماء أن البشر تطوروا ليكون لديهم هذه الأنواع من الاستجابات، لأن الترابط والتزاوج ضروريان لبقاء النوع.


مقالات ذات صلة

يوناني في الثمانينات من عمره يبدأ الدراسة بعد حياة كادحة

يوميات الشرق اليوناني فاسيليس بانايوتاروبولوس متعطشاً للمعرفة (موقع بانايوتاروبولوس)

يوناني في الثمانينات من عمره يبدأ الدراسة بعد حياة كادحة

كثيراً ما كان اليوناني فاسيليس بانايوتاروبولوس متعطشاً للمعرفة، لكنه اضطر لترك التعليم عندما كان في الثانية عشرة من عمره لمساعدة والده في العمل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الشباب والأطفال الأعلى تفاؤلاً يميلون إلى أن يكونوا أفضل صحة (رويترز)

كيف يؤثر التفاؤل على صحة الأطفال والشباب؟

كشفت دراسة جديدة عن أن صغار السن الأعلى تفاؤلاً بشأن مستقبلهم يميلون في الواقع إلى أن يكونوا أفضل صحة بشكل ملحوظ.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
علوم ارتفاع جبل إيفرست يزداد سنوياً بنحو 2 مم (أ.ف.ب)

ما سبب زيادة ارتفاع جبل إيفرست سنوياً؟

من المعروف أن جبل إيفرست، وهو أعلى جبل على وجه الأرض، يزداد ارتفاعاً بنحو 2 مم سنوياً. إلا أن السبب وراء هذا الارتفاع المستمر حيّر العلماء لفترة طويلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك استخدام الحوامل لمنتجات العناية الشخصية يؤدي إلى ارتفاع مستويات «المواد الكيميائية الأبدية» السامة في دمائهن (رويترز)

دراسة تحذّر الحوامل: المكياج وصبغة الشعر يزيدان مستويات المواد السامة بحليب الثدي

حذرت دراسة جديدة من الاستخدام الزائد لمنتجات العناية الشخصية مثل المكياج وخيط تنظيف الأسنان وصبغة الشعر بين النساء الحوامل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الرجال المتزوجون يتقدمون في العمر أبطأ من الرجال العزاب (رويترز)

الزواج يبطئ شيخوخة الرجال

أظهرت دراسة جديدة أن الرجال المتزوجين يتقدمون في العمر أبطأ من الرجال العزاب، إلا إن الشيء نفسه لا ينطبق على النساء.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

السعودية تحتفي بإبداعات الثقافة العراقية في مهرجان «بين ثقافتين»

يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)
يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تحتفي بإبداعات الثقافة العراقية في مهرجان «بين ثقافتين»

يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)
يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)

تحتفي وزارة الثقافة السعودية بنظيرتها العراقية في النسخة الثانية من مهرجان «بين ثقافتين» خلال الفترة من 18 إلى 31 ديسمبر (كانون الأول) المقبل في «ميقا استوديو» بالرياض، لتقدم رحلة استثنائية للزوار عبر الزمن، في محطاتٍ تاريخية بارزة ومستندة إلى أبحاث موثوقة، تشمل أعمالاً فنيّةً لعمالقة الفن المعاصر والحديث من البلدين.

ويجوب مهرجان «بين ثقافتين» في دهاليز ثقافات العالم ويُعرّف بها، ويُسلّط الضوء على أوجه التشابه والاختلاف بين الثقافة السعودية وهذه الثقافات، ويستضيف في هذه النسخة ثقافة العراق ليُعرّف بها، ويُبيّن الارتباط بينها وبين الثقافة السعودية، ويعرض أوجه التشابه بينهما في قالبٍ إبداعي.

ويُقدم المهرجانُ في نسخته الحالية رحلةً ثريّة تمزج بين التجارب الحسيّة، والبصريّة، والسمعية في أجواءٍ تدفع الزائر إلى التفاعل والاستمتاع بثقافتَي المملكة والعراق، وذلك عبر أربعة أقسامٍ رئيسية؛ تبدأ من المعرض الفني الذي يُجسّد أوجه التشابه بين الثقافتين السعودية والعراقية، ويمتد إلى مختلف القطاعات الثقافية مما يعكس تنوعاً ثقافياً أنيقاً وإبداعاً في فضاءٍ مُنسجم.

