الصين تسعى لتهدئة المخاوف بشأن اقتصادها بعد خفض تصنيف «موديز»

ردها المتحفظ على الوكالة يشير إلى مخاوفها بشأن ارتفاع الديون

ردت الصين على قرار «موديز» بتحفظ مؤكدة التزامها باتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان الاستقرار الاقتصادي (رويترز)
ردت الصين على قرار «موديز» بتحفظ مؤكدة التزامها باتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان الاستقرار الاقتصادي (رويترز)
TT

الصين تسعى لتهدئة المخاوف بشأن اقتصادها بعد خفض تصنيف «موديز»

ردت الصين على قرار «موديز» بتحفظ مؤكدة التزامها باتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان الاستقرار الاقتصادي (رويترز)
ردت الصين على قرار «موديز» بتحفظ مؤكدة التزامها باتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان الاستقرار الاقتصادي (رويترز)

تحاول الصين التخفيف من تأثير قرار وكالة «موديز» خفض تصنيفها الائتماني، وطمأنة الأسواق المالية والقطاع المصرفي والشركات الكبرى على قوة اقتصادها، من خلال تأكيد الالتزام باتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان الاستقرار الاقتصادي.

فقد أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، وانغ ون بين، في مؤتمر صحافي دوري يوم الأربعاء، أن أساسيات الاقتصاد الصيني لم تتغير، وأن الصين قادرة على تعميق الإصلاح ومعالجة التحديات التي تواجهها. وأشار إلى أن الصين واثقة وقادرة على تحقيق تنمية مستقرة وطويلة الأجل، وذلك رداً على سؤال حول قرار «موديز» خفض التوقعات الائتمانية للصين، من «مستقرة» إلى «سلبية»، يوم الثلاثاء، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

ورحبت الوزارة بجميع الأصدقاء من مجتمع الأعمال من جميع أنحاء العالم، لمواصلة الاستثمار في الصين وتنمية السوق الصينية، معربة عن ثقتها وقدرتها على تعميق الإصلاح ومعالجة المخاطر والتحديات، وتحقيق تنمية مستقرة وطويلة الأجل.

الصين أكثر تحفظاً

من جهتها، وصفت وسائل الإعلام الرسمية الصينية وكالة «موديز» يوم الأربعاء بأنها «منحازة» وأن قرارها «غير مهني» بسبب توقعاتها السلبية لثاني أكبر اقتصاد في العالم؛ لكن بعض المحللين قالوا إن رد الفعل الرسمي للحكومة كان أكثر تحفظاً وأكثر مهنية من ردودها السابقة على خفض تصنيفاتها الائتمانية، مما يشير إلى مخاوف بكين بشأن ارتفاع الديون، وفق «رويترز».

ويعتقدون المحللون أن الصين تدرك المخاوف العالمية بشأن ضعف آفاق النمو، وتريد أن يُنظر إليها على أنها ذات مصداقية ومسؤولة في التعامل مع هذه القضية. صحيح أن وزارة المالية الصينية أعربت عن «خيبة أملها» في القرار؛ لكنها لم تنتقد وكالة التصنيف بشكل مباشر.

وأشاد المحرر السابق لصحيفة «غلوبال تايمز»، هو شي جين، بـ«ضبط النفس» في رد وزارة المالية الصينية، قائلاً إن الثقة المحلية أكثر أهمية من الجدال حول المؤامرات. وأضاف أن الصين بحاجة إلى تعزيز تعافيها الاقتصادي، وحل ديون البلديات والمخاطر العقارية، لتحسين سمعتها المالية. وتابع: «لا يمكننا أن نتوقع من شركة تصنيف أميركية أن تجد طريقة لنقل الثقة في الصين إلى العالم... هذا العمل لا يمكن أن تقوم به إلا الصين نفسها».

وأعلنت وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيفات الائتمانية، يوم الأربعاء، أنه لم يطرأ أي تغيير على تصنيفاتها للبلاد.

وقالت في رد عبر البريد الإلكتروني على استفسارات من «رويترز»: «لقد أكدنا آخر مرة تصنيفاتنا طويلة الأجل للصين عند «إيه+» في يونيو (حزيران)، مع نظرة مستقبلية مستقرة، ولم تكن هناك تغييرات على ذلك بعد».

تخفيضات «موديز» تهز الأسواق

تداعيات تخفيض «موديز» توقعاتها الائتمانية انعكست أيضاً على الأسهم القيادية الصينية التي بلغت أدنى مستوياتها في نحو 5 سنوات، يوم الأربعاء، في حين واصل اليوان الصيني خسائره، مع ضعف المعنويات في السوق.

