علي السلمي لـ«الشرق الأوسط»: تأجيل الانتخابات أكثر من مرة أفقدها «الزخم»

نائب رئيس الوزراء المصري الأسبق: الحديث عن حسم الدولة للانتخابات عبر دعم قائمة «في حب مصر» غير مبرر

علي السلمي ({الشرق الأوسط})
علي السلمي ({الشرق الأوسط})
TT

علي السلمي لـ«الشرق الأوسط»: تأجيل الانتخابات أكثر من مرة أفقدها «الزخم»

علي السلمي ({الشرق الأوسط})
علي السلمي ({الشرق الأوسط})

شن الدكتور علي السلمي، نائب رئيس الوزراء المصري الأسبق، هجوما عنيفا على السلطة الحالية، مؤكدا أن تأجيل انتخابات البرلمان أكثر من مرة أفقد المصريين حماس المشاركة والزخم لاستكمال خريطة طريق المستقبل التي تم التوافق عليها عقب رحيل الإخوان عن الحكم، مضيفا في حوار مع «الشرق الأوسط» أن أداء حكومة رئيس الوزراء الحالي شريف إسماعيل لا يختلف عن أداء الحكومة السابقة، فهي تعمل «(يوم بيوم) وليس لديها خطة مستقبلية.. وإن كانت تتحدث عن خطط فأين هي؟».
وقال السلمي، الذي كان نائبا لرئيس الوزراء في أول حكومة تم تشكيلها بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير (كانون الثاني) 2011 برئاسة الدكتور عصام شرف، إن «المواطن المصري يعرف أن مجلس النواب المقبل لا يملك «عصا سحرية» لتحقيق طموحاته، وأنه مجرد (مكلمة)، لذا أحجم عن المشاركة في الجولة الأولى من الانتخابات المصرية».
ويخشى السلمي أن تلقى الجولة الثانية من الانتخابات المقرر لها يومي 22 و23 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل نفس مصير الجولة الأولى من حيث ضعف المشاركة، مؤكدا أن حزب النور «السلفي» مارس ما فعله الإخوان في انتخابات عام 2012 من حيث الرشى الانتخابية وخلط الدين بالسياسة، وأن مقاطعة المصريين الشرفاء عن المشاركة في الاقتراع خلال الجولة الثانية سوف يمنح الفرصة لـ«مرشح الإخوان على قوائم حزب النور» للمرور إلى البرلمان.. وإلى أهم ما جاء في الحوار:
* ما تفسيرك لضعف الإقبال من المصريين على الجولة الأولى لانتخابات البرلمان؟
- هناك ثلاثة أسباب أدت إلى الصورة التي وجدنا عليها الانتخابات من الإقبال الضعيف، الأول يرجع إلى طول الفترة منذ الإعلان عن موعد الانتخابات، وكان من المفترض أن تجري في مارس (آذار) الماضي وصدر حكم محكمة القضاء الإداري بوقفها، ووجه الرئيس عبد الفتاح السيسي أن يتم تعديل القوانين في خلال شهر.. وللأسف الحكومة السابقة واللجنة المشرفة على الانتخابات عدلت القوانين في أربعة أشهر، فحماس المصريين ولى والزخم لاستكمال خريطة الطريق التي تم التوافق عليها بعد عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي تلاشى، فضلا عن تضارب التصريحات الحكومية حول موعد الاقتراع طوال الأشهر الماضية حتى حسمها الرئيس بأن مجلس النواب سيجتمع قبل نهاية العام.
