الفيلم السعودي «هجان»... «الإبل» والليل والبيداء تعرفني

ينطلق اليوم في جميع صالات السينما السعودية... بمزيج من الشعر واللوحات الفاتنة لصحراء تبوك

الفيلم يظهر خبايا سباقات الهجن (الشرق الأوسط)
الفيلم يظهر خبايا سباقات الهجن (الشرق الأوسط)
TT

الفيلم السعودي «هجان»... «الإبل» والليل والبيداء تعرفني

الفيلم يظهر خبايا سباقات الهجن (الشرق الأوسط)
الفيلم يظهر خبايا سباقات الهجن (الشرق الأوسط)

على غرار شطر الشاعر المتنبي «الخيل والليل والبيداء تعرفني»، يأتي الفيلم السعودي «هجان» بمثابة بطاقة تعريفية للعلاقة الوثيقة التي تربط بين ثلاثية الصحراء والإبل والليل الحالك المرصَّع بالنجوم؛ فالفيلم الذي ينطلق، اليوم (الخميس)، في جميع صالات السينما السعودية، يعدّ الإبل شخصية رئيسية فيه، كما يتعامل مع الصحراء على أنها أكثر من موقع؛ فهي الحضن والملاذ والأم الكبرى للبدوي الأصيل.

ولم يفت الشعر عن هذا المزيج السينمائي؛ فهو يحضر في الفيلم الذي يبدأ مشهده الأول بقصيدة تقول: «يا هاجسي بأعذب الألحان... جر اللحن واللحن يسري... الهجن معشوقة الهجان... وإللي تعلّق بها يدري».

ويأتي الفيلم الذي استغرق العمل عليه نحو 3 سنوات، ضمن نوعية «سينما الصحراء»، حيث اتخذ من صحراء تبوك (شمال غربي السعودية) موقعاً له، بما يظهر فرادة الطبيعة الجبلية الشامخة التي تتمتع بها، ولون الرمال شديدة الحمرة، وما يتخللها من هضاب وجبال من الحجر الرملي، مما جعل الفيلم مليئاً بالإبهار البصري، ولافتاً لما تحظى به صحراء هذه المنطقة من فتنة ساحرة.

⁨صحراء تبوك البديعة حضرت بشكل كبير في الفيلم (الشرق الأوسط)⁩

عوالم الشِعر

الممثل السعودي عزام النمري، يقدم شخصية محورية في «هجان» من خلال دور «غانم»، الشاب المغامر المحب للشعر، عن ذلك يتحدث لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «(هجان) عمل يتناغم مع معاييري الفنية ويقدم شكل السينما الطامحة للعالمية الذي يستهويني، وكان أول ما شدني هو النص البديع للكاتب مفرج المجفل، كما أني أرى نفسي محظوظاً بأن أشارك في هذا العمل إلى جوار فنانين كبار».

ويوضح النمري أن شخصية غانم تتقاطع معه في كثير من الجوانب، من حيث حب الشعر والإقدام والرغبة في البحث عن الذات، مستشهداً بمقولة الشاعر الراحل محمود درويش: «فتِّش في ذاتك تجد الآخرين»، ويضيف: «ألعب شخصياتي بداية من تقاطعها مع جوانب في (عزام)؛ نهاية بقشورها التي تميزها عنه، و(غانم) شخصية تشترك مع (عزام) في حب الشعر والأصالة، مما جعلني أنفث فيه شيئاً من روحي، وأستمتع في العمل الذي أتمنى أن يصل إلى الجمهور وينال استحسانه».

⁨الممثل عبد المحسن النمر في دور جسار الشرير بالفيلم (الشرق الأوسط)⁩

خبايا سباقات الهجن

ماجد زهير سمان رئيس «سينما إثراء» ومنتج الفيلم، يتحدث لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «بدأنا العمل على (هجان) قبل نحو 3 أعوام، وسعيد بأن يتزامن عرضه مع إعلان 2024، ليكون عام الإبل في السعودية؛ فهو يكاد يكون أقرب الأعمال السينمائية في تصوير العلاقة الوجدانية التي تربط بين الإبل وراعيها، في حبكة شيقة وحشد فني كبير وصراعات متعددة يحملها الفيلم، بما يجعل المتفرج متشوقاً طيلة الوقت، كما تكشف خبايا ما يحدث في سباقات الهجن، وهي موضوع جديد قلَّما يُطرح سينمائياً».

موسيقى الصحراء

كما تمكنت الموسيقى التصويرية المستخدمة في «هجان» من إدخال المتفرج في مزيج من المشاعر، ما بين الحماسة والقلق والشعور بلذة الانتصار والفوز، إلى جانب استشعار هيبة الصحراء وعظمة ما فيها من مخلوقات بديعة، وهو ما بدا واضحاً على وجوه الحاضرين في العرض الخاص الأول للفيلم الذي حضرته «الشرق الأوسط»، وهي موسيقى صاغها الملحن التونسي أمين بوحافة، الذي سبق أن اشتغل على العديد من الأعمال الفنية وقدمها بنكهة موسيقية مختلفة.

