فولكر تورك لـ«الشرق الأوسط»: الكلمات تعجز عن وصف حجم المعاناة في غزة

المفوض الأممي لحقوق الإنسان: 70 % من قتلى غزة نساء وأطفال... ونصف مليون معرّضون للمجاعة

TT

فولكر تورك لـ«الشرق الأوسط»: الكلمات تعجز عن وصف حجم المعاناة في غزة

تورك لدى إلقائه خطاباً في الذكرى السنوية الـ75 لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بجنيف في 11 ديسمبر (رويترز)
تورك لدى إلقائه خطاباً في الذكرى السنوية الـ75 لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بجنيف في 11 ديسمبر (رويترز)

عجز المفوّض الأممي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، عن إيجاد كلمات تصف حجم معاناة أهل غزة، داعياً إلى وقف إطلاق نار عاجل على أسس إنسانية. ومع تواصل القصف الإسرائيلي على القطاع، جدّد تورك تحذيره من أن «لا مكان آمناً» في غزة، لافتاً إلى أن 70 في المائة من القتلى هم من الأطفال والنساء.

ومع دخول حرب غزة يومها الـ84، دقّ المفوّض الأممي ناقوس الخطر إزاء انعدام الأمن الغذائي في القطاع، لافتاً في حوار مع «الشرق الأوسط» إلى أن نصف مليون شخص أصبحوا معرّضين لخطر المجاعة.

أما في الضفة الغربية التي تشهد تصاعداً في عنف المستوطنين، شدد فولكر على أهمية المساءلة، ودعا إلى التحقيق في الحوادث «المروعة» بحق الفلسطينيين.

تطرّق تورك كذلك إلى الحرب في السودان، مديناً استمرار الصراع «العبثي» بين الجنرالين، وداعياً إلى ضرورة وقف القتال وإعطاء المدنيين كلمة في مستقبل البلاد.

وبينما يعيش ربع الإنسانية حول العالم في مناطق غائصة في الصراعات والعنف المسلح، دعا تورك إلى ضرورة احترام قواعد الحروب لمنع استمرار «الانتهاكات البشعة». بيد أنه رفض فكرة إصلاح أو مراجعة الإطار الدولي لحقوق الإنسان، عادَّاً أن التحدي يكمن في التنفيذ، لا في المعايير المعتمدة.

في ما يلي أبرز ما ورد في الحوار...

لا مكان آمناً في غزة

جدّد المفوض السامي لحقوق الإنسان دعوته العاجلة إلى وقف إطلاق النار على أسس إنسانية في غزة، مؤكداً سقوط 20 ألف قتيل في القطاع منذ بداية الحرب، 70 في المائة منهم من الأطفال والنساء.

وبعد مرور 12 أسبوعاً على الهجوم الذي شنّه مقاتلو حركة «حماس» على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، والذي تسبب في مقتل 1200 وأخذ 240 رهينة، وفق تل أبيب، شنّت القوات الإسرائيلية حرباً دمّرت جزءاً كبيراً من قطاع غزة، وتسببت في مقتل أكثر من 20 ألف شخص، ونزوح غالبية سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة أكثر من مرة.

وبينما يتواصل القصف الإسرائيلي العنيف على القطاع، حذّر تورك من انعدام الأمن الغذائي، حيث «تأثر جميع سكان القطاع بذلك»، في حين أصبح «نصف مليون بينهم معرّضون لخطر المجاعة». كما أشار إلى تفاقم معاناة النازحين الفلسطينيين مع انخفاض درجات الحرارة. وقال: «لكِ أن تتخيلي ما يعنيه حلول فصل الشتاء (في هذه الظروف)، حيث نرى انخفاض درجات الحرارة، والناس غير قادرين على النوم بشكل مناسب، كما أنهم غير قادرين على الحصول على المساعدة الإنسانية».

وعن استمرار القصف، قال تورك: إن «لا مكان آمناً في القطاع»، لافتاً إلى أن بعض أوامر الإخلاء الصادرة عن الجيش الإسرائيلي «تصدر خلال فترة زمنية قصيرة جداً. ولا يستطيع الناس اتّباعها بشكل مناسب». وتابع: «ينبغي القول كذلك إنه لا يوجد مكان آمن في غزة نفسها في الوقت الحالي. لا يمكننا التحدث عن السلامة في أي مكان. وبالتالي، إلى أين سيذهب الناس؟».

وقال المفوض الأممي: إن الوضع في غزة «كارثي»؛ إذ يتواجد اليوم «ما يزيد على مليون فلسطيني في جنوب رفح. (...) الناس ينامون في الشوارع، في العراء. وبعضهم لم يتمكن حتى من اتباع أوامر الإخلاء. نحن نواجه وضعاً كارثياً للغاية».

وتساءل تورك عن «ما ينبغي أن يحدث لتقديم حجة قوية لمدى كارثية الوضع»، مجدداً أن «ما نحتاج إليه اليوم بشكل عاجل هو وقف لإطلاق النار لأسباب إنسانية حتى تنتهي هذه المأساة».

إحباط داخل الأمم المتحدة؟

توحي تصريحات المسؤولين الأمميين المتتالية حول حرب غزة بشعور بالإحباط من فشل المجتمع الدولي في الدعوة إلى وقف إطلاق نار فوري ودائم في القطاع.

