تحذيرات أممية من «انجرار» لبنان واليمن إلى الحرب

غوتيريش يكرر المطالبة بـ«وقف فوري» للنار في غزة... وأعضاء مجلس الأمن قلقون

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (إ.ب.أ)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (إ.ب.أ)
TT

تحذيرات أممية من «انجرار» لبنان واليمن إلى الحرب

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (إ.ب.أ)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (إ.ب.أ)

تداور أعضاء مجلس الأمن يوم (الجمعة) على تكرار تحذيرات الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن «قلق بالغ» من خطر اتساع نطاق الحرب في غزة إلى الضفة الغربية، منبهاً خصوصاً إلى «شبح صراع لا يمكن احتواؤه، مع عواقب مدمرة محتملة» على لبنان، واحتمال «انجرار» اليمن إلى حرب إقليمية بسبب استمرار اعتداءات جماعة الحوثي المدعومة من إيران على السفن التجارية في البحر الأحمر.

وفي بيان عشية رأس السنة الجديدة، أصدر غوتيريش أقوى تحذيراته من وقوع حرب إقليمية مدمرة، قائلاً إنه مع تصاعد الأعمال العدائية بين إسرائيل و«حماس» وغيرها من الفصائل الفلسطينية في غزة، «يشعر بقلق بالغ» من الصراع، الذي «يمكن أن تكون له عواقب مدمرة على المنطقة بأسرها»، مضيفاً أن «هناك خطراً مستمراً بحصول صراع إقليمي أوسع نطاقاً». ونبّه إلى أن تصاعد العنف في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك العمليات المكثفة لقوات الأمن الإسرائيلية، وارتفاع أعداد القتلى، وعنف المستوطنين، وهجمات الفلسطينيين على الإسرائيليين، أمر «مثير للقلق للغاية». كما أن التبادل اليومي لإطلاق النار عبر الخط الأزرق بين إسرائيل ولبنان «قد يؤدي إلى تصعيد أوسع».

وأكد أنه يشعر «بقلق متزايد» بشأن الآثار غير المباشرة للهجمات المستمرة التي تشنها الجماعات المسلحة في العراق وسوريا، وكذلك هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، التي تصاعدت في الأيام الأخيرة. وكرر دعوته إلى «وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية في غزة، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن».

مجلس الأمن خلال انعقاده لبحث أزمة غزة في 22 ديسمبر 2023 (د.ب.أ)

مجلس الأمن

وتزامنت تصريحات غوتيريش هذه مع جلسة عقدها مجلس الأمن بطلب من الإمارات العربية المتحدة، واستمع خلالها إلى إحاطة من الأمين العام المساعد للأمم المتحدة لشؤون الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ خالد خياري الذي وصف الوضع بأنه «مثير للقلق» بسبب استمرار العمليات البرية الإسرائيلية المكثفة والقتال بين القوات الإسرائيلية و«حماس» وغيرها من الفصائل الفلسطينية في معظم مناطق غزة.

وإذ كرر دعوة غوتيريش إلى «وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية» في غزة، لفت إلى أن «خطر انتشار هذا الصراع إقليمياً مع عواقب مدمرة محتملة على المنطقة بأكملها لا يزال مرتفعاً»، مضيفاً أن «التبادل اليومي المستمر لإطلاق النار عبر الخط الأزرق يمثل خطراً جسيماً على الاستقرار الإقليمي». وأشار إلى سقوط ضحايا من المدنيين على جانبي الخط الأزرق، بالإضافة إلى ارتفاع عدد القتلى في صفوف المقاتلين، محذراً من أن الضربات في عمق الأراضي اللبنانية وإسرائيل تثير «شبح صراع لا يمكن احتواؤه، مع عواقب مدمرة محتملة على لبنان».

