تحركات مصرية مكثفة لوقف إطلاق النار في غزة

القاهرة تدين استمرار القصف الإسرائيلي العشوائي وحصار المدنيين

صورة تم التقاطها من جنوب إسرائيل بالقرب من الحدود مع قطاع غزة (أ.ف.ب)
صورة تم التقاطها من جنوب إسرائيل بالقرب من الحدود مع قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

تحركات مصرية مكثفة لوقف إطلاق النار في غزة

صورة تم التقاطها من جنوب إسرائيل بالقرب من الحدود مع قطاع غزة (أ.ف.ب)
صورة تم التقاطها من جنوب إسرائيل بالقرب من الحدود مع قطاع غزة (أ.ف.ب)

كثفت مصر تحركاتها الدولية مجدداً لوقف إطلاق النار في غزة، وأكدت القاهرة رفضها «تهجير» الفلسطينيين. كما أدانت مصر، الأربعاء، «استمرار القصف الإسرائيلي العشوائي للمنشآت المدنية في قطاع غزة وسياسة الحصار الخانق والتجويع الممنهج للمدنيين في القطاع».

في حين أكد مصدر مصري مسؤول، الأربعاء، أنه «تم إدخال شاحنتي وقود تحملان على متنهما أكثر من 40 طناً من الوقود إلى قطاع غزة عبر ميناء رفح البري بمحافظة شمال سيناء». وأضاف المصدر، بحسب وكالة «أنباء الشرق الأوسط» الرسمية في مصر، أنه «يجري التنسيق لإدخال 140 شاحنة في وقت لاحق، تحمل مواد إغاثية ومساعدات متنوعة مقدمة من (الهلال الأحمر المصري)، وعدد من المنظمات الإغاثية الدولية».

وعقدت في القاهرة، الأربعاء، مباحثات بين مصر وكرواتيا، بحضور مساعد وزير الخارجية المصري، المشرف على القطاع الأوروبي، محمد البدري، مع وفد من وزارة الخارجية الكرواتية برئاسة بيتار ميهاتوف. ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، الأربعاء، أكد البدري مجدداً الموقف المصري بـ«ضرورة إنهاء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي عبر حل الدولتين، اتساقاً مع القرارات الأممية ذات الصلة»، محذراً من «عواقب الدعاوى المتعلقة بالتهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة».

مباحثات مصرية - كرواتية حول فلسطين في القاهرة (الخارجية المصرية)

وتناولت المباحثات الجهود المصرية لمواجهة الأوضاع الإنسانية المتردية داخل الأراضي الفلسطينية، وضرورة حماية المدنيين الفلسطينيين العزل، والوقف الفوري والممتد للعمليات العسكرية. واستعرض البدري ما قدمته مصر من مساعدات إنسانية لقطاع غزة عبر معبر رفح الذي لم تغلقه مصر منذ اندلاع الأزمة، كما تطرق إلى الحقائق المرتبطة بخطورة الدعاوى المتعلقة بالتهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة.

من جانبه، أثنى الوفد الكرواتي على الدور المصري المهم؛ سواء على صعيد تخفيف المعاناة عن الفلسطينيين أو تذليل العقبات أمام إيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، أو فيما يتعلق بترحيل الرعايا الأجانب إلى دولهم بصورة آمنة.

إلى ذلك، شاركت مصر، الأربعاء، في المؤتمر الافتراضي لمتابعة نتائج «مؤتمر باريس» حول الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، بدعوة من فرنسا، وبمشاركة العديد من الدول المانحة ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية.

مصر تشارك في مؤتمر افتراضي حول الأوضاع في غزة (الخارجية المصرية)

وأكد نائب وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية، حمدي لوزا، خلال كلمته، «إدانة مصر لاستمرار القصف الإسرائيلي العشوائي للمنشآت المدنية في قطاع غزة، وسياسة الحصار الخانق والتجويع الممنهج للمدنيين في القطاع بما يمثله ذلك من انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني». وبحسب وزارة الخارجية المصرية، ذكر لوزا أن «هذه الممارسات تتطلب تضافر كافة جهود المجتمع الدولي من أجل الوصول إلى وقف فوري ومستدام لإطلاق النار، والسماح بنفاذ المساعدات الإنسانية بشكل كاف وسريع للقطاع؛ حقناً لدماء المدنيين الأبرياء، وللاستجابة للوضع الإنساني الكارثي». وشدد على «استمرار دعم مصر لصمود الشعب الفلسطيني، وتواصل تقديمها المساعدات الإنسانية لأبناء غزة، والتصدي بكل حزم لمحاولات التهجير القسري للفلسطينيين، سواء من أبناء الضفة الغريبة أو قطاع غزة».

