باول يتعرض لضغوط لوضع خطة لخفض أسعار الفائدة الأميركية

الأنظار تتجه إلى اجتماع الثلاثاء لرسم مسار العام المقبل

«وول ستريت» تترقب المؤتمر الصحافي لرئيس «الاحتياطي الفيدرالي» يوم الأربعاء (رويترز)
«وول ستريت» تترقب المؤتمر الصحافي لرئيس «الاحتياطي الفيدرالي» يوم الأربعاء (رويترز)
TT

باول يتعرض لضغوط لوضع خطة لخفض أسعار الفائدة الأميركية

«وول ستريت» تترقب المؤتمر الصحافي لرئيس «الاحتياطي الفيدرالي» يوم الأربعاء (رويترز)
«وول ستريت» تترقب المؤتمر الصحافي لرئيس «الاحتياطي الفيدرالي» يوم الأربعاء (رويترز)

تتجه كل الأنظار نحو مصرف «الاحتياطي الفيدرالي»؛ حيث تعقد اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة التابعة له اجتماعها الأخير لهذا العام، يوم الثلاثاء، ويستمر يومين، في وقت يواجه فيه رئيس «الاحتياطي» جيروم باول عملية موازنة صعبة للحفاظ على المرونة في خطط سياسة المصرف المركزي الأميركي، في مواجهة ضغوط مكثفة للكشف عن متى ولأي مدى ينوي خفض أسعار الفائدة العام المقبل.

تبدو الصورة مختلطة جداً بالنسبة لباول. فسوق العمل مرنة والإنفاق الاستهلاكي قوي؛ لكن هناك علامات على تباطؤ النمو، وبالتالي انخفاض التضخم.

وعلى هذه الخلفية، فإن التوقعات على نطاق واسع أن تبقي اللجنة سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية عند مستواه الأعلى منذ 22 عاماً عند 5.25 في المائة – 5.5 في المائة. وهو توقف بدأه «الاحتياطي الفيدرالي» منذ يوليو (تموز) الماضي.

إلا أنّ صناع السياسة النقدية ليسوا مستعدين بعد لتحقيق أمنيات الأسواق، والجهر بأن أسعار الفائدة قد وصلت إلى مستوى مقيد بما فيه الكفاية لخفض التضخم إلى هدفه البالغ 2 في المائة. كما أنهم ليسوا مستعدين لمناقشة علنية بمزيد من التفصيل حول الظروف التي ستخفض في ظلها تكاليف الاقتراض في العام المقبل.

التحدي الذي يواجه باول هذا الأسبوع هو أن الأسواق المالية لا تأخذ تحذيراته على محمل الجد، من أن مزيداً من التشديد النقدي لا يزال مطروحاً على الطاولة. ويعتقد المستثمرون أن أكبر اقتصاد في العالم يتباطأ بالفعل بما يكفي لتجنب الحاجة إلى مزيد من الزيادات في أسعار الفائدة. كما أنهم مقتنعون بأن البيانات الواردة ستجبر «الاحتياطي الفيدرالي» على خفض أسعار الفائدة في وقت أقرب مما يتوقع.

وقد أدى هذا التفكير إلى تخفيف الأوضاع المالية في الأسابيع الأخيرة، مما أثار المخاوف من تعرض بعض جهود بنك «الاحتياطي الفيدرالي» في محاولة كبح الطلب، للخطر.

وقالت إلين ميد التي عملت مستشارة أولى لمجلس محافظي «الاحتياطي الفيدرالي» حتى عام 2021، لصحيفة «فايننشيال تايمز»: «ربما يكون لديهم شعور بأنهم قد انتهوا، باستثناء التطورات غير المتوقعة، ولكن هناك مخاطر وتكاليف للإبلاغ عن ذلك، وبالتالي يتعين عليهم الاعتماد عليه... إنه وقت حساس لأن الظروف المالية مهمة للغاية في هذا».

