الرئيس الصومالي في القاهرة خلال أيام لبحث ملف «الميناء الإثيوبي»

تلقى دعوة رسمية خلال زيارة وفد مصري إلى مقديشو

الرئيسان المصري والصومالي خلال مباحثات على هامش القمة العربية بالجزائر في نوفمبر 2022 (الرئاسة المصرية)
الرئيسان المصري والصومالي خلال مباحثات على هامش القمة العربية بالجزائر في نوفمبر 2022 (الرئاسة المصرية)
TT

الرئيس الصومالي في القاهرة خلال أيام لبحث ملف «الميناء الإثيوبي»

الرئيسان المصري والصومالي خلال مباحثات على هامش القمة العربية بالجزائر في نوفمبر 2022 (الرئاسة المصرية)
الرئيسان المصري والصومالي خلال مباحثات على هامش القمة العربية بالجزائر في نوفمبر 2022 (الرئاسة المصرية)

من المنتظر أن يبدأ الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، زيارة إلى مصر خلال الأيام القليلة المقبلة؛ لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، بالإضافة إلى بحث «ملف الميناء الإثيوبي»، حسبما أفادت وكالة الأنباء الصومالية «صونا»، الثلاثاء. وتلقى الرئيس الصومالي دعوة رسمية من نظيره المصري عبد الفتاح السيسي لزيارة القاهرة، خلال استقباله، مساء الاثنين، وفداً مصرياً رفيع المستوى في العاصمة مقديشو.

وأشار تقرير لـ«وكالة الأنباء الصومالية»، الثلاثاء، إلى أن شيخ محمود أعرب عن شكره وتقديره للحكومة المصرية على دعمها الكامل للصومال، مؤكداً أن مصر «تعد من الدول البارزة التي رفضت بشدة (الأطماع الإثيوبية)، وأكدت حماية وحدة وسيادة الصومال على كامل أراضيه».

وأوضحت «الرئاسة الصومالية»، في بيان، الثلاثاء، أن الوفد المصري جاء إلى الصومال بناء على دعوة من مقديشو، حيث نقل الوفد المصري دعم الرئيس السيسي الثابت لـ«سيادة ووحدة الأراضي الصومالية»، مؤكداً «معارضة القاهرة لأي إجراءات من شأنها التعدي على تلك المبادئ». كما أكد الوفد المصري قوة العلاقات الثنائية بين البلدين، إلى جانب مبدأ المنفعة المتبادلة في جميع مجالات، بحسب البيان.

ووقع رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، مطلع الشهر الجاري، اتفاقاً مبدئياً مع إقليم أرض الصومال (صوماليلاند) الانفصالي، يتيح لإثيوبيا استخدام ميناء بربرة الواقع على خليج عدن في مدخل البحر الأحمر، واتخاذ منفذ بحري تجاري وقاعدة عسكرية لها هناك، مقابل الاعتراف بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة.

وندّد الصومال، في بيان، حينها، بتوقيع المذكرة، ووصف شيخ محمود الاتفاق بأنه «انتهاك غير مشروع»، من جانب أديس أبابا للسيادة الصومالية، مؤكداً أنه «لن يمكن لأحد أن ينتزع شبراً من الصومال». كما استدعت مقديشو سفيرها لدى إثيوبيا للتشاور، ولاحقاً وقع الرئيس الصومالي قانوناً يلغي اتفاق إقليم أرض الصومال الانفصالي مع أديس أبابا.

آبي أحمد في مراسم التوقيع مع رئيس «أرض الصومال» بأديس أبابا مطلع الشهر الحالي (رويترز)

وتقدمت الحكومة الصومالية بمطالب رسمية إلى مجلس الأمن وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية شرق أفريقيا «إيغاد» لعقد اجتماع طارئ بهذا الخصوص. وحذرت دول ومنظمات إقليمية ودولية عدة، من بينها جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي من «خطورة الخطوة الإثيوبية على السلم والأمن في منطقة القرن الأفريقي». وكانت منطقة أرض الصومال، المطلة على خليج عدن، أعلنت انفصالها عن الصومال من جانب واحد عام 1991، لكنها لم تحصل على اعتراف دولي بهذه الخطوة.

