غوتيريش يحشد أممياً لوقف «الفظائع المروّعة» في السودان

طالب البرهان ودقلو بوقف النار والجلوس إلى طاولة المفاوضات

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ف.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ف.ب)
TT

غوتيريش يحشد أممياً لوقف «الفظائع المروّعة» في السودان

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ف.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ف.ب)

حضَّ الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، المجتمع الدولي على حشد مقرّاته، وبذل كل ما في وسعه لوقف الحرب في السودان، قائلاً إن ما يحصل هناك «مُروّع».

وكان كبير الموظفين الدوليين يتحدث في مؤتمر صحافي داخل المقر الرئيسي للأمم المتحدة، إذ رأى أنه لا يوجد حل عسكري للنزاع بين القوات المسلّحة السودانية بقيادة الفريق أو عبد الفتاح البرهان من جهة، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو، الملقّب بـ«حميدتي» من جهة أخرى، وغيرها من القوى المتناحرة منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، مشدداً على أن استمرار القتال «لن يحقق أي حل، لذا يتوجب علينا وقف ذلك في أقرب وقت».

لاجئون سودانيون من غرب دارفور يتلقون عناية طبية في تشاد (رويترز)

ورأى غوتيريش أن الوقت حان لكي يبدأ الخصمان الرئيسيان الحديث عن إنهاء الحرب التي أدت حتى الآن إلى مقتل أكثر من 12 ألف شخص، وفرار أكثر من سبعة ملايين من منازلهم، معبّراً عن أمله في إعطاء دفعة إضافية لجهود إحلال الاستقرار بالتعاون بين الأمم المتحدة، والهيئة الحكومية للتنمية «إيغاد»، والاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية، خلال القمة الأفريقية في 17 فبراير (شباط) الحالي و18 منه، في أديس أبابا، إثيوبيا؛ «لنرى كيف يمكننا توحيد جهودنا» من أجل جلوس البرهان ودقلو إلى الطاولة، وتحقيق وقف لإطلاق النار، وتهيئة الظروف لإيصال المساعدات الإنسانية إلى السودان للأشخاص الذين هم في «حالة يائسة».

وقال إن «ما يحصل فظيع»، مضيفاً أنه «يجب أن يتوقف، ويتعيّن علينا تعبئة المجتمع الدولي بأَسره والجيران والبلدان التي لها تأثير على الطرفين؛ لبذل كل ما في وسعها لوقف هذه الفظائع المخيفة».

وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارتن غريفيث (أ.ب)

الوضع الإنساني

وكان وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، منسق المعونة الطارئة، مارتن غريفيث، قد أشار أخيراً إلى أن البرهان ودقلو أكدا له أخيراً أنهما سيحضران اجتماعاً في سويسرا، لمناقشة القضايا الإنسانية والمدنيين المحاصَرين في السودان. وقال: «لا أزال أنتظر لمعرفة متى سيحدث ذلك».

كانت ولاية غرب دارفور، التي أُريق فيها كثير من الدماء عام 2003، بؤرة للنزاع الحالي، وساحة للعنف العرقِي في هذا البلد العربي الأفريقي. وفي عام 2005، أحال مجلس الأمن الوضع في دارفور إلى «المحكمة الجنائية الدولية»، المكلَّفة بموجب نظام روما الأساسي بالتحقيق في أسوأ الفظائع التي ارتُكبت في العالم ومحاكمة مُرتكبيها، بما في ذلك جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.

لاجئون سودانيون في مخيم زمزم خارج الفاشر بدارفور (أ.ب)

المحكمة الجنائية

وقال المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، لأعضاء مجلس الأمن، في أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي، إنه «من المذهل جداً» زيارة مخيمات اللاجئين المختلفة في تشاد، المتاخمة لدارفور، حيث أخبره الأشخاص الذين عاشوا صراع دارفور منذ عام 2003 بشكل عفوي، أن ما يحصل حالياً «هو الأسوأ على الإطلاق». وقال إن «استنتاجي الواضح، وتقييمي الواضح، هما أن هناك أسباباً لاعتقاد أن الجرائم المنصوص عليها في نظام روما الأساسي تُرتكب حالياً في دارفور من قِبل كل من القوات المسلّحة السودانية وقوات الدعم السريع والجماعات التابعة لهما».

وعندما سئل عن عمل المحكمة، قال غوتيريش: «أولاً وقبل أي أمر، من الضروري أن نقدم الدعم الكامل للمحكمة الجنائية الدولية»، موضحاً أن دورها هو «بالتحديد إيجاد الظروف لمحاكمة المتورطين في هذه الفظائع»؛ لأن هذا الأمر «ضروري جدّاً».