ستتاح للرئيس الفرصة لإعادة توجيه رسالة بنك «الاحتياطي الفيدرالي» مرة أخرى، في مؤتمر صحافي يوم الأربعاء؛ حيث من المتوقع أن يكرر أنه من «السابق لأوانه» إعلان أن تعديلاً في قيد التنفيذ، حتى مع استمرار التضخم في الاعتدال. وأشار باول إلى أن المصرف المركزي ملتزم فقط بالتحرك «بعناية» مع القرارات القادمة.

قبل توليه المنصة، سيصدر بنك «الاحتياطي الفيدرالي» بياناً ومجموعة من التوقعات الاقتصادية التي تجمع توقعات المسؤولين الأفراد لأسعار الفائدة والنمو والبطالة والتضخم.

ويعتقد الاقتصاديون على نطاق واسع، أن المصرف المركزي سيبقي البيان دون تغيير، ما يعني أنه سيظل يتضمن خطأ يحدد الشروط التي سيأخذها بنك «الاحتياطي الفيدرالي» في الاعتبار لتحديد «مدى ثبات السياسة الإضافية التي قد تكون مناسبة لإعادة التضخم إلى 2 في المائة مع مرور الوقت». ويقولون إن إزالة ذلك قد يخاطر بإرسال إشارة مباشرة للغاية إلى أن بنك «الاحتياطي الفيدرالي» قد انتهى بالفعل من مرحلة رفع سعر الفائدة في حملته التاريخية للتشديد النقدي.

فيما يتعلق بالتوقعات التي جرت في سبتمبر (أيلول) بأن يبلغ سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية ذروته عند 5.5- 5.75 في المائة هذا العام، قبل أن ينخفض بمقدار نصف نقطة مئوية في 2024، سيراقب الاقتصاديون من كثب لمعرفة ما إذا كان المسؤولون قد حددوا مزيداً من التخفيضات.

وقبل أن يلقي «الاحتياطي الفيدرالي» خطابه يوم الأربعاء، سيصدر بياناً سياسياً ومجموعة من التوقعات الاقتصادية التي تجمع توقعات المسؤولين الأفراد بشأن أسعار الفائدة، والنمو، والبطالة، والتضخم.

وتقول «فايننشيال تايمز» إن الحفاظ على الحجم نفسه من التخفيضات في العام المقبل، من شأنه أن يساعد في توضيح أن «الاحتياطي الفيدرالي» لا يستعد لعكس مساره فجأة، حتى مع اعتدال وتيرة نمو أسعار المستهلك. وقال بعض الاقتصاديين إن المسؤولين قد يشيرون إلى خفض إضافي بمقدار ربع نقطة مئوية في عام 2024، تقديراً لتوقعات التضخم الأكثر اعتدالاً قليلاً.

وقال ماثيو راسكين، كبير الموظفين السابقين في بنك «الاحتياطي الفيدرالي» في نيويورك، والذي يشغل الآن منصب رئيس أبحاث أسعار الفائدة في «دويتشه بنك»، إن الإشارة إلى أي شيء أكثر من ذلك يمكن أن تعقد الأمور بالنسبة لـ«الاحتياطي الفيدرالي».

وأضاف: «بمجرد أن تتجاوز ذلك، من الصعب الحفاظ على رسالة مفادها أنك لست قريباً من النقطة التي تفكر فيها في إجراء تخفيضات أو تكهنات حولها».

ويتوقع «دويتشه» أن يخفض المصرف المركزي سعر الفائدة بمقدار 1.75 نقطة مئوية العام المقبل، ابتداء من يونيو (حزيران)، في حين يعتقد الاقتصاديون في «مورغان ستانلي» أيضاً أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيبدأ في خفض أسعار الفائدة في ذلك الوقت، ولكن فقط بنسبة نقطة مئوية واحدة على مدار عام 2024.

