هجوم أميركي بريطاني على الحوثيين باليمن... والجماعة تتعهد بالاستمرار في ضرب إسرائيل وسفنها

مقاتلة أميركية من طراز «إف 16» (رويترز)
مقاتلة أميركية من طراز «إف 16» (رويترز)
TT

هجوم أميركي بريطاني على الحوثيين باليمن... والجماعة تتعهد بالاستمرار في ضرب إسرائيل وسفنها

مقاتلة أميركية من طراز «إف 16» (رويترز)
مقاتلة أميركية من طراز «إف 16» (رويترز)

بعد أسابيع من التوتر، شنَّت الولايات المتحدة وبريطانيا هجمات ضد أهداف للحوثيين في اليمن «يستخدمونها في تعريض الملاحة للخطر»، على حد قول الرئيس الأميركي جو بايدن، لكن الحوثيين أكدوا عدم تراجعهم عن مهاجمة إسرائيل وسفنها في البحر الأحمر، ما دامت مستمرة في هجماتها على غزة.

طائرة تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني من طراز تايفون تقلع لتنفيذ ضربات جوية ضد أهداف عسكرية في اليمن (رويترز)

ففي وقت متأخر من ليل الخميس، شنَّت طائرات أميركية وبريطانية ضربات على مواقع لجماعة الحوثي في اليمن في عدة محافظات منها صنعاء.

وأكد محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الحوثيين اليوم الجمعة أن الجماعة لن تتراجع عن قرارها بضرب السفن الإسرائيلية، أو تلك المتجهة إلى موانئ إسرائيلية دعماً للفلسطينيين الذين يتعرضون لهجمات إسرائيلية في غزة.

وأضاف: «اليمن سيظل إلى جانب غزة بكل ما يستطيع».

وشدد علي القحوم، عضو المكتب السياسي للحوثيين، اليوم، على أن جماعته لن تتوقف عن استهداف إسرائيل وسفنها في البحر الأحمر، إلا إذا أوقف الإسرائيليون «عدوانهم» على غزة، وُرفع الحصار عنها.

وأضاف القحوم: «ستستمر كل العمليات مهما كان... وعلى الأميركيين والبريطانيين إدراك ذلك».

وكان القحوم ذكر في وقت سابق أن صنعاء ومحافظات أخرى تعرضت لضربات جوية أميركية وبريطانية، وأن قوات جماعة الحوثي تستهدف «مواقع وقواعد عسكرية أميركية وبريطانية»، وأن «الحرب مستعرة في البحر الأحمر».

وأفاد تلفزيون المسيرة التابع للحوثيين بأن قصفاً أميركياً - بريطانياً استهدف قاعدة الديلمي الجوية شمال العاصمة صنعاء ومحيط مطار الحديدة ومعسكر كهلان شرقي مدينة صعدة، كما تم استهداف مناطق في مديرية زبيد.

وذكر التلفزيون في وقت لاحق أن الغارات استؤنفت بعد توقف قصير، ووقعت غارات أميركية بريطانية جديدة على محافظتَي صعدة والحديدة اليمنيتين.

وقال الرئيس الأميركي بايدن اليوم إن الجيش نفذ ضربات «ناجحة» ضد أهداف في اليمن كان الحوثيون يستخدمونها في تعريض الملاحة للخطر، وشدد على أنه لن يتردد في اتخاذ المزيد من الإجراءات إن اقتضت الضرورة.

وأشار بايدن إلى أن بريطانيا شاركت الولايات المتحدة في الهجمات على الحوثيين، وبدعم من أستراليا والبحرين وكندا وهولندا.

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

ونقل بيان للبيت الأبيض عن بايدن قوله: «الضربات تأتي رداً على هجمات الحوثيين غير المسبوقة ضد السفن في البحر الأحمر... ضربات الحوثيين عرضت أميركيين وبحارة مدنيين وشركاءنا والتجارة الدولية للخطر، وهدَّدت حرية الملاحة».

