مصر: أسى وسخرية في «السوشيال ميديا» بعدما كسر الدولار «حاجز الـ60 جنيهاً»

تفاعل واسع عبر الـ«ترند»

اتجهت الحكومة المصرية إلى ملاحقة المتاجرين بالعملات الأجنبية خارج نطاق السوق المصرفية (أرشيفية)
اتجهت الحكومة المصرية إلى ملاحقة المتاجرين بالعملات الأجنبية خارج نطاق السوق المصرفية (أرشيفية)
TT

مصر: أسى وسخرية في «السوشيال ميديا» بعدما كسر الدولار «حاجز الـ60 جنيهاً»

اتجهت الحكومة المصرية إلى ملاحقة المتاجرين بالعملات الأجنبية خارج نطاق السوق المصرفية (أرشيفية)
اتجهت الحكومة المصرية إلى ملاحقة المتاجرين بالعملات الأجنبية خارج نطاق السوق المصرفية (أرشيفية)

واصل سعر الدولار الأميركي صعوده في السوق الموازية (السوداء) في مصر إلى مستويات غير مسبوقة. وللدولار سعران في مصر أحدهما رسمي عند 30.91 جنيه مصري، والآخر غير رسمي يزيد على ذلك بكثير، ووفق وسائل إعلام محلية (الجمعة)، فقد تخطى سعره 60 جنيهاً في السوق غير الرسمية، ما جعل تأثيراته تشغل المصريين بمختلف فئاتهم، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».

تلك الفجوة بين السعر الرسمي والموازي، لم تكن بعيدة عن قائمة «ترند» مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، التي تصدرها هاشتاغا «#السوق_السوداء» و«#الدولار»، خلال الساعات الماضية، بفعل التفاعل الواسع مع زيادة سعر الدولار، الذي تراوح بين السخرية والجدية والأسى لبلوغ تلك الزيادة، التي اكتست بها تعليقات المستخدمين.

وتمر مصر بأزمة اقتصادية نتيجة مجموعة الأزمات الدولية المتتالية، أدت إلى شح الدولار، ما دعا الحكومة المصرية إلى إجراءات متعددة من أجل توفيره، من بينها ملاحقة المتاجرين بالعملات الأجنبية خارج نطاق السوق المصرفية.

وشغلت الآثار المحتملة لتلك الخطوة على الاقتصاد المصري اهتمام كثيرين على «السوشيال ميديا»، حيث تخوّف حساب يحمل اسم «آدم» من ارتفاع أسعار السلع نتيجة ارتفاع سعر الدولار.

وامتد الخوف إلى توقع السيناريوهات المقبلة وتأثير سعر الدولار على الذهب والعقارات.

في المقابل، حلت السخرية في تعليقات آخرين في التعاطي مع هذا الارتفاع الذي شهده الدولار.

وتناقل آخرون رسما كاريكاتيريا، للسخرية من حال المواطن أمام التصاعد المستمر في سعر الدولار.

وكعادتهم، وظّف رواد «السوشيال ميديا» المشاهد السينمائية للتعبير عن الأمر، حيث تم توظيف مشاهد لأفلام الفنانين عادل إمام وأحمد حلمي، وغيرهما، للتعبير عما يدور في تفكير العديد من الأشخاص.

وهو التفاعل الذي يعلق عليه الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، إن انهماك «السوشيال ميديا» في التفاعل مع وصول الدولار لمستويات غير مسبوقة هو إدراك من جانب المستخدمين للمشكلة، ويدل على إحساس بحجمها وتأثيرها على حياتهم، وتعكس تعليقاتهم نوعاً من القلق من المستقبل ومن تعرضهم لأوضاع أكثر صعوبة، خاصة في ظل التضخم.

ويرى صادق أن انشغال مواقع التواصل الاجتماعي بمناقشات زيادة الدولار رغم تزامن ذلك مع خوض المنتخب المصري لكرة القدم مباراة مهمة في بطولة كأس الأمم الأفريقية، يعكس ترتيب الأولويات لدى أفراد المجتمع، وهو ما انتقل بدوره إلى مواقع التواصل الاجتماعي.

ويلفت إلى أن حالة من «الكوميديا السوداء» انتشرت خلال التفاعل مع سعر الدولار، وهي حالة تظهر في المواقف الحالكة، بما يؤكد مقولة أن «شر البلية ما يضحك»، فالمستخدمون يحاولون عمل حالة تعايش مع الواقع رغم أنه غير مقبول لديهم.

وبينما اتجهت «السوشيال ميديا» المصرية إلى طرح وإثارة العديد من التساؤلات حول أسباب ارتفاع الدولار، وكيفية الحد منه، أشار الخبير في الاقتصاد والتمويل، الدكتور مدحت نافع، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «سعر الدولار في السوق الموازية (السوداء) وصل إلى ضعف سعره في البنوك، وهذه الفجوة لم تحدث من قبل»، مؤكداً أنها «المرة الأولى في تاريخ مصر، وذلك بسبب الندرة الشديدة للدولار في الوقت الحالي».