روابط وثيقة

من جانبه، اعتبر الأمين العام للمجلس المصري للشؤون الخارجية، مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية سابقاً، السفير علي الحفني، أن زيارة وفد مصري إلى العاصمة الصومالية «أمر معتاد ومنطقي» في ظل الروابط الوثيقة التي تجمع بين البلدين منذ سنوات طويلة، مضيفاً أن التحديات الراهنة في منطقة القرن الأفريقي «تدفع بالتنسيق بين البلدين إلى مستويات أكبر وأعمق». وأوضح الحفني لـ«الشرق الأوسط» أن مصر لديها الكثير الذي تقدمه للصومال، انطلاقاً من روابط قديمة، وعلاقات في سياقات التعاون العربية والأفريقية والإسلامية، إضافة إلى الاهتمام المصري البالغ بالموقع الجغرافي الذي يشغله الصومال في منطقة القرن الأفريقي التي تمثل أهمية بالغة بالنسبة لمصر بوصفها بوابة جنوبية لقناة السويس، لافتاً إلى أن مصر عبرت عن موقفها الرافض بوضوح للاتفاق «غير الشرعي» بين الحكومة الإثيوبية ومنطقة «أرض الصومال»، متوقعاً أن تشهد الفترة المقبلة تكثيفاً للتنسيق المصري - الصومالي السياسي والدبلوماسي.

أمن القرن الأفريقي

وكانت وزارة الخارجية المصرية، قد أكدت، الأسبوع الماضي، في بيان، «ضرورة الاحترام الكامل لوحدة وسيادة جمهورية الصومال الفيدرالية على كامل أراضيها، ومعارضتها أي إجراءات من شأنها الافتئات على السيادة الصومالية». وشددت حينها على «حق الصومال وشعبه دون غيره في الانتفاع بموارده».

منطقة أرض الصومال (باللون الأخضر يمين الصورة) في مدخل البحر الأحمر (خرائط غوغل)

وقدرت القاهرة «خطورة تزايد التحركات والإجراءات والتصريحات الرسمية الصادرة عن دول في المنطقة وخارجها، التي تقوض عوامل الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، وتزيد من حدة التوترات بين دولها»، وفق بيان «الخارجية المصرية». وشددت مصر على «ضرورة احترام أهداف القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، ومنها الدفاع عن سيادة الدول الأعضاء ووحدة أراضيها واستقلالها، ومبادئ الاتحاد التي تنص على ضرورة احترام الحدود القائمة عند نيل الاستقلال، وعدم تدخل أي دولة عضو في الشؤون الداخلية لدولة أخرى».

ويرى الخبير المصري في الشؤون الأفريقية، رامي زهدي، أن الاهتمام المصري بدعم الصومال له أبعاد متعددة، من بينها البعد الاستراتيجي، مشيراً لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الاتفاق الإثيوبي مع «أرض الصومال» ستكون له تداعيات على أمن واستقرار منطقة القرن الأفريقي، التي تمثل «أولوية استراتيجية» لمصر. وتوقع زهدي أن تسعى القاهرة إلى اتخاذ «نهج المبادرة» بتقديم دعم سياسي ودبلوماسي ومساندة قوية للتحركات الصومالية في المحافل الإقليمية والدولية، وهو دعم «سيحاول قطع الطريق على أديس أبابا قبل أن يدخل الاتفاق حيز التنفيذ ويتحول إلى أمر واقع».

وكانت أديس أبابا قد ردت على انتقادات الصومال بأن مذكرة التفاهم التي أبرمتها مع منطقة أرض الصومال، «لم تخالف قانوناً، ولم تنتهك سيادة دولة الصومال». وأشارت إلى أنها مذكرة تمهيدية، وأن «الاتفاق لم ير النور بعد».


