وزير دفاع تركيا: لن ننسحب من سوريا قبل إقرار الدستور وإجراء الانتخابات

قال: دمشق لا تفي بالتزاماتها وعليها أن تشكرنا لتخليصها من «داعش»

مركبة عسكرية تركية خلال دورية بالقرب من تل أبيض بسوريا (أرشيفية - رويترز)
مركبة عسكرية تركية خلال دورية بالقرب من تل أبيض بسوريا (أرشيفية - رويترز)
TT

وزير دفاع تركيا: لن ننسحب من سوريا قبل إقرار الدستور وإجراء الانتخابات

مركبة عسكرية تركية خلال دورية بالقرب من تل أبيض بسوريا (أرشيفية - رويترز)
مركبة عسكرية تركية خلال دورية بالقرب من تل أبيض بسوريا (أرشيفية - رويترز)

عبر وزير الدفاع التركي، يشار غولر، عن رغبة بلاده في استئناف محادثات التطبيع مع سوريا، لكنه وضع شرطين لسحب القوات التركية؛ هما: وضع دستور جديد، وإجراء انتخابات حرة نزيهة. وعدّ أن على نظام الرئيس بشار الأسد أن يشكر تركيا بسبب قضائها على تنظيم «داعش» في شمال سوريا.

وشدد غولر على أن تركيا ليست لديها أطماع في السيطرة على أراضي سوريا أو الدول المجاورة لها، وأن القوات التركية ستغادر سوريا لكن بشرطين: الأول هو الاتفاق بين الحكومة والمعارضة على وضع دستور جديد، والثاني إجراء انتخابات حرة نزيهة في البلاد.

وقال وزير الدفاع التركي، في مقابلة تليفزيونية ليل الاثنين – الثلاثاء، إن «هذين الشرطين قد يمهدان الطريق لإنهاء الصراع المستمر في سوريا لأكثر من 10 سنوات».

لقاء هيئة التفاوض السورية في سبتمبر الماضي مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومبعوثه إلى سوريا (حساب الهيئة)

شروط الانسحاب

وأكد أن أي سلطة ستأتي مستقبلاً إلى سوريا بعد تعديل الدستور وإجراء انتخابات حرة، ستقبل بها تركيا ومن ثم ستسحب قواتها من هناك.

وعدّ غولر أن القوات التركية جلبت السلام إلى سوريا وأنقذتها من خطر تنظيم «داعش»، قائلاً: «قمنا بتحييد (قتل) 3500 من أخطر أعضاء (داعش)، وانسحب التنظيم من سوريا وذهب إلى العراق... الناس الذين يعيشون في سوريا مدينون لنا بكثير من الامتنان». وأضاف: «تنظيم (داعش) كان يستولي على مدينة سورية كل يوم، لقد تم نسيان كل هذا... في الواقع، يحتاج النظام السوري إلى أن يشكر تركيا الآن».

وأشار إلى أن تركيا تحارب الإرهاب منذ 40 عاماً، في إشارة إلى الصراع مع «حزب العمال الكردستاني»؛ المصنف تنظيماً إرهابياً، مضيفاً أن «هذه المعركة لن تنتهي حتى يتم تحييد آخر إرهابي».

وتابع: «سيعود الجميع إلى رشدهم؛ سيأتون ويستسلمون، وفي النهاية، سيوافقون على أي قرار يتم اتخاذه، وهكذا سينتهي صراعنا مع الإرهابي، علينا واجب إبعاد التنظيم الإرهابي عن أراضينا وحدودنا وشعبنا، كان علينا تحقيق ذلك، وقد فعلنا. يحاول التنظيم الآن البقاء على قيد الحياة بمفرده في كهوف في مكان ما، هذا أيضاً سينتهي، وسيصلون أخيراً إلى النتيجة التي قلناها».

من العمليات العسكرية التركية ضد الميليشيات الكردية في المناطق الحدودية مع سوريا (أ.ف.ب)

وعن العمليات العسكرية التركية ضد «العمال الكردستاني» وامتداداته في شمال سوريا والعراق، قال غولر: «بالطبع ستنتهي يوماً ما... ليس هناك تراجع عن هذا».

