أدانت الرئاسة الفلسطينية، الاثنين، استمرار الحكومة الإسرائيلية في حجز أموال المقاصة، مؤكدة أن هذا الإجراء هو قرصنة وعقاب جماعي للشعب الفلسطيني بأكمله، وله تبعات خطيرة على الخدمات التي تقدمها الحكومة الفلسطينية إلى القطاعات كافة، تحديداً قطاع الصحة الذي أصبح يعاني تراجعاً خطيراً في الخدمات، إلى جانب قطاع التعليم ومناحي الحياة كافة.
وأكدت الرئاسة أن قرار إسرائيل اقتطاع الأموال المخصصة لغزة بمثابة جريمة حرب، وأن دولة فلسطين لن تتخلى عن شعبها، سواء المعتقلين أو الشهداء أو احتياجات غزة كافة، ولن تتوقف يوماً عن تحويل أموال غزة المستحقة، وستستمر في القيام بواجباتها لأهالي غزة في مجالات الصحة، والتعليم، والمياه، والكهرباء، ورواتب العاملين في الحكومة الفلسطينية.
وطالبت الرئاسة، الإدارة الأميركية، بإلزام إسرائيل بوقف هذه السياسات والجرائم التي تُرتكب ضد كل من هو فلسطيني «لأنها وحدها القادرة على ذلك»، كما تتحمل تلك الإدارة مسؤولية مباشرة لدعمها سياسة واستمرار الحرب واقتطاع وسرقة أموال الشعب الفلسطيني الذي يواجه العدوان والمجاعة والعوز في غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس.
كانت الحكومة الإسرائيلية قد بحثت اقتراحاً من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يقضي بتحويل أموال المقاصة، لكن بعد خصم الرواتب التي تدفعها السلطة إلى موظفيها من أهل غزة (الأطباء والممرضات والمعلمين وعمال البلديات وغيرها)، وكذلك التي تدفعها لذوي الشهداء والأسرى.
لا عودة للعمال
كما اقترح إعادة العمال الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى العمل في إسرائيل ومستوطناتها، «حتى لا يحدث انهيار اقتصادي يؤجج الأوضاع الأمنية». وقال نتنياهو إنه يأتي بهذا الاقتراح بتوصية من جميع أجهزة الأمن. لكن الوزراء أجمعوا على رفض الاقتراح. وحتى المقربين من نتنياهو، الذين يؤيدون الاقتراح، امتنعوا عن الإعراب عن تأييدهم. فتقرر تأجيل البت فيه.
في المقابل، قررت الحكومة الفلسطينية الامتناع عن تلقي هذه الأموال حال إجراء خصم منها. وصرح منسق شبكة الصحافيين الاقتصاديين الفلسطينيين، أيهم أبو غوش، بأن أموال المقاصة الفلسطينية تشكل ما نسبته 60-65 في المائة من إيرادات الخزينة العامة للسلطة الوطنية، وإسرائيل تحتجز ما قيمته أكثر من 3 مليارات شيقل حتى الآن (900 مليون دولار).
وأوضح أبو غوش أن احتجاز الأموال الفلسطينية ليس وليد الشهرين الأخيرين منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وإنما بدأ على مراحل من عدة سنوات، عاداً أنه في حال عادت الأموال المحتجزة لدى الاحتلال، فإن ذلك سيمنح الحكومة هامشاً مالياً للتحرك رغم شح الدعم الدولي.
وشدد على أن استمرار حكومة الاحتلال في احتجاز أموال المقاصة ومنع دخول العمال إلى أراضي عام 48 يعنيان خنق الاقتصاد الفلسطيني، وهي حالة لم تصل إليها الدورة الاقتصادية في أسوأ ظروفها. وأشار إلى أن الضرر لا يقتصر فقط على المستفيدين من هذه الأموال من القطاع العام والمتقاعدين، الذين يقدرون بـحوالي 200 ألف مستفيد، وإنما هناك المستفيدون من المساعدات الاجتماعية وفئات أخرى.
إضراب الضفة
يذكر أن الضفة الغربية والقدس الشرقية انضمتا للإضراب الشامل، اليوم الاثنين، تنديداً بالعدوان الإسرائيلي المتواصل لليوم الـ66 على قطاع غزة، وبالمجازر التي ترتكبها إسرائيل بقصف منازل الفلسطينيين الآمنين والمستشفيات ومراكز الإيواء.
وشل الإضراب مناحي الحياة كافة، وأُغلقت الجامعات والبنوك والمصارف، وشلت حركة السير، وأغلقت المحلات التجارية، وسط دعوات جماهير شعبية إلى الاستمرار في فعاليات المواجهة مع الاحتلال في كل المناطق والشوارع والميادين.
وقد دعت للإضراب في فلسطين «لجنة القوى الوطنية والإسلامية»، وذلك تلبية لحراك عالمي ودعوات واسعة النطاق أطلقها نشطاء من مختلف أنحاء العالم تحت وسم «إضراب من أجل غزة» (Strike For Gaza) من أجل تنفيذ إضراب عالمي شامل، اليوم الاثنين، للتضامن مع أهالي قطاع غزة، والضغط على الحكومات من أجل التحرك لوقف العدوان الإسرائيلي.
وقالت القوى الوطنية، في بيان، إن «شعوب الأرض قاطبة ستتوحد في مواجهة الظلم والقتل والعنصرية التي تمارسها دولة الاحتلال، وستنتصر لدماء الأطفال والنساء والشيوخ ضحايا إرهاب الدولة المنظم وجرائم الحرب الاحتلالية». وأشارت إلى أن «العالم يرفض دعم الولايات المتحدة الكامل لدولة الاحتلال في حربها على أطفالنا وشعبنا، ويرفض الفيتو الذي أفشل تمرير قرار في مجلس الأمن لوقف إطلاق النار في غزة».
وشهدت مناطق الإضراب مسيرات شعبية واسعة، ووقعت صدامات في بعض المناطق، خصوصاً في القدس، بعد أن حاولت القوات الإسرائيلية تفريقها بالقوة.