ورأى أنه «مع تزايد خطر سوء التقدير ومزيد من التصعيد مع استمرار الصراع في غزة، فمن الأهمية بمكان أن تقوم كل الأطراف الفاعلة على الفور بوقف التصعيد والعودة إلى وقف الأعمال العدائية بموجب إطار القرار (1701)»، الذي جرى التوصل إليه بعد حرب عام 2006.

عناصر من الحوثيين فوق السفينة «غالاكسي ليدر» المختطفة في ميناء الحديدة (إعلام حوثي)

قلق من الحوثيين

وأشار المسؤول الأممي الرفيع إلى الهجمات على القواعد الأميركية في العراق وسوريا بشكل يومي، وإلى رد الولايات المتحدة ببعض الضربات الجوية ضد الجماعات المشتبه في قيامها بهذه الأعمال في العراق وسوريا. وأضاف أن «التهديد الحوثي المستمر للملاحة البحرية في البحر الأحمر يشكل مصدر قلق متزايد»؛ لأنه «يهدد بتفاقم التوترات الإقليمية، ومزيد من التصعيد، كما أن له عواقب سياسية واقتصادية وإنسانية خطيرة محتملة على الملايين في اليمن والمنطقة».

وحذر من أن لهذا التهديد أيضاً «تداعيات محتملة على نطاق عالمي إذا تأثرت سلاسل الشحن والتوريد الإقليمية والدولية سلباً نتيجة لمزيد من التصعيد في البحر الأحمر». وشجع على وقف التصعيد ووقف الهجمات والتهديدات «حتى تتمكن حركة المرور عبر البحر الأحمر من العودة إلى حالتها الطبيعية»، مع تلافي «خطر انجرار» اليمن إلى حرب إقليمية.

دخان يتصاعد بعد انفجار في طولكرم بالضفة الغربية (رويترز)

الضفة الغربية

ولاحظ خياري أنه في كل أنحاء الضفة الغربية المحتلة «استمرت التوترات المتصاعدة بين قوات الأمن الإسرائيلية والفلسطينيين، واستمر العنف المكثف والقيود الواسعة النطاق على الحركة»، عادّاً أن ما شهدته الأسابيع الأخيرة من عمليات إسرائيلية هو «الأكثر كثافة منذ الانتفاضة الثانية». وأوضح أنه منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي قُتل 304 فلسطينيين، بينهم 79 طفلاً في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، مضيفاً أنه «وقع ما يزيد على 70 في المائة من القتلى الفلسطينيين خلال عمليات قوات الأمن الإسرائيلية، خصوصاً في محافظتي جنين وطولكرم».


مقالات ذات صلة

«روما الرباعي»... زخم يتصاعد نحو هدنة في غزة

المشرق العربي فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)

«روما الرباعي»... زخم يتصاعد نحو هدنة في غزة

يلتقي الوسطاء (قطر ومصر والولايات المتحدة) في اجتماع رباعي، الأحد، بروما بمشاركة إسرائيلية، وسط مخاوف من «تجدد العراقيل الإسرائيلية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي طائرة مسيرة أطلقها «حزب الله» اللبناني في إحدى عملياته (لقطة من فيديو)

«حزب الله» يستهدف قوة إسرائيلية شمال ثكنة «يفتاح» بالمسيرات

أعلن «حزب الله» اللبناني أن عناصره استهدفوا قوة مدرعات إسرائيلية تمركزت مؤخرا شمال ثكنة «يفتاح» الإسرائيلية بالمسيرات الانقضاضية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة سبق أن وزَّعها إعلام «حزب الله» لباخرة الحفر «إنرغين» قرب حقل «كاريش» بين لبنان وإسرائيل (أ.ف.ب)

«حزب الله» يلوّح باستهداف منصات الغاز في إسرائيل خلال «الحرب الشاملة»

عاد «حزب الله» ليهدد باستهداف حقول الغاز في إسرائيل في حال قررت الأخيرة توسعة الحرب على لبنان، بعدما بلغت الضغوط والتهديدات من قبل الطرفين مراحل غير مسبوقة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي جنود من الجيش اللبناني يتفقدون حطام سيارة بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت قرية برج الملوك على مسافة نحو 18 كيلومتراً من مدينة النبطية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

ثلاثة شروط للحرب الإسرائيلية على لبنان... آخرها سياسي

قبل أن ينهي رئيس الوزراء الإسرائيلي زيارته لواشنطن أفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن الجيش أبلغ القيادة السياسية «باكتمال الاستعدادات لإجراء مناورة برية كبيرة».

