تعهدت الجزائر خلال تسلم مقعدها عضوا غير دائم في مجلس الأمن الدولي، بداية العام الجديد، بـ«العمل على تفعيل طلب زيادة عدد مقاعد الدول الأفريقية غير الدائمة» ضمن هذه الهيئة، وذلك برفعه من ثلاثة إلى خمسة، وفق ما جاء في اجتماعات سابقة للاتحاد الأفريقي.
ونشرت وسائل الإعلام الحكومية مساء اليوم تقريرا عن «أولويات» حددتها الجزائر، بخصوص وجودها في مجلس الأمن لمدة عام كامل، مبرزة أنها ستدافع عن «تعزيز التسويات السلمية للأزمات وتوطيد الشراكات، ودعم دور المنظمات الإقليمية، وترقية مكانة المرأة والشباب في عمليات السلام، وتعزيز فعالية النضال الدولي ضد الإرهاب».
ولوحظ في شوارع العاصمة الجزائرية اليوم علم سيراليون، ما ترك انطباعات بأنه يرتقب وصول رئيسها جوليوس مادا بيو، في نفس اليوم، وأن لذلك علاقة بوجود البلدين في مجلس الأمن الأممي ممثلين للقارة الأفريقية. ولم تعلن الرئاسة الجزائرية عن هذه الزيارة.
وجاء في التقرير الصحافي أن الجزائر «ستساهم في توحيد صوت أفريقيا من أجل الدفاع بشكل أفضل عن قضايا القارة ذات الأولوية وتطلعاتها المشروعة»، ونقل عن الرئيس عبد المجيد تبون تصريحات سابقة بهذا الخصوص، خلال اجتماع «لجنة العشرة للاتحاد الأفريقي المعنية بإصلاح مجلس الأمن الأممي»، عقد في فبراير (شباط) الماضي بأديس أبابا، حيث تحدث عن «السعي من أجل إعلاء صوت القارة ومطالبها المشروعة، ولمعالجة الظلم التاريخي الذي تعرضت له قارتنا الأفريقية».
وشدد التقرير ذاته على أن إدخال إصلاحات على مجلس الأمن «عملية ضرورية لإقامة نظام دولي أكثر تمثيلاً وعدلاً وتوازناً... ولعل السياق الدولي الحالي، الذي يتسم بالأزمات المتعددة والتغيرات الجيوسياسية، فضلاً عن التهديدات متعددة الأبعاد والأوجه، التي تواجهها القارة الأفريقية، مثل الإرهاب والحروب وتغير المناخ وأزمات الصحة والطاقة والغذاء، تؤكد أهمية هذا الإصلاح»، مضيفا أن الجزائر «ستجدد من نيويورك التزامها بالسلام، من خلال إعطاء الأولوية للحوار والحل السلمي للأزمات، ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، بهدف مواصلة نهجها نحو الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، ودعم التعاون الدولي وتعزيز دور الأمم المتحدة، بما يقودها إلى تحمل مسؤولياتها تجاه الشعبين الفلسطيني والصحراوي». كما أبرز أن انضمامها إلى مجلس الأمن «سيشكل فرصة للجامعة العربية لاستعادة مكانتها على الساحة الدولية، والقيام بدور قوي ومؤثر».
وقد تناول وزير الخارجية أحمد عطاف هذا الموضوع في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عندما اجتمع برؤساء البعثات الدبلوماسية الأجنبية بالجزائر، حيث قال إن بلاده ستكون «لسان حال انتمائها العربي والأفريقي، وستعمل رفقة بقية الدول الأعضاء على تشكيل كتلة متجانسة تشجع على التوازن، وتجاوز الخلافات، والنأي بهذه الهيئة الأممية المركزية عن التجاذب والاستقطاب. كما ستسهر على المساهمة في الجهود الرامية إلى إعطاء نفس جديد وإضفاء فعالية أكبر على العمل الدولي متعدد الأطراف». لافتا إلى أن ذلك «من الأولويات» التي حددتها بلاده لعهدتها في مجلس الأمن.
وأكد عطاف أنه «من غير المعقول أن نشهد تراكم هذا الكم الهائل من التوترات والأزمات والصراعات دوليا وإقليميا، وأن نشاهد بأمّ أعيننا الويلات والمآسي، التي تترتب عنها، والمجتمع الدولي غائب أو مغيّب!». وانتقد «حالة الشلل التي أصابت مجلس الأمن في أعقاب الحرب الروسية-الأوكرانية، والتي كان من مخلفاتها أن جرَّدت هذا الجهاز المركزي في بنية الأمن الجماعي، من قدرة التحرك والمبادرة، وبسط تأثيره في البحث عن الحلول للأزمات الدولية».