منطقة أبيي

في غضون ذلك، ندَّد أعضاء مجلس الأمن «بشدة» بسلسلة الهجمات التي وقعت في منطقة أبيي الإدارية بين يومي 27 يناير الماضي و28 منه، وأدت إلى مقتل اثنين من القوة الأمنية الموقتة للأمم المتحدة لحفظ السلام في أبيي، أحدهما غاني، والآخر باكستاني، بالإضافة إلى إصابة عدد آخر من أفراد القوة، فضلاً عن سقوط عدد أكبر من الضحايا المدنيين.

ودعوا إلى «محاسبة المسؤولين عن هذه الهجمات»، مُذكّرين بأن الهجمات ضد قوات حفظ السلام «قد تُشكّل جرائم حرب، بموجب القانون الدولي».

وشدّد أيضاً على «الحاجة إلى مزيد من التعاون بين الحكومة الانتقالية في جنوب السودان والحكومة السودانية، وهو أمر بالغ الأهمية لتحقيق السلام والأمن والاستقرار في أبيي، وإشراك المجتمعات المحلية المشارِكة في أعمال العنف، واتخاذ الخطوات اللازمة لحل المشكلة».


مقالات ذات صلة

حمدوك يحذر من إبادة جماعية على غرار ما شهدته رواندا

شمال افريقيا رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (غيتي)

حمدوك يحذر من إبادة جماعية على غرار ما شهدته رواندا

حذر رئيس وزراء السودان السابق، عبد الله حمدوك، من انزلاق السودان إلى سيناريو أسوأ مما شهدته رواندا في السابق بسبب تعدد الجيوش وأمراء الحرب، وتجنيد المدنيين.

شمال افريقيا سودانيون نازحون من ولاية الجزيرة (رويترز)

السودان: مقتل 180 بهجمات متبادلة بين «الدعم» والجيش

قُتل 120 مدنيا في ولاية الجزيرة في وسط السودان خلال اعتداءات عدة بالرصاص، أو نتيجة التسمم الغذائي، أو نقص الرعاية الطبية، على ما أفادت وزارة الخارجية السودانية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا جندي سوداني يقف أمام مدفع رشاش على شاحنة عسكرية خارج مستشفى في أم درمان (أ.ف.ب)

السودان: اتهام «الدعم السريع» بقتل 161 شخصاً في الهلالية بولاية الجزيرة

أفادت منصة «نداء الوسط» الحقوقية في ولاية الجزيرة السودانية اليوم (الجمعة) بارتفاع عدد القتلى على يد «قوات الدعم السريع» في مدينة الهلالية إلى 161.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا أشخاص يحصلون على المياه النظيفة التي تقدمها منظمة خيرية للسكان في القضارف شرق السودان 30 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

وفاة العشرات بمرض غامض في بلدة سودانية تحاصرها «قوات الدعم السريع»

قالت نقابة أطباء السودان في وقت متأخر من مساء الأربعاء إن 73 شخصاً على الأقل توفوا بمرض غامض في بلدة الهلالية التي تحاصرها «قوات الدعم السريع» شبه العسكرية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا اجتماع سابق للهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية «تقدم» (فيسبوك)

قوى سياسية وعسكرية سودانية تبحث «اليوم الأول» بعد الحرب

شهدت القاهرة اجتماعاً لأكثر من 15 حزباً وتنظيماً، بالإضافة إلى تنظيم العسكريين المتقاعدين المعروف باسم «تضامن»، تناول بشكل أساسي خطة «اليوم الأول» بعد الحرب.

أحمد يونس (كمبالا)

حمدوك يحذر من إبادة جماعية على غرار ما شهدته رواندا

رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (غيتي)
رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (غيتي)
TT

حمدوك يحذر من إبادة جماعية على غرار ما شهدته رواندا

رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (غيتي)
رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (غيتي)

أطلق رئيس وزراء السودان السابق، عبد الله حمدوك، تحذيراً من انزلاق الوضع في السودان إلى ما هو أسوأ من الإبادة الجماعية التي شهدتها رواندا في تسعينات القرن الماضي، مرجعاً ذلك إلى تعدد الجيوش وأمراء الحرب، وتحشيد وتجنيد المدنيين، وتنامي خطاب الكراهية والاصطفاف العرقي والجهوي.

وأعرب حمدوك الذي يرأس تحالف «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم)، عن تخوفه من أن يتمزق السودان إلى كيانات عديدة تصبح بؤراً جاذبة لجماعات التطرف والإرهاب.