وثاني الأسباب أن البعض أشاع أن الدستور المصري يمنح صلاحيات أكثر لمجلس النواب عن حساب صلاحيات الرئيس، وروجوا للفكرة عندما قال الرئيس السيسي في أحد اللقاءات مع شباب الجامعات: «إن الدستور كتب بالنوايا الحسنة».. ورغم تراجع الرئيس عن أنه لم يقصد تعديل الدستور في قوله السابق، فإن مجموعة الإعلاميين المنتفعين وبعض القوى والتيارات روجوا لذلك بشدة، فشعر المواطن أن أول قرار سوف يتخذه مجلس النواب عقب انعقاده هو تعديل الدستور، الذي استفتى عليه الشعب المصري بأغلبية ساحقة، ولذا رفضوا المجلس ولم يشاركوا فيه، إضافة إلى السببين السابقين التراخي في الأحزاب والخلافات بين التيارات السياسية حول نسبتها في القوائم.. فوصلت صورة إلى الناخب المصري بأن هذه الأحزاب لا تؤتمن وليست حريصة على أن تتقدم مصر، فضلا عن غياب المرشح الحزبي عن الوجود في الشارع لتعريف المواطن بالانتخابات ودورها في تنمية مصر.. كل هذا قلل الاهتمام بالانتخابات.
* في تصورك.. هل كان هناك تعمد إهمال في عدم تعريف الناخب بماذا يفعله داخل مقار اللجان؟
- بالفعل حدث قصور في المعلومات عن المرشحين في أغلب الدوائر وهم في الأصل غير معروفين بالمرة وغير معروف توجهاتهم وانتماءاتهم الحزبية، فضلا عن طريقة التصويت كانت صعبة على الناخب.
* في توقعك.. هل الجولة الثانية ستجد نفس مصر الأولى؟
- هناك توقع أن النسبة سوف تتحسن في الجولة الثانية.. فالنسبة الأولية التي خرجت حتى الآن لحجم المشاركة في الجولة الأولى 20 في المائة، وإن كنت أشك في هذه النسبة، لكن الحقيقة أن الإقبال على فكرة الانتخابات كان ضعيفا ولا يقارن بانتخابات الرئاسة أو الاستفتاء على الدستور التي جرى في مطلع عام 2014.
* ما المفروض على الدولة المصرية أن تفعله في المرحلة الثانية لتفادي ما حدث خلال الجولة الأولى؟
- الدولة ليس عليها دور في هذا الشأن.. والمفترض أن تكون على الحياد، لكن على الأحزاب والمرشحين المستقلين والقوائم دور في ذلك، بالوجود بين المصريين وتوضيح آرائهم كتيار مدني ضد أصحاب التيار الإسلامي المتشدد، لكن للأسف هناك غيبة كاملة لبرامج الأحزاب بين المصريين بشكل حقيقي، وعلى رؤساء الأحزاب دور كبير في استغلال الفترة الباقية على الجولة الثانية ليكثفوا من وجودهم.
* البعض ردد أن تشكيل البرلمان محسوم لصالح قائمة «في حب مصر» لذا قاطع.. ما تعليقك؟
- هذا التصور غير مبرر لعدم المشاركة والمقاطعة.. ولو افترضا أن هذه القائمة فازت في الدوائر الأربع المرشحة عليهم، وإن كنت أشك في ذلك، فسوف تحصل على 120 مقعدا وعدد مقاعد البرلمان 564 إلى جانب المعينين من قبل الرئيس السيسي، وهذه المقاعد لا تمثل أغلبية.. فحسم الحكومة الانتخابات بدعم قائمة كلام غير صحيح.. وللأسف عامة المصريين فهموا هذا الكلام ورددوه ولذلك قاطعوا التصويت، لكن الحقيقة أن المواطن المصري يرى أنه رغم أهمية هذا البرلمان وخطورته في رسم مستقبل مصر، لا الدولة ولا الأحزاب ولا القوى المدنية قامت بدورها في ذلك لإنجاح هذا البرلمان، عكس ما قاموا به خلال انتخابات الرئاسة والاستفتاء على الدستور.
* هل لعب نواب حزب حسني مبارك السابقون دورا في الإحجام عن المشاركة، خوفا من عودتهم إلى المشهد وهم من قامت ضدهم ثورة «25 يناير»؟
