فيليب لام: بيكنباور رجل سابق لعصره وقدوة لجيل كامل

قائد المنتخب الألماني وبايرن ميونيخ السابق يصف كيف غيّر «الأسطورة» كرة القدم بشكل لا مثيل له

بيكنباور يحتفل مع زملائه بالفوز على هولندا في نهائي كأس العالم 1974 (أ.ب)
بيكنباور يحتفل مع زملائه بالفوز على هولندا في نهائي كأس العالم 1974 (أ.ب)
TT

فيليب لام: بيكنباور رجل سابق لعصره وقدوة لجيل كامل

بيكنباور يحتفل مع زملائه بالفوز على هولندا في نهائي كأس العالم 1974 (أ.ب)
بيكنباور يحتفل مع زملائه بالفوز على هولندا في نهائي كأس العالم 1974 (أ.ب)

في هذه المقالة يتحدث فيليب لام، قائد المنتخب الألماني وبايرن ميونيخ السابق، عن فرانز بيكنباور - الذي توفي قبل أقل من أسبوعين -، واصفاً «الأسطورة الكروية» بأنه رجل سابق لعصره وقدوة لجيل كامل، ومؤكداً أن بيكنباور أفنى حياته في العمل لصالح كرة القدم الألمانية وبلاده.

بدأ العام الجديد بحزن شديد. لقد رحل فرانز بيكنباور، الذي أعطى لكرة القدم الألمانية أكثر من أي شخص آخر، ومثّل بلاده بأفضل طريقة ممكنة، بفضل ذكائه الحاد، وكاريزمته الكبيرة، وخبرته الهائلة، وسحره الذي لا يقاوم، وشعوره الدائم بالتفاؤل. إن العالم بأسره ينحني أمام هذا النور الساطع من الأسطورة الألمانية. لقد كان بيكنباور دائماً ما يغرس الثقة الهائلة في نفوس الألمان، أولاً بوصفه لاعباً، ثم مديراً فنياً، وأخيراً أنه كان وراء الحكاية الخيالية لكأس العالم في صيف عام 2006. لقد كان يقال دائماً إنه إذا اعتنى فرانز بالأشياء، فلن يحدث لنا أي شيء سيئ، وقد اتضح أن هذه المقولة صحيحة دائماً.

لم أر فرانز بيكنباور لاعباً، نظراً لأن آخر مرة كان فيها على أرض الملعب كانت قبل وقت قصير من ولادتي، لكنني كنت أشعر بالتبجيل الذي كان يكنه له والدي أثناء الحديث عنه. وعندما شاهدت في وقت لاحق التسجيلات القديمة التي تعود إلى حقبة الستينات والسبعينات من القرن الماضي، التي لا يزال بعضها باللونين الأبيض والأسود، لاحظت على الفور شيئاً ما: كل شيء كان أبطأ بكثير مما هو عليه اليوم. كان اللاعبون يستغرقون وقتاً طويلاً لتمرير الكرة، وكانوا يمررونها بعد اللمسة الثانية أو الثالثة، باستثناء لاعب واحد فقط، وهو فرانز، الذي كان يلعب الكرة مباشرة إلى حيث يريد. لقد كان يلعب بطريقة أصبحت شائعة بعد عقود طويلة من اعتزاله اللعب، وهو ما يعني أنه كان سابقاً لعصره.

وما زلت أتذكر جيداً الركلة الحرة التي سددها، وهو يرتدي قميص بايرن ميونيخ، من فوق الحائط لتدخل الزاوية العليا للمرمى. من المؤكد أن هذا الهدف، الذي سجله بتسديدة من الجزء الخارجي للقدم، بدا وكأنه معجزة لكل من شاهده. لقد كان بيكنباور يجسد هذا التقدم وهذا الابتكار التقني بسهولة غير مسبوقة. ولم يكن أكثر أناقة من الآخرين فحسب، لكن كانت لديه فكرة مختلفة عن كرة القدم وعن العمل الجماعي أيضاً. لقد أصبح قدوة لجيل كامل، كما أحدث ثورة هائلة في عالم كرة القدم، وجعلها أكثر جمالاً وسرعة. في الحقيقة، لا أتذكر أن أي شخص آخر نجح في تغيير اللعبة بهذه الطريقة.