وفي حين أن الاحتياطي الفيدرالي قد لا يكون مستعداً للتلميح إلى تحول في السياسة، قال كونستانس هانتر من منظور السياسة الكلية، إن المسؤولين سيكونون مرنين مع اقترابهم من المرحلة التالية من معركتهم ضد التضخم. ولمح باول إلى ذلك في ظهوره العلني الأخير قبل اجتماع ديسمبر (كانون الأول)، قائلاً إن نهجه كان «السماح للبيانات بالكشف عن المسار المناسب».

وأضاف هانتر: «لن ينتقلوا من التشديد إلى التخفيف وتخطي التحيز المحايد. ما يودون القيام به هو الوصول إلى هذا الموقف بالسرعة التي تسمح بها بيانات التضخم؛ لأنهم يعرفون أن تأخيرات السياسة لم يتم تنفيذها بالكامل، وأنهم ما زالوا سيضربون الاقتصاد».


مقالات ذات صلة

النفط ينخفض أكثر من 1% مع انحسار «تأثير رافائيل»

الاقتصاد منشآت نفطية خارج مدينة ساو باولو البرازيلية (رويترز)

النفط ينخفض أكثر من 1% مع انحسار «تأثير رافائيل»

تراجعت أسعار النفط يوم الجمعة مع انحسار المخاوف من تأثير الإعصار رافائيل في خليج المكسيك على البنية التحتية لإنتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد صينيون يعبرون أحد الشوارع المزدحمة في ساعة الذروة الصباحية بالعاصمة بكين (إ.ب.أ)

الصين تبدأ التحفيز المالي برفع سقف الديون المحلية

بدأت الصين جولة جديدة من الدعم المالي، يوم الجمعة، لاقتصادها المتعثر بحزمة تخفف من ضغوط سداد الديون للحكومات المحلية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد رجل يمر أمام شاشة تعرض تحركات الأسهم في وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)

إنفاق الأسر اليابانية يتراجع للشهر الثاني على التوالي

تراجع إنفاق الأسر اليابانية في سبتمبر للشهر الثاني على التوالي، حيث أدى ارتفاع الأسعار إلى خنق شهية المستهلكين

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد الناس يتسوقون في البازار الكبير في إسطنبول (رويترز)

«المركزي التركي» يرفع توقعات التضخم ويؤكد استمرار السياسة النقدية المتشددة

رفع البنك المركزي التركي توقعاته لمعدل التضخم للعام الحالي والعام المقبل إلى 44 في المائة و21 في المائة على التوالي.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الاقتصاد جانب من اجتماع المجموعة التشاورية الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالرياض (ساما)

المجموعة التشاورية الإقليمية التابعة لمجلس الاستقرار المالي تجتمع في الرياض

انعقد اجتماع المجموعة التشاورية الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التابعة لمجلس الاستقرار المالي، في العاصمة السعودية الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

تدفقات ضخمة إلى صناديق أسواق المال قبل الانتخابات واجتماع «الفيدرالي»

أوراق نقدية من اليورو ودولار هونغ كونغ والدولار الأميركي والين الياباني والجنيه الإسترليني واليوان الصيني (رويترز)
أوراق نقدية من اليورو ودولار هونغ كونغ والدولار الأميركي والين الياباني والجنيه الإسترليني واليوان الصيني (رويترز)
TT

تدفقات ضخمة إلى صناديق أسواق المال قبل الانتخابات واجتماع «الفيدرالي»

أوراق نقدية من اليورو ودولار هونغ كونغ والدولار الأميركي والين الياباني والجنيه الإسترليني واليوان الصيني (رويترز)
أوراق نقدية من اليورو ودولار هونغ كونغ والدولار الأميركي والين الياباني والجنيه الإسترليني واليوان الصيني (رويترز)

شهدت صناديق أسواق المال العالمية تدفقات ضخمة في الأسبوع المنتهي في 6 نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث سارع المستثمرون إلى اللجوء إلى الأمان قبيل الانتخابات الرئاسية الأميركية واجتماع السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي.