وكان وزير الخارجية المصري، سامح شكري، قد شدد على أولوية الدفع بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، وتوفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين، وضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بصورة منتظمة. وأعاد التأكيد على موقف مصر الرافض لكافة صور التهجير القسري أو إعادة التوطين للاجئين والنازحين الفلسطينيين خارج أراضيهم. وأعرب شكري خلال لقاءات مع أعضاء بمجلس الشيوخ الأميركي عن تطلع مصر لـ«الالتزام بما صدر عن الإدارة الأميركية من معارضة لتلك الأفكار التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، ومفاقمة زعزعة أمن واستقرار المنطقة، بما يهدد بتوسيع دائرة الصراع، ويمثل انتهاكاً صريحاً لمقررات الشرعية الدولية، وأحكام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ويناقض التزامات إسرائيل بصفتها القوة القائمة بالاحتلال».

سامح شكري خلال لقاء أحد أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي (الخارجية المصرية)

وقال متحدث «الخارجية المصرية»، أحمد أبو زيد، مساء الثلاثاء، إن الوزير شكري أكد خلال اللقاءات «حرص مصر على الشراكة الاستراتيجية التي تجمعها بالولايات المتحدة الأميركية في ظل تشعب وتعدد أوجه ومجالات هذه العلاقات»، منوهاً بأن حساسية الأوضاع الإقليمية والدولية المضطربة «تظهر أهمية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين والعمل على تعزيزها، وتكثيف كافة صور التنسيق والعمل المشترك بهدف إحلال السلم والأمن في المنطقة».

في السياق، أعرب عدد من أعضاء مجلس الشيوخ عن تفهمهم للتحديات المرتبطة بالوضع في قطاع غزة وتأثيره على استقرار المنطقة ودول الجوار. وأشادوا بـ«الدور المهم الذي تضطلع به مصر باعتبارها ركيزة الاستقرار في المنطقة، والجهود التي بذلتها خلال الفترة الماضية اتصالاً بالتهدئة وتبادل الأسرى والمحتجزين».


مقالات ذات صلة

الخليج مندوب فلسطين رياض منصور يتحدث خلال اجتماع لمجلس الأمن في مقر الأمم المتحدة (أ.ب)

السعودية ترحب بقرار أممي حول التزامات إسرائيل

رحّبت السعودية بقرار للأمم المتحدة يطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل تجاه الفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص منازل فلسطينية تتعرض لأضرار بالغة خلال قصف إسرائيلي في بيت لاهيا (رويترز)

خاص «هدنة غزة»: «شروط جديدة» تؤخر إعلان الصفقة المرتقبة

مصادر مصرية وفلسطينية، تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، تشير إلى «شروط جديدة طرحها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وأخرى من (حماس)».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الولايات المتحدة​ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن (أرشيفية - رويترز)

من هم المسؤولون الأميركيون الذين استقالوا احتجاجاً على سياسة بايدن في غزة؟

دفع دعم الرئيس جو بايدن لإسرائيل خلال حربها المستمرة منذ أكثر من 14 شهراً في غزة أكثر من 10 مسؤولين في الإدارة الأميركية إلى الاستقالة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية قوات إسرائيلية تنشط في منطقة جبل الشيخ بسوريا في هذه الصورة المنشورة بتاريخ 9 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 01:10

ماذا يربط «7 أكتوبر» باحتلال إسرائيل لجبل الشيخ؟

إصرار إسرائيل على احتلال جانب آخر من جبل الشيخ، ضمن جنيها ثمار انهيار نظام الأسد، يشير إلى «عقدة 7 أكتوبر» في تل أبيب.

