اجتماع وزاري دولي في باريس حول سوريا الأسبوع المقبل دون روسيا وإيران

رد فرنسي ثلاثي الأضلع على تغييبها عن «لقاء فيينا»

اجتماع وزاري دولي في باريس حول سوريا الأسبوع المقبل دون روسيا وإيران
TT

اجتماع وزاري دولي في باريس حول سوريا الأسبوع المقبل دون روسيا وإيران

اجتماع وزاري دولي في باريس حول سوريا الأسبوع المقبل دون روسيا وإيران

الرد الفرنسي على تهميش باريس والعواصم الأوروبية التي غيبت عن «لقاء فيينا الرباعي» حول سوريا جاء ثلاثي الأضلع: ضلعه الأول، اللقاء الذي جرى أمس في باريس بين المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا ووزير الخارجية لوران فابيوس. والضلع الثاني عزم باريس بدعم أوروبي تقديم مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي لإدانة استخدام النظام للبراميل المتفجرة واستهداف المدنيين من غير تمييز. أما الضلع الثالث، وهو الأهم، فهو قرار فرنسا الدعوة إلى اجتماع وزاري أواسط الأسبوع القادم سيشارك فيه، إلى جانب فابيوس، وزراء خارجية الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وألمانيا والسعودية وتركيا وربما أطراف إقليمية أخرى.
«الشرق الأوسط» سألت الوزير الفرنسي عن الحضور الروسي في الاجتماع فأجاب بالنفي، مضيفا أنه «ستحصل اجتماعات أخرى حيث سنعمل فيها مع الروس». وكان فابيوس قد أجرى عددا من الاتصالات مع نظرائه الأميركي والسعودي والتركي ووزراء آخرين قبل بدء «لقاء فيينا الرباعي». وقالت مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى تعليقا على «لقاء فيينا» إن المشكلة تكمن في أن روسيا التي أمسكت بالكثير من الأوراق العسكرية والسياسية في سوريا «لا تملك استراتيجية واضحة للخروج من الأزمة والولوج إلى المرحلة الانتقالية والحل السياسي». وتعتبر باريس أن هناك عقبتين يتعين على روسيا أن «تتعامل» معهما حتى يمكن التقدم على طريق الحل وهما: مصير الأسد والدور الإيراني.
فيما خص الأسد، كشفت هذه المصادر أن موسكو «لا تملك أجوبة واضحة» بشأن هذه المسألة رغم المساعي الغربية لاستيضاحها عما تفعله وتخطط له. وزادت أن الدبلوماسية الروسية بررت جانبا من فشل جنيف بـ«عجزها عن التأثير على الرئيس السوري». بيد أن الأمور اختلفت الآن عقب التدخل العسكري الروسي المباشر إلى جانب النظام وسعيها إعادة إيقافه على قدميه. وتساءلت هذه المصادر عما يمكن أن تقوله موسكو اليوم في الوقت الذي تضاعف تأثيرها على النظام السوري. وفي أي حال، ترى باريس ومعها الكثير من العواصم الأوروبية، وفق ما ورد في خلاصات القمة الأوروبية يوم الخميس الماضي في بروكسل، أن موضوع خروج الأسد من الصورة «ليس فقط مسألة أخلاقية» وإنما أيضا يتعلق بفعالية محاربة التنظيمات الجهادية إذ أن هذه الحرب «لن تكون منتجة إذا كانت روسيا تروج للأسد على أنه مستقبل سوريا».
أما في الملف الإيراني، فإن هذه المصادر روت أن الروس يقولون لمن يعنيهم الأمر بأن تدخلهم في سوريا هو أيضا «لجبه النفوذ الإيراني». والحال، أن العمليات العسكرية الروسية «تقوّي مواقع الأسد وتجعله أقل ميلا للمساومة والتسوية وتزيد من تمسكه بالكرسي، وهو أيضًا ما تسعى إليه إيران التي تدعمه ميدانيا مباشرة أو عبر الميليشيات الشيعية». وبسبب هاتين المسألتين، فإن باريس توقعت قبل انتهاء لقاء فيينا ألا يتمخض عن نتائج ملموسة وأن تبقى الكلمة للتطورات الميدانية. ولخص المبعوث الدولي دي ميستورا هذا الوضع اليوم بقوله إن «الكلمة تبقى للسلاح وإن الطريق السياسي لم يفتح بعد».
