حرب لبنان وإسرائيل تدخل مساراً جديداً: اغتيالات وتوسيع لـ12 كيلومتراً

«حزب الله» يحاذر ردوداً تؤدي إلى تدحرج... وإسرائيل تعلن اغتيال «قائد مسيّراته»

«حزب الله» يشيّع القيادي وسام طويل في خربة سلم بجنوب لبنان (رويترز)
«حزب الله» يشيّع القيادي وسام طويل في خربة سلم بجنوب لبنان (رويترز)
TT

حرب لبنان وإسرائيل تدخل مساراً جديداً: اغتيالات وتوسيع لـ12 كيلومتراً

«حزب الله» يشيّع القيادي وسام طويل في خربة سلم بجنوب لبنان (رويترز)
«حزب الله» يشيّع القيادي وسام طويل في خربة سلم بجنوب لبنان (رويترز)

عكست الاستهدافات الإسرائيلية الأخيرة على الساحة اللبنانية، وردود «حزب الله» عليها، تحولاً في مسار الحرب التي باتت تركز فيها إسرائيل على الاغتيالات ضمن عمليات موضعية، فيما حصر الحزب الرد على أهداف عسكرية، بشكل لا يؤدي إلى حرب واسعة، حسب ما تقول مصادر نيابية لبنانية. وتوسعت دائرة تبادل القصف عملياً إلى 12 كيلومتراً بشكل متكرر، فيما تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن اغتيال مسؤول عن المسيّرات في الحزب، وهو ما لم يؤكده الحزب في بيان نعي مقاتل يحمل الاسم نفسه.

ونفذت إسرائيل اغتيالين خلال أسبوع، أولهما لنائب رئيس المكتب السياسي في حركة «حماس» صالح العاروري في ضاحية بيروت الجنوبية، وثانيهما للقيادي في وحدة النخبة في الحزب وسام طويل باستهداف سيارته في بلدة خربة سلم يوم الاثنين. وأثناء تشييع طويل في البلدة، نفذت إسرائيل ضربة استهدفت سيارة في البلدة نفسها أدت إلى إصابة 4 أشخاص بجروح، حسبما أعلن «الدفاع المدني»، قبل أن تعلن وسائل إعلام إسرائيلية استهداف قيادي في الحزب مسؤول في وحدة المسيرات.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، الثلاثاء، بمقتل قيادي آخر في الحزب، قالت إنه مسؤول عن عشرات الهجمات بالطائرات المسيّرة على شمال إسرائيل في الأشهر الأخيرة. وذكرت الصحيفة أن علي حسين برجي، الذي وصفته بأنه قائد القوة الجوية للحزب في الجنوب، قتل في ضربة استهدفت سيارته في بلدة خربة سلم قُبيل تشييع جنازة طويل. ولم يصدر الجيش الإسرائيلي أي تعليق رسمي على الضربة الجوية، فيما أعلن الحزب مقتل برجي، لكنه لم يشر إلى موقعه القيادي أو أن يكون مسؤولاً عن المسيّرات.

أهداف عسكرية

وفي رد على استهداف العاروري وطويل، اختار الحزب أهدافاً عسكرية، إذ استهدف محطة رصد جوي يوم السبت الماضي في جبل الجرمق في الجليل الأعلى، كما استهدف الثلاثاء مقر قيادة المنطقة الشمالية بالجيش الإسرائيلي في مدينة صفد (قاعدة دادو) بعدد من المسيّرات الهجومية الانقضاضية، وقال إن استهدافها يأتي رداً على اغتيال العاروري والطويل.

ويشير هذا المسار الجديد إلى تحوّل في مسار المعركة التي انحصرت، على مدى أسابيع، بالقصف المتبادل في المنطقة الحدودية، وهو «مسار جديد لكن لم تظهر معالمه»، كما يقول خبراء عسكريون، لكنهم يدعون إلى الانتظار «كي تتكشف الأمور بالفعل ما إذا كانت انتقالاً إلى مرحلة جديدة»، في إشارة إلى الإعلان الإسرائيلي عن الانتقال إلى المرحلة الثالثة من حرب غزة، ويؤكد هؤلاء «أننا ما زلنا في طور العمليات ولا تزال الاشتباكات قائمة».

وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، في تصريح لـ«القناة 14» التلفزيونية، إن استهداف الطويل كان «جزءاً من الحرب»، وحذر كاتس من أنه في حالة نشوب حرب كبرى، فإن لبنان «سيتلقى ضربة أقوى 50 مرة من تلك التي تلقاها في حرب عام 2006».

ضبط الردود

ويتوجس اللبنانيون من أن يكون التصعيد الإسرائيلي مقدمة لاستدراج «حزب الله» إلى رد يؤدي إلى توسيع الحرب، في وقت «تقيد الموانع الأميركية بشكل أساسي إسرائيل عن توسيع الحرب»، كما يقول مصدر نيابي مواكب للاتصالات الدولية، لافتاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الحزب، حتى الآن، «يختار أهدافاً عسكرية في ردوده، وفي بعض الأحيان تكون الردود نوعية لجهة المسافة أو طريقة الاستهداف، كما جرى في استهداف قاعدة ميرون، أو في استهداف المركز العسكري في صفد»، موضحاً أن هذه الردود «يُفترض ألا تؤدي إلى توسيع الحرب».