نظير مجلي (تل أبيب)

«هدنة غزة»: «شروط جديدة» تؤخر إعلان الصفقة المرتقبة

منازل فلسطينية تتعرض لأضرار بالغة خلال قصف إسرائيلي في بيت لاهيا (رويترز)
منازل فلسطينية تتعرض لأضرار بالغة خلال قصف إسرائيلي في بيت لاهيا (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: «شروط جديدة» تؤخر إعلان الصفقة المرتقبة

منازل فلسطينية تتعرض لأضرار بالغة خلال قصف إسرائيلي في بيت لاهيا (رويترز)
منازل فلسطينية تتعرض لأضرار بالغة خلال قصف إسرائيلي في بيت لاهيا (رويترز)

التسريبات الإعلامية الغربية والإسرائيلية عن «التفاؤل الكبير» والزخم المتزايد بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة وإبرام صفقة الرهائن، أثار تساؤلات بشأن الأسباب وراء التأخير في إعلان الاتفاق.

مصادر مصرية وفلسطينية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» تشير إلى «شروط جديدة طرحها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من باب المماطلة، وأخرى من (حماس) من باب ردّ الفعل، أنهت أمل إعلان اتفاق كان محتملاً بنهاية الأسبوع الماضي».

ووفق المصادر، فإن «الشروط الجديدة» فتحت الباب لاستمرار المحادثات وإمكانية أن تطلق جولة أخرى في القاهرة بداية الأسبوع، لإنهاء ملفات مرتبطة بالرهائن، وسط احتمالين أن «يبدأ تنفيذ الصفقة بداية العام المقبل، وقبل تنصيب دونالد ترمب، أو في الأسبوع الأول عقب توليه منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل».

ورغم التأخير، لا يزال لدى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» تفاؤل بحسم الصفقة قريباً «حال حدوث تفاهمات لتجاوز أي شروط تؤخر الاتفاق».

ونقلت «القناة 13» الإسرائيلية، الخميس، عن مسؤولين أمنيين قولهم إن التفاؤل «لا يزال كبيراً» بقرب التوصل إلى صفقة مع «حماس»، لافتين إلى أن مسؤولين أمنيين كباراً راجعوا المفاوضات، وحدّدوا «نقطتين رئيسيتين للخلاف» مع حركة «حماس»، الأولى تتمثل في عدم وصول قائمة الرهائن الأحياء إلى إسرائيل، وعدم نية إسرائيل الانسحاب الكامل من «محور فيلادلفيا».

في المقابل، تحدثت مصادر مصرية أمنية أن المفاوضات دخلت مرحلتها النهائية، مرجحة أنه قد يجري التوصل إلى اتفاق في غضون 10 أيام، وفق «رويترز»، التي تحدثت عن سفر وفد مصري إلى العاصمة القطرية الدوحة، الخميس، للمشاركة في المحادثات مع ممثلين من إسرائيل والولايات المتحدة.

فلسطيني جريح في غارة إسرائيلية ينتظر في «المستشفى الأهلي» بغزة (رويترز)

وكانت «حماس» أكدت في آخر بياناتها الأسبوع الماضي، أن «هدنة غزة ممكنة، إن كفت إسرائيل عن وضع شروط جديدة».

وعن أسباب تأخر الاتفاق، قال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، إن «الطرفين اتفقا بالمفاوضات غير المباشرة على 4 ملفات رئيسية، الأول متعلق بالمحتجزين، والثاني بعدد الأسرى الفلسطينيين الذين كانوا بالمرحلة الأولى بين 700 إلى 900، والملف الثالث كان الانسحاب التدريجي من ممر صلاح الدين (فيلادليفا)، بالإضافة إلى ملف رابع مختص بالمراقبة الأمنية في محور نتساريم (وسط قطاع غزة)».

وجرى «الاتفاق حول الأطر الكاملة لتلك الملفات الأربعة من خلال الوسيط الأميركي، والفرق التي توجد بالدوحة، على أمل أن يتم إعلان الاتفاق في القاهرة الأسبوع الماضي»، وفق المصدر ذاته، الذي استدرك قائلاً: «لكن إسرائيل ماطلت، و(حماس) استثمرت تلك المماطلة، ووجدنا خلال المحادثات الدائرة اشتراط الحركة الإفراج عن أحمد سعدات ومروان البرغوثي في قائمة المرحلة الأولى، وطلب الانسحاب من ممر (نتساريم) في مرحلة عاجلة، رغم الاتفاق سابقاً، على أن ذلك سيحدث وفق مراحل تدريجية».

دخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على غزة (رويترز)

وغادر مدير المخابرات الأميركية، وليام بيرنز، الدوحة، الخميس، بعد يوم من وصوله، في ظل استمرار المماطلة الإسرائيلية وتلك الشروط من «حماس»، بينما لا يزال هناك وفد أمني أميركي في الدوحة، وفق المصدر المصري ذاته.

الذي يرى أنه رغم التأخير في إبرام الاتفاق، فإن «هناك نقاطاً حسمت، أهمها الانسحاب التدريجي من (ممر فيلادلفيا) وفق مدد زمنية متقاربة، تصل لنحو 6 أسابيع، مع بحث وضع كود مراقبة، وهذا يخدم الوسيط المصري، فضلاً عن اتفاق على إدارة فلسطينية لمعبر رفح الحدودي مع مصر، مع وجود أوروبي مدعوماً بقوات أخرى لم تحدد بعد».

ويشير المصدر المصري إلى أن هناك احتمالات أن تستقبل القاهرة من بداية الأسبوع الحالي وفوداً فلسطينية وإسرائيلية لاستكمال المحادثات، على أن يأتي في نهايتها وليام بيرنز، ونرى هل تتبلور الأمور لاتفاق أم لا؟

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية، الجمعة، عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، قوله إن التقدم الحالي في المفاوضات قد يُفضي إلى إتمام صفقة لتبادل الأسرى، ووقف إطلاق النار، «خلال أسبوعين، إذا استمرت المباحثات بالوتيرة نفسها».

لكن هناك فجوات معينة لا يمكن تجاوزها عبر المحادثات الجارية في الدوحة، وتتطلب قرارات من القيادات السياسية في كلا الجانبين، خصوصاً موضوع الأسرى الفلسطينيين الكبار المطلوب تحريرهم، أمثال مروان البرغوثي وأحمد سعدات وعباس السيد وعبد الله البرغوثي، وموضوع الحزام الأمني الذي تطالب به إسرائيل على طول الحدود، وموضوع اليوم التالي بعد الحرب، وفق المسؤول الإسرائيلي.

فلسطينيون يقودون سياراتهم بين أنقاض المنازل المدمرة في أعقاب عملية عسكرية إسرائيلية بخان يونس (إ.ب.أ)

من جانبه، قال مصدر فلسطيني، لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، إن إسرائيل تضع شروطاً خاصة بالحصول على قائمة مسبقة بأسماء الرهائن الأحياء المتبقين، وسط إصرار منها على إبعاد الأسرى الفلسطينيين ذوي الأحكام العالية لخارج البلاد، متوقعاً احتمالية أن تسوى تلك الشروط خلال المحادثات، وأن «يعلن الاتفاق قبل نهاية الشهر الحالي، وينفذ بداية العام المقبل لو تمت تسوية الخلافات، وعدم استمرار إسرائيل في مماطلتها السابقة، التي تظهر كلما اقترب اتفاق من الإبرام والإعلان عنه».

وفي ظل الواقع الحالي، هناك مساران لإتمام الصفقة: الأول، وفق الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية والعلاقات الدولية، الدكتور طارق فهمي، أن يستمر نتنياهو في المماطلة وتأخير الاتفاق للأسبوع الأول من وصول ترمب للسلطة، ليحسب له إنجازاً، ويكون بمثابة هدية من رئيس وزراء إسرائيل لحليفه ساكن البيت الأبيض الجديد، دون أن يمنح ذلك الأمر لإدارة جو بايدن.

والثاني مرتبط باتفاق قريب قد يعلن قبل نهاية العام، وينفذ في بداية العام الجديد، بحسب المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، موضحاً أن هناك حالة تفاؤل، يتحدث عنها الإعلام الإسرائيلي، بخلاف حالة تكتم أخرى يفرضها الوسطاء حول تفاصيل الاتفاق، لافتاً أنه يبدو أن الأمور تسير في اتجاه إيجابي، خلاف أي جولات سابقة، في ظل ضغوط إدارة بايدن للحصول على إنجاز حدوث الاتفاق قبل مغادرتها السلطة، وحرص ترمب أن ينفذ مهلته بإبرام اتفاق قبل حلول 20 يناير المقبل، كما صرح سابقاً.