وأضاف: «قدمنا ​​شهداء كثيرين في سوريا، لكن في المقابل يعيش مواطنونا اليوم بسلام. نضالنا هناك سيستمر. ليست لدينا مطامع في أرض سوريا أو أي بلد آخر».

وسبق أن أكد غولر، في أغسطس (آب) الماضي، أن صياغة دستور جديد لسوريا واعتماده، تعدّ أهم مرحلة لإحلال السلام هناك، مؤكداً أن الجيش التركي لن يغادر سوريا دون ضمان أمن حدوده وشعبه.

وقال إن «تركيا تريد السلام بصدق، لكن لدينا ما نعدها نقاطاً حساسة، فلا يمكن تصور أن نغادر سوريا دون ضمان أمن حدودنا وشعبنا، وأعتقد أن الرئيس السوري بشار الأسد سيتصرف بعقلانية أكثر في هذا الموضوع».

وعبر وزير الدفاع التركي، مجدداً، عن أمله في استمرار الاجتماعات الرباعية مع سوريا وروسيا وإيران، بهدف التوصل إلى تفاهمات، لافتاً إلى أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد «لديه مسؤوليات لا يفي بها».

جمود عملية التطبيع

وسيطر الجمود على محادثات تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا، بعد آخر اجتماعات بين أطراف مسار التطبيع الأربعة على مستوى نواب وزراء الخارجية على هامش اجتماعات الدورة الـ20 لـ«مسار أستانا»، التي عقدت في كازاخستان يومي 20 و21 يونيو (حزيران) الماضي.

وزراء خارجية (من اليمين) تركيا وسوريا وروسيا وإيران خلال اجتماع رباعي بموسكو في مايو الماضي (إ.ب.أ)

وجاء اجتماع أستانا عقب اجتماع في مايو (أيار) الماضي لنواب وزراء خارجية روسيا وتركيا وسوريا وإيران في موسكو، لمناقشة خريطة تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق التي أعدتها روسيا، لكن المحادثات توقفت عند هذه النقطة بسبب تضارب المواقف بين الجانبين التركي والسوري، فيما يتعلق ببقاء القوات التركية في شمال سوريا.

وتصر دمشق على انسحاب القوات التركية قبل الحديث عن أي تحرك باتجاه تطبيع العلاقات، فيما تؤكد تركيا أن هذا الطلب «غير واقعي» بسبب عدم قدرة الجيش السوري على وقف التهديدات الإرهابية القادمة من داخل الأراضي السورية، وتحمل مسؤولية تأمين الحدود مع تركيا.

وجددت روسيا، مؤخراً، استعدادها لبذل جميع الجهود لتطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا. وقال السفير الروسي لدى تركيا، أليكسي يرهوف، الشهر الماضي: «ما زلنا على استعداد لبذل كل جهد ممكن لتعزيز عملية التطبيع التركي - السوري».

وقال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، في سبتمبر (أيلول) الماضي، إنه عرض على الجانبين التركي والسوري، سحب القوات التركية مع تقديم ضمانات من دمشق بحماية الحدود.

عناصر من القوات الخاصة التركية تشارك في عملية «غصن الزيتون» في عفرين شمال سوريا (أرشيف وكالة الأناضول)

من جانبها، طرحت روسيا، التي ترعى مسار محادثات التطبيع، العودة إلى فلسفة «اتفاقية أضنة» الموقعة عام 1998، والتي تسمح للقوات التركية بالتوغل في الأراضي السورية لمسافة 5 كيلومترات لملاحقة العناصر الإرهابية (حزب العمال الكردستاني في ذلك الوقت)، مع تطويرها للسماح للقوات التركية بالتوغل لمسافة أكبر تصل إلى 30 كيلومتراً.

لكن تركيا ترغب في إقامة حزام أمني يمتد بعمق بين 30 و40 كيلومتراً في شمال سوريا خلف حدودها الجنوبية، لمنع هجمات «وحدات حماية الشعب» الكردية، التي تعدّها امتداداً لـ«حزب العمال الكردستاني» في سوريا.


