اللاجئون الفلسطينيون في لبنان يخشون توقف خدمات «أونروا»

بعد إعلان مجموعة من الدول وقف تمويلها

قرار بعض الدول وقف تمويل وكالة «أونروا» في غزة يعقّد حياة سكان القطاع المعقدة أصلاً بسبب الحرب (د.ب.أ)
قرار بعض الدول وقف تمويل وكالة «أونروا» في غزة يعقّد حياة سكان القطاع المعقدة أصلاً بسبب الحرب (د.ب.أ)
TT

اللاجئون الفلسطينيون في لبنان يخشون توقف خدمات «أونروا»

قرار بعض الدول وقف تمويل وكالة «أونروا» في غزة يعقّد حياة سكان القطاع المعقدة أصلاً بسبب الحرب (د.ب.أ)
قرار بعض الدول وقف تمويل وكالة «أونروا» في غزة يعقّد حياة سكان القطاع المعقدة أصلاً بسبب الحرب (د.ب.أ)

يخشى عشرات آلاف اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون في لبنان، أن يشمل قرار وقف تمويل «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» «أونروا» دول الشتات، وألا يقتصر على قطاع غزة. ولم يتضح حتى الساعة ما إذا كان هذا القرار الذي اتخذته أولاً الولايات المتحدة وتبعها عدد من الدول الغربية، إثر اتهامات وجهتها إسرائيل لبعض موظفي الوكالة التابعة للأمم المتحدة بالضلوع في هجمات «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، سيشمل قطاع غزة حصراً أو كل مناطق عمل الوكالة أيضاً، وهي الأردن والضفة الغربية ولبنان وسوريا.

وقال مصدر رسمي في «أونروا» لـ«الشرق الأوسط»، إن الوكالة لم تحصل على معلومات بخصوص ما إذا كان القرار محصوراً بتمويلها في غزة أم في كل مناطق عملها، ودعا إلى سؤال الدول التي تقرر تباعاً وقف التمويل توضيح هذه المسألة.

ويبلغ العدد الإجمالي للاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى «أونروا» في لبنان 489.292 شخصاً. وتظهر سجلات «أونروا» أن ما مجموعه 31.400 لاجئ فلسطيني من سوريا يقيمون في لبنان، علماً بأنه في عام 2017، أجرت «لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني»، بالتعاون مع الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، إحصاء بين الفلسطينيين الذين يعيشون في لبنان، أفادت نتيجته بأن هناك فقط ما مجموعه 174.000 فلسطيني في لبنان.

ويعيش 45 في المائة من هؤلاء في 12 مخيماً في البلاد، ويحصل نحو 200.000 لاجئ على خدمات «أونروا» في لبنان كل عام.

ويقول أ. ي (55 عاماً)، وهو مقيم في مخيم عين الحلوة، في جنوب لبنان، إن خدمات الوكالة تراجعت بشكل كبير في السنوات الماضية، ولم تعد تشمل الغذاء، وباتت تقتصر على الاستشفاء والتعليم، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «وقف التمويل سيؤثر لا شك على هذه الخدمات، وبالتالي على أوضاع 80 في المائة من اللاجئين الذين يعيشون تحت خط الفقر ويعانون من الأزمة الاقتصادية الحادة التي يشهدها لبنان منذ عام 2019».

لاجئ فلسطيني بجانب علامة «الأونروا» في مدرسة تديرها الوكالة في صيدا بجنوب لبنان (د.ب.أ)

ويشير المتحدث باسم حركة «حماس» في لبنان، وليد كيلاني، إلى أن المعلومات التي وصلتهم تفيد بتوقف تمويل «أونروا» في غزة، إلا أنه قد يكون مقدمة لباقي الأقاليم التي يعيش فيها اللاجئون.