ويعلل نافع حالة التفاعل والاهتمام من جانب الفئات المختلفة بهذا الارتفاع، بقوله: «الدولار يمس حياة المواطن بشكل مباشر، سواء في قدرته على الشراء أو على توفير احتياجاته الأساسية، كما يجد أن دخله يتناقص يومياً على أثر انخفاض الجنيه، وبالتالي لا يوجد أمر مُقدم على تلبية احتياجاته الأساسية».

وبينما أثار كثيرون تساؤلات حول كيفية تجنب الآثار السلبية التي قد يتسبب بها هذا الارتفاع على الاقتصاد المصري، قال نافع، إن «الحل يأتي من خلال تدخل الدولة المصرية سريعاً على مستويات متعددة متزامنة، منها التشديد النقدي والمالي، وإعادة هيكلة الديون، والتوسع في حوافز الاستثمار»، مُشدداً على أن «التأخر في تلك الحلول يُصعّب من توقع معرفة اتجاهات سعر الدولار خلال المرحلة المقابلة».


مقالات ذات صلة

الدولار يقترب من أعلى مستوى في عامين بدعم من قرار «الفيدرالي»

الاقتصاد أوراق من الدولار الأميركي (رويترز)

الدولار يقترب من أعلى مستوى في عامين بدعم من قرار «الفيدرالي»

اقترب الدولار من أعلى مستوى له في عامين، يوم الخميس، بعد أن أشار بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى احتمال تباطؤ وتيرة خفض أسعار الفائدة في عام 2025.

«الشرق الأوسط» (طوكيو )
الاقتصاد أوراق نقدية بالدولار الأميركي (رويترز)

الدولار يتمسك بمستوياته قُبيل قرار الفائدة الأميركية

استقر الدولار الأميركي يوم الأربعاء، مع انتظار المستثمرين لمعرفة ما إذا كان مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» سيتخذ قراراً بخفض أسعار الفائدة بشكل صارم.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد حُزم من الأوراق النقدية بالدولار الأميركي في محل لصرف العملات بالمكسيك (رويترز)

الدولار يقترب من أعلى مستوى في 3 أسابيع

استقر الدولار قرب أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع مقابل العملات الرئيسية، يوم الاثنين، وسط توقعات بأن يخفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد أوراق نقدية من فئة الدولار الأميركي (رويترز)

قبيل بيانات التضخم... الدولار قرب أعلى مستوى في أسبوعين

تداول الدولار بالقرب من أعلى مستوى له في أسبوعين مقابل الين، قبيل صدور بيانات التضخم الأميركي المنتظرة التي قد تكشف عن مؤشرات حول وتيرة خفض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو )
الاقتصاد سبائك ذهبية معروضة في مكتب «غولد سيلفر سنترال» بسنغافورة (رويترز)

توقعات باستمرار تألق الذهب حتى 2025 ليصل إلى 2950 دولاراً

مع عودة دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، من المحتمل أن يكون هناك مزيد من عدم اليقين بشأن التجارة والتعريفات الجمركية، مما سيدعم أيضاً سعر الذهب.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تعطل سد «جبل الأولياء» يغرق مناطق واسعة في السودان

جسر خزان «جبل الأولياء»... (أرشيفية - وسائل إعلام سودانية محلية)
جسر خزان «جبل الأولياء»... (أرشيفية - وسائل إعلام سودانية محلية)
TT

تعطل سد «جبل الأولياء» يغرق مناطق واسعة في السودان

جسر خزان «جبل الأولياء»... (أرشيفية - وسائل إعلام سودانية محلية)
جسر خزان «جبل الأولياء»... (أرشيفية - وسائل إعلام سودانية محلية)

تسبب تعطل سد رئيسي يقع على بعد 40 كيلومتراً جنوب العاصمة السودانية الخرطوم عن العمل، جراء تداعيات الحرب الدائرة بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، في فيضانات غمرت مناطق واسعة من ولاية النيل الأبيض، بالجزء الجنوبي من البلاد، ولا يزال نطاق الأضرار غير واضح بعد عزل كثير من البلدات والقرى بسبب تدفق المياه المستمر لليوم الخامس دون توقف.

وغمرت المياه بمستويات عالية تجاوزت المتر منطقة «الجزيرة أبا» وبلدات ريفية أخرى، وسط مخاوف من أن تتعرض مناطق الولاية كاملة للغرق، وكارثة إنسانية فادحة، وفقاً لتقارير حكومية رصدت تدفق المياه بكميات كبيرة من بحيرة فكتوريا في أوغندا، ومن منطقة أعالي النيل بدولة جنوب السودان، التي تصب مباشرة في النيل الأبيض؛ الفرع الثاني الذي يغذي نهر النيل.