وأشار بايدن إلى أن هذه الضربات تبعث برسالة واضحة؛ بأن أميركا والدول الشريكة لها لن تتسامح مع الهجمات، ولن تسمح بتعريض حرية الملاحة للخطر.

وأوضح الرئيس الأميركي أن توجيه الضربات جاء عقب حملة دبلوماسية واسعة النطاق، بعد تصاعد هجمات الحوثيين ضد السفن التجارية، وبعد تحذير الحوثيين من العواقب ما لم تتوقف الهجمات.

وفي وقت لاحق، أكد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن توجيه ضربات «استهدفت مواقع مرتبطة بالطائرات المسيرة للحوثيين والصواريخ الباليستية وصواريخ (كروز) وقدرات الرادار الساحلي والمراقبة الجوية».

وأضاف أن الضربات تبعث رسالة واضحة للحوثيين بأنهم سيتحملون المزيد من التبعات إذا لم يضعوا حداً لهجماتهم.

وشدد أوستن على استعداد بلاده لاتخاذ مزيد من الإجراءات «إذا لزم الأمر».

وقال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك إن طائرات من سلاح الجو الملكي نفَّذت ضربات جوية ضد منشآت عسكرية تابعة لجماعة الحوثيين في اليمن.

وجاء في بيان لرئيس الوزراء اليوم أن جماعة الحوثي شنت هجمات «خطيرة» ضد حركة الملاحة التجارية في البحر الأحمر، مما شكل تهديداً لحركة التجارة.

وأوضح بيان لوزير الدفاع البريطاني، غرانت شابس، اليوم، أن 4 طائرات حربية من طراز «تايفون» تابعة لسلاح الجو الملكي نفَّذت ضربات على هدفين عسكريين للحوثيين.

وأضاف شابس بحسابه على منصة «إكس» أن هذا الإجراء، الذي اتخذ مع الولايات المتحدة في وقت متأخر من ليل الخميس، كان «واجباً لحماية السفن وحرية الملاحة»، بعد تعاظم التهديد بفعل هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.

وعبَّرت السعودية، جارة اليمن، عن قلقها البالغ إزاء العمليات العسكرية في البحر الأحمر والغارات الجوية التي تعرضت لها مواقع في اليمن.

ودعت الوزارة في بيان «لضبط النفس وتجنُّب التصعيد في ظل ما تشهده المنطقة من أحداث»، وأكدت أهمية المحافظة على أمن واستقرار منطقة البحر الأحمر.

وشددت الخارجية السعودية على أهمية حرية الملاحة في البحر الأحمر بوصفها «مطلباً دولياً، لمساسها بمصالح العالم أجمع».

جانب من تجمع مسلح لأنصار الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

ووصف التلفزيون الإيراني بحسابه على منصة «إكس» الهجمات التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا على اليمن في وقت متأخر من ليل الخميس بأنها «انتهاك واضح لسيادة اليمن وسلامة أراضيه».

كما أصدر «حزب الله» اللبناني بياناً عبَّر فيه عن إدانته للضربات الأميركية البريطانية على اليمن، وقال إن «العدوان الأميركي» على اليمن يؤكد من جديد أن الولايات المتحدة شريكة لإسرائيل فيما ترتكبه من «مجازر» بالمنطقة.

وفي وقت سابق، اليوم، طالبت روسيا بعقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي لمناقشة الضربات التي وجَّهتها أميركا وبريطانيا إلى اليمن.

وسبق أن تعرضت عدة سفن في البحر الأحمر لهجمات من قبل جماعة الحوثي اليمنية، وهي هجمات تقول الجماعة إنها تأتي رداً على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.



