بوتين يدعو إلى التعاون مع السعودية.. وموسكو تعلن إقامة قاعدة جديدة في سوريا

أنقرة تعلن إسقاط طائرة مجهولة المصدر اخترقت أجواءها.. وموسكو تنفي ملكيتها

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرجي لافروف في قمة الأستانة أمس (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرجي لافروف في قمة الأستانة أمس (أ.ب)
TT

بوتين يدعو إلى التعاون مع السعودية.. وموسكو تعلن إقامة قاعدة جديدة في سوريا

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرجي لافروف في قمة الأستانة أمس (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرجي لافروف في قمة الأستانة أمس (أ.ب)

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الكلمة التي ألقاها أمس في قمة رؤساء بلدان منظومة رابطة الدول المستقلة (كومنولث الجمهوريات السوفياتية السابقة) في بلدة بوراباي، شمالي كازاخستان، إنه بدأ مشاورات مع كل من السعودية ومصر ودولة الإمارات العربية المتحدة بهدف «إقامة تحالف واسع النطاق من أجل تحقيق أكبر قدر من التقدم في مجال مكافحة الإرهابيين والمتطرفين في المنطقة». وأعرب بوتين عن أن موسكو تأمل في انضمام هذه البلدان ومعها بقية بلدان المنطقة وكذلك الولايات المتحدة من أجل التعاون والتنسيق مع مركز التنسيق المعلوماتي في بغداد. وشدد في كلمته على «ضرورة تشديد الرقابة على الحدود الخارجية لبلدان المنظومة وضمان العمل الفعال لمركز مكافحة الإرهاب التابع لمنظومة بلدان الكومنولث ومواصلة تنسيق عمل الاستخبارات والقيام بتبادل المعلومات بشكل دائم، بما يمكن معه التصدي لمحاولات الإرهابيين التي تستهدف التسلل إلى آسيا الوسطى من أفغانستان».
الرئيس الروسي عاد لطرح اقتراحاته بالإشارة إلى تورط عدد من مواطني روسيا وغيرها من بلدان الفضاء السوفياتي السابق في الانضمام إلى التنظيمات الإرهابية، وأردف «إنه وحسب مختلف التقديرات يبلغ من خمسة إلى سبعة آلاف شخص، ينبغي عدم السماح لهم بأن يستعملوا الخبرة التي يكتسبونها في سوريا اليوم بعد عودتهم لاحقا إلى ديارهم.. ويجب على بلدان الكومنولث أن تكون مستعدة للتصدي لمحاولات الإرهابيين التسلل إلى آسيا الوسطى»، إلى جانب ضمان العمل الفعال لمركز مكافحة الإرهاب التابع لمنظمة بلدان الكومنولث ومواصلة تنسيق عمل الاستخبارات والقيام بتبادل المعلومات بشكل دائم.
وحول أمد العملية الجوية الروسية في سوريا قال بوتين إنه يتوقف على مدى تقدم الجيش (النظامي) السوري ونجاحه في تحقيق نتائج ملموسة على صعيد استعادة مواقعه على الأرض.
وجاء كلام الرئيس الروسي مواكبا لإعلان تركيا عن إسقاطها لإحدى الطائرات الروسية التي قالت إنها اخترقت الأجواء التركية بعد أن قامت أجهزتها بتحذيرها ثلاث مرات دون استجابة وهو ما دعاها إلى اتخاذ قرار ضربها. وردًا على هذا الإعلان سارعت وزارة الدفاع الروسية إلى إصدار بيان تقول فيه إن الطائرات الروسية التي شاركت في الغارات الجوية ضد «مواقع التنظيمات الإرهابية - حسب تعبيرها - نفذت مهمتها بنجاح وعادت إلى قواعدها سالمة»، وإن اعترفت بأن الطائرات من دون طيار تواصل القيام بمهمتها في المنطقة.
وكشفت المصادر العسكرية الروسية عن أن وفدا عسكريا روسيا يقوم بزيارة لتركيا للمشاورات مع نظرائه هناك حول احتواء مثل هذه المواقف والتنسيق المشترك من أجل تلافي وقوع حوادث جديدة مشابهة. وكشف الجنرال إيغور كوناشينكوف الناطق باسم الوزارة أول من أمس عن أن «المرحلة الأولى من التدريبات التي تهدف إلى منع وقوع حوادث طيران غير مرغوب فيها في أجواء سوريا جرت يوم الأربعاء الماضي، فيما كان الخميس موعدا للمرحلة الثانية من هذه التدريبات، وأن خطا ساخنا تم إطلاقه بين مركز إدارة الطيران في قاعدة حميميم الجوية السورية ومركز القيادة لسلاح الجو الإسرائيلي، للإبلاغ المتبادل حول طلعات الطائرات في أجواء سوريا» إلى جانب المشاورات مع الولايات المتحدة من أجل تقريب مواقفهما.
