ميثاق الهجرة الأوروبي يرى النور بعد سنوات من المفاوضات العسيرة

يسعى لتخفيف الضغوط على «دول الوصول»

خفر السواحل الإيطالي ينقل مهاجرين إلى سواحل لامبيدوسا في 18 سبتمبر (رويترز)
خفر السواحل الإيطالي ينقل مهاجرين إلى سواحل لامبيدوسا في 18 سبتمبر (رويترز)
TT

ميثاق الهجرة الأوروبي يرى النور بعد سنوات من المفاوضات العسيرة

خفر السواحل الإيطالي ينقل مهاجرين إلى سواحل لامبيدوسا في 18 سبتمبر (رويترز)
خفر السواحل الإيطالي ينقل مهاجرين إلى سواحل لامبيدوسا في 18 سبتمبر (رويترز)

بعد ثماني سنوات متتالية من المفاوضات العسيرة، توصّل الاتحاد الأوروبي، فجر الأربعاء، إلى اتفاق نهائي حول ميثاق الهجرة الذي كان سبب توتر شديد بين الدول الأعضاء منذ أن وصلت تدفقات الهجرة غير الشرعية إلى ذروتها في عام 2015. ويتضمن الميثاق حزمة من التدابير التي تحدد معالم إدارة وصول المهاجرين إلى بلدان الاتحاد.

وبعد أيام من الأخذ والرد بين المجلس الأوروبي الذي ترأسه إسبانيا حتى نهاية العام الحالي، والبرلمان الأوروبي بمساعدة المفوضية، تمكن المسؤولون السياسيون في الاتحاد من الاتفاق حول نص قانوني يشدد الشروط لقبول طلبات اللجوء التي يتقدم بها المهاجرون إلى الاتحاد الأوروبي، ويحدد توزيع حصة من طالبي اللجوء على جميع البلدان الأعضاء.

مفاوضات صعبة

وكانت فرنسا التي طرحت في الأيام الأخيرة مجموعة من الشروط أدّت إلى تعقيد المفاوضات وتأخيرها، قد تراجعت مساء الثلاثاء، عن مطالبها باعتماد مجموعة من التدابير لإدارة تدفقات الهجرة التي تثير متاعب سياسية كبيرة منذ أشهر على الصعيد الداخلي الفرنسي، والتي ستكون بلا شك أحد العناوين الكبرى في الانتخابات الأوروبية المقررة مطالع يونيو (حزيران) المقبل، والتي تشير التوقعات إلى أنها ستثمر المزيد من الصعود في شعبية الأحزاب اليمينية المتطرفة على امتداد الاتحاد الأوروبي.

مفوضان أوروبيان يحضران مؤتمراً صحافياً بعد التوصل إلى اتفاق حول الهجرة في بروكسل يوم 20 ديسمبر (إ.ب.أ)

ويتضمن الميثاق الجديد، الذي كانت المفاوضات لإبرامه تتعثر منذ سنوات، وتتسبب في أزمات بين الدول الأعضاء، مجموعة من التدابير التي تنظّم جميع المراحل التي يمرّ بها المهاجرون إلى الاتحاد الأوروبي، من وصول طالب اللجوء إلى الأراضي الأوروبية حتى قبول طلبه أو رفضه. ويترك الباب مفتوحاً أمام تعديله في المستقبل إذا اقتضت ذلك تدفقات الهجرة. وكانت المفوضية قد قدّمت اقتراحها الأخير منتصف عام 2020، بعد أن اضطرت لسحب ثلاثة اقتراحات سابقة، لكن الدول الأعضاء لم تتوصل إلى تحديد موقف مشترك في المجلس حتى مطلع الصيف الماضي؛ وذلك بسبب الخلافات العميقة حول موضوع الحصص الإلزامية لتوزيع طالبي اللجوء على جميع البلدان.