⁨الطفل السعودي عمر العطوي بطل الفيلم في أول ظهور فني له (الشرق الأوسط)⁩

قصة الفيلم

يحكي «هجان» قصة صبي يتيم يُدعى «مطر»، تربطه علاقة خاصة مع ناقته (حفيرة)، ويتعرض لحدث قاسٍ في بداية الفيلم، مما يجعل حياته تتغيّر بالكامل لاحقاً، ويقرر أن يخوض سباقات الهجن برفقة ناقته، واضعاً أمام ناظريه الفوز والانتصار، الأمر الذي يعرضه لكثير من المتاعب، ويجعل المتفرج مشدوداً على مدى ساعتين، في ترقب ما يحدث للصبي من مغامرات مثيرة.

و«هجان» الذي كان عرضه العربي الأول في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» الدولي بجدة، مطلع الشهر الماضي، حاز حينها على إشادة النقاد الذين عدّوا هذا العمل الضخم بمثابة نقلة جديدة لصناعة الأفلام السعودية. وكان العرض العالمي الأول للفيلم في «مهرجان الأفلام الدولي» بتورونتو الكندية، خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.

يُذكر أن «هجان» من إنتاج «مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)»، وبالتعاون مع المنتج محمد حفظي (Film Clinic). وهو فيلم للمخرج أبو بكر شوقي، وكتابة مفرج المجفل وعمر شامة، ومن بطولة مجموعة من الفنانين السعوديين، أبرزهم: عبد المحسن النمر، والشيماء طيب، وعمر العطوي، وإبراهيم الحساوي، وعزام النمري.


مقالات ذات صلة

أربعينات القرن الماضي تجذب صناع السينما في مصر

يوميات الشرق أحمد عز في لقطة من فيلم «فرقة الموت» (الشرق الأوسط)

أربعينات القرن الماضي تجذب صناع السينما في مصر

يبدو أن سحر الماضي دفع عدداً من صناع السينما المصرية إلى اللجوء لفترة الأربعينات من القرن الماضي بوصفها مسرحاً لأحداث أفلام جديدة.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق مهرجان القاهرة السينمائي لتنظيم ورش على هامش دورته الـ45 (القاهرة السينمائي)

«القاهرة السينمائي» يدعم صناع الأفلام بالتدريبات

أعلن «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» عن تنظيم مجموعة متخصصة من الورش لصنّاع الأفلام.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج معتز التوني يتوسط وأمينة خليل فريق العمل خلال العرض الخاص بالقاهرة (الشركة المنتجة)

«X مراتي» فيلم مصري جديد يراهن على «الضحك» فقط

يرفع الفيلم المصري «X مراتي» شعار «الضحك للضحك» عبر كوميديا المواقف الدرامية التي تفجرها قصة الفيلم وأداء أبطاله.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق  الحدث يهتم بالتنوّع البيولوجي والسينما (مهرجانات ريف)

انطلاق «مهرجانات ريف»... ومشكلات بيئة جنوب لبنان في الصدارة

تُعدّ «مهرجانات ريف» المُقامة في بلدة القبيات، الوحيدة لبنانياً التي تتناول موضوعات البيئة، فتضيء على مشكلاتها وتزوّد روّادها بحلول لمعالجتها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق حورية فرغلي (إنستغرام)

حديث حورية فرغلي عن حياتها الشخصية يلفت الانتباه في مصر

لفتت الفنانة المصرية، حورية فرغلي، الانتباه في مصر بعد حديثها عن تفاصيل في حياتها الشخصية، والسبب الذي لأجله قالت إنها «تمنت الموت».

محمد الكفراوي (القاهرة )

مسرحية «جبل الأمل» تحية لأطفال جنوب لبنان

«جبل الأمل» تحية لأطفال الجنوب (سيناريو)
«جبل الأمل» تحية لأطفال الجنوب (سيناريو)
TT

مسرحية «جبل الأمل» تحية لأطفال جنوب لبنان

«جبل الأمل» تحية لأطفال الجنوب (سيناريو)
«جبل الأمل» تحية لأطفال الجنوب (سيناريو)

18 طفلاً من جنوب لبنان اختارتهم «سيناريو» للتعليم التشاركي والفني لتقديم مسرحية بعنوان «جبل الأمل». الهدف من هذه المبادرة هو دعم هؤلاء الأطفال وتزويدهم بفسحة أمل. فما يعانونه من الحرب الدائرة في بلداتهم وقراهم دفعهم إلى النزوح وترك بيوتهم.