عندما فازت ألمانيا الغربية بكأس العالم في عام 1990 تحت قيادة بيكنباور، لم أكن أتحرك من أمام التلفزيون عندما كنت في السادسة من عمري. أعتقد أنني شاهدت كل مباراة من مباريات هذه النسخة من كأس العالم. وما زلت أتذكر ركلة الجزاء التي سجلها آندي بريمه ليقود ألمانيا للفوز باللقب. كما أتذكر جيداً تصفيفة شعر المدير الفني للفريق، الذي أمتع البلاد كلها بنكاته.

لقد رأيتم هذا المدير الفني العظيم وهو يقود منتخب بلاده للفوز بكأس العالم بفضل العمل الشاق الذي قام به لدرجة أن والدته كانت قلقة عليه بشدة «لأن فرانز كان نحيفاً للغاية»، على حد قولها. لقد كان يعرف جيدا كيف يخاطب لاعبيه، حيث كان يقول لهم عبارته الشهيرة: «انزلوا إلى أرض الملعب والعبوا كرة القدم». لقد كان يغرس الشجاعة في نفوس الجميع، لأن شيئاً واحداً كان دائماً واضحاً للجميع: لا يمكن أن يحدث أي خطأ مع فرانز!

وفي عام 2006، عندما انطلقت بطولة كأس العالم في ألمانيا، كنت في الملعب، وكان الهدف الذي سجلته في المباراة الافتتاحية في مرمى كوستاريكا هو أحد أبرز الأحداث في مسيرتي الكروية بالكامل. في الحقيقة، تعد المشاركة في نهائيات كأس العالم في بلدك بمثابة هدية لا تقدر بثمن. إن التواصل مع الجمهور والقرب من المشجعين كانا يمنحاني ثقة لا حدود لها. لقد كانت تجربتي في نهائيات كأس العالم 2006 هي الأجمل خلال مسيرتي الكروية، كما جعلتني أدرك مسؤوليتي بصفتي لاعب كرة قدم.

لقد غيّر كأس العالم ألمانيا ككل، فهذه الأمة التي اعتادت على النظر إلى نفسها بشكل نقدي دائماً، أدركت فجأة أن لديها فريقاً جميلاً. لقد كان المنتخب الألماني يقدم كرة قدم سلسلة وممتعة، وساعد ألمانيا على معرفة قدراتها الحقيقية والتعرف على نفسها بشكل صحيح. إننا نعلم جميعاً أنه تم ارتكاب أخطاء في كأس العالم 2006، لكنني لا أبالغ على الإطلاق عندما أقول إن بيكنباور أفنى حياته في العمل لصالح كرة القدم الألمانية وبلاده. ومن المقرر أن تُقام بطولة أخرى في ألمانيا هذا الصيف، وهي بطولة كأس الأمم الأوروبية. لقد تغير الزمن، ويعاني العالم كثيراً من الأزمات، لكن يتعين علينا أن نتكيف مع هذه التغييرات ونعزز مجتمعنا ونتعلم كيف نُقدر أوروبا وكل إنجازاتها مرة أخرى. وللقيام بذلك، نحتاج إلى قوة دفع جديدة.

تستطيع أوروبا أن تفعل ذلك، كما أن شعبها قادر على ذلك. وكرة القدم بوصفها رصيداً ثقافياً هي جزء من المجتمع المدني الأوروبي. ويُمكن لكرة القدم أن تخلق التضامن وتوحد الناس عبر الحدود، وهو ما يتضح جلياً من حالات الرثاء والنعي الطيبة لفرانز بيكنباور من جميع البلدان. يجب أن تعزز بطولة كأس الأمم الأوروبية 2024 تماسكنا، وتعزز الفكرة الأوروبية. ولكي تحقق الرياضة ذلك، فإنها تحتاج إلى شخصيات رائعة تشع بالرضا والفخر والتفاؤل، وهي الصفات التي كان يتحلى بها دائماً فرانز بيكنباور!