ويعتبر كيلاني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن هذا القرار يشكل «تماهياً مع خطة الاحتلال بإنهاء عمل وكالة (أونروا) بشكل كامل»، مستهجناً: «كيف يتم اتخاذ هكذا قرار قبل حصول أي تحقيق بالاتهامات التي تطال عدداً من الموظفين بالمشاركة في هجوم (طوفان الأقصى)». ويضيف: «ما يحصل هو على الأرجح مقدمة لإنهاء عمل الوكالة في بقية الأقاليم؛ لأن شيطنة عملها تندرج في إطار العمل على ضرب الشاهد الوحيد على نكبة فلسطين، وللبحث عن منظمات مختلفة لتقديم الخدمات للاجئين، ونقل مهامها إلى الهيئة التي ستحكم غزة بعد انتهاء الحرب، وهذه خطة خبيثة ومرفوضة تماماً».

من جهته، يرى الباحث الفلسطيني هشام دبسي أن «الذريعة التي اتخذتها الدول لوقف التمويل لا تبرر على الإطلاق وقف دعم الوكالة الوحيدة التي تقدم الخدمات الإنسانية التي تدخل بالقطّارة إلى قطاع غزة»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هذا الموقف سياسي بامتياز، ويخدم المصلحة الإسرائيلية، بعدما اعتقدنا أن الموقف الأوروبي اعتدل». ووصف دبسي قرار وقف التمويل بـ«الخطير»؛ لأنه يهدد القضية الفلسطينية ككل، منبهاً إلى «مخاطر أن يكون هذا القرار يشمل أيضاً تمويل (أونروا) في دول اللجوء؛ لأنه سيهدد عشرات الآلاف، ليس فقط بالغذاء وإنما أيضاً بالتعليم والاستشفاء». وأضاف أن «مثل هذه القرارات يخلق ردود فعل عنيفة، سواء في الأراضي المحتلة أو دول الشتات».

وتعتمد «أونروا» في تمويلها على مساعدات مباشرة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بما في ذلك الحكومات الإقليمية والاتحاد الأوروبي. وتمثل هذه المصادر أكثر من 93.28 في المائة من التبرعات المالية للوكالة.


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يلوّح باستهداف منصات الغاز في إسرائيل خلال «الحرب الشاملة»

المشرق العربي صورة سبق أن وزَّعها إعلام «حزب الله» لباخرة الحفر «إنرغين» قرب حقل «كاريش» بين لبنان وإسرائيل (أ.ف.ب)

«حزب الله» يلوّح باستهداف منصات الغاز في إسرائيل خلال «الحرب الشاملة»

عاد «حزب الله» ليهدد باستهداف حقول الغاز في إسرائيل في حال قررت الأخيرة توسعة الحرب على لبنان، بعدما بلغت الضغوط والتهديدات من قبل الطرفين مراحل غير مسبوقة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي صندوق النقد الدولي بدأ منذ هذا العام بحجب التوقعات والبيانات المالية الخاصة بلبنان (رويترز)

لبنان مهدد بالانتقال إلى القائمة «الرمادية» لغسل الأموال في الخريف

عزّزت ظاهرة حجب البيانات المالية الخاصة بلبنان من قبل المؤسسات المالية العالمية ووكالات التصنيف الائتماني الدولية منسوب الريبة من سياسة عدم الاكتراث الحكومية.

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد في جنوب لبنان إثر قصف إسرائيلي استهدف المنطقة (رويترز)

إسرائيل تتوعّد بتغيير الواقع الأمني عند الحدود... و«حزب الله» مستعد للمواجهة

يواصل المسؤولون الإسرائيليون تهديداتهم، متوعدين «بتغيير الواقع الأمني على الجبهة الشمالية»، وفق الجنرال أوري غوردين، الذي قال: «إن الهجوم سيكون حاسماً وقاطعاً».

