طالبت قيادات حزب حركة النهضة بإطلاع الرأي العام التونسي والدولي على سير محاكمة المتهمين في قضية شكري بلعيد، القيادي اليساري الذي اغتيل في 6 فبراير (شباط) 2013، واقترحت على أجهزة القضاء النقل المباشر لجلسات المحاكمة، لإضفاء شفافية كاملة على القضية، وعبّرت عن ارتياحها للشروع في محاكمة قتلة بلعيد بعد سنوات من التعطيل، وحرصها على كشف الحقيقة كاملة حول جريمة الاغتيال وما لفها من غموض.
في السياق ذاته، أعلن عبد الناصر العويني، عضو هيئة الدفاع عن شكري بلعيد، مواصلة المحكمة الابتدائية في تونس العاصمة، الجمعة، جلسات محاكمة المتهمين، وتوقع أن يعلن قريباً عن حكم ابتدائي ضد المتهمين، ينهي جانباً من الجدل حول تباطؤ القضاء التونسي في حسم ملف القضية. بينما أكدت مصادر حقوقية أخرى أن تطول مدة المحاكمة، وأن تتواصل لأشهر عدّة، اعتباراً للتعقيدات الكثيرة التي تلف هذه القضية، واختلاط الجانب القضائي بالجوانب السياسية.
وكانت أولى جلسات الاستماع للمتهمين قد انطلقت، يوم الثلاثاء الماضي، بمناسبة الذكرى الـ11 لاغتيال بلعيد، في ظل ضغوط سياسية وحقوقية لكشف حقيقة الاغتيال بالكامل، وفضح مَن حاول تعطيل القضاء ومن نفذ العملية، في إشارة إلى الاتهامات التي وجهتها هيئة الدفاع إلى قيادات حركة النهضة بالوقوف وراء عملية الاغتيال، وتحميلها المسؤولية السياسية والأخلاقية عن الجريمة، التي وقعت خلال فترة تزعمها المشهد السياسي في تونس.
وتتهم هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي، اللذين اغتيلا سنة 2013، قيادات حركة النهضة بالوقوف وراء الاغتيال لارتباط عناصر متطرفة بها، ممن ثبت لاحقاً تورطهم في العملية. وكشفت، خلال مؤتمرات صحافية سابقة، عن سيطرة حركة النهضة على المنظومة الأمنية في تونس خلال فترة الاغتيال، من خلال الحديث عن «غرفة سوداء» بوزارة الداخلية التونسية، تحتوي على أدلة الاغتيال، علاوة على تشكيلها «جهاز أمن موازياً»، يأتمر بأوامرها، وهو ما نفته الحركة بشدة.
في غضون ذلك، قررت دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس العاصمة، الخميس، رفض جميع طلبات الإفراج عن الموقوفين فيما عرف بملف «التآمر على أمن الدولة». وتضم قائمة المتهمين الموقوفين رجل أعمال معروفاً، وقيادات سياسية وناشطين سياسيين وبعض المحامين.
وكان المكتب التنفيذي لحركة النهضة قد ندد بالحكم القضائي الصادر في حق راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، ورفيق عبد السلام وزير الخارجية التونسي السابق، في القضية المتعلقة بـ«تلقي حركة النهضة لتمويلات أجنبية»، وذلك بسجنهما لمدة ثلاث سنوات مع توجيه غرامات مالية ضدهما.
من ناحية أخرى، عبّرت حركة النهضة عن دعمها المبادرات الرّامية لتطوير عمل المعارضة في تونس، وذكّرت بالتزامها بـ«جبهة الخلاص الوطني»، التي يتزعمها المعارض السياسي أحمد نجيب الشابي، مؤكدة أنها تمثل إطاراً للعمل السياسي والنضالي، وكشفت عن حرصها على إيجاد ميثاق يضبط قواعد التعاون والتنافس النزيه بين مكونات المعارضة، بما يضمن احترام حق الاختلاف وتثمين المشتركات، وتحصين الفاعلين السياسيين من الوقوع في الممارسات السلبية، التي أضرّت بالتجربة الديمقراطية، وبصورة الطبقة السياسية لدى الرأي العام، على حد تعبيرها.