* خدمة «الغارديان»


مقالات ذات صلة

سوق الانتقالات تعيد رسم ملامح الدوري الألماني للسيدات

رياضة عالمية تشهد سوق الانتقالات الشتوية في الدوري الألماني لكرة القدم للسيدات نشاطاً استثنائياً هذا الموسم (أ.ف.ب)

سوق الانتقالات تعيد رسم ملامح الدوري الألماني للسيدات

تشهد سوق الانتقالات الشتوية في الدوري الألماني لكرة القدم للسيدات نشاطاً استثنائياً هذا الموسم، على خلاف ما جرت عليه العادة في فترات الانتقال الشتوية.

شوق الغامدي (الرياض)
رياضة عالمية توماس مولر (د.ب.أ)

مولر: كان من الأفضل لفيرتز أن ينتقل لبايرن بدلاً من ليفربول

قال توماس مولر، لاعب المنتخب الألماني لكرة القدم السابق، إنه كان من الأفضل لفلوريان فيرتز لاعب ليفربول الحالي، أن ينضم لبايرن ميونيخ بدلاً من ليفربول.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ)
رياضة عالمية الدولي المالي أمادو حيدارا (نادي لايبزيغ)

لانس يعزز وسطه بالدولي المالي حيدارا

عزز لانس الذي يتصدر الدوري الفرنسي لكرة القدم، خط وسطه بضم الدولي المالي أمادو حيدارا، قادماً من لايبزيغ الألماني.

«الشرق الأوسط» (ليل)
رياضة عالمية ماكس إيبرل (د.ب.أ)

ماكس إيبرل يهاجم «ترانسفير ماركت» بسبب تخفيض «قيمة كين السوقية»

بعد فوز فريقه بايرن ميونيخ 4 - 0 على هايدنهايم، كان المدير الرياضي للفريق، ماكس إيبرل (52 عاماً) يشعر بسعادة كبيرة، إلا إنه أعرب أيضاً عن استيائه من قضية واحدة.

شوق الغامدي (الرياض)
رياضة عالمية هاري كين (أ.ف.ب)

صراع العمالقة يشتعل على الحذاء الذهبي الأوروبي

يشتد سباق التتويج بجائزة الحذاء الذهبي الأوروبي مع اقتراب الموسم الكروي 2025-2026 من منتصفه في ظل منافسة مفتوحة تضم نخبة من أبرز هدافي القارة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ماريسكا بين مشروع البناء وضغط المنافسة في الدوري الإنجليزي

إنزو ماريسكا (إ.ب.أ)
إنزو ماريسكا (إ.ب.أ)
TT

ماريسكا بين مشروع البناء وضغط المنافسة في الدوري الإنجليزي

إنزو ماريسكا (إ.ب.أ)
إنزو ماريسكا (إ.ب.أ)

حان الوقت لمعرفة كيف سيتعامل إنزو ماريسكا مع أول اختبار حقيقي له في تشيلسي، اختبار يرتبط هذه المرة بما يقدِّمه كمدرب داخل الملعب، وليس بكيفية إدارته لما يجري خارجه، وذلك وفقاً لشبكة «The Athletic».

حتى الآن، تمثلت أكبر التحديات التي واجهها المدرب الإيطالي منذ توليه المهمة في «ستامفورد بريدج» في يونيو (حزيران) في قضايا بعيدة عن المستطيل الأخضر. أبرزها 3 محطات واضحة: حادثة الأغنية المسيئة التي تورط فيها إنزو فرنانديز في أثناء وجوده مع منتخب الأرجنتين، ثم تشكيل ما عُرف بـ«فرقة القنابل» خلال سوق الانتقالات الصيفية، وأخيراً الأنباء التي تحدثت عن دراسة المالكين المشاركين، تود بويلي وبهداد إقبالي، خيار شراء أحدهما حصة الآخر.