إلا أن تورك رأى في قرار مجلس الأمن الدولي، الذي دعا الأسبوع الماضي إلى «اتخاذ خطوات عاجلة للسماح فوراً بإيصال المساعدات الإنسانية بشكل موسَّع وآمن ودون عوائق ولتهيئة الظروف اللازمة لوقف مستدام للأعمال القتالية»، إشارة واضحة.

جانب من جلسة مجلس الأمن الدولي التي عُقدت لمناقشة الأوضاع في غزة في 22 ديسمبر (أ.ب)

وقال: «أعلن مجلس الأمن بوضوح تام في الأسبوع الماضي أنه يجب أن تكون هناك طريق نحو وقف الأعمال العدائية. لذا؛ فإني أعتقد أن مجلس الأمن قد تحرك في اتجاه إعطاء إشارة واضحة للغاية».

وتابع: «آمل فقط أن يستخدم كل من له تأثير على إسرائيل و(حماس) نفوذه؛ حتى يعودوا إلى رشدهم، ويروا أن السبيل الوحيد للخروج هو وقف القتال. لا يمكننا أن نستمر في هذا العنف؛ لأن الناس سيعانون بشكل لا أستطيع حتى وصفه». وأضاف: «لا أجد الكلمات المناسبة لوصف هذا الوضع، وآمل فقط أن يتبين أن السبيل الوحيد للخروج منه هو وقف العنف».

التحقيق في «جرائم الحرب»

عند سؤاله عن ما إذا كان مكتبه سيشارك في التحقيق في جرائم حرب إسرائيلية محتملة في قطاع غزة، قال تورك: إن «المساءلة ومحاسبة انتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت من طرف الجانبين (في إشارة إلى حركة «حماس» وإسرائيل) يجب أن تؤخذ على محمل الجد، ويجب التحقيق فيها وتقديمها إلى العدالة»، مضيفاً أن «الإفلات من العقاب لن يخدم أي غرض».

وأوضح المفوض، أنه «بمجرد توقف القتال، يجب أن تكون حقوق الإنسان محورية في ما نأمل أن يكون تعايشاً سلمياً بين الإسرائيليين والفلسطينيين». وشدد في الوقت ذاته على أهمية المساءلة، وقال: «فما رأيناه في الكثير من الصراعات حول العالم هو أن المساءلة لا تؤخذ على محمل الجد. وإذا لم تؤخذ على محمل الجد، فإننا سنرى تكرار أعمال العنف والصراع».

بصيص أمل «اليوم التالي»

ورغم حجم المعاناة الإنسانية التي يشهدها المدنيون في غزة، يتمسّك تورك ببصيص أمل في «اليوم التالي».

وقال: «من الواضح أنني أشعر باليأس على المستوى الشخصي، وأشعر بقلق عميق وتعاطف عميق وتضامن مع جميع الأشخاص الذين يعانون. ولكن من الصحيح أيضاً أن هناك يوماً تالياً. لأننا رأينا ذلك مع كل الصراعات. سيكون هناك يوم تالٍ، وعلينا الاستعداد له».

ويرى المسؤول الأممي الرفيع، أن السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة هو الإيمان بقدرة الإسرائيليين والفلسطينيين على العيش جنباً إلى جنب في سلام.

ويبرّر تورك تمسّكه بالأمل بما حملته زياراته إلى منطقة الشرق الأوسط من لقاءات. ويقول: «عندما ذهبت إلى مصر والأردن، وعندما أتيحت لي فرصة التعامل مع نشطاء حقوق الإنسان الإسرائيليين، رأيت أملاً في نوع النقاشات التي أجريتها في المنطقة، خاصة بين الشباب الذين لم يفقدوا الأمل والإيمان بالسلام وحقوق الإنسان». وتابع: «هذا يمنحني أملاً في أنه سيكون هناك يوم تالٍ يمكن أن يخرجنا من هذا الوضع الرهيب».

تدهور الأوضاع في الضفة

تزامن حديث تورك لـ«الشرق الأوسط» مع صدور تقرير للأمم المتحدة يفصّل تدهور حقوق الإنسان بشكل متسارع في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، بعد 7 أكتوبر 2023، ويدعو إسرائيل إلى وضع حد لعمليات القتل غير المشروع وعنف المستوطنين ضد السكان الفلسطينيين.

وعبّر تورك عن قلقه الشديد مما يحدث في الضفة الغربية، وقال: «حتى قبل السابع من أكتوبر، شهدنا تدهوراً سريعاً في أوضاع حقوق الإنسان في الضفة، حيث قُتل نحو 200 فلسطيني. ومنذ 7 أكتوبر وحتى 27 ديسمبر (كانون الأول)، شهدنا مقتل 300 شخص آخرين، من بينهم أكثر من 70 طفلاً».

حقائق

300

عدد الفلسطينيين الذين قُتلوا على يد مستوطنين والقوات الإسرائيلية في الضفة الغربية منذ 7 أكتوبر وبينهم 70 طفلاً

وتابع: «إنه أمر لا يصدق. لقد شهدنا المزيد من اقتحامات المستوطنين. كما تعطلت عملية قطف الزيتون بشكل كبير (الذي يعدّ) بمثابة شريان حياة للكثير من العائلات الفلسطينية»، مضيفاُ: «نرى صوراً مروعة للعنف غير المقبول. ومن المهم جداً تحقيق المساءلة، والتحقيق في الحوادث، وتوقف العنف».