كما يتضمن المهرجان قسم «المضيف»، وهو مبنى عراقي يُشيّد من القصب وتعود أصوله إلى الحضارة السومرية، ويُستخدم عادةً للضيافة، وتُعقدُ فيه الاجتماعات، إلى جانب الشخصيات الثقافية المتضمن روّاد الأدب والثقافة السعوديين والعراقيين. ويعرض مقتطفاتٍ من أعمالهم، وصوراً لمسيرتهم الأدبية، كما يضم المعرض الفني «منطقة درب زبيدة» التي تستعيد المواقع المُدرَجة ضمن قائمة اليونسكو على درب زبيدة مثل بركة بيسان، وبركة الجميمة، ومدينة فيد، ومحطة البدع، وبركة الثملية، ويُعطي المعرض الفني لمحاتٍ ثقافيةً من الموسيقى، والأزياء، والحِرف اليدوية التي تتميز بها الثقافتان السعودية والعراقية.

ويتضمن المهرجان قسم «شارع المتنبي» الذي يُجسّد القيمة الثقافية التي يُمثّلها الشاعر أبو الطيب المتنبي في العاصمة العراقية بغداد، ويعكس الأجواء الأدبية والثقافية الأصيلة عبر متاجر مليئة بالكتب؛ يعيشُ فيها الزائر تجربةً تفاعلية مباشرة مع الكُتب والبائعين، ويشارك في ورش عمل، وندواتٍ تناقش موضوعاتٍ ثقافيةً وفكرية متعلقة بتاريخ البلدين.

وتُستكمل التجربة بعزفٍ موسيقي؛ ليربط كلُّ عنصر فيها الزائرَ بتاريخٍ ثقافي عريق، وفي قسم «مقام النغم والأصالة» يستضيف مسرح المهرجان كلاً من الفنين السعودي والعراقي في صورةٍ تعكس الإبداع الفني، ويتضمن حفل الافتتاح والخِتام إلى جانب حفلةٍ مصاحبة، ليستمتع الجمهور بحفلاتٍ موسيقية كلاسيكية راقية تُناسب أجواء الحدث، وسط مشاركةٍ لأبرز الفنانين السعوديين والعراقيين.

فيما يستعرض قسم «درب الوصل» مجالاتٍ مُنوَّعةً من الثقافة السعودية والعراقية تثري تجربة الزائر، وتُعرّفه بمقوّمات الثقافتين من خلال منطقة الطفل المتّسمة بطابعٍ حيوي وإبداعي بألوان تُناسب الفئة المستهدفة، إذ يستمتع فيها الأطفال بألعاب تراثية تعكس الثقافتين، وتتنوع الأنشطة بين الفنون، والحِرف اليدوية، ورواية القصص بطريقةٍ تفاعلية مما يُعزز التعلّم والمرح.

بينما تقدم منطقة المطاعم تجربةً فريدة تجمع بين النكهات السعودية والعراقية؛ لتعكس الموروث الثقافي والمذاق الأصيل للبلدين، ويستمتع فيها الزائر بتذوق أطباقٍ تراثية تُمثّل جزءاً من هوية وثقافة كل دولة، والمقاهي التي توفر تشكيلةً واسعة من المشروبات الساخنة والباردة، بما فيها القهوة السعودية المميزة بنكهة الهيل، والشاي العراقي بنكهته التقليدية مما يُجسّد روحَ الضيافة العربية الأصيلة.

ويسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة تستعرض الحضارة السعودية والعراقية، وتُبرز التراث والفنون المشتركة بين البلدين، كما يهدف إلى تعزيز العلاقات بين الشعبين السعودي والعراقي، وتقوية أواصر العلاقات الثقافية بينهما، والتركيز على ترجمة الأبعاد الثقافية المتنوعة لكل دولة بما يُسهم في تعزيز الفهم المتبادل، وإبراز التراث المشترك بأساليب مبتكرة، ويعكس المهرجان حرص وزارة الثقافة على تعزيز التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة، تحت مظلة «رؤية المملكة 2030».