البنك الدولي يدعم حلول مواجهة شح المياه عربياً

الإعلان عن إجراءات ومشروعات تنموية على هامش «كوب 28»

وزيرة البيئة التونسية ليلى الشيخاوي ووزير المياه والري الأردني رائد أبو السعود في جلسة خاصة لمناقشة أزمة شح المياه في العالم العربي (الشرق الأوسط)
وزيرة البيئة التونسية ليلى الشيخاوي ووزير المياه والري الأردني رائد أبو السعود في جلسة خاصة لمناقشة أزمة شح المياه في العالم العربي (الشرق الأوسط)
TT

البنك الدولي يدعم حلول مواجهة شح المياه عربياً

وزيرة البيئة التونسية ليلى الشيخاوي ووزير المياه والري الأردني رائد أبو السعود في جلسة خاصة لمناقشة أزمة شح المياه في العالم العربي (الشرق الأوسط)
وزيرة البيئة التونسية ليلى الشيخاوي ووزير المياه والري الأردني رائد أبو السعود في جلسة خاصة لمناقشة أزمة شح المياه في العالم العربي (الشرق الأوسط)

على هامش مؤتمر «كوب 28» المنعقد في دبي، عقد البنك الدولي جلسة خاصة تهتم بشح المياه في البلدان العربية، وسبل مواجهتها عبر مشروعات تنموية في عدد من الدول الأكثر تأثراً بالأزمة. ومنذ انتهاء قمة المناخ السابقة «كوب 27» التي عقدت في مصر، قام البنك الدولي حتى الآن بحشد موارد كبيرة تبلغ 800 مليون دولار لتقديم مساندة مباشرة لتنفيذ توصيات التقارير القُطرية عن المناخ والتنمية، التي تعالج شح المياه. وتصدت المشروعات في كل من المغرب (350 مليون دولار) والأردن (250 مليون دولار) ولبنان (200 مليون دولار) بشكل مباشر للتحديات المعروفة والناشئة المرتبطة بالمناخ، التي تمت دراستها في هذه التقارير. وتلبي هذه المشروعات الاحتياجات الحرجة للتكيف والقدرة على الصمود، مع إجراءات تدخلية تهدف تحديداً إلى تدعيم حوكمة المياه والمؤسسات المرتبطة بها، وتحسين الاستدامة المالية لقطاع المياه، ومساندة الزراعة المراعية للظروف المناخية، لا سيما في تعزيز كفاءة الري وإنتاجيته، وتوسيع نطاق استخدام الطاقة المتجددة لدعم التوسع في معالجة مياه الصرف وإعادة استخدامها. وتشير دراسات البنك الدولي إلى أن البلدان التي اكتملت تقارير المناخ والتنمية الخاصة بها في المنطقة حتى الآن، وهي مصر والعراق والأردن والمغرب وتونس، قد تشهد خسائر حقيقية في إجمالي ناتجها المحلي تتراوح بين 1.1 و6.6 في المائة بحلول منتصف هذا القرن. وبالرغم من أن هذه الآثار تختلف من بلد إلى آخر، فإن الأمن المائي يُعد المحرك الرئيسي لهذه الخسائر. وبحسب هذه الدراسات، فإنه في حال عدم التحرك بشكل عاجل لعلاج الأزمة، فمن المتوقع أن يشكل شح المياه 71 في المائة من الخسائر في إجمالي الناتج المحلي المرتبط بالمناخ في تونس بحلول عام 2050. فيما قد ينخفض توافر المياه إلى 9 في المائة على مدار العام في لبنان، مرشحة لبلوغ 50 في المائة في موسم الجفاف بحلول عام 2040. وتؤكد هذه الأرقام الحاجةَ الملحة إلى بذل جهود شاملة لإدارة الموارد المائية والحفاظ عليها.