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي قائد الجيش العماد جوزاف عون (مديرية التوجيه)

باسيل يسعى لإسناد قيادة الجيش اللبناني بالوكالة للواء صعب

يسعى رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لإسناد قيادة الجيش اللبناني بالوكالة للواء بيار صعب مستبقاً التمديد للعماد جوزاف عون.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل (رويترز)

باسيل متردد بفصل نواب خشية تضعضع داخلي في «التيار»

لم يحسم رئيس «التيار الوطني الحر» قراره بشأن فصل النائب آلان عون محاولاً أن يستوعب استباقياً أي ردود فعل ستؤدي لتقلص إضافي بعدد نواب التكتل.

بولا أسطيح (بيروت)

«روما الرباعي»... زخم يتصاعد نحو هدنة في غزة

فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)
فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)
TT

«روما الرباعي»... زخم يتصاعد نحو هدنة في غزة

فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)
فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)

في مسعى جديد لإقرار هدنة ثانية في قطاع غزة، وإنهاء الحرب المستمرة منذ 10 أشهر، يلتقي الوسطاء (قطر ومصر والولايات المتحدة)، في اجتماع رباعي، الأحد، بروما بمشاركة إسرائيلية، وسط مخاوف من «تجدد العراقيل الإسرائيلية». وأعد لـ«اجتماع روما الرباعي» خبراء ضمن زخم يتصاعد وحراك مكثف في مسار المفاوضات يشي بإمكانية أن يكون هناك جديد في مستقبل مفاوضات الهدنة.

ويتوقع الخبراء أن يكون اجتماع روما «إجرائياً» ويناقش «الخلافات» التي من بينها كيفية عودة النازحين وفتح معبر رفح الحدودي؛ لتنفيذ المرحلة الأولى من الهدنة الممتدة إلى 42 يوماً، من بين 3 مراحل تضمنها مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن، في مايو (أيار) الماضي، لوقف إطلاق النار في غزة.

ويجتمع الأحد مسؤولون من مصر وقطر والولايات المتحدة وإسرائيل في روما، في «إطار استمرار جهود الوسطاء للوصول لاتفاق هدنة بقطاع غزة»، حسب ما نقلت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية عن مصدر مصري وصفته بـ«رفيع المستوى». ويبحث الوفد الأمني المصري تطورات مفاوضات الهدنة في قطاع غزة، وفق المصدر ذاته، الذي أكد تمسك مصر بضرورة الوصول لصيغة تحمل 4 بنود؛ هي: «وقف فوري لإطلاق النار، وضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وضمان حرية حركة المواطنين في القطاع، والانسحاب الكامل من منفذ رفح».

مشيعون يُصلّون على أشخاص قتلوا في غارة إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)

بلينكن والحراك المكثف

ذكر موقع «أكسيوس» الأميركي، نقلاً عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، أن «اجتماع روما» سيكون بمشاركة مدير وكالة المخابرات المركزية، ويليام بيرنز، ورئيس المخابرات المصرية، عباس كامل، ورئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ومدير الموساد، ديفيد بارنياع.

تلك التطورات تشي بـ«حراك مكثف» في طريق المفاوضات قد يؤدي إلى نتيجة، أو يعود إلى سلسلة جديدة من الجولات من دون الوصول لاتفاق، وسط استمرار الانتهاكات الإسرائيلية، وفق ما قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، لـ«الشرق الأوسط».

وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، السبت، خلال اجتماع رابطة «آسيان» في فينتيان، إن واشنطن «تعمل يومياً بشكل حثيث» للوصول إلى اتفاق هدنة، بعد مطالبة الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال زيارته لواشنطن، تنفيذ الاتفاق في أقرب وقت ممكن ووقف الحرب، وذلك قبيل الإعلان عن عقد اجتماع بروما.

شكوك في النجاح

وإزاء توالي المواقف الأميركية الضاغطة بشكل أكبر، سواء من بايدن أو هاريس ثم اجتماع روما، يأمل الكثيرون أن يقود هذا الزخم الكبير، إلى اتفاق هدنة جديدة، شريطة أن تكون هناك رغبة إسرائيلية حقيقة في التوصل إلى اتفاق، وفق الخبير في العلاقات الدولية عمرو الشوبكي.