توسيع إلى عمق 12 كيلومتراً

لكن عمق الاستهدافات، وسعه الطرفان عملياً 4 كيلومترات إضافية، إذ توسعت الاستهدافات الإسرائيلية إلى ما يتخطى الـ12 كيلومتراً منذ مطلع الأسبوع، فقد نفذت الطائرات الإسرائيلية عدة غارات على مرحلتين في منطقة الغندورية التي تبعد 12 كيلومتراً عن أقرب نقطة حدودية، كما نفذت غارات على بلدة خربة سلم يوم الثلاثاء التي تبعد نحو 10 كيلومترات. وأدت الغارة الأولى على الغندورية إلى مقتل 3 عناصر نعاهم الحزب في بيانات متعاقبة.

في المقابل، وسع الحزب مدى استهدافاته، حيث أعلن الثلاثاء أنه استهدف مقر قيادة المنطقة الشمالية للجيش الإسرائيلي «في إطار الرد» على اغتيال الطويل والعاروري. وقال الحزب في بيان إنه استهدف «مقر قيادة المنطقة الشمالية التابع لجيش العدو في مدينة صفد المحتلة (قاعدة دادو) بعدد من المسيرات الهجومية الانقضاضية».

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه بعد «إطلاق صافرات الإنذار إزاء تسلّل طائرات معادية إلى شمال إسرائيل صباح الثلاثاء، جرى إطلاق (صواريخ) اعتراضية تجاه أهداف جوية معادية عبرت من لبنان إلى الأراضي الإسرائيلية». وأضاف أن «طائرة معادية سقطت في قاعدة» تابعة له في شمال إسرائيل، «من دون الإبلاغ عن إصابات أو أضرار».

وتقع قاعدة «دادو» على عمق 12 كلم من الحدود اللبنانية، وهي مقر قيادة المنطقة الشمالية في سلاح البر الإسرائيلي، والمسؤولة عن قيادة الفرقتين المعنيتين بالعمليات على الجبهة اللبنانية حالياً، الفرقة 91 مقابل المحور الشرقي، والفرقة 146 مقابل المحور الغربي للحدود الجنوبية اللبنانية، التي تحوي عدداً كبيراً من منظومات القيادة والسيطرة المعنية بتنسيق العمليات على امتداد الجبهة مع لبنان.

وشدّد نائب الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، في كلمة، الثلاثاء، على أن اغتيال القادة، بينهم الطويل «القائد في (كتيبة الرضوان) (المعروفة بأنها وحدة النخبة في الحزب) الذي عمل وضحى في الساحات المختلفة»، لا يمكن أن «يكون محطة تراجع بل هو محطة دفع للمقاومة».

قصف متواصل

وتصاعدت حدة القصف أمس، وإلى جانب استهداف ثكنة صفد، أعلن «حزب الله» عن استهداف ثكنة «يفتاح» عند الحدود مع لبنان بالصواريخ، ومهاجمة مواقع حانيتا والبغدادي ورويسات القرن والتجهيزات الفنية المستحدثة في موقع بياض بليدا ومهاجمة تجمع لجنود إسرائيليين في محيط ثكنة «أدميت». وفي المقابل، نفذ الجيش الإسرائيلي قصفاً واسعاً شهدت بلدة كفر كلا أعنفه، حيث أدت الغارات إلى تدمير ثلاثة منازل.

في غضون ذلك، بلغ عدد القتلى من المدنيين اللبنانيين منذ بدء الحرب، 38 مواطناً، بالإضافة إلى عسكري واحد في الجيش، خلال 2447 هجوماً إسرائيلياً.



إسرائيل تغتال قيادياً بارزاً في «القسام»

فلسطينيون يعاينون حطام سيارة استهدفتها ضربة إسرائيلية في مدينة غزة أمس (رويترز)
فلسطينيون يعاينون حطام سيارة استهدفتها ضربة إسرائيلية في مدينة غزة أمس (رويترز)
TT

إسرائيل تغتال قيادياً بارزاً في «القسام»

فلسطينيون يعاينون حطام سيارة استهدفتها ضربة إسرائيلية في مدينة غزة أمس (رويترز)
فلسطينيون يعاينون حطام سيارة استهدفتها ضربة إسرائيلية في مدينة غزة أمس (رويترز)

تواصل إسرائيل الاستفادةَ من التشوش الذي يحيط بخطة «سلام غزة»، بتحقيق مكاسب على الأرض، كما فعلت أمس، باغتيال القيادي في «كتائب القسام» رائد سعد، في غارة استهدفت مركبة، غرب مدينة غزة، أسفرت عن مقتل 5 أشخاص وإصابة أكثر من 20 آخرين، وذلك في خرق جديد لاتفاق وقف إطلاق النار المبرم مع حركة «حماس» منذ 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأكَّدت مصادرُ فلسطينية اغتيالَ سعد، إلى جانب رياض اللبان، رئيس جهاز الأمن وحماية الشخصيات في حكومة «حماس»، وكذلك 3 نشطاء بارزين آخرين.

