أثارت تصريحات النائب العام الليبي، المستشار الصديق الصور، حول «وجود أدلة تؤكد حدوث عمليات تزوير في منظومة الأحوال المدنية»، تساؤلات كثيرة حول أسباب تأخر السلطات في معالجة هذا الخلل، وتأثيره المباشر في إجراء الانتخابات المرتقبة، رغم أن هذه العملية مرحّلة منذ تأجيل الانتخابات قبل نحو عامين.
وكان النائب العام قد أعلن في مؤتمر صحافي أن قيود الأسر الليبية بلغت مليوناً و900 ألف، من بينها 11823 قيداً تبيّن أنها مزورة، وذلك بعد عمليات المراجعة التي تضطلع بها لجان مشكّلة من النيابة.
ورأى وزير الداخلية الليبي الأسبق، عاشور شوايل، أن «غياب وجود سلطة تنفيذية موحدة، تأتمر بقراراتها الأجهزة والمؤسسات كافة بعموم البلاد» أدى للتأخر في حسم هذا الملف، على الرغم من أهميته القصوى للاقتصاد والأمن القومي الليبيَّين. وقال شوايل لـ«الشرق الأوسط» إن «وجود حكومة موحدة تعمل بمهنية، بعيداً عن مناخ الاستقطاب والصراع السياسي، كفيل بتسريع وتيرة عمل اللجان التي شكّلها النائب العام لمعالجة هذه القضية»، مبرزاً أن «تسليط الضوء حول وجود تزوير بالرقم الوطني والسجل المدني جاء في إطار تقصي أسباب تأجيل الانتخابات، التي كان من المقرر عقدها نهاية عام 2021». كما دعا شوايل إلى ضرورة «تعميم ما تم كشفه من وقائع تزوير على أجهزة الدولة كافة، وإرساله للأجهزة الأمنية، خصوصاً مصلحة الجوازات، والمنافذ الحدودية، والمفوضية الوطنية لوقفها».
ويعتقد شوايل بأن «خطر تداعيات التزوير لا ينحصر على نزاهة العملية الانتخابية ونتائجها فقط، بل يمتد أيضاً للمساهمة في تعميق التغيير الديموغرافي، عبر انتحال بعض الوافدين للهوية الليبية». وللحد من هذه المخاطر دعا شوايل إلى «إرسال الأرقام المزورة لمنظومة بيانات المصرف المركزي لحرمان مرتكبي هذه الوقائع من صرف الرواتب أو المنح، حتى لا تتكبد الخزينة العامة مزيداً من الخسائر، مع الإسراع باعتقال المتورطين في هذه الجريمة ومعاقبتهم حتى يكون ذلك رادعاً لغيرهم».
وكان الصور قد أعلن في مايو (أيار) الماضي تشكيل لجان، يترأسها 160 عضواً من النيابة العامة على مستوى البلاد، بهدف فحص منظومة السجل المدني بمصلحة الأحوال المدنية. كما سبق أن أعلن النائب العام في أغسطس (آب) 2022 وجود أكثر من 88 ألف رقم وطني مزورة، استفاد حاملوها بـ208 ملايين دينار.
من جهته، تبنى رئيس الهيئة التأسيسية لحزب «التجمع الوطني» الليبي، أسعد زهيو، الطرح السابق، عادّاً أن «مناخ الصراع السياسي الراهن، والانقسام الحكومي والمؤسسي، وتداعياتهما أتاحت للبعض الاستمرار في ارتكاب جرائم تزوير الأرقام الوطنية، أو القيود العائلية، وهو ما أدى لمضاعفة الحالات المستهدفة بالتدقيق». إلا أن زهيو انتقد في المقابل «إهمال غالبية القوى والأطراف الرئيسية في البلاد متابعة هذه القضية، رغم إدراكها أهميتها في التمهيد للانتخابات المنتظرة». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»: «باستثناء تصريحات النائب العام، باتت قضية الأرقام المزورة لا تثار تقريباً إلا في نطاق توظيفها في صراعات الأطراف السياسية، أو إذا ما استشعرت ضغطاً بالذهاب لإجراء الاستحقاق، ليتم التذرع بأن استمرار وجود تزوير بمنظومة الأحوال المدنية سوف يعوق إجراء الانتخابات ويشكك بنتائجها».
وذكّر بأن الأرقام المزورة كانت من بين مبررات تأجيل الانتخابات نهاية عام 2021.
من جانبه، أكد عضو مجلس النواب الليبي، علي الصول، أن مجلسه يتابع كل ما يعلنه مكتب النائب العام الليبي عن هذه القضية. وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن البرلمان وجّه بضرورة تنقية السجلات الوطنية كافة، مشدداً على أن «غياب الدولة وتغليب قانون القوة على قوة القانون، يؤخران من جهود النائب العام وفريقه في إنجاز تنقية منظومة الأرقام الوطنية».