مقالات ذات صلة

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

شمال افريقيا السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع لحظات بكاء وتأثر للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه، الخميس، مع قادة القوات المسلحة المصرية.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة المصرية للحد من «فوضى» الاعتداءات على الطواقم الطبية بالمستشفيات، عبر إقرار قانون «تنظيم المسؤولية الطبية وحماية المريض».

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

تشير الحكومة المصرية بشكل متكرر إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
خاص عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)

خاص كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

تسبب الوجود السوري المتنامي بمصر في إطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تنتقد مشروعاتهم الاستثمارية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )

القاهرة تعزز مشاركتها في قوات حفظ السلام بأفريقيا

بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
TT

القاهرة تعزز مشاركتها في قوات حفظ السلام بأفريقيا

بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)

تأكيدات مصرية على لسان وزير الخارجية، بدر عبد العاطي، بشأن «الدور النبيل» الذي تقوم به القوات المصرية ضمن بعثات حفظ السلام عبر «تعزيز السلم والأمن» في أفريقيا، وأنها تعكس «الالتزام المصري التاريخي بدعم الاستقرار في القارة السمراء».

تصريحات وزير الخارجية جاءت خلال زيارته للكتيبة المصرية ضمن قوات حفظ السلام في الكونغو الديمقراطية، التي تأتي أيضاً قبيل أسابيع من مشاركة جديدة مرتقبة مطلع العام المقبل في الصومال ضمن قوات حفظ سلام أفريقية، وسط تحفظات إثيوبية التي أعلنت مقديشو استبعاد قواتها رسمياً، وأرجعت ذلك إلى «انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال».

الزيارة المصرية للقوات التي يمر على وجودها نحو 25 عاماً، تعد بحسب خبراء تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، تأكيداً على «الحضور المتنامي للقاهرة، وتعزيزاً لمشاركاتها بالقارة السمراء»، مستبعدين أن تتحول أي تحفظات إثيوبية تجاه الوجود المصري بمقديشو لمواجهات أو تصعيد عسكري.

وبحسب ما كشفته «الخارجية المصرية» في أواخر مايو (أيار) 2024، «فمنذ عام 1960، عندما أرسلت مصر قواتها إلى عمليات الأمم المتحدة في الكونغو، خدم ما يزيد على 30 ألفاً من حفظة السلام المصريين في 37 بعثة لحفظ السلام في 24 دولة، وبصفتها واحدة من كبريات الدول التي تسهم بقوات نظامية في عمليات حفظ السلام، تنشُر مصر حالياً 1602 من حفظة السلام من النساء والرجال المصريين في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام في الكونغو الديمقراطية والسودان وجنوب السودان والصحراء الغربية».

ووفق تقديرات نقلتها «هيئة الاستعلامات» المصرية الرسمية، منتصف يونيو (حزيران) 2022، تسترشد مصر في عمليات حفظ السلام بثلاثة مبادئ أممية أساسية، وهي «موافقة الأطراف والحياد، وعدم استعمال القوة إلا دفاعاً عن النفس، ودفاعاً عن الولاية».

بدر عبد العاطي يصافح كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)

وتاريخياً، شاركت مصر في قوات حفظ السلام بأفريقيا في «الكونغو أثناء فترة الحرب الأهلية من 1960 إلى 1961، ثم من نوفمبر (تشرين الثاني) 1999، وكوت ديفوار لمساعدة الأطراف الإيفوارية على تنفيذ اتفاق السلام الموقع بينهما في يناير (كانون الثاني) 2003، والصومال في الفترة من ديسمبر (كانون الأول) 1992 إلى فبراير (شباط) 1995، وأفريقيا الوسطى من يونيو 1998 إلى مارس (آذار) 2000، وأنغولا من 1991 وحتى 1999، وموزمبيق من فبراير 1993 إلى يونيو 1995، وجزر القمر من 1997 وحتى 1999، وبوروندي منذ سبتمبر (أيلول) 2004، وإقليم دارفور بالسودان منذ أغسطس (آب) 2004».

