اتصالات روسية - إيرانية تركز على التطورات الإقليمية

لافروف وعبداللهيان بحثا في توقيع اتفاقية جديدة بين البلدين

الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي مستقبلاً وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في طهران أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)
الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي مستقبلاً وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في طهران أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)
TT

اتصالات روسية - إيرانية تركز على التطورات الإقليمية

الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي مستقبلاً وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في طهران أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)
الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي مستقبلاً وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في طهران أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)

أفادت وكالة الإعلام الروسية بأن وزير الخارجية سيرغي لافروف ووزير الدفاع سيرغي شويغو أجريا محادثات هاتفية مع نظيريهما الإيرانيين الاثنين.

وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان إن لافروف وعبداللهيان أدانا بشدة الضربات الأخيرة التي شنها تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا في اليمن، لضرب مواقع جماعة «الحوثي» الموالية لإيران وفقاً لوكالة «تاس» الروسية.

وجاء في البيان أن اتصال الوزيرين «ركز على التوترات الأخيرة في الشرق الأوسط».

وأكد الوزيران الحاجة لوقف إطلاق النار بشكل عاجل في غزة، مطالبين بضمان الوصول إلى القطاع دون عوائق لتقديم المساعدات العاجلة للمدنيين.

كما ناقش وزيرا الخارجية الروسي والإيراني التقدم المحرز في صياغة اتفاقية جديدة بين الدولتين، بالإضافة إلى عدد من القضايا العملية للتعاون الثنائي في المجالات التجارية والاقتصادية واللوجيستية والنقل، وفقاً لما ذكرته الخارجية الروسية.

وزادت متانة العلاقات بين روسيا وإيران في الشهور القليلة الماضية، لكن موسكو واجهت انتقادات إيرانية حادة الشهر الماضي، بعدما كرر وزير الخارجية الروسي، تأييد بلاده مبادرة إماراتية تعرض على إيران حل قضية الجزر الثلاث المحتلة في الخليج العربي، عبر الحوار أو إحالتها إلى المحاكم الدولية.

وقال البيان إن الوزيرين شددا خلال المحادثة على «التزامهما المتبادل الثابت بالمبادئ الأساسية للعلاقة الروسية الإيرانية، بما في ذلك الاحترام غير المشروط لسيادة (كل منهما) وسلامة أراضيه والمبادئ الأخرى لميثاق الأمم المتحدة»، منوهاً إلى أن هذه النقاط «سيتم التأكيد عليها مرة أخرى في اتفاق كبير قادم بين الدولتين».

وتعرض وزير الخارجية الإيراني، لانتقادات داخلية خلال الأسابيع الأخيرة، بعدما ادعى حصوله على تأكيد روسي بتصحيح موقفها بشأن الجزر الإماراتية، دون تقديم أدلة ملموسة على ذلك.

وجاء، في البيان الختامي لـ«منتدى التعاون العربي الروسي»، الصادر الشهر الماضي، في مدينة مراكش، أن تلك الدول تؤكد دعم كل الجهود السلمية، بما فيها المبادرات الرامية إلى التوصل لحل سِلمي لقضية الجزر الثلاث: «طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى»، وفقاً لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، بما في ذلك من خلال المفاوضات الثنائية، أو اللجوء لـ«محكمة العدل الدولية» إذا اتفقت الأطراف على ذلك.

وأنعش التأييد الروسي الخلافات الداخلية بشأن التقارب مع روسيا والصين، والابتعاد عن معسكر الدول الغربية.

وكان علي أكبر ولايتي، مستشار الشؤون الدولية للمرشد الإيراني، وأحد أبرز مدافعي استراتيجية التقارب مع روسيا والصين، من بين أبرز منتقدي الموقف الروسي. وحذّر ولايتي موسكو من تبِعات الموقف على العلاقة «الاستراتيجية» بين البلدين.

بدوره، قال محسن رضائي، مستشار الرئيس الإيراني في الشؤون الاقتصادية، وقائد «الحرس الثوري» الأسبق، إن «التدخلات غير الودية لروسيا بشأن سلامة الأراضي الإيرانية يجب ألا تتكرر». وأضاف: «الجزر الثلاث ليست القرم».

وجراء تصاعد الانتقادات استدعت إيران الشهر الماضي، القائم بأعمال السفارة الروسية، في خطوة مماثلة لاستدعاء كبير الدبلوماسيين الروس في طهران في يونيو (حزيران) الماضي.

وتزود إيران روسيا بأسلحة كي تستخدمها في أوكرانيا. وتقف روسيا إلى جانب الأطراف المؤيدة لمطالب إيران في الاتفاق المبرم بشأن برنامجها النووي لعام 2015.

وتعثر المسار الدبلوماسي لإحياء الاتفاق النووي، بعد اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية.