وفي جلسة خاصة عقدها البنك الدولي حول الموارد المائية، شارك بها وزراء من كل من تونس والمغرب والأردن، جرت مناقشة أبعاد القضية وتطوراتها. وأوضحت وزيرة البيئة التونسية ليلى الشيخاوي أنه يجري حالياً العمل في العديد من الحلول المبتكرة والمستدامة لتحسين إدارة الموارد المائية في تونس، مشيرةً إلى الأهمية القصوى للتعاون الدولي والتضامن في مواجهة هذا التحدي العالمي. كما أكدت الوزيرة على ضرورة تبني استراتيجيات متعددة الأطراف تركز على الابتكار والتكنولوجيا وتعزيز الوعي البيئي، وثمنت الوزيرة الجهود المبذولة وأكدت على ضرورة الالتزام المشترك لمواجهة تحديات المياه والبيئة.

بدوره، دعا وزير المياه والري الأردني المهندس رائد أبو السعود إلى تعزيز أوجه التعاون العالمي المشترك وتنسيق الجهود العالمية لمواجهة أثار المناخ، والإسراع بإيجاد حلول لقضايا المياه المشتركة. وأشار إلى التحديات التي يواجهها العالم وخاصة المنطقة العربية من تحديات مائية غير مسبوقة من شح المصادر المائية، والتغير المناخي، وتراجع أنماط الهطول المطري، التي تؤدي إلى الهجرات السكانية، وتغيرات ديمغرافية كبيرة مع تزايد المخاطر البيئية، وشح المياه وانعكاس ذلك على انعدام الأمن الغذائي. ولفت إلى أن الأردن من الدول الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية والصراعات، حيث استضاف الأردن خلال العقود القليلة الأخيرة ملايين اللاجئين، مما أثر على الواقع المائي، مبيناً أن الأردن يعمل بكل جد لبناء إدارة أفضل لموارد المياه المتاحة، ومواجهة هذه التحديات وتوفير الحلول التكنولوجية والمبتكرة، والبحث والتطوير لتحقيق الأمن الغذائي والمائي من خلال تطوير الري للزراعات الذكية، وزيادة تغطية خدمة الصرف الصحي، وتوسيع معالجة المياه العادمة وإعادة استخدامها في الزراعة والصناعة. وشدد أبو السعود على ضرورة إيجاد حلول لقضايا المياه المشتركة بين الدول التي أصبحت تحدياً حقيقياً وخطراً يهدد الاستقرار الاجتماعي والغذائي بين مختلف الدول التي تتشارك الأحواض والمصادر المائية، داعياً إلى تعزيز الروابط بين الغذاء والزراعة وأنظمة المياه وخطط المناخ الوطنية. وتحدث عن الانخفاض الحاد في حصة الفرد في الأردن إلى أقل من 61 متراً مكعباً سنوياً، والزيادة السكانية، وتدفقات اللاجئين، وتأمين المياه لجميع الاستخدامات من عدم توفر مصادر سطحية وبعد المصادر المتاحة عن مراكز المدن. وأشار إلى أن الأردن نفذ مشروع الديسي لتأمين 100مليون متر مكعب سنوياً، ولكن أزمة تدفق اللاجئين السوريين فاقمت من التحديات. وقال: «إننا نعمل حالياً بقوة للإسراع بتنفيذ مشروع الناقل الوطني لتحلية مياه البحر الأحمر بطاقة 300 مليون متر مكعب سنوياً»، لافتاً إلى أن مشاركة القطاع الخاص تسهم في تعزيز رفع كفاءة استخدام المياه، وكذلك برامج التوعية للأطفال وطلبة المدارس، بهدف تغيير السلوك مع تشديد حملات ضبط الاعتداءات.