ودعا التقرير الأممي إلى وضع حد فوري لاستخدام الأسلحة العسكرية وأساليب وتكتيكات الوسائل العسكرية خلال عمليات إنفاذ القانون، وإلى وضع حد للاحتجاز التعسفي الجماعي وإساءة معاملة الفلسطينيين، وطالب برفع القيود التمييزية المفروضة على حرية التنقل.

وأكّد التقرير، أن من بين 300 فلسطيني الذين قُتلوا منذ 7 أكتوبر في الضفة الغربية والقدس الشرقية، قتلت القوات الإسرائيلية ما لا يقل عن 291 فلسطينياً، وقتل المستوطنون ثمانية، بينما قُتِل فلسطيني واحد إما على يد القوات الإسرائيلية أو المستوطنين.

صراع عبثي في السودان

عبّر المفوض الأممي لحقوق الإنسان عن استيائه من استمرار «الصراع العبثي» في السودان، مجدداً دعوته للجنرالين المتحاربين؛ قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو، بـ«العودة إلى رشدهما» ووقف القتال.

واستذكر تورك زيارته إلى السودان قبل أكثر من عام، حيث عقد لقاءات «مشجعة للغاية» مع «المدافعين عن حقوق الإنسان، والشباب والنساء الذين كانوا جزءاً من الثورة للإطاحة بثلاثين عاماً من الدكتاتورية العسكرية». وقال: «عندما بدأ القتال مرة أخرى في أبريل (نيسان) من العام الماضي بين هذين الجيشين، بين هذين الرجلين وجيوشهما، انفطر قلبي لمعاناة جميع السودانيين».

وأشار تورك إلى التدهور السريع الذي شهدته الخرطوم، «حيث اضطررنا إلى إجلاء موظفينا. ويمكنكِ أن تتخيلي ما يعنيه ذلك بالنسبة للناس؛ إذ إن المستشفيات لم تعد تعمل، كما لم تعد المساعدات الإنسانية تصل بالطريقة المناسبة». أما في دارفور، فندد فولكر بـ«استئناف القتال المروع مرة أخرى، بما في ذلك على أساس عرقي، وهو أمر اعتقدنا أنه تم تجاوزه».

واستنكر المسؤول الأممي «استمرار تصعيد لا معنى له»، مستبعداً أن «يتمكن أي طرف من تحقيق أي شيء من خلال الصراعات العسكرية». وقال: «سيتعيّن العودة إلى بناء بلد يكون للمدنيين فيه كلمتهم؛ لأن هذا هو ما يريدون، وحيث تلعب حقوق الإنسان دوراً رئيسياً ومركزياً. هذا ما أراده شعب السودان منذ عقود. ولا يسعنا إلا أن ندعمهم في هذا، وآمل أن يعود كلا الزعيمين إلى رشدهما وينهيا هذه الحرب العبثية».

وكان المفوّض قد حثّ مراراً كلاً من الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» على احترام القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان. وعلى الطرفَيْن حماية المدنيين والأعيان المدنية. كما شدد على حماية طرفي الصراع العاملين في الإغاثة والمدافعين عن حقوق الإنسان، الذين تشتد أهمية عملهم في مثل هذه الظروف الصعبة، وأن يضمنا حصول المدنيين على المساعدات الإنسانية التي هم بأمسّ الحاجة إليها.

قواعد الحروب

وعن صعوبة تقديم المساعدات الإنسانية الأساسية في حربَي السودان وغزة، ذكّر تورك بمبادئ العمل الإنساني، والتي تشمل الوصول الحر وغير المحدود للمساعدات الإنسانية، وحماية العاملين في المجال الإنساني، وتصنيف المنع التعسفي للمساعدات الإنسانية «جريمة حرب».

وقال: إن «هذه مجالات تحتاج حقاً إلى إعادة تأكيد، ويجب التفكير فيها كمبادئ إنسانية أساسية يجب احترامها». وتابع: «أعتقد أن العالم في حاجة إلى أن ينتبه لذلك، وأن يطالب به جميع الأطراف المتحاربة حول العالم».

تُخاض الحروب وفق قواعد يجب احترامها

فولكر تورك

ولفت تورك إلى أن «هناك أكثر من 50 صراعاً وحالة عنف حول العالم، ونرى أن نوعية الانتهاكات أصبحت بشعة ومروعة لدرجة أنك تتساءل ما إذا كان أولئك الذين يشنّون هذه الحروب، والذين يقفون خلفها، يعرفون حقاً ما هو جوهر الإنسانية»؟.

وشدد على أن «الحروب، عندما تخاض للأسف، فإنها تُخاض وفق قواعد يجب احترامها».

إصلاح الإطار الدولي لحقوق الإنسان

سألت «الشرق الأوسط» تورك عن ما إذا كان الإطار الدولي لحقوق الإنسان في حاجة إلى مراجعة أو إصلاح. فجاء ردّه حاسماً: المشكلة تكمن في آليات التنفيذ، لا في المعايير المتفق عليها دولياً.