وقال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية، أحمد آوايي، إن «روسيا أكثر من عرقل الاتفاق النووي، لأن الروس أرادوا توريطنا بالعقوبات والعديد من المشكلات، بحيث لا يكون أمامنا خيار سوى التواصل معهم وفرض أي شيء يريدون»، حسبما أورد موقع «جماران» التابع لمؤسسة المرشد الإيراني الأول (الخميني).

وقال آوايي: «أعتقد أن الوقت قد حان لأن يقف أحباؤنا في وزارة الخارجية إلى جانب الشعب أكثر من روسيا، وأن تتخذ موقفاً وتواجه (موسكو) بشكل صريح» وتابع: «لا يمكن للمسؤولين والأشخاص أن يتحركوا في طريقين مختلفتين».



حملة إيرانية ضد تركيا بعد نصائح لطهران بعدم إثارة غضب إسرائيل

جانب من لقاء الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والإيراني مسعود بيزشكيان على هامش قمة الثماني في القاهرة (الرئاسة التركية)
جانب من لقاء الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والإيراني مسعود بيزشكيان على هامش قمة الثماني في القاهرة (الرئاسة التركية)
TT

حملة إيرانية ضد تركيا بعد نصائح لطهران بعدم إثارة غضب إسرائيل

جانب من لقاء الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والإيراني مسعود بيزشكيان على هامش قمة الثماني في القاهرة (الرئاسة التركية)
جانب من لقاء الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والإيراني مسعود بيزشكيان على هامش قمة الثماني في القاهرة (الرئاسة التركية)

تتصاعد حملة الانتقادات والهجوم الحاد في إيران ضد السياسة الخارجية لتركيا وتعاطيها مع قضايا المنطقة، وسط صمت رسمي من أنقرة.

وتواجه تركيا اتهامات من المرجعيات الدينية الإيرانية منذ سقوط نظام بشار الأسد في سوريا؛ بالضلوع في مخطَّط قادته أميركا وإسرائيل، عبر دعمها لـ«هيئة تحرير الشام» التي أطاحت بحكم الأسد.

وفي مقال كتبه علي أكبر ولايتي، مستشار الشؤون الدولية للمرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، ونشرته صحيفة «كيهان»، الجمعة، فإن مسؤولين أتراكاً حذروا إيران من إثارة غضب إسرائيل.

انتقادات لتركيا

وأضاف: «بعض المسؤولين الأتراك قدموا نصيحة لإيران بضرورة توخي الحذر من مغبة إثارة غضب الصهاينة إذا اتخذت الجمهورية الإسلامية بعض الخطوات ضدهم. عليهم ألا يتوقعوا أبداً من إيران الإسلامية أن تُطبِّع وتتعامل مع إسرائيل كما تفعل تركيا». ووصف النصائح التركية بأنها «غير مسبوقة ومدعاة للأسف».

وتابع ولايتي، في المقال الذي نقلته وكالة «مهر» الإيرانية، أن «الساسة الأتراك يعلمون، وقد شاهدوا بوضوح أيضاً، أن إيران صامدة، منذ سنوات، في وجه الكيان الصهيوني المتوحِّش القاتل للأطفال، وغيَّرت معادلات المنطقة والعالم لصالح الإسلام وسقوط الصهاينة».

وقال إنّ «رَدَّنا على الحكومة التركية وبعض الحكومات الأخرى في المنطقة (لم يحددها) هو ألا يقيسوا إيران المقتدرة بأنفسهم، ولا ينتظروا أبداً قيام إيران الإسلامية بمساومة الكيان الصهيوني المجرم مثلهم».

على أكبر ولايتي (إعلام إيراني)

ولفت ولايتي، في مقاله، إلى أن «خط المواجهة انطلق منذ عهد الشهيد عز الدين القسام، واستمرَّ على يد الزعيم العربي الشهم والكبير جمال عبد الناصر. وفي المقابل كان هناك مَن يقودون المساومين ويواجهون عبد الناصر، وحاولوا إفشال نضاله؛ خدمةً لأميركا والصهاينة، وأكبر ضربة وجَّهوها لعبد الناصر هي إبادة الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية لنهر الأردن، أكثر من 4000 فلسطيني، وقُتِل من السوريين الذين انتفضوا لمساندة الفلسطينيين 600 شهيد، واستمر هذان المساران المتوازيان».

وأضاف أن «المعركة البطولية التي انطلقت في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 هي مقاومة جادة وغير مسبوقة ومستمرة منذ 14 شهراً على يد مقاتلي حركتي (حماس) و(الجهاد الإسلامي)، وأن هذا المستوى من المقاومة التي يبديها الفلسطينيون غير مسبوق في الحروب المعاصرة، ويشبه المعجزة. وفي المقابل، فإن شدة الهجمات وجرائم الحرب التي يرتكبها الصهاينة أيضاً لا مثيل لها في التاريخ».

