واصل سعر الدولار الأميركي صعوده في السوق الموازية (السوداء) في مصر إلى مستويات غير مسبوقة. وللدولار سعران في مصر أحدهما رسمي عند 30.91 جنيه مصري، والآخر غير رسمي يزيد على ذلك بكثير، ووفق وسائل إعلام محلية (الجمعة)، فقد تخطى سعره 60 جنيهاً في السوق غير الرسمية، ما جعل تأثيراته تشغل المصريين بمختلف فئاتهم، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».
تلك الفجوة بين السعر الرسمي والموازي، لم تكن بعيدة عن قائمة «ترند» مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، التي تصدرها هاشتاغا «#السوق_السوداء» و«#الدولار»، خلال الساعات الماضية، بفعل التفاعل الواسع مع زيادة سعر الدولار، الذي تراوح بين السخرية والجدية والأسى لبلوغ تلك الزيادة، التي اكتست بها تعليقات المستخدمين.
وتمر مصر بأزمة اقتصادية نتيجة مجموعة الأزمات الدولية المتتالية، أدت إلى شح الدولار، ما دعا الحكومة المصرية إلى إجراءات متعددة من أجل توفيره، من بينها ملاحقة المتاجرين بالعملات الأجنبية خارج نطاق السوق المصرفية.
وشغلت الآثار المحتملة لتلك الخطوة على الاقتصاد المصري اهتمام كثيرين على «السوشيال ميديا»، حيث تخوّف حساب يحمل اسم «آدم» من ارتفاع أسعار السلع نتيجة ارتفاع سعر الدولار.
وامتد الخوف إلى توقع السيناريوهات المقبلة وتأثير سعر الدولار على الذهب والعقارات.
أكيد فيه مشكلة كبيرة.. سعر الدولار في السوق السودا مُرعِب.. سيناريوهات انهيار العُملة أكتر ما هي منهارة.. هتتحل ولا مش هتتحل.. ده سؤال المليون دولار! ياترى الدهب هيوصل كام.. والعقارات الخ.. ؟! إجابة واحدة مالهاش تاني.. اللي شالك إمبارح هيشيلك النهاردة وبكرا!متشيلش هَمْ! ربنا كبير
— N - Philosopher الفيلسوف (@NPhilosopher2) January 19, 2024
في المقابل، حلت السخرية في تعليقات آخرين في التعاطي مع هذا الارتفاع الذي شهده الدولار.
هاي #الدولار وصل 65 جنيهباي pic.twitter.com/6AcOcGatNH
— Ah med (@ahmedwolfs) January 19, 2024
وتناقل آخرون رسما كاريكاتيريا، للسخرية من حال المواطن أمام التصاعد المستمر في سعر الدولار.
#الدولار pic.twitter.com/gSyh2W4qX3
— زهرة البنفسج (@zhrtalb95200374) January 19, 2024
وكعادتهم، وظّف رواد «السوشيال ميديا» المشاهد السينمائية للتعبير عن الأمر، حيث تم توظيف مشاهد لأفلام الفنانين عادل إمام وأحمد حلمي، وغيرهما، للتعبير عما يدور في تفكير العديد من الأشخاص.
الناس كلها ملهاش سيرة غير عن الدولار اللى بقى ب ٦٠ جنيه ونص والدهب اللى ب ٣٧٠٠ جم ٢١ ومتابعين السعر ساعة بساعة والسوق كله بيراقب وعمال يعيد حساباتهاما بالنسبة لى انا :#الدولار #الجنية_المصرى #السوق_السوداء #الاسعار #الوضع_الاقتصادى #الجنيه #الدهب pic.twitter.com/UFazCMyvj3
— passerby (@youGOtoHELLsir) January 18, 2024
وهو التفاعل الذي يعلق عليه الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، إن انهماك «السوشيال ميديا» في التفاعل مع وصول الدولار لمستويات غير مسبوقة هو إدراك من جانب المستخدمين للمشكلة، ويدل على إحساس بحجمها وتأثيرها على حياتهم، وتعكس تعليقاتهم نوعاً من القلق من المستقبل ومن تعرضهم لأوضاع أكثر صعوبة، خاصة في ظل التضخم.
ويرى صادق أن انشغال مواقع التواصل الاجتماعي بمناقشات زيادة الدولار رغم تزامن ذلك مع خوض المنتخب المصري لكرة القدم مباراة مهمة في بطولة كأس الأمم الأفريقية، يعكس ترتيب الأولويات لدى أفراد المجتمع، وهو ما انتقل بدوره إلى مواقع التواصل الاجتماعي.
ويلفت إلى أن حالة من «الكوميديا السوداء» انتشرت خلال التفاعل مع سعر الدولار، وهي حالة تظهر في المواقف الحالكة، بما يؤكد مقولة أن «شر البلية ما يضحك»، فالمستخدمون يحاولون عمل حالة تعايش مع الواقع رغم أنه غير مقبول لديهم.
وبينما اتجهت «السوشيال ميديا» المصرية إلى طرح وإثارة العديد من التساؤلات حول أسباب ارتفاع الدولار، وكيفية الحد منه، أشار الخبير في الاقتصاد والتمويل، الدكتور مدحت نافع، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «سعر الدولار في السوق الموازية (السوداء) وصل إلى ضعف سعره في البنوك، وهذه الفجوة لم تحدث من قبل»، مؤكداً أنها «المرة الأولى في تاريخ مصر، وذلك بسبب الندرة الشديدة للدولار في الوقت الحالي».
ويعلل نافع حالة التفاعل والاهتمام من جانب الفئات المختلفة بهذا الارتفاع، بقوله: «الدولار يمس حياة المواطن بشكل مباشر، سواء في قدرته على الشراء أو على توفير احتياجاته الأساسية، كما يجد أن دخله يتناقص يومياً على أثر انخفاض الجنيه، وبالتالي لا يوجد أمر مُقدم على تلبية احتياجاته الأساسية».
وبينما أثار كثيرون تساؤلات حول كيفية تجنب الآثار السلبية التي قد يتسبب بها هذا الارتفاع على الاقتصاد المصري، قال نافع، إن «الحل يأتي من خلال تدخل الدولة المصرية سريعاً على مستويات متعددة متزامنة، منها التشديد النقدي والمالي، وإعادة هيكلة الديون، والتوسع في حوافز الاستثمار»، مُشدداً على أن «التأخر في تلك الحلول يُصعّب من توقع معرفة اتجاهات سعر الدولار خلال المرحلة المقابلة».