وقال: «أعتقد أنه من المهم جداً أن ندرك أن لدينا معايير وإطاراً معيارياً معتمداً. المشكلة تتعلق بالتنفيذ». وتابع: «لدينا هذه المعايير، وقد تم تجربتها واختبارها على مدى عقود. لقد تم تطويرها في كثير من الأحيان بجهد مُضنٍ من قِبل المجتمع الدولي، والدول الأعضاء (في الأمم المتحدة)، والمجتمع المدني على مدى عقود عديدة. لذا؛ فإن الأمر لا يتعلق بالقواعد أو المعايير، بل يتعلق بتنفيذها».

ورأى تورك، أن هناك دعوة واضحة للعمل بحقوق الإنسان، وبالحريات الأساسية في إطار الصراعات وخارجها أيضاً، ولضمان الحريات الأساسية. «وأعتقد أنه يجب أن يكون هناك المزيد من التثقيف حول قيمة حقوق الإنسان، بحيث تؤثر أيضاً على القرارات السياسية».

ومع إقبال العالم على انتخابات في نحو 70 دولة، وانخراط نحو 4 مليارات شخص في اختيار حكومات وزعماء وبرلمانات جديدة، شدد تورك على أهمية «نظر الناخبين بعناية شديدة إلى البرامج السياسية التي يتم طرحها، وما إذا كانت هذه البرامج السياسية متوافقة مع حقوق الإنسان الحقوق. وإذا لم تكن كذلك، فقد لا يرغبون في التصويت لصالح هؤلاء المرشحين».

أزمة الهجرة ومستقبل أوروبا

مع إقبال عدد من الدول الأوروبية على موسم انتخابي جديد في عام 2024، حذّر تورك من أن تتحول قضية الهجرة وحماية اللاجئين إلى «ورقة مزايدات سياسية»، محذراً من تجريد المهاجرين من إنسانيتهم.

وقال: «يجب أن تُعالج قضايا الهجرة واللاجئين على أساس الحقائق والأدلة (...) بطريقة غير مسيسة. لأن ما أراه بدلاً من ذلك في كثير من الأحيان، هو (تسييس القضية) على أساس الهوية. كما أن العنصرية تظهر أحياناً (في هذه النقاشات) بصراحة»، وتابع: «من المهم حقاً أن نتغلب على ذلك، وأن ننظر إلى الهجرة كقوة من أجل الخير، وكشيء تحتاج إليه المجتمعات».

ورأى تورك أن مستقبل أوروبا يعتمد على الهجرة، آسفاً لتقديم «وسائل الإعلام الجانب السلبي منها فقط».

 

 

أما عن قضية اللجوء، وتشدد السياسات الأوروبية تجاهها، دعا تورك إلى العودة «إلى بدايات حركة حقوق الإنسان، التي ضمنت للفارين من الحرب والاضطهاد وانتهاكات حقوق الإنسان حق طلب اللجوء». وقال: «هذا هو القانون، ويجب احترامه».

وعن السياسات التي تتبّعها المملكة المتحدة في مواجهة الهجرة، قال تورك: إن «ما يقلقني هو تجريد المهاجرين واللاجئين من إنسانيتهم في النقاشات العامة. هذا ليس أمراً جيداً، بل هو مُضِر لأي مجتمع». وتابع أنه يلمس هذا التوجه على نطاق أوسع، «حيث يتم تجريد المهاجرين واللاجئين من إنسانيتهم. ولا يُنظر إليهم كأشخاص لديهم احتياجات ويتمتعون بحقوق».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تقصف وتقتل وتُدمر ما تبقّى تحت سيطرتها بغزة

المشرق العربي طفلة فلسطينية تحمل خبزاً في حين يستعد آخرون لدخول صفوفهم في مدرسة للأونروا تؤوي عائلات نازحة تضطر يومياً لإخراج أمتعتها لمتابعة يوم دراسي جديد في دير البلح وسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)

إسرائيل تقصف وتقتل وتُدمر ما تبقّى تحت سيطرتها بغزة

خلال ساعات ليل ونهار السبت، استخدمت القوات الإسرائيلية الطائرات الحربية تارةً والعربات المفخخة تارةً أخرى، لقصف وتدمير ما تبقى من منازل وبنى تحتية داخل قطاع غزة

المشرق العربي على اليمين صورة لمريم إبراهيم قبل الإصابة في الحرب... ويساراً صورة لها بعد الإصابة (وسائل إعلام محلية - إ.ب.أ)

نجاح عملية معقّدة لفتاة فقدت جزءاً من جمجمتها في حرب غزة

نجت فتاة من غزة كانت تعاني من إصابة في جمجمتها، جراء شظية إسرائيلية، بعد جراحة تمت لها في الأردن.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)

وزير الخارجية المصري يدعو إلى نشر قوة استقرار دولية في غزة «بأسرع وقت»

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي اليوم (السبت) أنه ينبغي نشر قوة دولية لإرساء الاستقرار في غزة على طول «الخط الأصفر» للتحقق من وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (الدوحة - القاهرة)
شؤون إقليمية المستشار الألماني فريدريش ميرتس يصل إلى مطار براندنبورغ في برلين (أ.ب)