ما يستحق الإشارة أن بوتين أشار كذلك إلى أن العملية الجوية الفضائية التي تقوم بها الطائرات الروسية في سوريا «حققت نتائج ملموسة»، فيما أكد أنها «محدودة زمنيا» وترتبط بمدى ما سيحققه الجيش (النظامي) السوري من تقدم على الأرض». وأمس نشر التلفزيون الروسي عددا من التقارير الميدانية التي كشف فيها عن أن هناك من المعارك ما يدور في ضواحي دمشق التي قالت إن المعارضة تسيطر على ثلاثة من أحيائها، تبلغ مساحتها عشرة في المائة من مساحة العاصمة. وفي معرض لقاءاته مع القادة العسكريين من نظام النظام أشار مراسل القناة الثانية الرسمية إلى أن المعارك تدور على نحو شديد الوطأة بينما أشار إلى الدعم المتواصل الذي تتلقاه هذه الفصائل من الخارج، فضلا عما استطاعت تصنيعه محليا من أسلحة وذخائر.
على صعيد ثان، أعلن الجنرال أندريه كارتابولوف، رئيس إدارة العمليات لهيئة الأركان العامة الروسية، بمؤتمره الصحافي الذي عقده للملحقين العسكريين والصحافيين الأجانب أمس الجمعة، أنه لم يستبعد إقامة قاعدة عسكرية روسية في سوريا تضم العناصر الجوية والبحرية والبرية. وقال: «على الأرجح كنت سأتحدث عن إقامة قاعدة عسكرية روسيا موحدة، وأنها ستكون قاعدة تضم عناصر عدة منها الجوية والبحرية والبرية». وكشف كارتابولوف عن خريطة خاصة أعدتها وزارة الدفاع الروسية لمواقع مسلحي «داعش» و«جبهة النصرة»، وكذلك مواقع القوات النظامية السورية التي ستسلمها لجميع الملحقين العسكريين.
ومما قاله كارتابولوف «إن زهاء مائة مسلح من المتطرفين المسلحين من (جبهة النصرة) يعبرون كل ليلة في منطقة ريحانلي (الريحانية)، ومسلحي (داعش) - في منطقة جرابلس حسب البيانات الواردة عن أجهزة الأمن والاستخبارات التي أفادت أن الوضع في سوريا خلال الأسبوع الأخير تغير جذريا بسبب الغارات الروسية»، مدعيًا أن مسلحي «داعش» يهربون من مواقعهم بشكل جماعي.
أيضًا قال المسؤول العسكري الروسي «إن قدرات السفن الروسية في المتوسط تسمح لها بتوجيه ضربات إلى مواقع تنظيم داعش في أي لحظة بعد اتخاذ القرار من قبل القيادة العسكرية». وأضاف: «إن السفن الروسية في البحر المتوسط تقوم بتوفير الدعم المادي للعملية الجوية الروسية في سوريا»، فيما كشف عن وجود سفن حربية روسية «لضمان الدفاع الجوي لقاعدتنا». مؤكدا أنها لا تستهدف بنيران دفاعاتها الجوية بأي شكل من الأشكال دول التحالف.
وسخر الجنرال كارتابولوف مما يقال حول «القدرات الأميركية غير المحدودة» ووصفها بأنها «قصص للأطفال»، مشيرا إلى أن الأميركيين لم يلاحظوا عمليات إطلاق صواريخ مجنحة روسية من بحر قزوين لاستهداف مواقع لـ«داعش» في سوريا. واتهم الائتلاف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بأنه «يقصف الجسور وخطوط أنابيب والمحطات الكهربائية وغيرها من المرافق، ما يؤدي إلى تدهور مستوى المعيشة للمواطنين»، مشيرا إلى أن «خطوات التحالف أعاقت خطوات القوات الحكومية وأدت إلى تقليص القدرات القتالية للجيش السوري ودفعته إلى التراجع، بينما تمكن تنظيم داعش من الحصول على الأغذية في دول مجاورة.
ونفى كارتابولوف وجود أي ضباط روس في صفوف الجيش النظامي السوري، قائلا إن القوات الجوية الروسية تعمل ضد تنظيم داعش بشكل مستقل، وإن كشف عن وجود «مجموعة صغيرة من العسكريين الروس في مقارهم بسوريا تقوم بمهام التنسيق مع تحليقات القوات الجوية (النظامية) السورية وتقديم المعلومات الدقيقة بشأن مواقع جبهة القوات الحكومية». ومن اللافت أن المسؤول العسكري الروسي كشف عن الأعداد التقريبية لمسلحي «داعش» بأن هناك من يقدرها بين أربعين وثمانين ألفا، لكنه وبموجب تقريب التقديرات يمكن أن تكون في حدود أربعين إلى خمسين ألفا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.