الفلسطينيون يرفضون صفقة كيري ويصعدون.. وإسرائيل تمنع تركيب كاميرات في الأقصى

عباس أبلغ الوزير الأميركي بأنه لم يأت لمناقشة حواجز وكاميرات.. وإنما إنهاء الاحتلال

شاب فلسطيني يجر إطارا مشتعلا خلال اشتباكات مع قوات الاحتلال الاسرائيلي قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ب)
شاب فلسطيني يجر إطارا مشتعلا خلال اشتباكات مع قوات الاحتلال الاسرائيلي قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ب)
TT

الفلسطينيون يرفضون صفقة كيري ويصعدون.. وإسرائيل تمنع تركيب كاميرات في الأقصى

شاب فلسطيني يجر إطارا مشتعلا خلال اشتباكات مع قوات الاحتلال الاسرائيلي قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ب)
شاب فلسطيني يجر إطارا مشتعلا خلال اشتباكات مع قوات الاحتلال الاسرائيلي قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ب)

قالت مصادر فلسطينية مطلعة إن حركة فتح قررت التصعيد الميداني على الأرض، في تعبير قوي عن رفض صفقة وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، حول المسجد الأقصى. وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن الحركة قررت في اجتماع موسع أمس، مواصلة «غضبة القدس» وتصعيدها، لأن اتفاق كيري لم يأت بجديد، ولم يكن مرضيا ولا مقنعا للقيادة الفلسطينية.
وبحسب المصادر، فإن الاجتماع، الذي حضره قادة التعبئة والتنظيم في حركة فتح ومسؤولون ميدانيون، ناقش صفقة كيري حول الأقصى بكثير من الغضب، لأنها تقزم الصراع وأسبابه وتتنكر لحقوق الفلسطينيين. وقالت المصادر: «صفقة كيري مرفوضة ولا تساهم في إيجاد أي حل». وأضافت، «المسألة ليست وضع كاميرات تستفيد منها إسرائيل أمنيا». وأكدت المصادر أن حركة فتح، التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قررت المضي في المواجهات الميدانية تحت شعار «إنهاء الاحتلال». وأضافت: «هذا هو شعارنا الكبير، وليس صفقة حول حاجز هناك أو هناك، أو زيادة كاميرات في ساحات الأقصى، أو إزالتها».
وكشفت المصادر أن هذا الكلام أبلغه الرئيس الفلسطيني محمود عباس لوزير الخارجية الأميركي، جون كيري، في اجتماعهما الأخير في عمان الذي كان متوترا للغاية. وبحسب المصادر نفسها: «حاول كيري الضغط على الرئيس، وهدده بأنه إذا لم يتجاوب، فإنه سيعتبر محرضا على العنف، ويضع مكانته والسلطة في أزمة. لكن الرئيس الفلسطيني رد عليه قائلا بأنه لم يأت ليناقش معه حاجزا هنا أو آخر هناك، وتركيب كاميرات وما هو عددها، وإنما إنهاء الاحتلال بشكل كامل وإقامة الدولة الفلسطينية».
ولم يعط عباس كيري أي وعود بشأن الأقصى، وقال إنه تجب العودة إلى ما قبل عام 2000، أي سيطرة كاملة للأوقاف الإسلامية، بما في ذلك مسؤوليتها عن السياحة الدينية، وإنه سينتظر تصرفات إسرائيل على الأرض.
ويبدو من موقف فتح، وما أعلنه مسؤولون آخرون ضد صفقة الكاميرات، أنهم غير راضين عن الاتفاق الذي تجاهل الفلسطينيين إلى حد ما، لكنهم أيضا لا يريدون إغضاب الأردن بتصريحات مباشرة.
وصرّحت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، حنان عشراوي، أن وضع الكاميرات في الأقصى ليس خرقا للوضع القائم فحسب، ولكنه أيضا، أداة جديدة لتمكين إسرائيل من بسط سيطرتها الأمنية بشكل محكم، ومنحها وسائل المتابعة والرقابة التي ستستخدمها ضد الفلسطينيين وليس ضد المستوطنين المتطرفين والرسميين، كما تفعل باستمرار. وأضافت عشراوي في بيان أن «الوضع القائم (ستاتس كو)، يمنح، بكل وضوح، الأوقاف الإسلامية كامل الحق في فرض الإجراءات الأمنية، والاعتداء الإسرائيلي على حقوق وواجبات الأوقاف الإسلامية، هو الذي غير الوضع القائم، فإدخال الأمن الإسرائيلي، والاعتداء على المصلين، واقتحام المسجد مرارا وتكرارا من قبل المستوطنين المتطرفين ووزراء حكومة نتنياهو.. تشكل انتهاكا صارخا للحقوق الفلسطينية، خصوصا للوضع القائم، وإن الخطوات التي تتخذها إسرائيل فعليا على الأرض، من خلال تحديد أعمار المصلين وأوقات دخولهم المسجد الأقصى، تعد خرقا صريحا آخر للوضع القائم».