وسط توتر بسبب حرب غزة... ميرتس في أول زيارة لإسرائيل لتعزيز العلاقات

يسعى المستشار الألماني فريدريش ميرتس خلال زيارته الأولى إلى إسرائيل، السبت، التي تستمر حتى الأحد، إلى تعزيز العلاقة «الخاصة» بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شمال افريقيا الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (د.ب.أ)

بعد تمديد ولاية «الأونروا»... أبو الغيط يدعو الدول المانحة إلى التحرك لسد فجوة التمويل

رحّب أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بنتائج تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح الموافقة على تمديد ولاية «الأونروا».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
TT

تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)

ذكرت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، اليوم (الجمعة)، أن سفينة على بعد 15 ميلاً بحرياً غربي اليمن أبلغت عن تبادل لإطلاق النار بعد رصدها نحو 15 قارباً صغيراً على مقربة منها.

وأضافت السفينة أنها لا تزال في حالة تأهب قصوى وأن القوارب غادرت الموقع.

وأفاد ربان السفينة بأن الطاقم بخير، وأنها تواصل رحلتها إلى ميناء التوقف التالي.

وتشن جماعة الحوثي في اليمن هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر تقول إنها مرتبطة بإسرائيل، وذلك منذ اندلاع الحرب في غزة بعد هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على جنوب إسرائيل. وقالت الجماعة إن هجماتها للتضامن مع الفلسطينيين.


بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
TT

بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن بعض المقترحات في خطة أميركية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، غير مقبولة للكرملين، مشيراً في تصريحات نُشرت اليوم (الخميس) إلى أن الطريق لا يزال طويلاً أمام أي اتفاق، لكنه شدد على ضرورة «التعاون» مع واشنطن لإنجاح مساعيها بدلاً من «عرقلتها».

وقال بوتين في التصريحات: «هذه مهمّة معقّدة وصعبة أخذها الرئيس (الأميركي دونالد) ترمب على عاتقه».

وأضاف أن «تحقيق توافق بين أطراف متنافسة ليس بالمهمة بالسهلة، لكن الرئيس ترمب يحاول حقاً، باعتقادي، القيام بذلك»، متابعاً: «أعتقد أن علينا التعاون مع هذه المساعي بدلاً من عرقلتها».

وأطلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب أقوى دفعة دبلوماسية لوقف القتال منذ شنت روسيا الغزو الشامل على جارتها قبل نحو أربع سنوات. ولكن الجهود اصطدمت مجدداً بمطالب يصعب تنفيذها، خاصة بشأن ما إذا كان يجب على أوكرانيا التخلي عن الأراضي لروسيا، وكيف يمكن أن تبقى أوكرانيا في مأمن من أي عدوان مستقبلي من جانب موسكو.

وتأتي تصريحات الرئيس الروسي في الوقت الذي يلتقي فيه المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، جاريد كوشنر، بكبير المفاوضين الأوكرانيين رستم أوميروف، اليوم، في ميامي لإجراء مزيد من المحادثات، بحسب مسؤول أميركي بارز اشترط عدم الكشف عن هويته؛ لأنه غير مخوّل له التعليق علانية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وشخصيات روسية سياسية واقتصادية يحضرون محادثات مع المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب في قصر مجلس الشيوخ بالكرملين في موسكو بروسيا يوم 2 ديسمبر 2025 (أ.ب)

محادثات «ضرورية»

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن محادثاته التي استمرت خمس ساعات، الثلاثاء، في الكرملين مع ويتكوف وكوشنر كانت «ضرورية» و«مفيدة»، ولكنها كانت أيضاً «عملاً صعباً» في ظل بعض المقترحات التي لم يقبلها الكرملين، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وتحدث بوتين لقناة «إنديا توداي تي في» قبل زيارته لنيودلهي، اليوم. وبينما لم تُبث المقابلة بأكملها بعد، اقتبست وكالتا الأنباء الروسيتان الرسميتان «تاس» و«ريا نوفوستي» بعض تصريحات بوتين.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول في المقابلة، إن محادثات الثلاثاء في الكرملين تحتّم على الجانبين «الاطلاع على كل نقطة» من مقترح السلام الأميركي «وهذا هو السبب في استغراق الأمر مدة طويلة للغاية».

وأضاف بوتين: «كان هذا حواراً ضرورياً وملموساً»، وكانت هناك بنود، موسكو مستعدة لمناقشتها، في حين «لا يمكننا الموافقة» على بنود أخرى.

ورفض بوتين الإسهاب بشأن ما الذي يمكن أن تقبله أو ترفضه روسيا، ولم يقدّم أي من المسؤولين الآخرين المشاركين تفاصيل عن المحادثات.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول: «أعتقد أنه من المبكر للغاية؛ لأنها يمكن أن تعرقل ببساطة نظام العمل» لجهود السلام.


القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
TT

القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)

يبدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، زيارة رسمية إلى الهند تستغرق يومين. وتعد واحدة من الزيارات الخارجية النادرة له منذ اندلاع الحرب الأوكرانية في فبراير (شباط) 2022. ومثلما حظيت زيارته إلى الصين قبل ثلاثة أشهر، وقبلها إلى كوريا الشمالية العام الماضي، بأهمية كبرى في إطار رسم ملامح استراتيجية الكرملين في السياسة الخارجية، تُشكل الزيارة الحالية لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين، خصوصاً على خلفية الضغوط الأميركية المتزايدة على الهند لتقليص تعاونها مع موسكو.

وفي أول زيارة له إلى العاصمة الهندية منذ أربع سنوات، يرافق بوتين وزير الدفاع أندريه بيلووسوف، ووفد واسع النطاق من قطاعي الأعمال، والصناعة. ومن أبرز الوجوه المرافقة لبوتين رئيسا شركتي الطاقة «روسنفت» و«غازبروم» اللتين تخضعان لعقوبات غربية، إلى جانب مسؤولي المجمع الصناعي العسكري، ومؤسسة «روس أبورون أكسبورت» المسؤولة عن الصادرات العسكرية. بالإضافة إلى رؤساء القطاع المصرفي الروسي الذي يخضع بدوره لعقوبات غربية. وتعكس تشكيلة الوفد المرافق أولويات أجندة الطرفين، وطبيعة النقاشات التي تم التحضير لها في موسكو، ونيودلهي.

برنامج حافل

على مدار يومي القمة، سيبحث الطرفان التعاون في مجالات الدفاع، والطاقة النووية، والهيدروكربونات، والفضاء، والتكنولوجيا، والتجارة.

تُشكل زيارة بوتين لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين (أ.ف.ب)

واستبق الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف الزيارة بإشارة إلى أن بوتين سوف يناقش مع رئيس الوزراء ناريندرا مودي «القضايا الدولية، والإقليمية»، مشدداً على اهتمام الكرملين بتطوير التعاون الثنائي، وفتح مجالات جديدة للتعاون، وأشار إلى موقف واشنطن السلبي تجاه الزيارة، وتلويحها بمضاعفة التعريفات الجمركية في حال استمرت نيودلهي في تعزيز تعاونها مع موسكو، وخصوصاً في مجال الطاقة، موضحاً أنه «لا ينبغي أن تخضع العلاقات التجارية بين موسكو ونيودلهي لتأثير دول ثالثة»، وأعرب عن قناعته بأن «مسألة التعريفات الجمركية الأميركية تظل قضية ثنائية بين الولايات المتحدة والهند». ووصف بيسكوف الإجراءات المفروضة على قطاع النفط الروسي بأنها غير قانونية، مؤكداً أن روسيا تبذل كافة الجهود الممكنة لضمان استمرار تجارة الطاقة، وتدفقها دون انقطاع رغم التحديات. وأشار إلى أن الزيارة ستشهد توقيع حزمة مهمة من الوثائق الثنائية، دون الإفصاح عن تفاصيل محددة.

تعزيز التعاون في مجال الطاقة

قبل زيارة بوتين، أجرى مسؤولون من الجانبين محادثات في مجالات واسعة من الدفاع، إلى الشحن، والزراعة، وفي أغسطس (آب) الماضي، اتفق الطرفان على بدء محادثات بشأن اتفاقية تجارة حرة بين الهند والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، بقيادة روسيا.

وكرست هذه الخطوات مسار تعزيز العلاقة رغم بروز بعض المخاوف لدى مسؤولين في الهند أعربوا عن قلق من أن أي صفقات طاقة ودفاع جديدة مع روسيا قد تُثير رد فعل من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي ضاعف الرسوم الجمركية إلى 50 في المائة في أغسطس على السلع الهندية، عقاباً على مشتريات نيودلهي من النفط الخام الروسي.

بوتين يتحدّث خلال مؤتمر في موسكو يوم 3 ديسمبر (رويترز)

ويُشكّل ملف تعزيز التعاون في مجال الطاقة إحدى أولويات الكرملين، الذي أكد أن الهند سوف تواصل الحصول على معاملة تفضيلية.

زادت واردات النفط الروسية على مدار سنوات اتفاقية التجارة الحرة بنسبة 600 في المائة، مما جعل الهند المشتري الرئيس لصادرات النفط الروسية (38 في المائة). كما تشتري الهند الأسمدة، والزيوت النباتية، والفحم، والمعادن.

تُنقل هذه الشحنات عبر الممر البحري الشرقي الذي افتُتح مؤخراً بين فلاديفوستوك وميناء تشيناي الهندي، وهو طريق بطول 10300 كيلومتر يربط بين موانٍ استراتيجية في المحيطين الهادئ والهندي. كما يعمل ممر النقل بين الشمال والجنوب فإن هذا الممر يتيح الاستقلال عن اللوجستيات الغربية، والتسويات بالعملات الوطنية تجاوزاً للعقوبات الغربية بنسبة تصل إلى 90 في المائة. وأكد الطرفان مجدداً هدفهما المتمثل في زيادة حجم التبادل التجاري إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030 (من 67 مليار دولار حالياً). وتطلب الهند دعماً لصادراتها إلى روسيا، لا سيما في مجالات الأدوية، والهندسة، والمنتجات الزراعية، ولتوفير فرص عمل للعمال الهنود المهاجرين، ويأتي ذلك تقديراً لإنجازات الهند في الالتفاف على العقوبات الغربية، خصوصاً في مجال تجارة النفط.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يحضران اجتماعاً على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند - أوزبكستان يوم 16 سبتمبر 2022 (رويترز)

في المقابل، تسعى موسكو إلى الحصول على مساعدة الهند للحصول على قطع غيار، ومعدات تقنية لأصولها النفطية، حيث عرقلت العقوبات الوصول إلى الموردين الرئيسين.