يوسف دياب

«روما الرباعي»... زخم يتصاعد نحو هدنة في غزة

فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)
فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)
TT

«روما الرباعي»... زخم يتصاعد نحو هدنة في غزة

فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)
فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)

في مسعى جديد لإقرار هدنة ثانية في قطاع غزة، وإنهاء الحرب المستمرة منذ 10 أشهر، يلتقي الوسطاء (قطر ومصر والولايات المتحدة)، في اجتماع رباعي، الأحد، بروما بمشاركة إسرائيلية، وسط مخاوف من «تجدد العراقيل الإسرائيلية». وأعد لـ«اجتماع روما الرباعي» خبراء ضمن زخم يتصاعد وحراك مكثف في مسار المفاوضات يشي بإمكانية أن يكون هناك جديد في مستقبل مفاوضات الهدنة.

ويتوقع الخبراء أن يكون اجتماع روما «إجرائياً» ويناقش «الخلافات» التي من بينها كيفية عودة النازحين وفتح معبر رفح الحدودي؛ لتنفيذ المرحلة الأولى من الهدنة الممتدة إلى 42 يوماً، من بين 3 مراحل تضمنها مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن، في مايو (أيار) الماضي، لوقف إطلاق النار في غزة.

ويجتمع الأحد مسؤولون من مصر وقطر والولايات المتحدة وإسرائيل في روما، في «إطار استمرار جهود الوسطاء للوصول لاتفاق هدنة بقطاع غزة»، حسب ما نقلت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية عن مصدر مصري وصفته بـ«رفيع المستوى». ويبحث الوفد الأمني المصري تطورات مفاوضات الهدنة في قطاع غزة، وفق المصدر ذاته، الذي أكد تمسك مصر بضرورة الوصول لصيغة تحمل 4 بنود؛ هي: «وقف فوري لإطلاق النار، وضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وضمان حرية حركة المواطنين في القطاع، والانسحاب الكامل من منفذ رفح».

مشيعون يُصلّون على أشخاص قتلوا في غارة إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)

بلينكن والحراك المكثف

ذكر موقع «أكسيوس» الأميركي، نقلاً عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، أن «اجتماع روما» سيكون بمشاركة مدير وكالة المخابرات المركزية، ويليام بيرنز، ورئيس المخابرات المصرية، عباس كامل، ورئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ومدير الموساد، ديفيد بارنياع.

تلك التطورات تشي بـ«حراك مكثف» في طريق المفاوضات قد يؤدي إلى نتيجة، أو يعود إلى سلسلة جديدة من الجولات من دون الوصول لاتفاق، وسط استمرار الانتهاكات الإسرائيلية، وفق ما قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، لـ«الشرق الأوسط».

وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، السبت، خلال اجتماع رابطة «آسيان» في فينتيان، إن واشنطن «تعمل يومياً بشكل حثيث» للوصول إلى اتفاق هدنة، بعد مطالبة الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال زيارته لواشنطن، تنفيذ الاتفاق في أقرب وقت ممكن ووقف الحرب، وذلك قبيل الإعلان عن عقد اجتماع بروما.

شكوك في النجاح

وإزاء توالي المواقف الأميركية الضاغطة بشكل أكبر، سواء من بايدن أو هاريس ثم اجتماع روما، يأمل الكثيرون أن يقود هذا الزخم الكبير، إلى اتفاق هدنة جديدة، شريطة أن تكون هناك رغبة إسرائيلية حقيقة في التوصل إلى اتفاق، وفق الخبير في العلاقات الدولية عمرو الشوبكي.

