تورط قيادات لبنانية وإيرانية في إدخال السلاح إلى اليمن

الخطاب الحوثي تغير قبل لقاء نصر الله وبعده

تورط قيادات لبنانية وإيرانية في إدخال السلاح إلى اليمن
TT

تورط قيادات لبنانية وإيرانية في إدخال السلاح إلى اليمن

تورط قيادات لبنانية وإيرانية في إدخال السلاح إلى اليمن

كشفت التحقيقات التي أجرتها جهات عسكرية موالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، عن تورط قيادات لبنانية يعتقد في انتمائها لحزب الله وأخرى إيرانية في تهريب كميات من الأسلحة ضبطت خلال الأيام القليلة الماضية قادمة من إيران عبر السواحل الشرقية والغربية لليمن، التي جرى الكشف عنها من خلال عملية استخباراتية نفذها أفراد من المقاومة الشعبية والجيش الوطني، مشيرًا إلى أن الحوثيين عمدوا على تخزين هذه الأسلحة بهدف استخدامها في مواقع مختلفة لتطويل أمد الحرب.
وقال مصدر يمني لـ«الشرق الأوسط»: إن الكميات التي ضبطت وجد عليها ما يشير لجهة التصنيع وتحمل شعار الدولة الموردة لميليشيا الحوثي وحليفهم علي صالح، إضافة إلى أن هذه الكميات كبيرة تكفي لتسليح ألوية عسكرية بالمفهوم الحديث، ومن ضمنها صواريخ كاتيوشا وذخائر لأسلحة متنوعة.
وأضاف المصدر اليمني «أن التحقيقات شملت قيادات من ميليشيا الحوثي الذين سقطوا أسرى لدى الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، إضافة إلى قيادات لبنانية وإيرانية، أقروا بتورطهم في تهريب السلاح لدعم الميليشيا التي بدأت تتراجع في المدن التي كانت تسيطر عليها، في حين قتل أحد القيادات الإيرانية أثناء المواجهات العسكرية التي دارت في مأرب».
ولفت المصدر إلى أن نتائج التحقيق سترفع للقيادة العليا، ومن ثم للجهات الدولية، مؤكدا أن هذه الخروقات سيجري التعامل معها بكل حزم وقوة وسيتم ملاحقة المتورطين في الداخل الذين سهلوا عملية دخول الأسلحة التي تمت مصادرتها بشكل فوري قبل وصولها إلى ميليشيا الحوثي.
وكشفت التحقيقات عن وجود مخازن للسلاح في سفوح الجبال وبعض الأودية المتاخمة للمدن التي حررتها المقاومة الشعبية، وأوضح المصدر ذاته أن الحوثيين عمدوا إلى دفن هذه الأسلحة بهدف استخدامها في مواقع مختلفة لتطويل أمد الحرب، إضافة إلى كميات من الألغام المخصصة للأفراد والدبابات.
وكانت قوات التحالف، قد ضبطت في وقت سابق قارب صيد إيرانيا محملا بأسلحة في بحر العرب على بعد 241 كيلومترا جنوب شرقي ميناء صلالة بعمان، يحمل قذائف وصواريخ، وتم خلال مداهمة الزورق اعتقال طاقم السفينة المكون من 14 إيرانيا.
من جهة ثانية وبشأن تداعيات اللقاء الذي عقده الأمين العام لحزب الله اللبناني مع الوفد الحوثي الأسبوع الماضي في بيروت، قالت مصادر لبنانية تغيرت نبرة الخطاب للمتحدث باسم جماعة الحوثي في اليمن محمد عبد السلام، قبل لقاء نصر الله وبعده. ففي الوقت الذي خصص حديثه لقناة «المنار» التابعة للحزب قبل لقائه الأمين العام لحزب الله للحديث عن التطورات العسكرية، انقلبت الصورة في حديثين صحافيين تبعا اللقاء، أحدهما لجريدة «السفير» المحلية اللبنانية، والثاني لقناة «العالم» الإيرانية، أعلن خلالهما عن رهان جماعته على الحل السياسي.
وأضافت المصادر لم يكشف حزب الله أو الحوثيون عن مداولات اللقاء الذي جمع نصر الله بوفد من الحوثيين في بيروت الأسبوع الماضي، رغم أن مصادر مطلعة على زيارة الوفد، قالت لـ«الشرق الأوسط» بأن اللقاء مع نصر الله «بدا على أنه لقاء لتبادل الآراء، والتنسيق السياسي لمواكبة تطورات المنطقة» بعد دخول روسيا في العملية العسكرية، مرجحة أن الزيارة «جرى خلالها تبادل الآراء والاطلاع على الإمكانات»، مشيرة إلى أن أعضاء الوفد «خرجوا مطمئنين من تطور الأحداث»، متحدثة عن «تناغم بين الساحتين اليمنية والسورية».
وانعكس اللقاء الذي «بارك» فيه نصر الله الخطوات التي تقوم بها جماعة الحوثي ميدانيًا وسياسيا، على طبيعة تصريحات عبد السلام. وتحدث عبد السلام عن احتمال استئناف مفاوضات السلام بين الأطراف اليمنيين قبل نهاية الشهر الحالي، قائلاً في تصريحات لجريدة «السفير» نشرت السبت الماضي، بأن الحوار اليمني ـ اليمني لم ينقطع، في إشارة إلى مفاوضات مسقط المتواصلة برعاية سلطنة عُمان. وقال في هذا الإطار، إنَّ المفاوضات ستستأنف في نهاية الشهر الحالي «على الأرجح في جنيف»، برعاية المنظمة الدولية.
وعلى المنوال نفسه، صرح عبد السلام في حوار مع قناة «العالم» الإيرانية بثته أول من أمس، بتمسك جماعته بالحوار السياسي للخروج من الأزمة بالبلاد.
وفصل عبد السلام المسار العسكري عن السياسي، قائلا: «لا علاقة للمسار العسكري بالمسار السياسي». هذا التعويل على منطق الحل السياسي، تلا المقابلة مع نصر الله، رغم أن مقابلته مع «قناة المنار» يوم الخميس الماضي، والتي يُعتقد أنها سبقت اللقاء مع زعيم حزب الله، كان تحدث بالتفاصيل عن عمليات عسكرية ميدانية، زاعمًا أنه «لغاية الآن لم تحقق» قوات المقاومة الشعبية هدفها بالسيطرة على المناطق الجنوبية في البلاد. وأعرب عن اعتقاده «أن عناصر تنظيم القاعدة في اليمن تحركهم أجهزة مخابرات خارجية وعلى رأسها المخابرات الأميركية».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».