ووفقاً لمصدر حكومي في الهند، فإن نيودلهي تسعى على الأرجح إلى استعادة حصة 20 في المائة لشركة التنقيب عن الغاز الحكومية في مشروع «سخالين-1» في أقصى شرق روسيا.

وتسعى موسكو أيضاً إلى تطوير تعاملها في القطاع المالي والمصرفي مع الهند، وصرح نائب وزير الخارجية الروسي، أندريه رودينكو، بأنه ستتم خلال الزيارة مناقشة إمكانية إطلاق نظام الدفع الروسي «مير» في الهند، والذي من شأنه أن يُسهم في زيادة السياحة الروسية. ووفقاً له، فقد طُرحت هذه المسألة سابقاً خلال اجتماع بوتين مع وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار. وستُناقش الآن على أعلى مستوى في نيودلهي.

الصفقات العسكرية

ورغم الضغوط الأميركية، لا تخطط الهند لتجميد علاقاتها الدفاعية مع موسكو، لأنها تحتاج إلى دعم مستمر للعديد من الأنظمة الروسية التي تشغّلها.

وقال مسؤولان هنديان مطلعان على الأمر لـ«رويترز» إن طائرات «سوخوي-30» الروسية تشكل غالبية أسراب المقاتلات الهندية البالغ عددها 29 سرباً، وعرضت موسكو مقاتلتها الأكثر تطوراً «سوخوي-57» والتي من المرجح أن تكون جزءاً من المحادثات.

بوتين يلتقي المتطوعين المشاركين في جائزة #WeAreTogether الدولية في مركز التجارة العالمي في موسكو يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ولم تتخذ الهند قراراً بعد بشأن النسخة المحدثة من «سوخوي»، لكن الكرملين أعلن أن هذا الموضوع سيكون مطروحاً للنقاش. ومن المرجح أن تناقش نيودلهي شراء المزيد من وحدات نظام الدفاع الجوي «إس-400» وفق تصريحات لوزير الدفاع الهندي راجيش كومار سينغ، الأسبوع الماضي. وتمتلك الهند الآن ثلاث وحدات، مع انتظار تسليم وحدتين إضافيتين بموجب صفقة عام 2018.

لكن الحديث عن تعاون دفاعي لا يقتصر على بيع الأسلحة، والمعدات، إذ قطعت موسكو ونيودلهي شوطاً مهماً لتوطين صناعات دفاعية في الهند لتصبح أبرز شريك عسكري لروسيا. وأفاد ديمتري شوغاييف مدير الهيئة الروسية للتعاون العسكري التقني بأن القمة الحالية سوف تبحث مشاريع عسكرية تقنية جديدة، وتوسيع العقود القائمة بين البلدين.

وتشير مصادر إلى أنه يمكن توطين إنتاج ما يقرب من نصف نظام «إس-400» في إطار سياسة نقل التكنولوجيا التي توليها الهند أولوية قصوى. وفي حال تم الاتفاق على شراء طائرات «سوخوي-57» المقاتلة، فسينتقل طيارو القوات الجوية الهندية بسهولة إلى الطائرات الروسية من الجيل الجديد، مع تأكيد أن شركة «هندوستان» للملاحة الجوية المحدودة المملوكة للدولة قادرة على صيانة الترسانة الروسية.

وأفادت تقارير بأن اتفاقيات قيد التطوير -أو وُقِّعت بالفعل- لإنتاج مشترك لنظام الدفاع الجوي «بانتسير»، واحتمال شراء الهند لنظام رادار الإنذار المبكر «فورونيج»، الذي يتجاوز مداه 6000 كيلومتر.

وأكد شوغاييف أن العلاقات العسكرية التقنية بين روسيا والهند تشهد تطوراً ملحوظاً رغم التحديات الدولية الراهنة، مشيراً إلى أنه لم يغلق أي مشروع عسكري تقني خلال عام 2025.

بوتين خلال تقديمه جائزة #WeAreTogether الدولية في موسكو، يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ووفقاً للمسؤول الروسي ينتظر أن ينصب الاهتمام بشكل أساسي على الطائرات، وأنظمة الدفاع الجوي، والتعاون في تقنيات الطائرات المسيرة، والمساعدة في بناء سفن جديدة في أحواض بناء السفن الهندية. وأضاف: «تبدو آفاق الصادرات العسكرية إلى الهند في عام 2026 إيجابية للغاية، وأعتقد أن حجمها في العام المقبل سيتجاوز مستوى عام 2025»، مؤكداً أنه تم حل المشكلات المتعلقة بالجوانب اللوجستية، وتوريد المكونات للمشاريع المشتركة، بما في ذلك صيانة المعدات الموردة سابقاً.