كانت هذه ملفات كافية لإرباك الأجواء داخل الفريق، غير أن المسار الهادئ لتشيلسي وصعوده بثبات في جدول الدوري الإنجليزي الممتاز عكس قدرة ماريسكا على منع الضغوط الإعلامية والجماهيرية من التأثير في تركيز المجموعة.

وقدَّم المدرب الإيطالي لمحة عن ذهنيته في سبتمبر (أيلول)، حين سُئل عن احتمال وجود انقسام في المِلكية، فأكد أن الأمر لن يكون مصدر تشتيت، مضيفاً: «تركيزي مُنصبٌّ على الملعب؛ لأنه الشيء الوحيد الذي أستطيع التحكم فيه».

لكن المفارقة أن ما يضع ماريسكا اليوم تحت الاختبار هو افتقاد تشيلسي السيطرة داخل المباريات. فالهزيمة 2-0 أمام إيبسويتش تاون تعني أن الفريق خسر مباراتين متتاليتين في جميع المسابقات لأول مرة في عهده، كما فشل في التسجيل خارج أرضه في مباراتين متتاليتين، وأنهى عام 2024 بحصد نقطة واحدة فقط من آخر 3 مباريات في الدوري.

ومن الواضح أن ما يحدث لا يعدو كونه تعثراً محدوداً في هذه المرحلة، ولا يشير إلى انهيار شامل. فحسب نموذج التوقعات الخاص بشركة «أوبتا» الذي يعتمد على احتمالات نتائج المباريات وترتيب القوة وتحليل أسواق المراهنات ومحاكاة الجولات المتبقية آلاف المرات، تبلغ حظوظ تشيلسي في إنهاء الموسم ضمن المراكز الأربعة الأولى 78.5 في المائة. ومع ذلك، فإن عودة الفريق إلى سكة الانتصارات في أقرب وقت ممكن باتت ضرورة ملحة بالنسبة لماريسكا.

حتى بعد التعادل مع إيفرتون في 22 ديسمبر (كانون الأول)، ظل الحديث يدور حول موقع تشيلسي في سباق اللقب، رغم تأكيد ماريسكا المتكرر أن فريقه غير جاهز للمنافسة على الصدارة. آنذاك كان تشيلسي في المركز الثاني، متأخراً بأربع نقاط فقط عن ليفربول المتصدر، بينما كان مانشستر سيتي ونيوكاسل يبتعدان عنه بفارق 8 و9 نقاط في المركزين السابع والثامن توالياً. بدا وكأن التأهل إلى دوري أبطال أوروبا أصبح أمراً مسلَّماً به خارج أروقة النادي.

لكن المشهد تبدل سريعاً. تراجع تشيلسي إلى المركز الرابع، وبات يتقدم بثلاث وأربع نقاط فقط على نيوكاسل ومانشستر سيتي، بينما اتسع الفارق مع ليفربول إلى عشر نقاط، ليضع حداً نهائياً لأحاديث التتويج بالدوري. وبدأت نبرة الانتقادات تطفو على السطح، مع تعرض ماريسكا لأول مرة تقريباً لانتقادات من بعض جماهير النادي.

وسرعان ما جرى استحضار المقارنة مع المدرب السابق ماوريسيو بوكيتينو؛ إذ إن رصيد ماريسكا بعد 19 مباراة (35 نقطة) أقل مما جمعه بوكيتينو (38 نقطة) في آخر 19 مباراة له.