وبالنسبة لسوريا، قال ولايتي إنها كانت، على مدى الـ50 عاماً الماضية، ضلعاً من أضلاع المقاومة، وإن «المشروع الاستكباري» الذي استهدف سوريا جاء لهذا السبب.

وأضاف: «أوصي المسؤولين الأتراك بالعودة من الطريق الذي يسلكونه بدلاً من إغداق النصح على إيران؛ فلا يليق ببلد، مثل تركيا، التي تحوي عشرات ملايين المسلمين، أن تقف في المعركة المقبلة بدرب المساومة مع الكيان الصهيوني المتوحش القاتل للأطفال، بدلاً من الوقوف مع العالم الإسلامي والشعوب المسلمة».

اتهامات إيرانية

في السياق ذاته، قال آية الله كاظم صديقي، في خطبة صلاة الجمعة بطهران، إن «إحدى الدول المجاورة (قاصداً تركيا) وضعت يدها في وعاء الأميركيين، ولفترة طويلة دربوا مجموعات في إدلب بجميع أنواع الأسلحة، وكانت نتيجة هذه الخطة سقوط نظام بشار الأسد».

المرشد الأعلى الإيراني على خامنئي خلال خطاب في 11 ديسمبر انتقد فيه تركيا (إ.ب.أ)

كان المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، ألقى باللوم على أميركا وإسرائيل فيما حدث بسوريا، في أول خطاب له، 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بعد سقوط حكم الأسد في دمشق، 8 ديسمبر (كانون الأول)، وانتقد دور تركيا في تغيير النظام بسوريا، ووصفها (دون ذكر اسمها صراحة) بـ«المحتلة».

وقال إن «حكومة مجاورة لسوريا لعبت، وما زالت تلعب، دوراً واضحاً فيما حدث في سوريا، لكن قوة التآمر الحقيقية ومركز القيادة الرئيسي موجودان في أميركا والكيان الصهيوني. لدينا أدلة لا تترك مجالاً للشك».

وجاءت تصريحات خامنئي في الوقت الذي كان وزير التجارة التركي، عمر بولاط، بطهران لحضور الاجتماع الـ29 للجنة الاقتصادية التركية الإيرانية المشتركة.

جانب من استقبال الرئيس الإيراني لوزير التجارة التركي عمر بولاط (من حساب الوزير التركي في «إكس»)

والتقى بولاط الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، خلال زيارته لطهران، وقال إنهما ناقشا موضوعات، مثل زيادة حجم التجارة المتبادلة إلى 30 مليار دولار، وتطوير مراكز التجارة الحدودية، وفتح بوابات حدودية جديدة.

ووسط التصريحات الحادة والهجوم المتصاعد على تركيا في طهران، التقى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، بزشكيان، في القاهرة، 19 ديسمبر (كانون الأول)، على هامش قمة مجموعة الثماني النامية.

إردوغان وبيزشكيان في صورة تذكارية مع قادة دول مجموعة الثماني خلال قمتهم بالقاهرة (الرئاسة التركية)

وتركزت مباحثات الرئيسين على الوضع في سوريا، وأكدا أن تحقيق الاستقرار في سوريا يخدم أمن المنطقة برمتها.

علاقات عميقة

ويعتقد مراقبون أن أنقرة وطهران لن تتخليا عن التوازن الدقيق في العلاقات، التي تشمل التنافس والتعاون في منطقة جغرافية تمتد من القوقاز إلى الشرق الأوسط، الذي تغيَّر نوعاً ما مع رحيل إدارة الأسد في سوريا، بدعم من طهران، وسيطرة «هيئة تحرير الشام» على معظم أنحاء البلاد.

وبحسب مدير مركز أبحاث الاقتصاد والسياسة الخارجية التركي، سنان أولغن، فستواصل تركيا وإيران، كقوتين إقليميتين، التصرُّف بعناية فيما يتعلق بمصالحهما، ولن يُحدِث الوضع في سوريا، الذي زاد من النفوذ التركي، تغييراً جذرياً في نموذج العلاقات بين تركيا وإيران؛ فقد كان هناك دائماً صراع على النفوذ، وسيستمر ذلك.

جانب من اجتماع الدورة 29 للجنة التجارية المشتركة التركية الإيرانية في طهران (من حساب وزير التجارة التركي في «إكس»)

ويعتقد الخبراء والمحللون أن تركيا وإيران لا تملكان ترف إدارة كل منهما ظهره للآخر، وأن تركيا لن تتماشى مع ضغوط الإدارة الأميركية الجديدة، برئاسة دونالد ترمب، على إيران، كما فعلت خلال ولايته الأولى.

وعَدّ أولغن أن «الضغط الأميركي الذي سيضع إيران في عنق الزجاجة الاقتصادية لن يكون السيناريو المفضَّل لتركيا أيضاً. وتحتاج إيران إلى تركيا، التي تربطها بها علاقات عميقة في مجالَي الطاقة والتجارة».