مستشفيات جنوب لبنان تنفض عنها آثار الحرب... وتحاول النهوض مجدداً

عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)
عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)
TT

مستشفيات جنوب لبنان تنفض عنها آثار الحرب... وتحاول النهوض مجدداً

عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)
عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)

نالت المستشفيات في جنوب لبنان، حصتها من الحرب الإسرائيلية، باستهدافات مباشرة وغير مباشرة. ومع دخول قرار وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بين لبنان وإسرائيل، ها هي تحاول النهوض مجدداً رغم كل الصعوبات، بينما لا تزال مجموعة منها، لا سيّما الواقعة في القرى الحدودية، متوقفة عن العمل أو تعمل بأقسام محددة، وتحت الخطر.

مستشفى بنت جبيل

في بلدة بنت جبيل، عاد مستشفى صلاح غندور للعمل. ويقول مدير المستشفى الدكتور محمد سليمان: «فتحنا الأبواب في اليوم التالي لإعلان وقف إطلاق النار، بداية مع قسم الطوارئ، الذي استقبلنا فيه حالات عدّة، وقد جرى العمل على تجهيز الأقسام الأخرى، منها قسم العمليات، الذي بات جاهزاً، إضافة إلى قسمي المختبر والأشعة».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «ستتمّ إعادة فتح القسم الداخلي خلال أيام، أما العيادات الخارجية فتحتاج إلى مزيد من الوقت كي تستقبل المرضى، وكذلك الصيدلية».

ويتحدَّث عن أضرار كبيرة أصابت المستشفى، قائلاً: «لكننا نعمل من أجل إصلاحها. قبل أن نُخلي المستشفى كان لدينا مخزون كافٍ من المستلزمات الطبية، وهو ما سهّل عملنا».

ومع استمرار الخروقات الإسرائيلية والمسيَّرات والطائرات الحربية التي لا تفارق الأجواء، يؤكد سليمان أن «المستشفى يعمل بشكل طبيعي، والأهم أن الطاقمين الطبي والإداري موجودان».

وكان المستشفى قد استُهدف بشكل مباشر من قبل الجيش الإسرائيلي، الأمر الذي تسبّب بإصابة 3 أطباء و7 ممرضين في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث تمّ حينها الإخلاء، علماً بأن محيط المستشفى قُصف لمرات عدة قبل ذلك.

لكن مستشفى بنت جبيل الحكومي لم يفتح أبوابه، في حين استأنف مستشفى مرجعيون الحكومي استقبال المرضى اعتباراً من يوم الخميس، 5 ديسمبر (كانون الأول).

مستشفى ميس الجبل

«لم يُسمح لنا بالتوجه إلى ميس الجبل، لذا بقي المستشفى مقفلاً ولم نعاود فتح أبوابه»، يقول مدير الخدمات الطبّيّة في مستشفى ميس الجبل الحكومي، الدكتور حليم سعد، لـ«الشرق الأوسط».

ويضيف: «يقع المستشفى على الحدود مباشرة، أُجبرنا على إقفال أبوابه بعد نحو أسبوع من بدء الحرب الإسرائيلية على لبنان، وقد تمّ قصفه مرات عدة، ونحن حتّى يومنا هذا لم نتمكّن من العودة إليه»، وذلك نتيجة التهديدات الإسرائيلية المستمرة في هذه المنطقة ومنع الجيش الإسرائيلي الأهالي من العودة إلى عدد من القرى، ومنها ميس الجبل.

أما مستشفى تبنين الحكومي، فإنه صامد حتّى اليوم، بعدما كان يعمل وحيداً خلال الحرب، ليغطي المنطقة الحدودية هناك كلها، علماً بأنه استُهدف مرات عدة بغارات سقطت في محيط المستشفى، كما أصابت إحدى الغارات الإسرائيلية قسمَي العلاج الكيميائي والأطفال، وأخرجتهما عن الخدمة.

النبطية

من جهتها، عانت مستشفيات النبطية طوال فترة الحرب من القصف الكثيف والعنيف في المنطقة، والدليل على ذلك حجم الدمار الهائل في المدينة وجوارها؛ ما تسبب في ضغط كبير على المستشفيات هناك.