تأتي هذه المسرحية من ضمن برنامج «شو بيلد» (إظهار البناء) الذي بدأته «سيناريو» في 22 يوليو (تموز) الجاري في بلدة الزرارية الجنوبية. فأقيمت التمارين للمسرحية التي ستعرض في 29 الجاري، وتستضيفها مؤسسة سعيد وسعدى فخري الاجتماعية في البلدة المذكورة.

«جبل الأمل» تحية لأطفال الجنوب (سيناريو)

غالبية الأطفال يقيمون في البلدة وبعضهم الآخر يأتيها من بلدتي أرزاي والخرايب على الشريط الحدودي. وتشير مخرجة المسرحية ومدرّبتهم زينة إبراهيم، إلى أن فكرة العمل وضعها الأطفال بأنفسهم. وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد زودناهم بكلمات محددة كي يستلهموا منها أفكارهم. وتتألف هذه الكلمات من حب وسفر وأمل ورحلة ومغامرة واكتشاف... وغيرها. وعلى أساسها كتبوا قصة المسرحية بعنوان (جبل الأمل). وكما تلاحظون ابتعدنا عن استخدام كلمة حرب ضمن المفردات التي عرضناها عليهم».

يتراوح أعمار الأولاد المشاركين ما بين 10 و17 عاماً. خضعوا في برنامج «شو بيلد» إلى 7 جلسات شائقة تركز على اللعب والتمثيل والأداء المسرحي. وتستغرق كل جلسة نحو ساعتين، وذلك على مدى أسبوعين. وتأتي هذه المسرحية لتختتم البرنامج الفني لـ«سيناريو». وتضيف إبراهيم: «هذا البرنامج يوفّر للأولاد متنفساً للتعبير والإبداع، لا سيما خلال هذه الأوقات الصعبة التي يعيشونها في منطقة الجنوب».

تصف زينة إبراهيم هذه التجربة باللبنانية بامتياز. فقد سبق أن قامت ببرامج تعليمية سابقة شملت أولاداً لبنانيين وغيرهم من فلسطينيين وسوريين. وتقول إننا نرى قلقاً كبيراً في عيون أطفال الجنوب. وتتابع: «أكثر ما يخافونه هو أصوات الانفجارات. فهي تشكّل مفتاح الرعب عندهم، ويحاولون قدر الإمكان تجاوزها بابتسامة. وبينهم من كان يطمئنني ويقول لي (لا تخافي إنه ببساطة خرق لجدار الصوت). لا أعرف ما إذا كان تجاوزهم لهذه الأصوات صار بمثابة عادة يألفونها. وقد يكون أسلوباً للهروب من واقع يعيشونه».

تتناول قصة المسرحية رحلة تخييم إلى جبل يصادف فيه الأولاد مجموعة مساجين. وعندما يهمّون بالتواصل معهم يكتشفون أنهم يتحدثون لغة لا يفهمونها. ولكنهم ينجحون في التعبير عن أفكارهم المشتركة. ويقررون أن يمكثوا على هذا الجبل حيث يشعرون بالأمان.

وتعلق المخرجة إبراهيم: «اسم المسرحية استوحيته من عبارة قالتها لي فتاة في العاشرة من عمرها. فبرأيها أن الأمل هو نتيجة الأمان. وأنها ستحارب للوصول إلى غايتها هذه. أما فكرة اللغة غير المفهومة فنشير فيها إلى ضرورة التواصل مع الآخر مهما اختلف عنا».

تروي إبراهيم عن تجربتها هذه أنها أسهمت في تقريب الأولاد بعضهم من بعض: «لقد بدوا في الجلسة الأولى من برنامج (شو بيلد) وكأنهم غرباء. حتى في الحلقات الدائرية التي كانوا يرسمونها بأجسادهم الصغيرة كانوا يحافظون على هذا البعد. أما اليوم فتحولوا إلى أصدقاء يتحدثون في مواضيع كثيرة. كما يتشاركون الاقتراحات حول أفكار جديدة للمسرحية».

أثناء التدريبات على مسرحية «جبل الأمل» (سيناريو)

إضافة إلى التمثيل ستتلون مشاهد المسرحية بلوحات راقصة وأخرى غنائية. وتوضح إبراهيم: «حتى الأغنية كتبوها بأنفسهم ورغبوا في أن يقدموا الدبكة اللبنانية كتحية للبنان».

إحدى الفتيات المشاركات في العمل، وتدعى غزل وعمرها 14 عاماً، تشير في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذه المسرحية تعني لها الكثير. وتتابع: «لقد نقلتني من مكان إلى آخر وزادتني فرحاً وسعادة. وكان حماسي كبيراً للمشاركة في هذه المسرحية التي نسينا معها أننا نعيش حالة حرب».

بدورها، تقول رهف ابنة الـ10 سنوات: «كل شيء جميل في هذا المكان، ويشعرني بالسعادة. أنا واحدة من أبطال المسرحية، وهي جميلة جداً وأدعوكم لمشاهدتها».