كما لم تلقَ خيارات ماريسكا في إدارة مباراة فولهام في 26 ديسمبر استحساناً، ولا سيما بعد انهيار الفريق في الشوط الثاني رغم تقدمه؛ حيث اكتفى بإشراك كريستوفر نكونكو بديلاً لنيكولاس جاكسون. وفي مواجهة إيبسويتش، أجرى المدرب 5 تغييرات على التشكيلة الأساسية سعياً لاستعادة الانتصارات، ثم دفع بأربعة لاعبين بعد التأخر 2-0 في الشوط الثاني، دون أن ينجح ذلك في تغيير النتيجة.

وفي خسارة فولهام 2-1، اعترف ماريسكا بأن لاعبيه «استقبلوا عدداً كبيراً من الهجمات المرتدة». وبعد السقوط أمام إيبسويتش، أشار إلى سوء الحظ؛ إذ سدد فريقه 20 كرة على المرمى، اصطدمت اثنتان منها بالقائم، وأُبعدت أخرى من على خط المرمى. غير أن المشكلات الدفاعية ذاتها في التعامل مع الهجمات المرتدة ظلت واضحة، بينما فرض مهاجم إيبسويتش ليام ديلاب نفسه بقوة، مسجلاً هدفاً وصانعاً آخر، ومتسبباً في متاعب كبيرة لدفاع تشيلسي.

ومع احتساب الوقت بدل الضائع، كان أمام تشيلسي أكثر من 40 دقيقة للعودة في النتيجة، بعد أن ضاعف الجناح السابق للفريق أوماري هاتشينسون تقدم أصحاب الأرض، وهي مدة كافية نظرياً لقلب الموازين. ولكن الفريق فقد توازنه وهدوءه، وتلقى 4 لاعبين بطاقات صفراء، ولجأ إلى تسديدات متعجلة بدلاً من البناء المنظم للهجمات، وهو الخطأ ذاته الذي وقع فيه في الدقائق الأخيرة أمام فولهام قبل 4 أيام.

وعندما سُئل ماريسكا عما إذا كان قد لاحظ خللاً محدداً يفسر تراجع المستوى، قال: «أفضل تحليل الأمور مباراة بمباراة. أعتقد أنه عندما تخلق هذا العدد الكبير من الفرص، يمكنك بالتأكيد تحسين بعض الجوانب الدفاعية، ولكن من الناحية الهجومية لا يوجد الكثير مما يمكن قوله. أمام فولهام، لم نلعب بالطريقة التي نحبها؛ كانت المباراة مفتوحة وذهاباً وإياباً، وهذا ليس أسلوبنا. مباراة إيفرتون صعبة على الجميع، وحاولنا الفوز».

وأضاف: «في ديسمبر لعبنا 9 مباريات. فزنا في الست الأولى، ثم عانينا قليلاً في ختام الشهر. ربما وصلنا إلى نهايته بشيء من الإرهاق العام. لقد أنهينا الجزء الأول من الموسم وسنبدأ الآن الجزء الثاني. نحن سعداء بموقعنا، ولكننا نعرف أننا قادرون على تقديم ما هو أفضل».

غير أن قلة ستتعاطف مع تبريرات الإرهاق، نظراً لضخامة تشكيلة تشيلسي، ولأن غالبية عناصر التشكيلة الأساسية لم تشارك بكثافة في دوري المؤتمر الأوروبي أو كأس الرابطة هذا الموسم.

لقد استحق ماريسكا الإشادة عن جدارة بعد بدايته القوية مع تشيلسي. والآن، بات مطالباً بإثبات قدرته على تجاوز أول موجة من الصعوبات، وإلهام لاعبيه للخروج منها أقوى مما كانوا.