وضمن متابعة مصرية لقواتها، التقى بدر عبد العاطي، الجمعة، مع أعضاء كتيبة الشرطة المصرية المُشاركة في مهام حفظ السلام ضمن بعثة الأمم المتحدة لحفظ الاستقرار في الكونغو الديمقراطية خلال زيارته التي بدأت الخميس، واستمرت ليومين إلى العاصمة كينشاسا، لتعزيز التعاون بكل المجالات، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وقال عبد العاطي إن «مصر إحدى كبرى الدول المساهمة في قوات حفظ السلام الأممية»، مؤكداً أن «وجود الكتيبة المصرية في الكونغو الديمقراطية يعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين وأهمية الشراكة الاستراتيجية مع دول حوض النيل الجنوبي». كما نقل وزير الخارجية، رسالة إلى رئيس الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسيكيدي، من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تتضمن سبل تعزيز العلاقات، وإحاطة بما تم توقيعه من اتفاقيات تعاون خلال زيارته وتدشين «مجلس أعمال مشترك».

ووفق الخبير في الشؤون الأفريقية، عبد الناصر الحاج، فإن كلمة السر في مشاركة مصر بشكل معتاد ضمن قوات حفظ السلام في أفريقيا بشكل عام هي «طبيعة القوات المصرية حيث تتجلى الإمكانات العالية والخبرات التاريخية المتراكمة، ما جعل مصر دائمة المشاركة والحضور ضمن قوات حفظ السلام منذ أزمان بعيدة»، مؤكداً أن لمصر تجارب عدة في العمل ضمن بعثات حفظ السلام في كثير من دول أفريقيا التي شهدت نزاعات وأوضاع أمنية بالغة التعقيد، مثل ساحل العاج، والكونغو، وأفريقيا الوسطى، وأنغولا، وموزمبيق، وليبيريا، ورواندا، وجزر القمر، ومالي وغيرها.

جانب من كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في مهام حفظ السلام بالكونغو الديمقراطية (الخارجية المصرية)

الحاج أشار إلى أنه رغم أن الاضطرابات السياسية التي تشهدها كثير من دول أفريقيا «تزيد من تعقيد» عمل بعثات الأمم المتحدة الخاصة بحفظ السلام في أفريقيا، وعدم قدرة هذه البعثات على إحراز أي تقدم في ظل نقص المؤسسات الديمقراطية الفعالة في عدد من البلدان الأفريقية؛ فإن مصر تدرك جيداً مدى أهمية تكثيف حضورها الأمني في القارة السمراء، باعتبار أن «العدول عن المشاركة المصرية ضمن بعثات حفظ السلام، سوف يترك فراغاً عريضاً» ربما تستغله دول أخرى تنافس مصر في خارطة التمركز الفاعل في أفريقيا.

الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أوضح أن هناك قوات لحفظ السلام تتبع الأمم المتحدة، وأخرى تتبع الاتحاد الأفريقي، وكل له ميزانية منفصلة؛ لكن يتعاونان في هذا المسار الأمني لحفظ الاستقرار بالدول التي تشهد اضطرابات ومصر لها حضور واسع بالاثنين، مؤكداً أن مشاركة القاهرة بتلك القوات يتنامى ويتعزز في القارة الأفريقية بهدف استعادة الحضور الذي عرف في الستينات بقوته، وكان دافعاً ومساهماً لتأسيس الاتحاد الأفريقي والحفاظ على استقرار واستقلال دوله.

وهو ما أكده وزير الخارجية المصري خلال زيارته للكتيبة المصرية بالكونغو الديمقراطية بالقول إن «المشاركة في بعثات حفظ السلام تعكس الالتزام المصري التاريخي بدعم الاستقرار في أفريقيا، والمساهمة الفاعلة في صون السلم والأمن الدوليين».

