حظر الرموز الروسية في أوكرانيا يشعل الجدل حول الهوية الوطنية

في محاولة لطمس معالم الإرث التاريخي الطويل للإمبراطورية الروسية

تمثال لينين الذي أعيد نصبه بساحة حديقة سيميونوفكا في أوكرانيا (نيويورك تايمز)
تمثال لينين الذي أعيد نصبه بساحة حديقة سيميونوفكا في أوكرانيا (نيويورك تايمز)
TT

حظر الرموز الروسية في أوكرانيا يشعل الجدل حول الهوية الوطنية

تمثال لينين الذي أعيد نصبه بساحة حديقة سيميونوفكا في أوكرانيا (نيويورك تايمز)
تمثال لينين الذي أعيد نصبه بساحة حديقة سيميونوفكا في أوكرانيا (نيويورك تايمز)

قرع شرطي شاب باب منزل إيفان إم بابتشينكو بعد ظهر أحد الأيام، ملوحًا بشكوى من معهد الذاكرة الوطنية في أوكرانيا، وطالب بمعرفة الأسباب التي دفعت قرية سيميونوفكا إلى إعادة نصب تمثال لينين، ولم تمض سوى أيام قليلة على ذلك حتى أصبحت «سيميونوفكا» متهمة بالخروج عن مبدأ «التحرر من الشيوعية» في أوكرانيا.
لكن بابتشينكو، رئيس الحزب الشيوعي المحلي، رفض الاعتراف بارتكاب أي مخالفة، وقال إنه جرت إزالة تمثال لينين منذ زمن طويل من الميدان الأحمر داخل البلدة الأوكرانية، كما أن المنطقة الفسيحة للميدان، التي تزداد كآبة من دون وجود التمثال، لا تستحضر المشهد المهيب في موسكو، سواء من قريب أو بعيد، وإنه عوضًا عن ذلك، نُصب تمثال لينين على قاعدة في متنزه منفصل ومحاط بالأشجار في سيميونوفكا. وفي هذا الصدد، يقول بابتشينكو، الذي تبرز أضراسه الذهبية المتعددة شاهدا على حياته في ظل الاتحاد السوفياتي السابق: «إذا دمروا جميع آثار الماضي في كل مرة تتغير فيها الآيديولوجية، فماذا سيتبقى بعد ذلك؟».
وفي محاولة منها للنأي بنفسها عن الإرث التاريخي الطويل للإمبراطوريتين الروسية والسوفياتية، بدأت أوكرانيا خطة لتبني هوية جديدة للبلاد، في ما يعد إحدى النتائج المترتبة على الحرب المختلطة التي شنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أوائل سنة 2014.
وقد أطلق فلاديمير فياتروفيتش، وهو مؤرخ ورئيس «معهد الذاكرة الوطنية الأوكرانية»، تنبؤًا قد يكون متهورًا بعض الشيء، يفيد بأنه في حال نجاح هذه الجهود في أوكرانيا، فقد تخلق أصداء مدمرة في الدولة الجارة. وفي هذا الصدد يوضح فياتروفيتش أن الهوية الروسية الحديثة بدأت تتشكل في الأساس مع غزو ما بات يعرف الآن بأوكرانيا في القرن الـ17 الميلادي، ومضى قائلاً: «في اللحظة التي تتمكن فيها أوكرانيا نهائيًا من أن تصبح دولة كاملة الاستقلال، ستكون تلك هي اللحظة التي تنتهي فيها الهوية الاستعمارية لروسيا».
وقد أسهم السيد فياتروفيتش في تمرير أربعة «قوانين ذاكرة» عبر البرلمان الأوكراني في الربيع الماضي. وقد ألغت هذه القوانين التقليد السوفياتي المتمثل في إحياء ذكرى الحرب العالمية الثانية، ونشرت السجلات السرية لجهاز الشرطة السوفياتي (كي جي بي) التي ظلت في أوكرانيا، كما سعت إلى إعادة الاعتبار إلى مقاتلين في سبيل استقلال أوكرانيا، لطالما اعتبرتهم موسكو متعاونين مع ألمانيا النازية وسخرت منهم. أما القانون الرابع، الذي يعد صاحب الأثر الملموس والأقوى على الصعيد الوطني، فقد طالب بإزالة جميع الأسماء والرموز المرتبطة بالحقبتين الشيوعية والنازية.. بيد أن جدالاً نشب حول الرموز الشيوعية، لكنه لا يشبه بأي حال ذلك الخلاف الذي طرأ بين أنصار ومعارضي العلم الكونفدرالي في الولايات الجنوبية الأميركية.
وقال فياتروفيتش في مقابلة صحافية إن «كثافة تماثيل لينين تعد مؤشرا خطيرا ينذر بظهور (الأناس المهذبون)، وهي كناية عن أفراد القوات الروسية الخاصة المجهولين، الذين استولوا على شبه جزيرة القرم». فيما يجادل أنصاره بأن تلك التماثيل تتعارض مع القيم الديمقراطية التي يريد الأوكرانيون زرعها في الجيل المقبل.
في الوقت نفسه، ينتمي داعمو رموز العصر الشيوعي إلى جيل أكبر سنًا من الأوكرانيين، الذين ما زالوا يحنون إلى الحقبة السوفياتية. ويجادل هؤلاء وآخرون بأن أوكرانيا تواجه مشكلات أكثر خطورة؛ أبرزها التراجع الاقتصادي، وأنها ينبغي أن تحظى بالأولوية، مشيرين إلى أن الدولة يجب ألا تفرض الوصاية على تفسير التاريخ.
وفي هذا الصدد، يقول جورجي كاسيانوف، وهو مؤرخ وناشط في مجال إصلاح التعليم: «إنهم يتصرفون مثل البلاشفة.. ينبغي أن نمحو الماضي.. هم يعتقدون أن الإرث السوفياتي يمكن تدميره من خلال تحطيم تماثيل لينين، أو إعادة تسمية الشوارع، وهذا أمر زائف.. إنهم يصارعون الأشباح».
لكن تماثيل لينين وشوارع لينين كانت منتشرة في كل مكان، وبهذا الخصوص يقول فياتروفيتش إن «هذه كانت تعد لينينلاند»، أو أرض لينين، وذلك بسبب وجود 5500 تمثال في أوكرانيا إبان انهيار الاتحاد السوفياتي السابق عام 1991. ويمضي قائلاً إن عدد تماثيل لينين في أوكرانيا تراجع إلى 1300 بحلول «انتفاضة ميدان» التي أطاحت بالحكومة الموالية لروسيا في فبراير (شباط) 2014. كما تحطم 500 تمثال آخر منذ ذلك الحين.
وتوصل كثير من البلدات الأوكرانية إلى فكرة بيع تلك التماثيل، المصنوعة في العادة من البرونز، واستغلال أثمانها في دفع الرواتب المتأخرة أو شراء مصابيح جديدة للشوارع، أو حتى سيارات مدرعة للمقاتلين المتطوعين، في بعض الأحيان.
وبعيدًا عن التماثيل، تحتاج 910 مدن وبلدات إلى أسماء جديدة، علاوة على عشرات الآلاف من الشوارع الأخرى.
* خدمة «نيويورك تايمز»