5 ركائز

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، توصّل الشركاء الأوروبيون إلى اتفاق نهائي حول جميع أبواب الميثاق الخمسة، وهي: مراقبة بيانات المهاجرين ومعالجتها، ومراقبة الحدود الخارجية، والرعاية القانونية والموارد اللازمة لها، وإدارة الأزمة، والعناية بطالبي اللجوء. وكان هذا الباب الأخير المصدر الرئيسي للصعوبات التي تسبّبت في تعثر المفاوضات وفشلها غير مرة؛ لأن النظام الحالي يضع هذه المسؤولية على عاتق الدول الواقعة على الحدود الخارجية للاتحاد، مثل إيطاليا وإسبانيا واليونان، حيث يصل المهاجرون الوافدون إلى أوروبا.

وصول قارب يحمل 156 مهاجراً إلى جزيرة إل هييرو في 15 ديسمبر (أ.ف.ب)

ويعتمد الميثاق الجديد مبدأ «التضامن الإلزامي والمرن»، ويحدد حصصاً لتوزيع طالبي اللجوء على جميع البلدان الأعضاء، أو سداد مبلغ 20 ألف يورو عن كل طلب تقرر الدولة المعنية رفضه. كما يتيح للدول الأعضاء أن تساهم من خلال العناية بمهاجرين يوجدون على أراضيها رغم أنهم دخلوا الاتحاد عن طريق دولة أخرى، ويفترض أن تكون العناية بهم من مسؤولية عضو آخر في الاتحاد. وكان هذا من الطلبات التي أصرّت عليها ألمانيا وهولندا، اللتان عادة تستقبلان عدداً كبيراً من المهاجرين الذين يدخلون الاتحاد من بلدان أخرى.

صعود اليمين

ويأتي هذا الاتفاق حول ميثاق الهجرة الأوروبي بعد أن وضعت المؤسسات الأوروبية الثلاث، البرلمان والمجلس والمفوضية، كامل ثقلها لإنجازه قبل أن تبدأ حملة الانتخابات الأوروبية التي يخشى أن تحدث زلزالاً سياسياً في بلدان الاتحاد بصعود قوي للأحزاب اليمينية المتطرفة، التي يشكل ملف الهجرة المصدر الرئيسي لارتفاع شعبيتها.

مسعفون ينقلون سيدة وصلت بحراً إلى جزيرة إل هييرو في 15 ديسمبر (أ.ف.ب)

ومنذ أن قدمت المفوضية اقتراحها الأخير عام 2020، شهد الاتحاد الأوروبي وصول جورجيا ميلوني زعيمة حزب «إخوان إيطاليا» اليميني المتطرف إلى الحكم في إيطاليا، كما أصبح اليمين المتطرف شريكاً في حكومات ائتلافية مثل السويد وفنلندا، إلى أن جاءت الانتخابات الهولندية مؤخراً لتتوج الزعيم اليميني المتطرف غيرت ويلدرز الذي وعد بوقف «تسونامي الهجرة» ومحاربة «المد الإسلامي».

من جهتها، تواصل ألمانيا تشديد سياسات الهجرة رغم وجود حكومة ائتلافية بين الوسط واليسار، فيما تضطر الحكومة الفرنسية إلى الجنوح نحو التشدد هي أيضاً وعينها على الانتخابات المقبلة التي ترجّح الاستطلاعات أن يكون الفوز فيها لليمين المتطرف الذي تقوده مارين لوبان.