وافتتحت الأسهم الصينية على انخفاض قبل أن تعكس خسائرها السابقة؛ حيث لامس مؤشر «سي إس آي 300» أدنى مستوى له منذ فبراير (شباط) 2019. وفي الوقت نفسه، انتعش مؤشر «هانغ سنغ» بنسبة 0.6 في المائة تقريباً في التعاملات الصباحية. وسجلت رؤوس الأموال الأجنبية تدفقاً صافياً إلى الداخل، عبر الرابط التجاري المتجه شمالاً حتى منتصف النهار، بعد 3 جلسات متتالية من التدفقات الخارجة.

ولليوم الثاني على التوالي، واصلت المصارف الكبرى المملوكة للدولة في الصين بيع الدولار الأميركي في سوق الصرف الأجنبي الفورية لدعم عملة اليوان، إذ تدخلت مرة أخرى في التعاملات المبكرة يوم الأربعاء؛ لكن مصادر مطلعة قالت لـ«رويترز» إن بيع الدولار كان معتدلاً إلى حد ما.

وعلى الرغم من الإجراءات التي اتخذتها البنوك الحكومية، فإن اليوان استمر في الانخفاض يوم الأربعاء. وافتتح السعر الفوري لليوان عند 7.1570 للدولار وتم تداوله عند 7.1568 بدءاً من الساعة 03:00 (بتوقيت غرينتش)، أي أضعف بمقدار 88 نقطة عن إغلاق الجلسة الأخيرة السابقة.

الاتحاد الأوروبي وأفريقيا يضغطان على الصين

على صعيد آخر، قال المعهد الاقتصادي الألماني في ورقة بحثية حملت عنوان «إصلاح قواعد الدعم في منظمة التجارة العالمية- فرصة جديدة لمعالجة المشكلة العالمية»، يوم الأربعاء، إنه يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يوحد جهوده مع الدول الأفريقية لإصلاح قواعد الدعم لمنظمة التجارة العالمية، كوسيلة لمواجهة تشوهات السوق الصينية والنفوذ الدبلوماسي.

ونشرت مؤسسة التجارة الدولية التي تمولها جمعيات أعمال ألمانية بارزة، ولها ثقل بين صناع السياسة في برلين، الورقة، قبل قمة الاتحاد الأوروبي والصين في بكين، يومي الخميس والجمعة، وفق «رويترز».

ومن المتوقع أن تتصدر قضية المنافسة غير العادلة جدول الأعمال، بعد 3 أشهر من إطلاق المفوضية الأوروبية تحقيقاً لمكافحة الدعم في السيارات الكهربائية الصينية. ومن المقرر أن يكون الإصلاح موضوعاً رئيسياً في المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية (إم سي 13) في فبراير، على الرغم من أنه يتطلب إجماعاً كاملاً لإجراء أي تغييرات جوهرية.

وكتب مؤلفا الورقة البحثية، يورغن ماتيس وسامينا سلطان: «يمكن للاتحاد الأوروبي أن يتصدى لمحاولة الصين تقديم نفسها كداعم لمصالح الدول النامية في جنيف». وتابعا: «إذا عرقلت الصين... الإصلاح، فإنها ستعرقل أيضاً المصالح الحيوية للمجموعة الأفريقية وغيرها من الدول النامية، في الحصول على مساحة أكبر لسياسات التنمية».

وقد اقترحت مجموعة التفاوض الأفريقية التابعة لمنظمة التجارة العالمية إصلاح قواعد الدعم الحالية، من أجل تقديم دعم أفضل للدول النامية، على سبيل المثال السماح لها بوضع متطلبات المحتوى المحلي، ومنح إعانات الدعم لحماية البيئة.

وطالبت الورقة البحثية الاتحاد الأوروبي بتوسيع هذه المبادرة لتشديد قواعد الدعم على أكبر الدول التجارية في العالم. وسيتم تحديد هؤلاء اللاعبين الرئيسيين وفقاً لحصتهم في التجارة العالمية أو مستوى الدخل. وهذا يعني أن القواعد الجديدة ستؤثر على الصين، على الرغم من أن منظمة التجارة العالمية تصنفها دولة نامية.

ومن الممكن أن تشكل هذه المبادرة المشتركة بين الاتحاد الأوروبي وأفريقيا ضغوطاً على الصين، لحملها على قبول الإصلاح، والمساعدة في الحد من سباق الدعم العالمي المتنامي.



مصر تتطلع إلى موافقة صندوق النقد على صرف شريحة جديدة من القرض

وزير المالية المصري أحمد كجوك خلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي (الشرق الأوسط)
وزير المالية المصري أحمد كجوك خلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي (الشرق الأوسط)
TT

مصر تتطلع إلى موافقة صندوق النقد على صرف شريحة جديدة من القرض

وزير المالية المصري أحمد كجوك خلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي (الشرق الأوسط)
وزير المالية المصري أحمد كجوك خلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي (الشرق الأوسط)

قال وزير المالية المصري أحمد كجوك، إن بلاده تتطلع إلى موافقة مجلس إدارة صندوق النقد الدولي على المراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري يوم 29 يوليو (تموز) الحالي، «ونستهدف استمرار المراجعات القادمة بنجاح، والعمل على مسار الحصول على تمويل من صندوق المرونة والاستدامة».

