تحريض إسرائيلي على عباس والفلسطينيون يخشون مصيره مثل عرفات

وزير المعارف يدعي أن «دوره التاريخي انتهى»

تحريض إسرائيلي على عباس والفلسطينيون يخشون مصيره مثل عرفات
TT

تحريض إسرائيلي على عباس والفلسطينيون يخشون مصيره مثل عرفات

تحريض إسرائيلي على عباس والفلسطينيون يخشون مصيره مثل عرفات

لم يتوقف التحريض الإسرائيلي المكثف ضد الرئيس الفلسطيني محمود عباس منذ خطابه الأخير في الأمم المتحدة نهاية الشهر الماضي، وزاد هذا التحريض مع بدء هبة فلسطينية جديدة في الأراضي المحتلة، اتهم عباس أنه يشجعها، إلى الحد الذي قال معه وزير إسرائيلي إن «دوره انتهى ولم يعد شريكا للسلام».
وتذكر هذه الجملة الفلسطينيين بحقبة تاريخية ومفصلية سابقة، عندما أعلنت إسرائيل أن الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، الذي وقع اتفاق السلام التاريخي مع الدولة العبرية، لم يعد شريكا للسلام، ولم يمض وقت طويل حتى حاصرته في رام الله، قبل أن يتوفى في باريس بطريقة ما زالت مثار جدل كبير.
ويؤمن كثير من الفلسطينيين أن إسرائيل قتلت عرفات بطريقة أو بأخرى، وهو ما يشعل مخاوف كبيرة من مصير مماثل للرئيس عباس. وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»: «نعم نخشى عليه من مصير مماثل». وأضاف: «هذا التحريض على الرئيس عباس يذكرنا بالتحريض على الرئيس عرفات».
وبحسب المصدر، اتخذت الأجهزة الأمنية الفلسطينية احتياطات أعلى في محيط عباس، على الرغم من وجود تقديرات بأن إسرائيل لن تقدم على فعل مباشر في وقت قريب.
وأكدت المصادر أن الأجهزة الأمنية تضع تقديرات سابقة حول إمكانية استهداف الرئيس عباس من قبل إسرائيل.
ولم يخف مسؤولون فلسطينيون في أوقات سابقة خشيتهم على عباس من مصير مماثل لمصير عرفات، لكن هذه المخاوف ارتفعت الآن بشكل كبير.
وكانت إسرائيل شنت هجوما رسميا غير مسبوق على عباس، واتهمته ببث الأكاذيب والتحريض ضدها، حتى إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أخبر وزير الخارجية الأميركي جون كيري في اتصال جرى يوم الجمعة الماضي أن عباس هو مصدر الفوضى الحالية ومن يقف خلفها.
وجاء حديث نتنياهو فيما كان وزراء إسرائيليون يصفون عباس بأنه «حاخام الإرهابيين»، ويجهد أوفير جندلمان الناطق باسمه، بوصف السلطة التي يقودها عباس بسلطة إرهابية.وأمس، أخرج وزير المعارف الإسرائيلي نفتالي بينت كل ما في جعبة إسرائيل تجاه عباس، قائلا: «دوره انتهى».
وأضاف بينت في مقابلة مع إذاعة الجيش: «لم يعد لعباس أي دور مهم، وإنّه بالنسبة لإسرائيل لا ينبغي اعتباره شريكا في العملية السياسية».
وأردف قائلا: «لقد انتهى دور أبو مازن التاريخي في الشرق الأوسط، فهو يقود التحريض ضدّ إسرائيل، وكذلك يقود حملة ضدّ إسرائيل وليس له أي دور مهم.. إنه يقوم بحملة من التشهير ضدّ إسرائيل في مؤسّسات الأمم المتحدة». ومضى يقول: إنه «مصدر التحريض وإن غيابه أفضل من فائدته». ويرى بينت أن عباس لم يعد بإمكانه تقديم شيء.
ويخالف موقف المسؤولين السياسيين في إسرائيل موقف الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي الذين يعتقدون أن عباس هو عامل استقرار.
ويقول مسؤولون في الجيش الإسرائيلي إنّ «عباس والأجهزة الأمنية الفلسطينية عاملان يحولان دون اندلاع انتفاضة ثالثة، وإنّ التعاون مع القوى الأمنية الإسرائيلية يسمح بذلك».
وتعتقد إسرائيل أنّ القوى الأمنية الفلسطينية تعمل بكفاءة ضد تدهور العنف، من خلال إجراء اعتقالات ضدّ العناصر المحرّضة ودفع المظاهرات إلى مراكز المدن الفلسطينية، بعيدًا عن نقاط الاحتكاك مع الجيش الإسرائيلي.
وجاء في تقرير للاستخبارات أن عباس ملتزم بطريق الكفاح السلمي ضدّ إسرائيل، انطلاقا من إدراكه أن خصومه السياسيين سيكسبون من الانفجار العنيف فقط.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».