ولا يُتوقع أن يتضمن اجتماع روما «مفاوضات مفصلة حول الفجوات المتبقية، لكنه سيركز بشكل أساسي على الاستراتيجية للمضي قدمًا»، وفقاً لما نقله موقع «أكسيوس» عن مصدر مطلع. وقال المصدر «لم يكن المفاوضون الإسرائيليون متفائلين بأن الاجتماع في روما سيؤدي إلى انفراجة، وشككوا في أن ضغوط بايدن على نتنياهو قد أقنعته بتخفيف بعض مطالبه الصعبة الجديدة في الاقتراح الإسرائيلي المحدث»، في إشارة لما ذكره، الجمعة، مسؤول غربي ومصدر فلسطيني ومصدران مصريان لـ«رويترز» عن سعي إسرائيل إلى «إدخال تعديلات قد تعقّد التوصل إلى اتفاق».

وكانت أهم التعديلات، وفق حديث المصادر الأربعة، بند يتمثل في «مطالبة إسرائيلية بفحص النازحين الفلسطينيين لدى عودتهم إلى شمال القطاع، خشية أن يكون من بينهم مسلحون من حماس أو متعاطفون مع الحركة»، وهو ما ترفضه حماس. وبند آخر تمثل في «احتفاظ الجانب الإسرائيلي بالسيطرة على حدود غزة مع مصر»، وهو ما ترفضه القاهرة بوصفه «يتجاوز أي إطار لاتفاق نهائي ترضى به الأطراف».

فلسطينيون يجلسون بجوار مبنى دمره القصف الإسرائيلي على قطاع غزة في وقت سابق (أ.ب)

الانسحاب الكامل من غزة

ونقلت «وكالة الأنباء الألمانية» عن مصدر قيادي فلسطيني لم تسمه، السبت، أن «حماس» لا تزال على موقفها بضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة، بما فيه ممر نتساريم ومحور فيلادلفيا، وعدم قبول أي صيغة جديدة لا تتضمن نصاً واضحاً على وقف إطلاق النار.

وإذا لم يتجاوز اجتماع روما عقبات الحكومة الإسرائيلية وشروطها الجديدة، فإن عملية تفاوض ستكون صعبة جداً، وفق تقدير رخا أحمد حسن، متوقعاً ألا يتجاوب نتنياهو مع الموقف المصري - الذي سيضع مطالب القاهرة الـ4 على الطاولة في اجتماع روما - أملاً في إطالة أمد التفاوض لما بعد الانتخابات الأميركية الرئاسية، رغم أن إسرائيل حققت قدراً من أهدافها العسكرية، لكنها تريد المزيد على صعيد الجانب السياسي.

كما يتوقع أن يبحث اجتماع روما نقاط الخلاف في الاتفاق، مثل الانسحاب الإسرائيلي من داخل المدن، واستمرار إسرائيل في السيطرة على معبر رفح وتفتيش النازحين، ودور «حماس» بعد الحرب، بجانب نقاط فرعية مثل أعداد الأسرى.

نصب فلسطينيون خيماً بالقرب من الحدود المصرية بعد فرارهم من المعارك العنيفة في غزة (د.ب.أ)

ويعتقد عمرو الشوبكي أن «المطالب المصرية سوف تنفذ حال الوصول إلى اتفاق، كونها بعضا من كل، ودون ذلك سيماطل نتنياهو ويواصل كسب الوقت». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لكن هذه المرة الزخم كبير» نحو إقرار هدنة في غزة، وبالتالي فرصة إبرام اتفاق وتحقيق انفراجة قائمة، لكن «نتعامل معها بحذر» في ضوء تكرر تلك المؤشرات مع مسارات تفاوضية سابقة دون الوصول إلى صفقة جادة وحقيقية.