لبنان: بري أمّن عودة العمل التشريعي مقابل استمرار التعثر الحكومي والشغور الرئاسي

حزب «الكتائب» سيكون الوحيد الذي سيقاطع الجلسة النيابية المرتقبة

لبنان: بري أمّن عودة العمل التشريعي مقابل استمرار التعثر الحكومي والشغور الرئاسي
TT

لبنان: بري أمّن عودة العمل التشريعي مقابل استمرار التعثر الحكومي والشغور الرئاسي

لبنان: بري أمّن عودة العمل التشريعي مقابل استمرار التعثر الحكومي والشغور الرئاسي

يبدو أنّه بعد اقتناع معظم الكتل السياسية بعدم نضوج الظروف التي تسمح بإتمام سلة متكاملة من الحلول للأزمات المتفاقمة وعلى رأسها الأزمة الرئاسية، رضخ المعنيون للضغوطات التي يمارسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري لجهة دفعه إلى عقد جلسات تشريعية تحت عنوان «تشريع الضرورة»، لإقرار عدد من القوانين وإبرام عدد من القروض المقدمة من البنك الدولي التي يهدد إهمالها بعواقب اقتصادية وخيمة.
وفيما ظللت أجواء ضبابية المساعي التي تبذل لعقد جلسة حكومية يتيمة تتم خلال إقرار الخطوات العملية لحل أزمة النفايات، بدأ بري استعداداته لعقد جلسة تشريعية تلي جلسة الحوار الوطني المرتقبة في 26 من الشهر الحالي بعدما أمّن مشاركة معظم الكتل النيابية فيها، وهو ما أكدته مصادر مقربة منه لـ«الشرق الأوسط»، لافتة إلى أن كل التحضيرات انطلقت على أن تعقد هيئة مكتب المجلس ظهر الثلاثاء المقبل اجتماعًا من أجل درس جدول الأعمال وإقراره.
وأوضحت المصادر أنّه ستتم تلبية مطالب الأحزاب المسيحية، خصوصًا «التيار الوطني الحر» و«القوات»، بإدراج بندي قانوني الانتخاب، والجنسية للمتحدرين من أصل لبناني، على جدول الأعمال، باعتبارهما أصلاً مطروحين على طاولة الحوار الوطني، على أن تكون الأولوية للملف المالي.
ونقل النواب عن بري أنّه «مصمم على الدعوة إلى عقد جلسة تشريعية في أقرب وقت ممكن باعتبار أنّه لم يعد مقبولاً الاستمرار على هذا الوضع من التعطيل الذي يزيد الانهيار والأخطار على الأوضاع الاقتصادية». وقال النواب إن رئيس المجلس بدأ التحضير لهذه الجلسة، وأعطى توجيهاته لدوائر المجلس تمهيدًا لها.
وتشير المعطيات إلى أن حزب «الكتائب» سيكون الوحيد الذي سيقاطع الجلسة النيابية المرتقبة تمسكًا بموقفه القائل بعدم جواز التشريع في ظل شغور سدة الرئاسة. وهو ما عبّر عنه رئيس الحزب سامي الجميل الذي شدّد في تصريح يوم أمس على أن «الدستور ليس (ممسحة)، والأولوية هي لانتخاب رئيس للجمهورية»، معتبر،ا أنه «كما المواطن يلتزم بإشارات السير، فعلى السياسيين الالتزام بتطبيق الدستور». واعتبر الجميل أن لا دور حاليًا لمجلس النواب إلا بانتخاب الرئيس أولاً، علمًا بأن لا منحى إقليمي يوحي بوضع حد للشغور الرئاسي قريبًا.
وكان بري أرجأ يوم أمس الجلسة 30 لانتخاب رئيس للبلاد لعدم اكتمال النصاب القانوني، إذ حضرها 49 نائبًا معظمهم من قوى 14 آذار من أصل 86. ولا تزال الأزمة الرئاسية تدور في حلقة مفرغة نظرًا لإصرار قوى 8 آذار على تعطيل النصاب، مشترطة الاتفاق على اسم الرئيس مسبقًا ودفعها باتجاه تبني ترشيح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، بمقابل تمسك قوى 14 آذار بانتخاب رئيس توافقي غير محسوب على أي من فريقي الصراع.
وتردد في الأيام الماضية أنّه يتم تسويق طرح لحل الأزمة يقضي بانتخاب رئيس لمرحلة انتقالية قد يكون عون أو سواه، بانتظار إجراء انتخابات نيابية تؤسس لانتخابات رئاسية جديدة. إلا أن هذا الطرح لم يلقَ حتى الساعة التجاوب المطلوب، خصوصًا من قبل عون نفسه الذي يرى أن من حقه أن يكون رئيسًا لولاية كاملة بحجة أنّه يمتلك أكبر كتلة نيابية مسيحية.
واعتبر رئيس كتلة «المستقبل» النيابية فؤاد السنيورة أنه «ما زال بإمكاننا أن ننتخب رئيسًا يجمع اللبنانيين ويكون ممثلاً حقيقيًا لبيئته ويكون مدعومًا من هذه البيئة وبالوقت عينه مدعومًا من البيئات الأخرى في لبنان»، منبهًا في تصريح له من المجلس النيابي إلى أن عدم انتخاب رئيس «يأخذ البلد إلى مزيد من التدهور، وهو ما يتحمل مسؤوليته المعطلون».
بالمقابل، رأى رئيس كتلة «حزب الله» النيابية محمد رعد أن «الذي يحاول تعطيل عمل المجلس النيابي، والذي يريد أن يأخذ الأمور في الحكومة وفق مصالحه، والذي يرفض الشراكة الحقيقية في اتخاذ القرارات، ويضع فيتو على التشريع في المجلس النيابي، هو الذي يعطِّل المؤسسات الدستورية وانتخاب رئيس للجمهورية»، مشددًا في مجلس عاشورائي على أن «هذا البلد لا يحكم من طرف واحد، بل من كل الشركاء في الوطن».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.