آرسنال يضرب بقوة قبل 2026 ويؤكد أحقيته بالصدارة

أرتيتا يوجّه اللاعبين (د.ب.أ)
أرتيتا يوجّه اللاعبين (د.ب.أ)
TT

آرسنال يضرب بقوة قبل 2026 ويؤكد أحقيته بالصدارة

أرتيتا يوجّه اللاعبين (د.ب.أ)
أرتيتا يوجّه اللاعبين (د.ب.أ)

بدا كأن آرسنال بدأ يفقد توازنه، فبعد أن استهل شهر ديسمبر (كانون الأول) بالخسارة أمام أستون فيلا، لم يكن مقنعاً تماماً في انتصاراته الضيقة على وولفرهامبتون وإيفرتون وبرايتون. لكن «المدفعجية» عرفوا كيف ينتزعون النتائج الحاسمة، وأجابوا عن أي شكوك عالقة حول أحقيتهم بالمنافسة على اللقب، بعدما حققوا فوزاً كاسحاً 4-1 على أستون فيلا بملعب «الإمارات» مساء الثلاثاء، وذلك وفقاً لشبكة «بي بي سي» البريطانية.

هذا الانتصار لم يكتفِ بإيقاف فريق أوناي إيمري المتألق وإبقائه في المركز الثالث، بل شكّل أيضاً رسالة قوية لكل من يطمح إلى عرقلة طموحات آرسنال في حصد الألقاب. ومع دخول عام 2026، والنصف الثاني من الموسم، يتصدر آرسنال جدول الدوري الإنجليزي الممتاز بفارق 5 نقاط عن مانشستر سيتي صاحب المركز الثاني، فيما يأتي أستون فيلا خلفه بنقطة إضافية.

وقال المهاجم السابق لأستون فيلا ديون دبلن عبر «بي بي سي راديو 5 لايف»: «ما فعله آرسنال أمام فيلا يخبرك تماماً أين يقف هذا الفريق. كل شيء يسير في صالحهم، لأن الجميع يسهم: المدرب، اللاعبون، والجهاز الفني».

وأضاف لاعب وسط إنجلترا السابق داني مورفي، خلال تحليله في برنامج «ماتش أوف ذا داي»: «كان أداء آرسنال بمثابة بيان قوي، إذ جاء مليئاً بالجودة وأظهر عمق التشكيلة».

لكن، ومع تاريخ طويل من التفريط باللقب بعد 3 مواسم متتالية أنهى فيها الفريق الدوري وصيفاً، يبرز السؤال: هل يستطيع آرسنال أخيراً أن يحسم الأمور هذا الموسم، ويتوَّج بطلاً للمرة الأولى منذ 2004؟ سبق لآرسنال أن وجد نفسه في هذا الموقف، ففي بداية عام 2023، دخل السنة وهو متصدر الترتيب بفارق 5 نقاط عن مانشستر سيتي، قبل أن تنقلب الموازين في النهاية ويتوّج فريق بيب غوارديولا باللقب بفارق 5 نقاط عن «المدفعجية».

وتكرر السيناريو نفسه في موسم 2002-2003، عندما أنهى آرسنال شهر ديسمبر (كانون الأول) في الصدارة، قبل أن ينهي الموسم متأخراً بـ5 نقاط عن مانشستر يونايتد.

في الواقع، من بين آخر 6 مرات أنهى فيها آرسنال السنة الميلادية بالمركز الأول، لم ينجح في الفوز بلقب الدوري الإنجليزي سوى مرة واحدة فقط، وذلك في موسم 2001-2002.

لهذا السبب، يبدو حذَر جماهيره مفهوماً، وهم يتجنبون الانجراف وراء الاحتفالات المبكرة. وقال المدافع السابق لليفربول جيمي كاراغر عبر «سكاي سبورتس»: «الأمر مفهوم، فقد مرّ ما يقرب من 22 عاماً من دون لقب دوري، لكن وقت القلق الحقيقي يكون في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، وليس الآن. لا يزال الطريق طويلاً».