تقول مديرة مستشفى «النجدة الشعبية» في النبطية، الدكتورة منى أبو زيد، لـ«الشرق الأوسط»: «كأي حرب لها نتائج سلبية، أثرت بنا وعلينا، خصوصاً أننا في القطاع الصحي، نعيش أساساً تداعيات أزمات كثيرة، منذ قرابة 5 سنوات، منها جائحة كورونا والأزمات الاقتصادية والمالية؛ ما منعنا عن تطوير إمكاناتنا وتحسين الخدمات الطبية لمرضانا».

قوات إسرائيلية تتنقل بين المنازل المدمرة في بلدة ميس الجبل في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

أثر نفسي

وتتحدَّث الدكتورة منى أبو زيد لـ«الشرق الأوسط» عن أمور أساسية مرتبطة بتداعيات الحرب. وتقول: «نقطتان أساسيتان، لا بد من التطرق إليهما عند الحديث عمّا أنتجته الحرب الإسرائيلية، الأولى: الوضع النفسي لجميع العاملين في المستشفى، الذين مكثوا داخله طوال فترة الحرب التي استمرّت 66 يوماً على لبنان. وفور انتهاء الحرب، وجد بعضهم منزله مدمراً وأصبحت عائلته دون سقف أو مأوى، وفقد آخرون أحباباً وأقارب لهم».

وعلى خلفية هذا الواقع، لا يزال كثير من الأطباء خارج المستشفى، لإعادة تنظيم حياتهم؛ ما تسبب بنقص في الكادر البشري داخل المستشفى، وفق ما تؤكد الدكتورة منى، التي اضطرت لدمج أقسام وتسكير أخرى.

وعن يوم إعلان وقف إطلاق النار، تروي الدكتورة منى كيف كان وقع عودة الأهالي إلى بلداتهم وقراهم: «استقبلنا 57 مريضاً في اليوم الأول، الغالبية منهم أُصيبت بوعكة صحية جراء رؤيتهم الدمار الذي حلّ بمنازلهم وممتلكاتهم».

معاناة متفاقمة

أما النقطة الثانية التي تطرّقت إليها، فإنها تتعلق بتبعات مالية للحرب أثرت سلباً على المستشفى، إذ «في الفترة الماضية تحوّلنا إلى مستشفى حرب، ولم يكن لدينا أيّ مدخول لتغطية تكلفة تشغيل المستشفى، ومنها رواتب الموظفين» حسبما تقول.

وتضيف: «لدي 200 موظف، وقد واجهنا عجزاً مالياً لن أتمكّن من تغطيته. نمرُّ بحالة استثنائية، استقبلنا جرحى الحرب وهذه التكلفة على عاتق وزارة الصحة التي ستقوم بتسديد الأموال في وقت لاحق وغير محدد، وإلى ذلك الحين، وقعنا في خسارة ولن يكون بمقدورنا تأمين كامل احتياجات الموظفين».

وعمّا آلت إليه أوضاع المستشفى راهناً، بعد الحرب، تقول: «فتحت الأقسام كلها أبوابها أمام المرضى؛ في الطوارئ وغرفة العناية وقسم الأطفال وغيرها».

وتؤكد: «رغم الضربات الإسرائيلية الكثيفة التي أصابتنا بشكل غير مباشر، ونوعية الأسلحة المستخدَمة التي جلبت علينا الغبار من مسافات بعيدة، فإننا صمدنا في المستشفى حتّى انتهت الحرب التي لا تزال آثارها مستمرة».

صور

ولا تختلف حال المستشفيات في صور، عن باقي مستشفيات المنطقة، حيث طال القصف، وبشكل متكرر، محيط المستشفيات الخاصة الموجودة هناك، وهي 3 مستشفيات: حيرام، وجبل عامل، واللبناني الإيطالي، لكنها استمرّت في تقديم الخدمة الطبية، وكذلك المستشفى الحكومي، لكنه يعاني أيضاً كما مستشفيات لبنان بشكل عام ومستشفيات الجنوب بشكل خاص؛ نتيجة أزمات متلاحقة منذ أكثر من 5 أعوام.