هذا التأكيد المصري يأتي قبل نحو شهر من المشاركة المصرية في قوات حفظ السلام الأفريقية، بالصومال، حيث أكد سفير مقديشو لدى مصر، علي عبدي أواري، في إفادة، أغسطس الماضي، أن «القاهرة في إطار اتفاقية الدفاع المشترك مع الصومال ستكون أولى الدول التي تنشر قوات لدعم الجيش الصومالي من يناير 2025 وتستمر حتى عام 2029. بعد انسحاب قوات الاتحاد الأفريقي الحالية»، قبل أن تعلن مقديشو، أخيراً «استبعاد القوات الإثيوبية رسمياً من المشاركة في عمليات البعثة الجديدة؛ بسبب انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال».

الرئيس الصومالي خلال توقيعه قانوناً في يناير الماضي يُبطل مذكرة تفاهم «أرض الصومال» وإثيوبيا (حساب الرئيس الصومالي على «إكس»)

ولم تعلق أديس أبابا رسمياً على هذا الاستبعاد، لكن تحدّث وزير الخارجية الإثيوبي السابق، تاي أصقي سيلاسي، في أغسطس الماضي، عن الموقف الإثيوبي بشأن البعثة الجديدة لقوات حفظ السلام في الصومال، حيث طالب بـ«ألا تشكّل تهديداً لأمننا القومي، هذا ليس خوفاً، لكنه تجنّب لإشعال صراعات أخرى بالمنطقة»، مؤكداً أن بلاده «أصبحت قوة كبرى قادرة على حماية مصالحها».

وعدَّ الخبير الاستراتيجي المصري أن استمرار الوجود المصري في قوات حفظ السلام على مدار السنوات الماضية والمقبلة، لاسيما بالصومال له دلالة على قوة مصر وقدرتها على الدعم الأمني والعسكري وتقديم كل الإمكانات، لاسيما التدريب وتحقيق الاستقرار، مستبعداً حدوث أي تحرك إثيوبي ضد الوجود المصري في الصومال العام المقبل.

فيما يرى الخبير في الشؤون الأفريقية أن الاستعداد القوي الذي أظهرته مصر للمشاركة ضمن بعثة حفظ السلام في الصومال، يأتي من واقع الحرص المصري على استتباب الأمن في هذه البقعة الاستراتيجية في القرن الأفريقي؛ لأن استتباب الأمن في الصومال يعني تلقائياً تأمين حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر، ومن ثم ضمان انسياب الحركة التجارية الدولية عبر قناة السويس. فضلاً عن أن مصر لن تنزوي بعيداً وتترك الصومال ملعباً مميزاً للقوات الإثيوبية، خصوصاً بعدما أبرمت إثيوبيا اتفاقاً مطلع العام مع إقليم «أرض الصومال» لاستغلال منفذ «بربرة» البحري المطل على ساحل البحر الأحمر.

وفي تقدير عبد الناصر الحاج فإن نجاح مصر في أي مشاركة فاعلة ضمن قوات حفظ السلام في أفريقيا، يتوقف في المقام الأول، على مدى قدرة مصر في انتزاع تفويضات واسعة من مجلس السلم والأمن الأفريقي لطبيعة عمل هذه البعثات، بحسبان أن إحدى المشكلات التي ظلت تسهم في إعاقة عمل بعثات حفظ السلام، هي نوعية التفويض الممنوح لها؛ وهو الذي ما يكون دائماً تفويضاً محدوداً وقاصراً يضع هذه البعثات وكأنها مُقيدة بـ«سلاسل».

وأوضح أنه ينبغي على مصر الاجتهاد في تقديم نماذج استثنائية في أساليب عمل قواتها ضمن بعثات حفظ السلام، بحيث يصبح الرهان على مشاركة القوات المصرية، هو خط الدفاع الأول لمدى جدواها في تحقيق غاية حفظ السلام.