ولا يُتوقع أن يتضمن اجتماع روما «مفاوضات مفصلة حول الفجوات المتبقية، لكنه سيركز بشكل أساسي على الاستراتيجية للمضي قدمًا»، وفقاً لما نقله موقع «أكسيوس» عن مصدر مطلع. وقال المصدر «لم يكن المفاوضون الإسرائيليون متفائلين بأن الاجتماع في روما سيؤدي إلى انفراجة، وشككوا في أن ضغوط بايدن على نتنياهو قد أقنعته بتخفيف بعض مطالبه الصعبة الجديدة في الاقتراح الإسرائيلي المحدث»، في إشارة لما ذكره، الجمعة، مسؤول غربي ومصدر فلسطيني ومصدران مصريان لـ«رويترز» عن سعي إسرائيل إلى «إدخال تعديلات قد تعقّد التوصل إلى اتفاق».

وكانت أهم التعديلات، وفق حديث المصادر الأربعة، بند يتمثل في «مطالبة إسرائيلية بفحص النازحين الفلسطينيين لدى عودتهم إلى شمال القطاع، خشية أن يكون من بينهم مسلحون من حماس أو متعاطفون مع الحركة»، وهو ما ترفضه حماس. وبند آخر تمثل في «احتفاظ الجانب الإسرائيلي بالسيطرة على حدود غزة مع مصر»، وهو ما ترفضه القاهرة بوصفه «يتجاوز أي إطار لاتفاق نهائي ترضى به الأطراف».

فلسطينيون يجلسون بجوار مبنى دمره القصف الإسرائيلي على قطاع غزة في وقت سابق (أ.ب)

الانسحاب الكامل من غزة

ونقلت «وكالة الأنباء الألمانية» عن مصدر قيادي فلسطيني لم تسمه، السبت، أن «حماس» لا تزال على موقفها بضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة، بما فيه ممر نتساريم ومحور فيلادلفيا، وعدم قبول أي صيغة جديدة لا تتضمن نصاً واضحاً على وقف إطلاق النار.

وإذا لم يتجاوز اجتماع روما عقبات الحكومة الإسرائيلية وشروطها الجديدة، فإن عملية تفاوض ستكون صعبة جداً، وفق تقدير رخا أحمد حسن، متوقعاً ألا يتجاوب نتنياهو مع الموقف المصري - الذي سيضع مطالب القاهرة الـ4 على الطاولة في اجتماع روما - أملاً في إطالة أمد التفاوض لما بعد الانتخابات الأميركية الرئاسية، رغم أن إسرائيل حققت قدراً من أهدافها العسكرية، لكنها تريد المزيد على صعيد الجانب السياسي.

كما يتوقع أن يبحث اجتماع روما نقاط الخلاف في الاتفاق، مثل الانسحاب الإسرائيلي من داخل المدن، واستمرار إسرائيل في السيطرة على معبر رفح وتفتيش النازحين، ودور «حماس» بعد الحرب، بجانب نقاط فرعية مثل أعداد الأسرى.

نصب فلسطينيون خيماً بالقرب من الحدود المصرية بعد فرارهم من المعارك العنيفة في غزة (د.ب.أ)

ويعتقد عمرو الشوبكي أن «المطالب المصرية سوف تنفذ حال الوصول إلى اتفاق، كونها بعضا من كل، ودون ذلك سيماطل نتنياهو ويواصل كسب الوقت». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لكن هذه المرة الزخم كبير» نحو إقرار هدنة في غزة، وبالتالي فرصة إبرام اتفاق وتحقيق انفراجة قائمة، لكن «نتعامل معها بحذر» في ضوء تكرر تلك المؤشرات مع مسارات تفاوضية سابقة دون الوصول إلى صفقة جادة وحقيقية.