وقالت «تنسيقية تقدم» في بيان، إن حمدوك شارك في الفترة من 3 إلى 6 نوفمبر (تشرين الثاني) في اجتماع مجلس «مؤسسة مو إبراهيم» التي تعنى بالحكم الرشيد في أفريقيا، وتسلط الضوء على نماذج لقيادات ناجحة، ومجلس «مؤسسة أفريقيا وأوروبا»، وهو منتدى مستقل يعنى بالتعاون بين الجانبين تأسس عام 2020. وحضر الاجتماع عدد من الرؤساء الأفارقة والأوروبيين السابقين، إلى جانب قيادة الاتحاد الأوروبي ومنظمات إقليمية ودولية.

تحذير من موجة نزوح الى أوروبا

وقال حمدوك إن الحرب تسببت في قتل أكثر من 150 ألف مواطن، وتشريد 12 مليوناً، نزوحاً ولجوءاً، وتدمير قطاعات الصحة والتعليم والبنية التحتية والقطاعات الإنتاجية. وأضاف: «إن الكارثة الإنسانية الكبرى ما يتعرض له المدنيون من أهوال ومخاطر في انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي، في مقابل القصور البين من المجتمع الدولي والأمم المتحدة».

الدكتور عبد الله حمدوك خلال ندوة في لندن الأربعاء 30 أكتوبر (موقع «تقدم» على فيسبوك)

وحذر رئيس الوزراء السابق، من أن استمرار الأوضاع كما هي عليه الآن، سيفاجئ الجميع بأكبر أزمة لجوء لم يشهدها العالم من قبل، وعلى أوروبا الاستعداد من الآن لاستقبال الملايين الذين سيطرقون أبوابها عبر البحر الأبيض المتوسط.

وطالب حمدوك المجتمع الدولي باتخاذ تدابير وإجراءات عاجلة لحماية المدنيين، عبر تفعيل قرار الجمعية العمومية المعني بمبدأ مسؤولية الحماية.

وكرر دعوته إلى إنشاء مناطق آمنة، ونشر قوات حماية، والبدء في عملية إنسانية موسعة عبر دول الجوار وخطوط المواجهة كافة دون عوائق، ومحاسبة من يعوقون العون الإنساني المنقذ للحياة.

وطالب مجدداً بفرض حظر الطيران الحربي فوق كل السودان، من أجل حماية المدنيين العزل من القصف الجوي، بما في ذلك المسيّرات.

وقالت «تنسيقية تقدم» في البيان إن المشاركين في الاجتماعات أبدوا اهتماماً وتوافقوا على ضرورة التحرك العاجل لوقف الحرب في السودان.

وذكر البيان أن حمدوك التقى على هامش الاجتماعات بالممثل السامي للاتحاد الأوروبي للعلاقات الخارجية، جوزيف بوريل، ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل.

تجدد المعارك

ودارت اشتباكات عنيفة الجمعة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في منطقة الحلفايا شمال مدينة الخرطوم بحري، استخدما فيها المدفعية الثقيلة والمسيّرات، وهز دوي الانفجارات القوية ضواحي مدن العاصمة الخرطوم.

آثار الدمار في العاصمة السودانية جراء الحرب (د.ب.أ)

وقال سكان في بحري إنهم «شاهدوا تصاعد أعمدة الدخان في سماء المنطقة، مع سماع أصوات الأسلحة الثقيلة وتحليق مكثف لطيران الجيش».

وأفادت مصادر محلية بأن قوات الجيش نفذت فجر الجمعة هجوماً واسعاً على دفاعات «قوات الدعم السريع» في منطقة السامراب.

في المقابل، قالت «الدعم السريع» إنها شنت هجوماً مباغتاً على قوات الجيش المتمركزة في محور الحلفايا، ودمرت عدداً من السيارات القتالية.

وفي يونيو (حزيران) الماضي، تمكن الجيش السوداني من عبور جسر الحلفايا الذي يربط بين مدينتي أم درمان وبحري، والوصول إلى عمق المناطق التي كانت تسيطر عليها «الدعم السريع».

من جهة ثانية، قالت كتلة منظمات المجتمع المدني بدارفور إن الطيران الحربي للجيش السوداني قصف مدينة الكومة شمال غربي الإقليم بـ6 صواريخ استهدف مدرسة لإيواء النازحين، أسفر عن مقتل عدد من الأطفال وتدمير مصدر المياه، وعدد من المنازل السكنية.

واستنكر التجمع في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه تكرار القصف الجوي الذي يستهدف المدنيين، مطالباً المجتمع الدولي باتخاذ التدابير كافة لحظر الطيران الحربي.