مقالات ذات صلة

تركيا توقف رؤساء بلديات من المعارضة وسط احتجاجات واسعة

شؤون إقليمية مواطنون أتراك يحتجون أمام بلدية بشكتاش في إسطنبول احتجاجاً على اعتقال رئيسها (إعلام تركي - «إكس»)

تركيا توقف رؤساء بلديات من المعارضة وسط احتجاجات واسعة

قررت السلطات التركية اعتقال رئيسي بلدية من حزب مؤيد للأكراد بتهمة الإرهاب، بالتزامن مع اعتقال رئيس بلدية بشكتاش في إسطنبول من حزب «الشعب الجمهوري».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان متحدثاً خلال مؤتمر حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في ولاية شانلي أورفا جنوب شرقي تركيا (الرئاسة التركية)

المعارضة التركية تتحدى إردوغان بعد إعلان نيته الترشح للرئاسة مجدداً

تحدى زعيم المعارضة التركية، أوزغور أوزال، الرئيس رجب طيب إردوغان، أن يتخذ قراراً فورياً بالتوجه لانتخابات مبكرة بعدما كشف صراحة عن نيته الترشح للرئاسة مجدداً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عناصر مسلحة من «قوات سوريا الديمقراطية» خلال عمليات تمشيط وتفتيش لمخيم الهول نوفمبر 2024 (قسد عبر تلغرام)

«قسد» تعلن مقتل 7 من عناصرها في معارك بشمال وشرق سوريا

أعلنت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مقتل سبعة من عناصرها خلال المعارك في مناطق بشمال وشرق سوريا

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية إردوغان متحدثاً خلال مؤتمر لحزب «العدالة والتنمية» في ديار بكر السبت (الرئاسة التركية)

إردوغان يوجّه إنذاراً لـ«العمال الكردستاني»... ووفد الحوار مع أوجلان يواصل جولاته

أعطى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من ديار بكر، كبرى المدن ذات الأغلبية الكردية في جنوب شرقي تركيا، فرصة أخيرة لمسلحي «حزب العمال الكردستاني» لإلقاء أسلحتهم.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي أحد عناصر فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا يشاهد من بعيد الدخان المتصاعد نتيجة القصف في محيط سد تشرين (أ.ف.ب)

تركيا تتحدث عن «ضربة قاضية» يواجهها المسلحون الأكراد في سوريا

أكدت تركيا عزمها الاستمرار في عملياتها ضد المسلحين الأكراد بسوريا، في الوقت الذي عبّرت فيه أميركا عن تفهمها لمخاوفها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

قادة عسكريون إسرائيليون يحذرون من خطر هجوم مثل «7 أكتوبر»

مقاتلون فلسطينيون خلال الهجوم على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 (أ.ب)
مقاتلون فلسطينيون خلال الهجوم على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 (أ.ب)
TT

قادة عسكريون إسرائيليون يحذرون من خطر هجوم مثل «7 أكتوبر»

مقاتلون فلسطينيون خلال الهجوم على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 (أ.ب)
مقاتلون فلسطينيون خلال الهجوم على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 (أ.ب)

أعلن عدد من القادة الإسرائيليين العسكريين في المناطق الجنوبية أن الحرب في غزة لم توقف الخطر من تنفيذ هجوم آخر شبيه بهجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وقالوا إن أجهزة الأمن الإسرائيلية تعمل حالياً كما لو أن هجوماً داهماً مثل هذا في الطريق إلينا. وتتخذ الإجراءات لمواجهته.

وجاء هذا التحذير في اجتماع لرؤساء فرق الحماية للبلدات الجنوبية الواقعة في غلاف قطاع غزة، وذلك في الأسبوع الماضي، لكنها كشفت عنه فقط اليوم الاثنين. وبموجب هؤلاء العسكريين فإن الجيش الإسرائيلي واعٍ لهذا الخطر، وليس فقط في الجنوب بل أيضاً على بقية الحدود الإسرائيلية، في الشمال وفي الضفة الغربية وحتى على الحدود مع سوريا والأردن. وأن هذا الخطر لا يقتصر على «حماس» بل على تنظيمات أخرى. ومع أن «حماس» وغيرها من أذرع المقاومة تلقت ضربة قاصمة خلال الحرب فإن عقيدتها تدفعها إلى تكرار التجربة التي «تعتبرها ناجحة بحسب منطقها، رغم الثمن الباهظ الذي دفعه الناس البسطاء بجريرتها».