وتُشير الإحصاءات إلى أن الفريق الذي يتصدر جدول الدوري مع نهاية السنة الميلادية توّج باللقب في 17 مناسبة من أصل 33 (بنسبة 52 في المائة). لكن، هل بدأت الأمور أخيراً تتشكل بالشكل الصحيح لدى آرسنال، الذي يعود آخر تتويج له إلى موسم «اللاهزيمة» التاريخي؟

قال المدرب ميكيل أرتيتا في حديثه لـ«بي بي سي سبورت»: «نحن نعرف كم سيكون هذا المشوار طويلاً. كان عام 2025 مذهلاً، ونعرف تماماً ما نريده من 2026، وسنضطر إلى كسبه بجهدنا، ولا نزال بعيدين عن النهاية».

وكانت مباراة فيلا هي الأولى منذ 8 ديسمبر (كانون الأول) التي يبدأ فيها غابرييل وويليام ساليبا معاً في قلب الدفاع. ورغم غياب ثنائي الدفاع الأساسي لفترات، امتلك آرسنال أقوى خط دفاع في الدوري، بعدما استقبل 12 هدفاً فقط في 19 مباراة، وهو الرقم الأقل بين جميع الفرق.

وأمام أستون فيلا، قدّم الثنائي عرضاً متماسكاً في شوط أول انتهى دون أهداف، قبل أن يفتتح المدافع البرازيلي غابرييل مهرجان الأهداف بعد 3 دقائق من انطلاق الشوط الثاني، بتسجيله هدفاً «فوضوياً».

وقال داني مورفي لـ«بي بي سي سبورت»: «آرسنال لا يذعر، لديهم ثقة كاملة بمدافعيهم للعب واحد ضد واحد والتعامل مع المواقف. عودة الشراكة بين ساليبا وغابرييل منحت الفريق الأساس لتقديم ذلك الأداء في الشوط الثاني. هذا ما يقدمه هذان اللاعبان: القوة البدنية، والهدوء، وعامل الترهيب».

لكن، وكما أشار أرتيتا، لا يزال الطريق طويلاً، فيما يواصل مانشستر سيتي وأستون فيلا الضغط خلف آرسنال. فريق غوارديولا، الذي انتزع اللقب من «المدفعجية» في مناسبتين منذ تولي أرتيتا المسؤولية عام 2019، سيقلص الفارق إلى نقطتين فقط إذا فاز على سندرلاند يوم الخميس.

أما أستون فيلا، الذي كان قد حقق سلسلة من 11 انتصاراً متتالياً قبل زيارته ملعب «الإمارات»، فسيأمل مدربه أوناي إيمري لأن تكون هذه الخسارة مجرد عثرة عابرة.

وقال كاراغر مشيداً بآرسنال: «إنها نتيجة ضخمة لهم من نواحٍ كثيرة: قوة المنافس، وكونها المرة الأولى التي يهزمون فيها منافساً حقيقياً هذا الموسم، وطريقة الفوز، وأداء الشوط الثاني. لقد دمروا أستون فيلا تماماً».


سوق الانتقالات تعيد رسم ملامح الدوري الألماني للسيدات

تشهد سوق الانتقالات الشتوية في الدوري الألماني لكرة القدم للسيدات نشاطاً استثنائياً هذا الموسم (أ.ف.ب)
تشهد سوق الانتقالات الشتوية في الدوري الألماني لكرة القدم للسيدات نشاطاً استثنائياً هذا الموسم (أ.ف.ب)
TT

سوق الانتقالات تعيد رسم ملامح الدوري الألماني للسيدات

تشهد سوق الانتقالات الشتوية في الدوري الألماني لكرة القدم للسيدات نشاطاً استثنائياً هذا الموسم (أ.ف.ب)
تشهد سوق الانتقالات الشتوية في الدوري الألماني لكرة القدم للسيدات نشاطاً استثنائياً هذا الموسم (أ.ف.ب)

تشهد سوق الانتقالات الشتوية في الدوري الألماني لكرة القدم للسيدات نشاطاً استثنائياً هذا الموسم، على خلاف ما جرت عليه العادة في فترات الانتقال الشتوية التي غالباً ما تتسم بالهدوء. ويجد مسؤولو الأندية أنفسهم أمام مرحلة حافلة بالقرارات الحاسمة.