هذا، ويتوجه اليوم نيكولا دو ريفيير، المدير السياسي للخارجية الفرنسية، إلى روسيا لإجراء جولة من المحادثات مع المسؤولين الروس، علما بأن موسكو لم تدعَ ولن تدعى إلى اجتماع باريس الذي يضم مجموعة مختارة من النواة الصلبة لأصدقاء الشعب السوري. كذلك لن تدعى إيران إليه رغم «التطبيع» السياسي والاقتصادي المتسارع بين البلدين والزيارة المرتقبة للرئيس حسن روحاني إلى باريس منتصف الشهر المقبل.
وأشارت المصادر الدبلوماسية الفرنسية، فيما يبدو أنه تقارب مع الموقف السعودي إزاء مشاركة طهران - التي كان دعا دي ميستورا في المؤتمر الصحافي إلى ضمها إلى الحراك السياسي والدبلوماسي بسبب تأثيرها على الحرب في سوريا - أن باريس «ما زالت تنتظر من إيران أن تبين عن رغبتها في أن تلعب دورا بناء في إيجاد حلول سياسية لأزمات المنطقة لكننا ما زلنا ننتظر».
وفي السياق الدولي، تريد باريس الدفع إلى الأمام بمشروع قرار يدين استخدام النظام للبراميل المتفجرة. وقالت المصادر الدبلوماسية إنه «سيكون بمثابة اختبار للطرف الروسي» الذي عارض بل وأجهض كافة مشاريع القرارات التي تضمنت إدانة للنظام السوري في مجلس الأمن. ولذا «سنرى ما سيكون عليه تصرفهم» إزاء مشروع يدين استهداف المدنيين وخصوصا إلقاء البراميل المتفجرة على رؤوس السكان دون تمييز.
في أي حال، ورغم العوائق وغلبة قعقعة السلاح، وعودة إلى المبعوث الدولي دي ميستورا، فإنه قال: إن «اللحظة سانحة من أجل التسريع (في العملية السياسية) وربما باللجوء إلى النفوذ الروسي المتعاظم في سوريا من أجل حصول مبادرة سياسية حقيقية تضم كل الأطراف» مسميًا منها إيران. أما الوزير فابيوس فقال: إنه «يتعين العمل بشكل يمنع فيه بشار الأسد من استخدام البراميل المتفجرة ضد شعبه». ولم تستطع المصادر الرسمية الفرنسية إعطاء تقدير زمني لتبني المشروع ولا لكيفية ردود الفعل الروسية إزاء طرحه خصوصا أن روسيا يمكن أن تشعر أنها مستهدفة به لأنه يندد باستهداف المدنيين. والحل، وفق هذه المصادر أن الضربات الجوية الروسية أوقعت ما مجموعه 200 قتيل مدني ودفعت بالآلاف من السكان لترك منازلهم ومنعت المنظمات الإنسانية ومنها الصليب الأحمر الدولي من القيام بعمله وتوفير المساعدة للمدنيين.
ويذكر أنه في اليوم التالي لزيارة الأسد لموسكو ولقائه الرئيس فلاديمير بوتين، قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إنه «يأمل» أن يكون نظيره الروسي قد أقنع الأسد بترك السلطة في أسرع وقت. لكن مصادر فرنسية متابعة للملف السوري تعتقد أن المواقف الروسية «لن تتغير سريعا لأنها مرتبطة بمجموعة عوامل ليس مصير الأسد سوى أحدها». ومن هذه العوامل الضمانات الخاصة بالمصالح الروسية في سوريا والمنطقة وشرق البحر الأبيض المتوسط وميزان القوى داخل تركيبة السلطة الانتقالية وتمسك روسيا بأن تضم شخصيات معروفة بولائها لموسكو ودفاعها عن مصالحها، فضلا عن محاربة الإرهاب ومصير الضباط الكبار المرتبطين بها... ولذا، ترى هذه المصادر أن المساومة «ما زالت في بدايتها ولن تكشف موسكو عن حقيقة مواقفها إلا عندما تبدأ حقيقة». وبانتظار هذه اللحظة، فإن الجميع «يناور».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.