«أسبوع السينما الفلسطينية» في القاهرة يُذكّر بمعاناة «أصحاب الأرض»

يعرض 6 أفلام من بينها «تحت الركام» و«غزة مونامور» و«شيرين أبو عاقلة»

مشهد من فيلم «غزة مونامور» (الشرق الأوسط)
مشهد من فيلم «غزة مونامور» (الشرق الأوسط)
TT

«أسبوع السينما الفلسطينية» في القاهرة يُذكّر بمعاناة «أصحاب الأرض»

مشهد من فيلم «غزة مونامور» (الشرق الأوسط)
مشهد من فيلم «غزة مونامور» (الشرق الأوسط)

يواصل أسبوع «السينما الفلسطينية»، الذي يتضمن عرض 6 أفلام روائية ووثائقية ورسوم متحركة تُسلط الضوء على معاناة «أصحاب الأرض»، عروضه في سينما الهناجر بدار الأوبرا المصرية (وسط القاهرة).

جانب من مناقشات عرض فيلم الافتتاح (صندوق التنمية الثقافية)

وأفلام الأسبوع هي «تحت الركام»، و«غزة مونامور»، و«شيرين أبو عاقلة»، و«العنصرية»، و«كريم حُراً»، و«البرج».

وفي حين يتناول فيلم «كريم حُراً»، الذي يركز على قضية معاناة الأسرى الفلسطينيين بشكل عام، قصةَ خروج الأسير كريم يونس من اعتقاله في السجون الإسرائيلية بعد 40 عاماً، فإن الفيلم الوثائقي «شيرين أبو عقلة» يرصد جانباً من مسيرة الإعلامية الفلسطينية الراحلة، ولحظة استهدافها خلال أداء عملها في تغطية الأحداث.

وتدور أحداث فيلم «غزة مونامور»، المستوحى من أحداث واقعية، حول قصة حب تجمع بين صياد ستيني وجارته في السوق، في حين يدخل بمشكلات بعد عثوره على تمثال أثري.

وتتناول أحداث فيلم الرسوم المتحركة «البرج» قصة فتاة، تعيش في مخيم لاجئين، تتعرف على عائلتها وتاريخها من خلال قصص الأجيال السابقة من اللاجئين.

«اختيار الأفلام الستة استغرق نحو 6 أسابيع»، وفق الناقدة السينمائية شاهندة محمد علي، المبرمجة المسؤولة عن اختيار الأفلام، التي تقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «اقتراح الفكرة والبدء في العمل عليها جاءا بعد اندلاع (حرب غزة) بأسبوع تقريباً»، مشيرة إلى أنها «تواصلت مع مختلف شركات توزيع الأفلام العربية في مصر لمعرفة الأفلام التي لديهم ويمكن عرضها ضمن فعاليات الأسبوع».

ووفق مبرمجة «أسبوع السينما الفلسطينية» فإنها «شاهدت لدى إحدى الشركات 25 فيلماً تمتلك حق توزيعها بالفعل، واستقرت على اختيار 3 منها، وعندما تواصلت مع مكتب هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية الموجودة في القاهرة، رشح لها المخرج الفلسطيني فايق جرادة أفلاماً أخرى لتُعرض ضمن الفعاليات لتختار منها الأفلام الثلاثة الأخرى التي سيشاهدها الجمهور»، لافتة إلى «أنها راعت بالأفلام المختارة تقديمها جوانب مختلفة عن القضية الفلسطينية».

ورغم الدعم الذي تلقته المبرمجة المصرية من فايق جرادة، الذي يعرض فيلمه الوثائقي الطويل «العنصرية» ضمن برنامج الأسبوع، فإنه شدّد على عدم حضوره عرض الفيلم رغم إقامته في القاهرة، مبرراً ذلك بقوله: «أفضّل عدم المشاركة والتفاعل في وقت لا تزال بلادي تتعرض فيه للعدوان الإسرائيلي».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «أساعد القائمين على فعاليات الأسبوع للتواصل مع صناع الأفلام من أجل عرض كلمات مصورة لهم خلال عرض أعمالهم».

وينظم الأسبوع السينمائي بالتعاون بين «صندوق التنمية الثقافية»، التابع لوزارة الثقافة المصرية، و«المركز القومي للسينما»، وتعقبه ندوات بمشاركة عدد من السينمائيين، منهم مدير التصوير سعيد شيمي، والمخرجة هالة جلال.