وأظهرت البيانات أن المستثمرين ضخوا مبلغاً هائلاً قدره 127.44 مليار دولار في صناديق أسواق المال العالمية خلال الأسبوع، ما يعد أكبر صافي شراء أسبوعي منذ 3 يناير (كانون الثاني)، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي».

وتم انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة هذا الأسبوع، حيث كانت أسواق المراهنات ترجح فوزه، بينما أظهرت الاستطلاعات حالة من التنافس الشديد في الانتخابات. في الوقت نفسه، قام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية يوم الخميس، في خطوة تهدف إلى معالجة التعقيدات المحتملة في المشهد الاقتصادي مع استعداد الرئيس المنتخب لتولي منصبه في يناير المقبل.

وجذبت صناديق أسواق المال الأميركية 78.68 مليار دولار، وهو أعلى تدفق في ستة أسابيع. بينما استفادت صناديق أسواق المال الأوروبية والآسيوية أيضاً من هذا التوجه، حيث ضخ المستثمرون 42.87 مليار دولار و4.76 مليار دولار على التوالي.

وفي الوقت نفسه، سجلت صناديق الأسهم العالمية صافي شراء بقيمة 10.76 مليار دولار، مقارنة مع صافي سحب بقيمة 2.95 مليار دولار في الأسبوع السابق. كما تزايدت الاستثمارات في صناديق القطاع الصناعي، حيث حققت صافي شراء قدره 1.02 مليار دولار، وهو أكبر صافي شراء أسبوعي منذ 17 يوليو (تموز). وفي المقابل، شهدت قطاعات المال والسلع الاستهلاكية الأساسية سحوبات قيمتها 420 مليون دولار و354 مليون دولار على التوالي.

من ناحية أخرى، واصلت صناديق السندات العالمية جذب الاستثمارات للأسبوع الـ46 على التوالي، محققة تدفقات بلغت 11.45 مليار دولار.

وقال كبير مسؤولي الاستثمار في إدارة الثروات العالمية في «يو بي إس»، مارك هايفلي: «نواصل التوقع بخفض آخر بمقدار 25 نقطة أساس من الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر (كانون الأول)، بالإضافة إلى 100 نقطة أساس أخرى من التيسير في 2025. ننصح المستثمرين بتحويل السيولة الزائدة إلى الدخل الثابت عالي الجودة، خاصة مع الزيادة الأخيرة في العوائد التي توفر فرصة لإغلاق مستويات جذابة».

وشهدت صناديق السندات قصيرة الأجل العالمية صافي شراء بلغ 3.23 مليار دولار، وهو الأعلى منذ 25 سبتمبر (أيلول). في المقابل، جذبت صناديق السندات متوسطة الأجل المقومة بالدولار وصناديق السندات الحكومية والشركات تدفقات قدرها 1.42 مليار دولار و824 مليون دولار و606 مليون دولار على التوالي.

وفي السلع الأساسية، باع المستثمرون صناديق الذهب والمعادن الثمينة الأخرى، ما أسفر عن بيع صاف بقيمة 649 مليون دولار، منهين بذلك سلسلة من المشتريات استمرت 12 أسبوعاً متتالياً من عمليات الشراء. كما شهد قطاع الطاقة تدفقات خارجة بلغت 245 مليون دولار.

وفي الأسواق الناشئة، أظهرت البيانات التي تغطي 29675 صندوقاً مشتركاً أن صناديق السندات شهدت تدفقات خارجة صافية بلغت 1.55 مليار دولار، وهو الأسبوع الثالث على التوالي من البيع الصافي. وشهدت صناديق الأسهم تدفقات خارجة بلغت 518 مليون دولار، ما يعكس انخفاض شهية المستثمرين للأسواق الناشئة.