كييف تقول إن موسكو تستعد لشن هجوم في جنوب أوكرانيا

أوكرانيا تقول إن الروس يستعدون لتنفيذ عمليات هجومية في عدة اتجاهات (إ.ب.أ)
أوكرانيا تقول إن الروس يستعدون لتنفيذ عمليات هجومية في عدة اتجاهات (إ.ب.أ)
TT

كييف تقول إن موسكو تستعد لشن هجوم في جنوب أوكرانيا

أوكرانيا تقول إن الروس يستعدون لتنفيذ عمليات هجومية في عدة اتجاهات (إ.ب.أ)
أوكرانيا تقول إن الروس يستعدون لتنفيذ عمليات هجومية في عدة اتجاهات (إ.ب.أ)

عززت روسيا قواتها العسكرية وكثفت قصفها تمهيدا لتنفيذ هجوم في الجبهة الجنوبية، حيث لم تتغير مواقعها إلى حد كبير خلال الأشهر الأخيرة، وفق ما أكد متحدث باسم الجيش الأوكراني اليوم الثلاثاء.

وحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»، يمثل الهجوم الروسي في منطقة زابوريجيا الجنوبية تحديا للجيش الأوكراني الذي يواجه صعوبة بالفعل على الجبهة الشرقية، ولا يزال منخرطا في عملية هجومية في منطقة كورسك الروسية، على الحدود الشمالية.

وقال المتحدث باسم الجيش الأوكراني، فلاديسلاف فولوشين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «الروس يستعدون منذ فترة، منذ عدة أسابيع، لتنفيذ عمليات هجومية في عدة اتجاهات، لا سيما باتجاه زابوريجيا».

وأوضح أن الجيش الروسي يعزز قواته، خاصة في مناطق فريميفكا وغوليابول وروبوتيني.

وأضاف: «كل يوم يقوم باستطلاع جوي وفني هناك، ويتزود بالذخيرة. منذ عدة أسابيع، يستعد العدو لاستخدام المدرعات».

وامتنع فولوشين عن تحديد عدد الجنود الروس المحتشدين في هذا القطاع من الجبهة، لكنه أشار إلى أن مجموعات صغيرة تشن بالفعل هجمات كل يوم.

وأكد أن القوات الأوكرانية عززت خطوط دفاعها وهي مستعدة لصد هجوم واسع النطاق.

في الصيف الماضي، شنت القوات الأوكرانية هجوما واسع النطاق لاستعادة منطقتي زابوريجيا وخيرسون في جنوب البلاد، لكنها فشلت في إحراز تقدم ملموس.

وأوردت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أن موسكو حشدت 50 ألف جندي، بينهم كوريون شماليون، في محاولة لدحر القوات الأوكرانية التي تسيطر منذ نحو ثلاثة أشهر على جزء من منطقة كورسك الحدودية الروسية.