- لو افترضنا أن هناك 100 من رموز الحزب الوطني (المنحل) ترشحوا وفازوا ودخلوا البرلمان.. فالعبرة بالأغلبية الباقية في مجلس النواب الذي من المفترض أن يقود البلاد عقب ثورتين، لكن للأسف الشديد أغلب المرشحين ليسوا على المستوى الذي يأمل منه مجلس قوي.
* ما توقعاتك بشكل البرلمان بعد النتائج الأولية التي ظهرت خلال الجولة الأولى؟
- الواضح تصدر المرشحين المستقلين في الدوائر الفردية، فالحزب الوحيد الذي نشر مرشحيه في كل الدوائر «حزب المصريين الأحرار» وباقي الأحزاب نشرت للأسف «عينات».. وما يسمى بالمرشح المستقل له الأولوية، خصوصا إذا كان مستقلا فعلا ولا يتبع جماعة الإخوان المسلمين.
* هل تقصد أن هناك عناصر للإخوان مرشحة في الفردي كمستقلين أو عن بعض الأحزاب؟
- احتمال كبير جدا.
* هل تعني بهذه الأحزاب «النور السلفي» ممثل تيار الإسلام السياسي الوحيد في الانتخابات؟
- «النور» لديه مرشحون ينتمون إلى الإخوان مترشحون عنه كمستقلين وليسوا في قوائمه، فهو يريد أن يحل محل جماعة الإخوان الإرهابية في مصر.
* تم ضبط عناصر من «النور» تقدم فعلا رشى انتخابية أمام اللجان.. ما رأيك؟
- كل ما قام به الإخوان خلال انتخابات عام 2012 التي حصلوا بها على الأغلبية مارسه «النور» خلال الجولة الأولى من الرشى الانتخابية واستخدام الدين في السياسة واستغلال احتياج المصريين البسطاء في القرى الفقيرة.
* هل تتوقع حصول النور على 25 في المائة مثل البرلمان السابق؟
- أخشى ذلك.. نتيجة عدم إقبال المواطنين الشرفاء على صناديق الاقتراع.. الساحة تخلو لهم بِرِشَاهُم وفتاواهم الدينية خلال الجولة الثانية في أماكن نفوذهم، خصوصا في القاهرة.
* في تصورك.. هل ساهم الوضع الاقتصادي في البلاد الآن في إحجام الناخبين عن المشاركة في الاقتراع؟
- المواطن العادي لم يشعر بأي تحسن في حياته.. الأمر الذي سبب له إحباطا وعدم اعتناء بالمشاركة في الانتخابات.. والمواطن يعرف أن مجلس النواب الجديد لا يملك «عصا سحرية» لتحقيق طموحاته في تحسين المعيشة ويرى البرلمان «مجرد مكلمة» لن يفيده في شيء.. فالمواطن يعرف أن الحكومة الحالية والسابقة عجزتا عن حل مشكلات الأسعار.. فماذا يستطيع مجلس النواب أن يفعل؟!
* كيف تقيم أداء الحكومة الحالية؟
- أداء الحكومة الحالية لا يختلف عن السابقة (حكومة إبراهيم محلب) والأسبق (حكومة حازم الببلاوي)، لا يوجد لديها توجه معروف.. «بنعمل يوم بيوم»، وليس هناك خطة معلنة في أي مجال في المستقبل، وإن كانت تردد أن هناك خططا فأين هي؟
* لكن الرئيس السيسي قال إن هذه الحكومة ستكون مكملة مع مجلس النواب المقبل.
- لا بأس.. الرئيس أعاد تكليف الحكومة خلال كلمته في الاحتفال بالذكرى الـ42 لحرب أكتوبر، عندما قال: «إنه لا يتعين على الحكومة الحالية أن تقدم استقالتها مباشرة فور انتخاب البرلمان»، لكن المهم أن رئيس الوزراء يقدم حكومة جديدة وبرنامجه إلى البرلمان لإبداء الرأي حياله، ولكي يحصل على ثقة الأعضاء، لكن ليس معنى أن الرئيس قال إن «الحكومة مستمرة» أنها مكملة، فمن الممكن أن يرفضها المجلس أو يعترض المجلس على برنامجها وتشكيل بعض الوزراء.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».