وكان وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، وصف الاتفاق حول الكاميرات، بأنه «فخ جديد».
ولم يتضح بعد كيف يمكن نصب كاميرات حول الأقصى، على الرغم من وجود بعضها الآن، وما الجهة التي ستشرف عليها.
وظهر أمس، أول خلاف بين الأردنيين والإسرائيليين حول الأمر، بعدما منعت إسرائيل الأوقاف التابعة للأردن من نصب كاميرات.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس، أن وضع كاميرات مراقبة في المسجد الأقصى يجب أن يتم بـ«التنسيق» مع الدولة العبرية، وذلك ردا على ما أعلنته دائرة الأوقاف الإسلامية المسؤولة عن إدارة المسجد الأقصى، من أن الشرطة الإسرائيلية منعتها من نصب كاميرات هناك، حسب الاتفاق الأردني الإسرائيلي بإشراف أميركي.
وقال مكتب نتنياهو في بيان إن «الإجراءات الكاملة حول كيفية تركيب الكاميرات في جميع أنحاء جبل الهيكل (الاسم اليهودي للمسجد الأقصى)، والأماكن المحددة التي يتم نصبها فيها، التي يتم الاتفاق عليها بين إسرائيل والأردن والولايات المتحدة، يجب أن يجري التنسيق بشأنها بين الجهات المهنية المختصة». وأضاف البيان: «سيتم تركيب الكاميرات وفقا لنتيجة التدابير التي سيتم وضعها بين الطرفين، حيث كانت إسرائيل قد أعربت عن موافقتها على بدء هذه العملية في القريب العاجل».
وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري أعلن السبت الماضي من عمان، أن إسرائيل وافقت على اتخاذ تدابير من أجل تهدئة الأوضاع في محيط المسجد الأقصى، بينها اقتراح للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني «لضمان المراقبة بكاميرات الفيديو وعلى مدار 24 ساعة لجميع مرافق الحرم القدسي».
وتعترف إسرائيل التي وقعت معاهدة سلام مع الأردن في 1994، بإشراف المملكة الأردنية على المقدسات الإسلامية في مدينة القدس. وكانت دائرة الأوقاف الإسلامية أعلنت أمس، أن الشرطة الإسرائيلية منعتها من نصب كاميرات هناك، بموجب خطة في هذا الصدد لتهدئة التوتر.
وقال عزام الخطيب، مدير الأوقاف في بيان، إن الأوقاف كانت تعمل على نصب كاميرات في المسجد الأقصى، «إلا أن الشرطة الإسرائيلية تدخلت مباشرة وأوقفت العمل والعمال».
واستنكرت «الأوقاف»، أمس، ما وصفته بـ«التدخل الإسرائيلي في شؤون عمل الأوقاف في المسجد الأقصى المبارك». وأضافت في بيان أن التدخل الإسرائيلي «دليل على أن إسرائيل تريد تركيب كاميرات تخدم مصلحتها فقط ولا تريد كاميرات لإظهار الحقيقة والعدالة». وقال الخطيب: «نحن ننفذ تعليمات الديوان الملكي الأردني، ونحن قمنا بتركيب كاميرات، ونريد أن تكون الكاميرات واضحة ومفتوحة لكل العالم، ليرى الجميع في أي مكان في العالم ما يحدث في المسجد الأقصى، على غرار ما يحدث في الحرم الشريف في مكة».
وبحسب الخطيب، فإنه «عندما بدأنا بالتركيب صباح اليوم (أمس) جاءت الشرطة (الإسرائيلية) وأوقفت العمل وقالت إنه ممنوع». وأضاف: «نحن داخل مساحات المسجد الأقصى ولا يوجد حق لأحد بهذا التصرف غير دائرة الأوقاف». وتابع: «لا توجد سلطة لأحد على المسجد سوى دائرة الأوقاف الإسلامية الأردنية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.