وحسب صحيفة «بيلد الألمانية»، فإن أولى الصفقات البارزة باتت محسومة؛ حيث ستنتقل المهاجمة الدولية الألمانية ليا شولر (28 عاماً) إلى مانشستر يونايتد بدءاً من شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، قادمة من بايرن ميونيخ الذي سيحصل على مقابل مالي نظير الصفقة، ما يدفعه في المقابل عند الوصول إلى بديلة مناسبة.

وتعمل مديرة كرة القدم النسائية في بايرن ميونيخ، بيانكا ريش، على دراسة خيارات متعددة داخل أوروبا، إلا أن الدوري الألماني يضم بدوره أسماء مطروحة، من بينها نيكول أنيومي (25 عاماً) لاعبة آينتراخت فرانكفورت التي ينتهي عقدها في الصيف المقبل. وقد يفضل ناديها بيعها خلال فترة الانتقالات الحالية للاستفادة مالياً قبل نهاية عقدها.

وعلى صعيد متصل، يبدي آينتراخت فرانكفورت اهتماماً بضم المهاجمة جيوفانا هوفمان (27 عاماً) من لايبزيغ، رغم تعرضها لإصابة حالياً. كما تبرز مهاجمة فيردر بريمن، لاريسا مولهاوس (22 عاماً) التي سجلت 9 أهداف هذا الموسم، كأحد الأسماء المطروحة على طاولة بايرن ميونيخ وفرانكفورت، وسط اهتمام واسع من أندية أوروبية وأميركية، مع ترجيحات برحيلها الصيف المقبل، دون استبعاد انتقالها في الشتاء.

كما تحظى المهاجمة الدولية سيلينا تشيرتشي (25 عاماً) باهتمام متزايد؛ إذ ارتبط اسمها مجدداً بفولفسبورغ الذي سبق أن دخل في مفاوضات معها خلال السنوات الماضية. وتشير المعطيات الحالية إلى أن اللاعبة تميل لتأجيل قرارها حتى الصيف؛ خصوصاً مع اقتراب نهاية عقدها مع هوفنهايم. ويُعد مدرب فولفسبورغ، شتيفان ليرش، أحد العوامل المؤثرة؛ إذ سبق له العمل معها في هوفنهايم.

ويستعد فولفسبورغ لاحتمال فقدان عدد من عناصره الهجومية البارزة بنهاية الموسم، في ظل اقتراب انتهاء عقوم لينيث بيرينستين وألكسندرا بوب، ولاعبات أخريات.

من جانبه، لا يقتصر بحث بايرن ميونيخ على تعزيز الخط الهجومي فقط؛ بل يشمل أيضاً خط الوسط، بعد الإصابات الخطيرة التي تعرضت لها لينا أوبردورف وسارة تسادرازيل. وتشير تقارير إلى اهتمام النادي بضم إليسا زينس من آينتراخت فرانكفورت، إضافة إلى سيوكه نوسكن من تشيلسي، رغم صعوبة الصفقة، في ظل رغبة اللاعبة في اللعب مع نادٍ مرشح بقوة للفوز بدوري أبطال أوروبا.

كما يلوح في الأفق رحيل حارسة المرمى مالا غروهس (24 عاماً) عن بايرن ميونيخ، بعدما فقدت مركزها الأساسي عقب عودتها من فترة علاج ناجحة، إثر إصابتها بمرض السرطان. وتشير التوقعات إلى انتقالها إلى الدوري الإنجليزي.

ويعكس هذا الحراك اللافت ازدياد عدد الأندية القادرة على المنافسة في سوق انتقالات كرة القدم النسائية، ما يدفع اللاعبات إلى حسم خياراتهن مبكراً، ويزيد من أهمية التحرك في فترة الانتقالات الشتوية، تفادياً لخسارة الصفقات دون مقابل في الصيف.