في أغسطس (آب) 2022، راهن أتالانتا على راسموس هويلوند، حيث تعاقد النادي الإيطالي مع المهاجم الدنماركي الشاب من شتورم غراتس مقابل 17 مليون يورو. بدا الأمر في البداية كأن هذه المغامرة غير محسوبة تماما، فعلى الرغم من تسجيل هويلوند في ظهوره الثاني في الدوري، لكن هذا كان هدفه الوحيد في 11 مباراة مع أتالانتا بعد انضمامه للفريق.
لكن أي شكوك بشأن ما إذا كان النادي قد أخطأ عندما تعاقد مع هويلوند تبددت تماما مع مطلع العام الجديد، حيث بدأ المهاجم الشاب عام 2023 بهز الشباك في أربع مباريات متتالية، وأنهى الموسم محرزا تسعة أهداف في الدوري الإيطالي الممتاز، وهي حصيلة جيدة بالنسبة للاعب لم يشارك في التشكيلة الأساسية لفريقه سوى 20 مرة من أصل 38 مباراة في الدوري الإيطالي الممتاز، كما كان ذلك كافيا لإقناع مسؤولي مانشستر يونايتد بدفع مبلغ مالي كبير للتعاقد معه خلال الصيف الماضي.
تعرض هويلوند لضغوط كبيرة منذ البداية. لم يكن سرا أن الخيار الأول بالنسبة لإريك تن هاغ لتدعيم خط هجوم مانشستر يونايتد كان النجم الإنجليزي الدولي هاري كين، الذي انتقل في نهاية المطاف من توتنهام إلى بايرن ميونيخ. وأدى المقابل المادي الكبير لانتقال هويلوند إلى مانشستر يونايتد إلى زيادة التوقعات بشأن ما يمكن أن يقدمه المهاجم الدنماركي الشاب، ثم بدأت الانتقادات تنهال على إدارة النادي وتتهمها بالإسراف في الإنفاق على لاعب لم ينجح في هز الشباك مع فريقه الجديد.
أدى تسجيل اللاعب لخمسة أهداف في دوري أبطال أوروبا إلى تهدئة المخاوف من أن يكون مانشستر يونايتد قد ارتكب خطأً فادحاً في سوق الانتقالات، لكن كان هناك سبب آخر للقلق وهو فشل اللاعب في هز الشباك في الدوري الإنجليزي الممتاز. لذلك، عندما سجل هويلوند هدفا في الدقيقة 82 ليقود فريقه للفوز على أستون فيلا في السادس والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كانت مشاعر الارتياح واضحة تماما على وجه اللاعب الشاب. وبعد ذلك، سارت الأمور بطريقة مثالية، حيث لم يتوقف اللاعب عن التسجيل في الدوري منذ ذلك الحين.
وكان هدفه خلال الشوط الأول أمام وستهام يوم الأحد الماضي هو هدفه الرابع على التوالي في الدوري، ليعادل بذلك ما حققه مع أتالانتا في بداية عام 2023. فهل بدأ هويلوند يلعب بشكل مختلف؟ الإجابة هي «ليس تماما»، فقبل فترة أعياد الميلاد كان هويلوند يسدد 1.7 كرة على المرمى كل 90 دقيقة، وانخفض ذلك إلى 1.5 تسديدة منذ 26 ديسمبر فصاعداً. ويأتي ذلك على الرغم من زيادة عدد لمسات اللاعب داخل منطقة الجزاء لكل 90 دقيقة من 4.6 إلى 5.1 لمسة.
واللافت للنظر هو أن معدل تمريرات اللاعب لكل 90 دقيقة ارتفع من 14.3 إلى 15.6 تمريرة. يعد هويلوند أكثر نشاطاً بشكل طفيف داخل منطقة الجزاء، لكنه أيضاً أكثر استعداداً للتحرك بعيدا عن منطقة الجزاء من أجل فتح مساحات لزملائه داخل الملعب. ويشير هذا إلى أن هذا اللاعب مستعد للتعاون مع الآخرين في اللعب والانتظار قليلا قبل أن يغامر ويجرب حظه على المرمى. عندما يسعى أي مهاجم لفك نحسه أمام المرمى وإحراز أول أهدافه فإنه قد يسدد من زوايا مستحيلة، لكن الحقيقة أن هويلوند لم يفعل ذلك، وظل يلعب بطريقته المعتادة وبهدوء شديد ويتعاون مع زملائه كالعادة.
بالإضافة إلى ذلك، استفاد هويلوند من الاستقرار الموجود في الخط الأمامي لمانشستر يونايتد في المباريات الأخيرة. وفق طريقة 4-2-3-1 المفضلة لدى تن هاغ، يبدو أن ماركوس راشفورد وبرونو فرنانديز وأليخاندرو غارناتشو هم الأقرب للعب خلف هويلوند في خط هجوم مانشستر يونايتد. وبناء على ذلك، تمكن المهاجم الدنماركي الشاب من التفاهم مع هذا الثلاثي، ولم يكن من قبيل الصدفة أن هؤلاء اللاعبين الثلاثة - وليس هويلوند وحده - ظهروا بشكل أفضل خلال المباريات الأخيرة.