وتعرض جسم السد خلال الأشهر الماضية لغارات جوية مكثفة من الطيران الحربي للجيش بهدف قطع الإمدادات العسكرية عن «قوات الدعم السريع» التي تسيطر على منطقة السد.

وكان وزير الشؤون والأوقاف الدينية السابق، نصر الدين مفرح، وهو أحد سكان «الجزيرة أبا»، وجه نداءً إلى قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو المعروف باسم «حميدتي»، لاتخاذ إجراءات عاجلة لفتح بوابات خزان «جبل الأولياء» لتخفيف ضغط المياه وإنقاذ أوراح السكان.

وقال مفرح لــ«الشرق الأوسط»: «لقد علمنا أن الموظفين غادروا المنطقة عقب الضربة التي تعرض لها جسر السد في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأن المهندسين من أبناء الولاية سبق أن أرسلوا تنبيهاً إلى حكومة الأمر الواقع في بورتسودان بضرورة عودة الموظفين والفنيين لمراقبة السد، لكنها لم تحرك ساكناً إلى أن وقعت الكارثة».

وقالت مصادر إن البوابات الرئيسية للسد سليمة وإنه يمكن تشغيلها، لكن هناك نحو 40 بوابة أخرى، تستخدم في حالات الطوارئ، تحتاج إلى موظفين لتشغيلها لتصريف المياه، وفق القواعد المعمول بها، بشكل دوري وسنوي.

وأوضح مفرح أن الإحصاءات الأولية تشير إلى أن أكثر من 6 آلاف منزل دُمرت، فضلاً عن انقطاع الإمداد الكهربائي والمائي، واختلاط المياه بمخلفات الصرف الصحي التي تستخدم في تلك المناطق، مما نتج عنه تسجيل أكثر من 60 حالة إصابة بمرض الكوليرا، وسط مخاوف من انتشار كثير من الأمراض والأوبئة.

وأضاف أن الفيضان ضرب بنسب متفاوتة كثيراً من المنازل في الأحياء الغربية والشرقية في «الجزيرة أبا»، كما غمرت المياه الطريق الوحيدة التي تربط المدينة بالمناطق الأخرى، وهي مهددة بالانجراف حال ازدادت مستويات المياه، مما سيؤدي إلى عزل المنطقة بالكامل وصعوبة مغادرتها.

مخيم «أم صنقور» بالنيل الأبيض حيث يعيش عشرات الآلاف في ظروف حياتية قاسية (أطباء بلا حدود)

وأوضح مفرح أيضاً أن الفيضان غمر كل الأراضي الزراعية، في قمة الموسم الشتوي الذي يعتمد عليه كثير من المزارعين في توفير قوت معاشهم من حبوب القمح. وأشار الوزير السابق إلى أن «قوات الدعم السريع» حاولت فتح بوابات الخزان، لكن نسبة الأعطال وعدم الصيانة لفترات طويلة بجانب الأضرار التي خلفتها الغارات الجوية، حالت دون ذلك. وأضاف أن الحل الوحيد لتجاوز هذه الكارثة هو أن يجري تنسيق بين الطرفين المتحاربين بواسطة الصليب الأحمر لجلب الفنيين لفتح بوابات السد.

ويبلغ عدد سكان منطقة «الجزيرة أبا» نحو 90 ألف نسمة، واستقبلت خلال الأشهر الماضية أكثر من 20 ألف نازح. وأدى الفيضان إلى نزوح آلاف السكان بعد غرق المنازل وتشريد العائلات، وسط تحذيرات من خطر انهيار وشيك لخزان «جبل الأولياء»، مما قد يؤدي أيضاً إلى أضرار كبيرة في العاصمة الخرطوم.

من جانبها، قالت «قوات الدعم السريع» إنها تتابع «بقلق تطورات الفيضان جراء الأضرار الكبيرة التي لحقت ببنية السد بعد الاستهداف المتكرر بالقصف الجوي من الطيران الحربي» التابع للجيش السوداني، الذي «بلغ 70 غارة جوية» منذ أن سيطرت قواتها على المنطقة العسكرية في «جبل الأولياء».

وأوضحت في البيان أنها استعانت بخبراء فنيين «لمعالجة بعض المشكلات؛ مما ساعد في انسياب المياه، لكن المشكلة عادت بشكل أكبر خلال الموسم الحالي، على الرغم من جهود الفرق الفنية لتدارك الموقف».

كما اتهمت الجيش السوداني بـ«سحب كل المفاتيح وكابلات بوابات الخزان قبل انسحابه من منطقة جبل الأولياء، وشن ضربات جوية مراراً وتكراراً بهدف تعطيله عن العمل».