وأشار شوغاييف إلى أن روسيا تسعى إلى تعاون عسكري تقني واسع النطاق مع الهند في مجال التقنيات الجديدة، حيث تتزايد حصة المشاريع المشتركة، والتقنيات التكنولوجية المتقدمة عاماً بعد عام.

وتنفذ روسيا والهند حالياً عشرات المشاريع العسكرية التقنية واسعة النطاق، ومن أهمها إنتاج الهند المرخص لطائرات «سوخوي-30»، ومحركات الطائرات، ودبابات «تي-90 إس»، والتعاون في إطار مشروع «براهموس» المشترك للصواريخ، وتحديث المعدات العسكرية التي سبق توريدها، والعمل المشترك في مجال تكنولوجيا الدفاع.

جانب من لقاء بوتين ومودي على هامش أعمال مجموعة «بريكس» في كازان شهر أكتوبر 2024 (د.ب.أ)

وأشارت مصادر إلى أن الطرفين يُعدّان «بيانات مهمة» ستحدد التوجهات الرئيسة للمرحلة المقبلة من شراكتهما. ومن المتوقع أن تُمهّد الاتفاقيات الجديدة للتعاون العسكري الصناعي الطريق لمرحلة جديدة من التعاون الدفاعي بين البلدين، ما يتيح للهند الوصول إلى أحدث تقنيات التخفي، والدفاع الصاروخي. وتتوقع المصادر أن يُعزز هذا مكانة الهند في المنطقة الآسيوية.

من المتوقع توقيع عقود عسكرية لتوريد وإنتاج أنظمة دفاع جوي من الجيل الجديد، بما في ذلك نظام الدفاع الجوي إس-500. وقد لاقى نظام إس-400 الروسي استحساناً من الجيش الهندي خلال عملية سيندور، حيث أُشير إلى سرعة نشره في أقل من خمس دقائق لتكون ميزة كبيرة. ويُعتبر دمج نظام إس-400 في نظام الدفاع الجوي متعدد الطبقات الهندي على طول الحدود مع الصين وباكستان تعزيزاً أمنياً.

توازن بين الهند والصين

وتواجه موسكو -التي طورت علاقاتها مع الصين بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، وغدت بكين حليفاً رئيساً لها- تحدياً جدياً في إقامة توازن دقيق في العلاقة مع البلدين الخصمين.

الرئيسان الصيني شي جينبينغ (يمين) والروسي فلاديمير بوتين وبينهما رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في لقائهم بمدينة تيانجين الصينية في سبتمبر (أ.ب)

وأكد الكرملين أن موسكو تنطلق من أهمية المحافظة على علاقات مع «الشركاء التقليديين»، مشيراً إلى «تقدير خاص لاستعداد نيودلهي للمساهمة في البحث عن تسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا».

وفي إشارة مهمة، قال الناطق الرئاسي الروسي: «نحن مستعدون لتطوير علاقاتنا مع الهند في جميع المجالات الممكنة، إلى الحد الذي تكون فيه الهند مستعدة لذلك»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن روسيا «تواصل تطوير علاقاتها مع الهند، والصين».

وتابع: «نحن نحترم العلاقات الثنائية بين الهند والصين، وليس لدينا شك في أن أقدم دولتين، الدولتين الأكثر حكمة في هذا العالم، ستكونان حكيمتين بما يكفي لتسوية جميع المشكلات من أجل الحفاظ على الاستقرار العالمي».

تحدي الضغوط الأميركية

رأت تعليقات في وسائل إعلام حكومية روسية عشية الزيارة أن نيودلهي سارت خطوات لتحدي الضغوط الأميركية المفروضة عليها بسبب علاقاتها مع موسكو. ومن ذلك، ألغت الهند مناقشات اتفاقية التجارة الهندية-الأميركية، وقالت الصحافة الروسية إن تلك الاتفاقية «تراجعت أهميتها الاستراتيجية مقارنة بالنتائج المتوقعة بعد زيارة بوتين». وزادت أن «الهند ردت عملياً على الهجوم على سيادتها».

ترمب ومودي في مؤتمر صحافي مشترك في البيت الأبيض في فبراير الماضي (رويترز)

كانت الحكومة الأميركية حملت نيودلهي مسؤولية تعزيز الجيش الروسي في أوكرانيا، واصفةً تصرفات الهند لاستيراد النفط الروسي بأنها «مزعزعة للاستقرار». ووصف الرئيس دونالد ترمب الهند بأنها «مغسلة للكرملين»، وهدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 500 في المائة على الواردات الهندية إذا واصلت نيودلهي هذا المسار.

بدوره عارض الاتحاد الأوروبي مشاركة الهند في مناورات عسكرية مشتركة مع روسيا، بحجة أن صداقة نيودلهي مع موسكو تُشكل عقبة أمام تعميق التعاون الاستراتيجي مع أوروبا.

ورأت التعليقات الروسية أن «الهجوم السافر على السيادة الهندية من قبل الغرب فقد أثره. لقد اتُخذ القرار: التعاون مع روسيا أهم للهند منه مع الغرب، كما يتضح من زيارة بوتين. وقد اكتسبت روسيا والهند خبرة واسعة في العمل معاً ضمن مجموعة (بريكس)، ومنظمة شنغهاي للتعاون».