وأكد الوزير، في بيان صحافي، السبت: «إننا نتعامل في مصر بتوازن شديد مع تداعيات جيوسياسية مركبة، في إطار برنامج شامل لتحسين الأداء الاقتصادي».

وأجرت بعثة من صندوق النقد الدولي، زيارة إلى القاهرة في مايو (أيار) الماضي، لإجراء المراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي. لكنه أجّل مناقشة صرف الشريحة الثالثة من القرض الممنوح لمصر بقيمة 820 مليون دولار، إلى 29 يوليو الحالي، بعدما كانت على جدول اجتماعاته المقررة 10 يوليو.

واعتمد مجلس الصندوق في نهاية مارس (آذار) الماضي، المراجعتين الأولى والثانية، في إطار تسهيل الصندوق الممدد لمصر، ووافق على زيادة قيمة البرنامج الأصلي بنحو 5 مليارات دولار، ليصل إجماليها إلى 8 مليارات دولار، ما سمح لمصر بسحب سيولة من الصندوق بنحو 820 مليون دولار على الفور.

وخلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي، على هامش اجتماعات «مجموعة العشرين» في البرازيل، قال الوزير: «إننا ملتزمون بتحقيق الانضباط المالي من أجل وضع مسار دين أجهزة الموازنة للناتج المحلي في مسار نزولي، ونستهدف خلق مساحة مالية كافية تتيح زيادة الإنفاق على التعليم والصحة والحماية الاجتماعية، ونعمل أيضاً على خفض معدلات التضخم لضمان استقرار الأسعار لتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين، ومساندة تنافسية الشركات».

وأشار الوزير إلى أن أولوية الحكومة خلال الفترة المقبلة زيادة حجم استثمارات القطاع الخاص ودفع الأنشطة الإنتاجية والتصديرية، وكذلك تطوير بيئة الأعمال لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، لافتاً إلى «أننا نعمل على تبسيط الإجراءات الخاصة بمنظومتي الضرائب والجمارك لإعادة بناء الثقة بين مجتمع الأعمال والإدارة الضريبية وتحسين الخدمات للممولين».

وأوضح كجوك، أن بلاده حريصة على دفع الإصلاحات الهيكلية ودفع الاستثمارات الخاصة في مجالات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا وتحلية المياه والبنية التحتية، مشيراً إلى العمل أيضاً على «اتساق السياسات الاقتصادية من خلال وضع سقف لإجمالي الاستثمارات العامة والضمانات الحكومية ونسبة دين الحكومة العامة للناتج المحلي».

على صعيد موازٍ، عقدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي المصرية، لقاءاتٍ مكثفة مع وزراء الاقتصاد والتنمية والتعاون الدولي، إلى جانب مسؤولي مؤسسات التمويل الدولية، المُشاركين في الاجتماع الوزاري لـ«مجموعة العشرين» بمدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، وذلك لبحث أولويات التعاون المشترك وتعزيز الشراكات المستقبلية في ضوء أولويات وبرنامج الحكومة.

والتقت المشاط بكل من: أحمد حسين وزير التنمية الدولية الكندي، وإيفا جرانادوس وزيرة الدولة للتعاون الدولي الإسبانية، وريم الهاشمي وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي في حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، وسيفينا شولز الوزيرة الاتحادية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية، وأنيليز جين دودز وزيرة الدولة لشؤون المرأة والمساواة في المملكة المتحدة، وخوسيه دي ليما وزير الدولة للاقتصاد الأنغولي، وكريسولا زاكاروبولو وزيرة الدولة للتعاون الإنمائي بفرنسا.

كما عقدت الوزيرة لقاءً مع جوتا أوربيلينين المفوضة الأوروبية للشراكات الدولية، وسيندي ماكين المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي (WFP)، وريبيكا جرينسبان الأمين العام لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، كما التقت أنيل كيشورا نائب الرئيس والمدير التنفيذي لبنك التنمية الجديد (NDB)، وألفارو لاريو رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد).

وخلال اللقاءات ناقشت المشاط، فُرص التعاون المستقبلي مع الاتحاد الأوروبي استمراراً للشراكة الاستراتيجية بين الجانبين وجهود تعزيز الاستثمارات من خلال آلية ضمان الاستثمار التي يجري تنفيذها، وكذلك تعزيز جهود الإصلاحات الهيكلية.