من جانبه، أشار وزير التجهيز والماء المغربي نزار بركة، إلى استراتيجية بلاده في مواجهة شح المياه، موضحاً أن المغرب شهد خلال السنوات الأخيرة موجات جفاف متتالية خلفت تأثيراً على توفر الماء الصالح للشرب. وأشار الوزير إلى أن المغرب طوّر استراتيجية مركزة متعددة المحاور، تشمل تشييد سدود تصل قدرة تخزينها حالياً إلى نحو 20 مليار متر مكعب، وتستهدف بلوغ 27 مليار مكعب. كما تشمل الاستراتيجية تطوير المياه غير التقليدية من خلال برنامج تحلية المياه، عبر بناء أكثر من عشر محطات لتحلية مياه البحر، سترفع قدرة الإنتاج من 140 مليون متر مربع إلى 1.5 مليار متر مربع في 2030، مشيراً إلى أن هذه المحطات تعمل بالطاقة التي تولدها هذه الموارد المتجددة، مما سيسمح بتقليص كلفة الإنتاج. أما فيما يخص تدوير المياه، فقد أكد الوزير طموح المغرب الى مضاعفة قدرة إعادة استعمالها بثلاث مرات بين 2021 و2027. وأشار بركة إلى العديد من الابتكارات في المجال الفلاحي، من خلال تقنية الري بالتنقيط، وتطوير السبل الموفرة للمياه، والمحافظة على المياه الجوفية.


مقالات ذات صلة

للمرة الأولى... اتحاد الغرف السعودية يشكّل لجنة للطاقة والبتروكيماويات

الاقتصاد مبنى اتحاد الغرف السعودية في الرياض (الموقع الإلكتروني لاتحاد الغرف السعودية)

للمرة الأولى... اتحاد الغرف السعودية يشكّل لجنة للطاقة والبتروكيماويات

أعلن اتحاد الغرف السعودية تشكيل أول لجنة وطنية من نوعها للطاقة والبتروكيماويات تحت مظلة القطاع الخاص، لتعزيز مشاركته في صناعة سياسات هذا القطاع الحيوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

أعلنت وزارة الطاقة السعودية انضمام المملكة إلى مبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود، وذلك ضمن مساعي البلاد لدعم الجهود الدولية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيف السعودية إلى «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1»، مشيرة إلى جهودها لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك) «الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيطر الخلاف على اليوم الختامي لـ«كوب 29» حيث عبرت جميع الأطراف عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الوارد في «مسودة اتفاق التمويل».

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أبراج إدارية وخدمية في الضاحية المالية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

حاكم تكساس يأمر الوكالات المحلية ببيع أصولها في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية وكالات الولاية بالتوقف عن الاستثمار في الصين، وبيع أصول هناك في أقرب وقت ممكن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - بكين)

«كوب 29»: مضاعفة التمويل المناخي إلى 300 مليار دولار

الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تصفق بحرارة في الجلسة الختامية لمؤتمر «كوب 29» (د.ب.أ)
الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تصفق بحرارة في الجلسة الختامية لمؤتمر «كوب 29» (د.ب.أ)
TT

«كوب 29»: مضاعفة التمويل المناخي إلى 300 مليار دولار

الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تصفق بحرارة في الجلسة الختامية لمؤتمر «كوب 29» (د.ب.أ)
الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تصفق بحرارة في الجلسة الختامية لمؤتمر «كوب 29» (د.ب.أ)

بعد أسبوعين من النقاشات الحامية، انتهى مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية (كوب 29)، باتفاق على مضاعفة التمويل المتاح لمساعدة الاقتصادات النامية على مواجهة آثار تغيّر المناخ، إلى 300 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2035.

وعلا التصفيق في قاعة الجلسة العامة في باكو، عندما قرعت مطرقة رئيس «كوب 29»، مختار باباييف، للاتفاق الجديد الذي وصفه الرئيس الأميركي جو بايدن بأنه «تاريخي»، وأنه يُعدّ «هدفاً طموحاً» في مجال تمويل المناخ. بدوره، عدّ الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الاتفاق «أساساً» يمكن البناء عليه.

في المقابل، أثار الاتفاق حالة من الإحباط لدى الدول النامية التي وصفته بأنه غير كافٍ.

ولم يكن التمويل القضية الوحيدة على الطاولة؛ إذ تم التوصل أيضاً إلى اتفاقيات لبدء تداول أرصدة الكربون العالمية، وذلك بعد نحو عقد من الزمن على اقتراحها.