وأكدت مصادر في قيادة اللواء الجنوبي للجيش الإسرائيلي صحة هذا النبأ، وقالت إن الخطر قائم فعلاً ولو أن التقديرات تشير إلى أن احتمالاته قليلة. فالضربات التي تلقتها «حماس» كبيرة جداً وقاصمة. لكن مع ذلك فإن هذه الحركة ومثيلاتها لا تتخلى بسهولة عن مفاهيمها وستظل تسعى لإقناع جمهورها بأنها لم تنكسر وأنها ما زالت قادرة على تنفيذ عمليات نوعية، مثل الهجوم على بلدات يهودية في محيط غزة.

وكشفت المصادر نفسها أن الجيش الإسرائيلي ينشر 3 ألوية عسكرية داخل قطاع غزة، وهناك وحدات عسكرية تابعة لها في البلدات الواقعة في غلاف غزة، منذ 7 أكتوبر 2023، ويحصن هذه البلدات بجدران أمنية مختلفة، علنية وسرية، ويستخدم العديد من وسائل المراقبة الدقيقة. ومع ذلك فإنه لا يخاطر. ويدير عملية مراقبة متماسكة.

فلسطينيون فوق دبابة سيطر عليها مقاتلو «كتائب القسام» قرب خان يونس يوم 7 أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

وفي خضم النقاشات الجارية في إسرائيل حول هذا الخطر، أشارت جهات سياسية إلى العمليات الجريئة التي نفذتها عناصر «حماس» في الأسبوع الماضي في بلدة بيت حانون، شمالي قطاع غزة، والتي اشتملت على نصب كمائن للجنود وإيقاعهم فيها مما تسبب في مقتل 11 جندياً خلال 7 أيام. وفي البداية حاول الجيش تبرير ذلك بالقول إن عناصر «حماس» تسللت إلى بيت حانون مستغلة حالة الطقس وانتشار الضباب. لكن هذا التفسير قوبل بالسخرية. وخرجت وسائل الإعلام العبرية بالعديد من التحليلات التي تعتبر ما يجري في غزة دليلاً على أن القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية لا تدير سياسة استراتيجية سليمة وتعتمد الحلول العسكرية فقط بدلاً من التفتيش عن بدائل حكيمة توقف الحرب وتحدث انعطافاً في التفكير.

وكتب آفي أشكنازي في صحيفة «معاريف» أن «الأحداث في بيت حانون أليمة. الثمن الدموي الذي ندفعه في شمال قطاع غزة لا يطاق. وفي المستوى التكتيكي، الجيش الإسرائيلي يعمل على نحو غير صحيح في شمال القطاع. فهو يستخدم مدفعية أقل، نار قذائف دبابات أقل، قصف كثيف من سلاح الجو أقل. حياة الجنود عزيزة علينا أكثر من كل تقنين للذخيرة. إذا كان ثمة شك، فلا يوجد شك: بداية يطلقون النار، يدمرون مباني، شوارع، أحياء – وفقط بعد ذلك يعرضون حياة مقاتلينا للخطر. لا يوجد لإسرائيل ما تفعله أكثر في أي جزء من غزة. لا في الشمال، لا في الوسط ولا في الجنوب. إسرائيل ملزمة بأن تعقد فوراً –هذا الصباح، وليس في الظهيرة– صفقة لتحرير 98 مخطوفاً وتنهي الحرب في غزة. في هذه اللحظة نحن عميقاً عميقاً في الوحل الغزي. وفي كل يوم نحن ندفع ثمناً دموياً هائلاً. الجيش يمكنه أن يعمل في غزة بشدة عالية حتى وهو يجلس في الغلاف، على الجدار. فقد أثبت الجيش بأنه قادر على أن يصل إلى كل نقطة في القطاع (لا يوجد فيها مخطوفون) في غضون دقائق. كل خرق، كل تهديد على أمن إسرائيل سيلزم الجيش الإسرائيلي بالعمل بقوة نار وليس بحقائب الدولار».