أفيش فيلم «من تحت الركام» (المخرجة)

وأدار ندوة الفيلم الوثائقي الطويل «من تحت الركام»، الذي افتتح الأسبوع، الناقد عصام زكريا الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن تنظيم (أسبوع السينما الفلسطينية) في القاهرة، يعد أحد أشكال الدعم التي تقدّم للشعب الفلسطيني في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها»، مؤكداً أن «الأفلام المختارة توثق وترصد مراحل وجوانب مختلفة من معاناة هذا الشعب».

وقررت المخرجة الأسترالية آن سوليس، توثيق جانب من معاناة سكان غزة إثر رؤيتها تداعيات القصف الإسرائيلي المتكرر للقطاع المنكوب. وركزت المخرجة في فيلمها على شهادات الأطفال الذين عاشوا تجارب الحرب.

وتؤكد المبرمجة المسؤولة عن إدارة الفعاليات حرصها على «إجراء مناقشات بشكل غير تقليدي من خلال استضافة نقاد لإدارة الندوات، ومشاركة مخرجين ومديري تصوير في المناقشات مع الجمهور لتكون بمنزلة جلسات غير تقليدية تسلط الضوء على جوانب عدة في حياة الشعب الفلسطيني، وهو ما يظهر أيضاً من تنوع مضمون الأفلام المختارة».

الملصق الدعائي للأسبوع (صندوق التنمية الثقافية)

ويعدّ زكريا أن «ما يميز السينما الوثائقية قدرتها على التوثيق في ظل الأخبار المتسارعة التي تختفي في اليوم التالي لحدوثها، بينما توثق الأفلام الروائية الأحداث بشكل مختلف، إذ تمكّن من مشاهدة ما حدث ورصده بعد سنوات».


مقالات ذات صلة

الوسط الفني بمصر يودّع السيناريست عاطف بشاي

يوميات الشرق السيناريست المصري عاطف بشاي (صفحته على «فيسبوك»)

الوسط الفني بمصر يودّع السيناريست عاطف بشاي

ودّع الوسط الفني بمصر المؤلف والسيناريست المصري عاطف بشاي، الذي رحل عن عالمنا، الجمعة، إثر تعرضه لأزمة صحية ألمت به قبل أيام.  

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق أنجلينا جولي في مهرجان ڤنيسيا (إ.ب.أ)

«الشرق الأوسط» بمهرجان «ڤنيسيا-4»... ماريا كالاس تعود في فيلم جديد عن آخر أيام حياتها

إذا ما كانت هناك ملاحظة أولى بالنسبة للأيام الثلاثة الأولى التي مرّت على أيام مهرجان ڤنيسيا فهي أن القدر الأكبر من التقدير والاحتفاء ذهب لممثلتين أميركيّتين.

محمد رُضا (فينيسيا)
يوميات الشرق جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» خلال مشاركتها في افتتاح مهرجان البندقية (الشرق الأوسط)

«البحر الأحمر السينمائي» تشارك في مهرجان البندقية بـ4 أفلام

تواصل «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» حضورها بالمهرجانات الدولية من خلال مشاركتها في الدورة الـ81 من مهرجان البندقية السينمائي بين 28 أغسطس و7 سبتمبر.

«الشرق الأوسط» (البندقية)
سينما جيمس ستيوارت في «انعطاف نهر» (يونيڤرسال)

كلاسيكيات السينما على شاشة «ڤينيسيا»

داوم مهرجان «ڤينيسيا» منذ سنوات بعيدة على الاحتفاء بالأفلام التي حفرت لنفسها مكانات تاريخية وفنية راسخة. ومنذ بضعة أعوام نظّمها في إطار برنامج مستقل

محمد رُضا‬ (ڤينيسيا)
سينما «بالرغم من» ‫(مهرجان ڤينيسيا السينمائي)

شاشة الناقد: فيلم افتتاح «ڤينيسيا» 81 مبهر وموحش

يختلف جمهور اليوم عن جمهور 1988 عندما خرج ما بات الآن الجزء الأول من هذا «بيتلجوس بيتلجوس». آنذاك كان الفيلم جديداً في الفكرة والشخصيات

محمد رُضا‬ (ڤينيسيا)

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».