ويُعد هذا مهماً بشكل خاص لمانشستر يونايتد الذي يعد الأقل تسجيلا للأهداف (31 هدفا) من بين أفضل 10 فرق في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز، على الرغم من أن 13 هدفا من هذه الأهداف جاءت منذ الفوز على أستون فيلا في 26 ديسمبر. لم يصل هويلوند حتى الآن إلى قمة مستواه، لكن الطاقم الفني لمانشستر يونايتد تصرف بذكاء شديد عندما صبر على اللاعب، الذي مر بتجربة مماثلة في بداية مسيرته مع أتالانتا قبل أن يقدم مستويات قوية في النصف الثاني من الموسم.
لا يزال مانشستر يونايتد على بُعد ثماني نقاط من المراكز الأربعة الأولى وسيلعب (الأحد) أمام أستون فيلا، الذي عاد إلى المراكز المؤهلة للمشاركة في دوري أبطال أوروبا بعدما سحق شيفيلد يونايتد المهدد بالهبوط بخمسة أهداف دون رد مساء السبت الماضي. سيكون الأمر مثاليا لو سجل هويلوند هدفاً في مرمى أستون فيلا - الفريق الذي افتتح ضده سجله التهديفي في الدوري الإنجليزي الممتاز - ليمنح آمال مانشستر يونايتد الأوروبية دفعة مثالية.
لقد وصف كثيرون هويلوند بأنه صفقة فاشلة في الأشهر الأولى من مسيرته مع مانشستر يونايتد، وذلك على الرغم من تألقه في مباريات الفريق في دوري أبطال أوروبا. لكن مع توالي الأهداف الآن، نجح المهاجم البالغ من العمر 21 عاماً في إسكات المشككين والمنتقدين، ويتطلع إلى إثبات أنه يستحق المبلغ المالي الكبير الذي دفعه مانشستر يونايتد للتعاقد معه خلال الصيف الماضي. ومع اقتراب رحيل أنتوني مارسيال، من المقرر أن يصبح هويلوند هو المهاجم الصريح الوحيد في قائمة مانشستر يونايتد. من المؤكد أن مانشستر يونايتد يمكن أن يتعاقد مع مهاجم يمتلك خبرات جيدة لتخفيف العبء من على كاهل هويلوند، لكن المهاجم الدنماركي الشاب نجح أخيرا في تثبيت أقدامه في الملاعب الإنجليزية.
بعد تسجيله الهدف الأول في انتصار فريقه على ضيفه وستهام توجه هويلوند نحو جماهير مانشستر يونايتد في المدرج الشرقي، وبدا أنه يستخدم ساقه اليسرى كجيتار وهمي، الأمر الذي أسعد عشاق ملعب «أولد ترافورد». واهتز «مسرح الأحلام» بالتأكيد وحظي الاحتفال باهتمام كبير على وسائل التواصل الاجتماعي، فيما أكد مانشستر يونايتد انتصاره عقب تسجيل نجمه الأرجنتيني الشاب أليخاندرو غارناتشو هدفين في الشوط الثاني. وعقب المباراة، كشف هويلوند عن سر احتفاله بالهدف عبر «العزف على الأوتار»، حيث صرح لوسائل الإعلام عقب اللقاء: «عندما كنت مع أصدقائي في الصيف، أخبروني أنني يجب أن أحتفل بتلك الطريقة ولم أفعل ذلك». وأضاف هويلوند في تصريحاته: «لقد ذكرني (صديقي) بعد مقابلة قصيرة عندما كنت في الدنمارك، بأنه يجب على الاحتفال بتلك الطريقة». وأوضح: «لقد ظل هذا عالقا في ذهني واعتقدت أنني سوف أجرب».
وتابع: «أنا لا أكذب، لقد حصلت على جيتار هدية عيد الميلاد لكنني لم أستخدمه بعد. دعونا نر، ربما (سأبدأ العزف على الجيتار)». وشدد هويلوند على أنه بدأ يثبت نفسه في يونايتد، وقال إنه بدأ للتو. وأكد اللاعب الدنماركي: «لم أكتف بعد. أنا متعطش للمزيد وأريد فقط الاستمرار في التسجيل والتطور وتسجيل الأهداف والارتقاء لمستوى أعلى والاستمرار في تحقيق الانتصارات. أستمر في التواصل بشكل أفضل مع زملائي في الفريق». وتابع هويلوند تصريحاته قائلا: «أنا أستمتع بذلك في الوقت الراهن».
* خدمة «الغارديان»