مقالات ذات صلة

ما حقيقة طرد ليبيا مئات المهاجرين النيجريين إلى الصحراء؟

شمال افريقيا عملية ترحيل مهاجرين أفارقة من ليبيا إلى النيجر (جهاز مكافحة الهجرة غير النظامية)

ما حقيقة طرد ليبيا مئات المهاجرين النيجريين إلى الصحراء؟

اشتكى مصدر ليبي مسؤول من أن «منطقة أغاديز بوسط النيجر أصبحت نقطة انطلاق ومحطة عبور لتهريب المهاجرين الراغبين في الوصول إلى الشواطئ الأوروبية عبر بلده».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي صورة أرشيفية لمهاجرين على متن زورق بعد محاولة فاشلة للعبور إلى جزيرة ليسبوس اليونانية عندما اقترب منهم قارب لخفر السواحل التركي في مياه شمال بحر إيجه قبالة شواطئ كاناكالي بتركيا في 6 مارس 2020 (رويترز)

فقدان 45 مهاجراً في انقلاب قارب قبالة ساحل اليمن

أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في اليمن، اليوم (الخميس)، انقلاب قارب يقل 45 لاجئاً ومهاجراً قبالة ساحل اليمن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا جانب من السياج الحدودي بين اليونان وتركيا في ألكسندروبوليس باليونان في 10 أغسطس 2021 (رويترز)

اليونان تنفي اتهامات أنقرة بدفع مهاجرين إلى الأراضي التركية

نفى خفر السواحل اليوناني اتهامات من وزارة الدفاع التركية، الاثنين، بأنه دفع مهاجرين من قبالة جزيرة ليسبوس إلى تركيا.

«الشرق الأوسط» (أثينا )
شمال افريقيا رانيا المشاط خلال لقاء وفد الاتحاد الأوروبي (مجلس الوزراء المصري)

مصر والاتحاد الأوروبي ينسقان لمجابهة «الهجرة غير الشرعية»

تنسق مصر والاتحاد الأوروبي لمجابهة «الهجرة غير الشرعية»، عبر برامج تعليمية وآليات حماية اجتماعية للشباب والأسر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مهاجرون سريون تم اعتراض قاربهم من طرف خفر السواحل التونسية (أ.ف.ب)

تونس تعترض 74 ألف مهاجر سري حتى يوليو الحالي

الحرس البحري التونسي اعترض أكثر من 74 ألف مهاجر سري في البحر، كانوا في طريقهم إلى السواحل الأوروبية هذا العام وحتى منتصف يوليو (تموز) الحالي.

«الشرق الأوسط» (تونس)

باريس لا تستبعد استهدافاً «أجنبياً» لشبكة القطارات

برج إيفل يطل على أضواء واحتفالات باريس بانطلاق الدورة الأولمبية (رويترز)
برج إيفل يطل على أضواء واحتفالات باريس بانطلاق الدورة الأولمبية (رويترز)
TT

باريس لا تستبعد استهدافاً «أجنبياً» لشبكة القطارات

برج إيفل يطل على أضواء واحتفالات باريس بانطلاق الدورة الأولمبية (رويترز)
برج إيفل يطل على أضواء واحتفالات باريس بانطلاق الدورة الأولمبية (رويترز)

قال جيرالد دارمانان، وزير الداخلية الفرنسي، أمس، إنه لا يمكنه استبعاد ضلوع طرف أجنبي في هجمات استهدفت شبكة القطارات بالبلاد قبل ساعات من افتتاح دورة الألعاب الأولمبية، الجمعة. ونقلت وكالة «رويترز» عن الوزير قوله للقناة الثانية الفرنسية: «مَن المسؤول؟ إمّا أنّه من الداخل وإمّا صدرت له أوامر من الخارج. من السابق لأوانه تحديد ذلك».

من ناحية ثانية، رفضت اللجنة الأولمبية الدولية طلب العراق تغيير موقع أو إزالة العلم الإسرائيلي في ملاعب كرة القدم التي تحتضن مباريات أولمبياد باريس 2024، بحسب ما قال رئيس البعثة العراقية لوكالة الصحافة الفرنسية. وقال هيرده رؤوف: «حين وصلنا إلى ملعب ليون وجدنا علم العراق معلّقاً بجانب علم إسرائيل». وتابع: «طلبنا من ممثل اللجنة الأولمبية الدولية تغيير وضع العلم أو إزالة العلم الإسرائيلي، لكنه رفض».