المشهد: هوليوود لاند

المشهد: هوليوود لاند
TT

المشهد: هوليوود لاند

المشهد: هوليوود لاند

*في مطلع هذا الأسبوع (الويك - إند الماضي) أفاقت شركة «وورنر» على صوت دوي كبير: أحد إنتاجاتها الأكبر هذا العام سقط في المسافة بين «شباك التذاكر» والأرض.. على قصر المسافة (نحو متر ونصف المتر) إلا أن حدوث السقوط مضروبًا بـ3515 صالة تم عرض هذا الإنتاج فيها نجم عنه ذلك الدوي وإدراك الشركة أن الفيلم الذي أنتجته خسر 150 مليون دولار هي رقم تكلفته أيضًا.
*الفيلم هو «بان» المقتبس عن الفانتازيا الولادية المشهورة بيتر بان التي أقدم على إخراجها البريطاني جو رايت (الذي كان حقق أهم أعماله سنة 2005 عبر «كبرياء وتعصب» وسنة 2007 بفيلم «تكفير») برؤية خاصة تختلف عن رؤى مخرجين سابقين نقلوا شخصيات الكاتب الأسكوتلندي جيمس باري (1937 - ‬1860) مثل بيتر بان والقرصان هوك ومناوئه بلاكبيرد إلى الشاشة.
* لكن ما إن بدأت «وورنر» تدرك فداحة الخسارة التي تعرّضت لها حتى واجهت مشكلة أخرى: هناك فيلم عالق في أنبوب الإنتاج منذ أن انشغل مخرجه عنه بعمل آخر.. الفيلم هو «طرازان» والمخرج هو (بريطاني آخر) اسمه ديفيد ياتس سبق وأن قدّم الأفلام الأربعة الأخيرة من مسلسل «هاري بوتر».. لا يمكن لوم الشركة على انتخابه لتحقيق فيلم جديد حول رجل الغابة الأفريقية الأبيض، فهي اعتبرت أن من حقق لها ولسواها ثراء منقطع النظير (نحو مليار و300 مليون دولار إيراد هذه الأفلام في الولايات المتحدة وحدها و4 مليارات حول العالم) أفضل من تنتخبه لتحقيق رواية إدغار رايس بورو من جديد.
* المشكلة هي أن «وورنر» منحت ياتس أيضًا فيلمًا آخر طلبت منه إنجازه وتوقعت منه أن يبدأ تصويره في صيف 2015 وهو ما قام به بالفعل.. الفيلم هو «الوحوش وأين تجدها» مع إيدي ردماين وكولين فارل ورون برلمان في البطولة. وحان وقت تصوير هذا الفيلم بينما كان «طرازان» يدخل مرحلة ما بعد التصوير ما جعل المخرج أمام مهمّتين عليه ألا يفشل في أي منهما.
*في الأسبوع نفسه كشفت مصادر صحافية أن أكاديمية العلوم والفنون المهنية كانت السبب وراء قيام الصين بتغيير الفيلم الذي يمثلها في سباق أوسكار أفضل فيلم أجنبي هذا العام.. كانت تقدّمت بفيلم «الذئب المعبود» (Wolf Totem) الذي قام بإخراجه الفرنسي جان - جاك أنو.. الإنتاج صيني - فرنسي (أحد أعمال مشتركة كثيرة في السنوات الأخيرة) واختياره ممثلاً للصين تم بعد أن سجل نجاحًا كبيرًا في عروضه هناك.
* لكن أكاديمية العلوم والفنون السينمائية لاحظت أن الفنانين الرئيسيين للفيلم فرنسيون، فاقترحت على الجهة الرسمية الصينية تغييره.. وهذه وافقت واستبدلته بفيلم صيني محض هو «اذهب يا تومور» (Go Away Mr‪.‬ Tumor) قبل إغلاق باب الترشيحات مطلع هذا الشهر.
* على نحو متوقع ثار أنو وأدلى بتصاريح إعلامية فرنسية وأميركية اتهم فيها الأكاديمية بازدواجية المعايير على أساس أن عناصر أجنبية عديدة تعمل في هوليوود لكن أفلامها تعتبر أميركية. بناءً على ذلك، يُطرح السؤال حول تأثير هذا الفعل على الفيلم الصيني المنتخب ذاته: هل يصل إلى الترشيحات النهائية أم سيشعر أعضاء الأكاديمية المصوّتون
أنه فيلم مشكلة؟



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.