وحسب قناة «12» العبرية، فإنَّه أُطلق على العملية اسم «العشاء الأخير».

من جهة أخرى، قال مسؤولون إسرائيليون إنَّ الإدارة الأميركية تخطِّط لأن يبدأ عمل القوة الدولية متعددة الجنسيات في القطاع اعتباراً من الشهر المقبل، من دون خطة واضحة بشأن سلاح «حماس»

وقالت هيئة البث الإسرائيلية (كان 11) إن ممثلي الإدارة الأميركية قدَّموا تفاصيل أولية عن الهيكلية المقترحة لإدارة المرحلة الانتقالية في غزة.


«حزب الله» يجزِّئ ذراعه المالية هرباً من العقوبات الدولية


أحد مباني مؤسسة «القرض الحسن» في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)
أحد مباني مؤسسة «القرض الحسن» في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)
TT

«حزب الله» يجزِّئ ذراعه المالية هرباً من العقوبات الدولية


أحد مباني مؤسسة «القرض الحسن» في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)
أحد مباني مؤسسة «القرض الحسن» في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

بدأ «حزب الله» بتجزئة ذراعه المالية «مؤسسة القرض الحسن» هرباً من العقوبات والضغوط الدولية والمحلية لإغلاقها، وذلك عبر إنشاء مؤسسة معنية ببيع الذهب بالتقسيط، بديلاً عن رهن الذهب الذي كانت تعتمده «القرض الحسن»، وهو ما يُنظر إليه على أنَّه «سياسة تموضع قانوني».

وقالت مصادر مالية لـ«الشرق الأوسط» إنَّه من المستبعد أن يُرضي هذا الإجراء وزارة الخزانة الأميركية التي تطالب لبنان بإغلاق المؤسسة، ووضع حد للانفلات بالاقتصاد النقدي، مضيفةً أن «تغيير الشكل لن يُرضي الأميركيين، ما دام الأصل لا يزال قائماً».

في غضون ذلك، سُجّل اشتباك غير مباشر بين الجيشين اللبناني والإسرائيلي في جنوب الليطاني بجنوب لبنان، حين أصدرت إسرائيل إنذار إخلاء لمبنى فتَّشه الجيش اللبناني صباحاً، فيما أسهمت الاتصالات في تجميد القصف «مؤقتاً» إلى حين تفتيشه مرة أخرى من الجيش الذي لم يعثر على أي أسلحة فيه.


تركيا: «قسد» تستقوي بإسرائيل ولم تتحرك يوماً ضد نظام الأسد

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
TT

تركيا: «قسد» تستقوي بإسرائيل ولم تتحرك يوماً ضد نظام الأسد

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)

قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، اليوم السبت، إن قوات سوريا الديمقراطية «قسد» تستمد جرأتها من إسرائيل، مشيراً إلى أنها لم تتحرك يوماً مع المعارضة ضد نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.

ونقلت وكالة «الأناضول» للأنباء عن فيدان قوله إن ما يجري في جنوب سوريا «ربما يشكل حالياً أكبر منطقة خطر بالنسبة لنا. فالمشكلة في الجنوب لا تكمن بحد ذاتها في حجمها، بل في تحوّل إسرائيل إلى طرف متدخل، ما يخلق منطقة خطر».

وأكد فيدان أن ملف إلقاء تنظيم حزب العمال الكردستاني للسلاح «يسير بشفافية عالية وبشكل جيد جداً من جانب تركيا... لكن لا نسمع أي جملة عما يعتزم التنظيم القيام به».

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع التركية ذكي آق تورك، أمس الجمعة، إن بعض الدول تشجع قوات «قسد» على رفض إلقاء السلاح وعدم الاندماج في صفوف الجيش السوري، نافياً نية بلاده شن عملية عسكرية في سوريا.

وأكد المتحدث خلال مؤتمر صحافي في أنقرة أنه «لا جدوى من محاولات قسد لكسب الوقت ولا خيار آخر أمامها غير الاندماج بالجيش السوري»، مؤكداً أن أنشطة قوات سوريا الديمقراطية تضر بجهود تحقيق الاستقرار والأمن في سوريا.

ونفى المتحدث ادعاءات بأن الجيش التركي يستعد لعملية عسكرية في سوريا، مؤكداً أن التحركات الأخيرة للجيش التركي كانت في إطار «عمليات تناوب اعتيادية للوحدات».

وأشار المتحدث إلى أن تركيا سبق أن أعربت عن تطلعها لاندماج «قسد» في الجيش السوري أفراداً، وشدد على أنه يجب متابعة تحركات «تنظيم قسد وأنشطة الجيش السوري».

كان الرئيس السوري أحمد الشرع وقع اتفاقاً مع مظلوم عبدي قائد «قسد» في العاشر من مارس (آذار) الماضي لدمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا لكن لم يتم التنفيذ حتى الآن.